أصل وفصل حلوان.. في كتاب جديد: كانت مدينة كبيرة وبها أول سد مائي في التاريخ

الأربعاء، 24 أكتوبر 2018 12:00 م
أصل وفصل حلوان.. في كتاب جديد: كانت مدينة كبيرة وبها أول سد مائي في التاريخ
غلاف كتاب مدينة حلوان عبر التاريخ للباحث ماجد عزت إسرائيل
وجدي الكومي

كانت من الأحياء الارستقراطية، وفيها بنى الملك فاروق استراحته، المعروفة بركن فاروق، التي بناها بين عامي 1941، و1942، وكان الحي واحدا من الأحياء الذي يشد إليه المرضى الرحال للاستشفاء، إلا أننا لم نكن نعرف أنه كان مدينة كاملة.

أنه حي حلوان، الذي يوثق الباحث التاريخي ماجد عزت إسرائيل في كتابه "مدينة حلوان عبر التاريخ" الصادر عن دار العربي للنشر، سيرته، متتبعا قصة ظهوره، ونشأته.

غلاف كتاب مدينة حلوان
غلاف كتاب مدينة حلوان

 

كانت تسمى في عصر الفراعنة "عين آن" حسبما ذكر في حجر رشيد بالهيروغليفية، فكلمة عين تعبر عن عيون المياه بمدينة حلوان، أما كلمة آن، فتعني بالمصرية القديمة كلمة "سمكة" وفي اللغة القبطية تسمى "حالوان" وتحورت إلى "حي – وان" ووصل الاسم إلى "حلوان" واشتهرت بمدينة الشمس والهواء.

يقول ماجد عزت في مقدمة الكتاب: تكمن أهمية هذا الكتاب أنه يعالج بالدراسة والتحليل فترة زمنية من فترات التاريخ المصري لمدينة حلوان من الناحية الاجتماعية، ومن المعروف أن التاريخ الاجتماعي لم يجد اهتماما كبيرا من الباحثين والدارسين مثلما وجده التاريخ السياسي.

مدينة حلوان كانت مدينة فرعونية، وفيها وُجد سد جراوي، أو الكفرة، وهو أول سد ماء في التاريخ.

في العصر القبطي سكن مدينة حلوان المسيحيون، وحافظوا على تراثها وآثارها، وشيدوا الأديرة والكنائس، كما سكنها الأجانب خاصة اليونانيين والإيطاليين لذلك انتشرت كنائس الروم الأرثوذكس والروم الكاثوليك والإنجليين هناك، كما سكنها اليهود، وبنوا فيها معبدا صغيرا.

في العصر العربي توجهت أنظار الولاة والحكام والأمراء منذ عهد عبد العزيز بن مروان والي مصر عام 689 م، إلى حلوان، لقربها من نهر النيل، وشيدوا فيها القصور والمساجد، وفي العصر العثماني ذكرت مدينة حلوان عندما حرق شيخ البلد إبراهيم بك قازدوغلي المدينة لخلافه مع سكانها، ربما يرجع إلى تقاعسهم عن دفع الضرائب.

في منتصف القرن التاسع عشر الميلادي، وبعد تولي عباس باشا حكم مصر، شهدت مدينة حلوان أول محاولة للتوسع العمراني، بعد اكتشاف عين حلوان، للمياه الكبريتية، التي تساعد على الاستشفاء، فتدفق الأوروبيون على المدينة، إلا أن بعدها عن القاهرة وصعوبة وسائل المواصلات إليها حال دون استثمارها، وفي عهد سعيد في الفترة بين 1854 و1863، تم إقامة مجموعة من الاستراحات الخشبية حول العيون الكبريتية، وأُنشأت إدارة للإشراف عليها لتنظيم حركة الزيارات إليها وتطهيرها للمحافظة على استمرارها.

يشير مؤلف الكتاب إلى أن الخديوي إسماعيل باشا الذي تولى حكم مصر بين 1863 و1879، اهتم بمدينة حلوان، بسبب نفس السبب، عيون مياهها المعدنية الكبريتية، فشرع في تشييد مدينة حلوان الحمامات التي أنشأها عام 1874، فسكنها الحكام، والباشاوات، والأثرياء، ووصلت شهرتها إلى شتى أنحاء العالم.

في عهد الخديوي توفيق، شيدت المساجد والكنائس والقصور والفنادق والحدائق والمتاحف ومرصد حلوان، وسكنها العلماء والأدباء والشعراء والفنانون، وكانت عاصمة بديلة لمدينة القاهرة.

دخلت مدينة حلوان دائرة الضوء بعد ثورة يوليو حيث شيدت بها المصانع الحربية، وصناعة الطائرات، ومصنع الحديد والصلب، كما شيد بها مصانع إنتاج الأسمنت، ومواد البناء، مما أدى إلى تلويثها.

المهم في دراسة الباحث ماجد عزت إسرائيل، صاحب الكتاب المهم عن الأرمن المعنون "أرمن مصر وأرمن فلسطين" أنه نوع مصادره البحثية التي استعان بها لكتابة هذا الكتاب، إذ يشير إلى أنه اعتمد على وثائق غير منشورة في دار الوثائق بكورنيش النيل بالقاهرة مثل سجلات المجلس الخصوصي، والمراجع الأولية الموجودة بمكتبة جامعة القاهرة، ومكتبة القاهرة الكبرى، ومكتبة مدينة حلوان، ودير الأنبا برسوم العريان بالمعصرة، إضافة إلى العديد من الدوريات التي يأتي على رأسها الجرائد والمجلات التي تصدرها مدينة حلوان.

غلاف كتاب أرمن مصر لماجد عزت مؤلف كتاب حلوان
غلاف كتاب أرمن مصر لماجد عزت مؤلف كتاب حلوان

 

كما اعتمد ماجد إسرائيل مؤلف الكتاب على شخصيات من رموز المدينة، منهم الشاعر محمد عبد الفتاح الجرنوسي، الشهير بالجرنوسي الصغير، والحبر الجليل الأنبا بسنتي رئيس دير الأنبا برسوم العريان، وأشخاص ينتمون لعائلات كبيرة في حلوان.

يحوي الكتاب خمس فصول أولهم تناول الباحث فيه الملامح الجغرافية والتاريخية لمدينة حلوان، معرفا قارئه على طبيعة المكان وجغرافيته، والجذور التاريخية للمدينة، والمسميات التي حملتها المدينة، وتقسيمها الإداري، وفي الفصل الثاني استعرض الحياة الاجتماعية بحلوان، من حيث اتجاهات النمو السكاني، والهجرات إلى مدينة حلوان، والتوزيع الجغرافي للسكان، والتطور العمراني للمدينة، وأشهر عائلاتها، وخططها، وطبيعة عادات وتقاليد أهالي حلوان.

خصص مؤلف الكتاب الفصل الثالث لرصد المؤسسات الخدمية والاجتماعية في مدينة حلوان، ومنها المدارس، والجامعة، والمؤسسات الصحية مثل عيون المياه، والمؤسسات الفلكية، والمؤسسات الدينية.

أما الفصل الرابع، فتناول فيه المؤلف النشاط الاقتصادي للمدينة، من حيث الزراعة والرعي، والصناعة، وطوائف الحرف، والتجارة، والأسواق التجارية، والتجار، وأهم الصادرات والواردات.

وجعل المؤلف الفصل الخامس لاستعراض النشاط الثقافي في المدينة، وأهم الآثار والمزارات السياحية والمتاحف كمتحف الشمع، ومتحف ركن فاروق، ومركز النسجيات المرسمة، وسد جراوي، ومقياس النيل، والحديقة اليابانية.

في الفصل الأول يقول مؤلف الكتاب: تنسب حلوان إلى "حلوان بن بابليون بن عمرو بن امرئ القيس" ملك مصر، وكان حلوان هذا على مقدمة جيش أبرهة ذي المنار أحد التبابعة.

ووصفها ياقوت الحموي بأنها قرية من أعمال مصر، بينها وبين الفسطاط نحو فرسخين من جهة الصعيد، مشرفة على النيل، وبها دير، وكان أول من أختطها عبد العزيز بن مروان، والي مصر، وضرب بها الدنانير، واشترى مكانها لارتفاعه عن الفسطاط، وقربه منها، وحسن موقعه، ونقاء هوائه، وأنشأ به حلوان عام 689 م، ووصفها ابن تغري بردي بقوله: تجول عبد العزيز بن مروان إلى حلوان، واشتراها من القبط بعشرة آلاف دينار.

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق