كرباج في حماية الوزارة.. رئيس هيئة حكومية يحقق مع 7 موظفين بسبب لايك لـ"صوت الأمة"

الجمعة، 02 نوفمبر 2018 04:00 م
كرباج في حماية الوزارة.. رئيس هيئة حكومية يحقق مع 7 موظفين بسبب لايك لـ"صوت الأمة"
كرباج في حماية الوزارة

 

"من أَمِن العقاب أساء الأدب".. تصلح هذه الحكمة قانونًا مُجرّدًا يقبل الإجراء على كل الناس، لكنها في حالة المسؤولين تُصبح أكثر ثبوتًا وفجاجة، خاصة لو كان المسؤول المُحاط بالشبهات - التي تُوجب المُساءلة والعقاب - محاطًا في الوقت نفسه برضا رؤسائه وحماية من يُفترض أن يراقبوه، بدءًا من الشؤون القانونية حتى مكتب الوزيرة.

في وقت سابق نشر "صوت الأمة" سلسلة موضوعات عن مخالفات إدارية وتجاوزات مالية تحيط بها شبهات الفساد في إحدى الهيئات الحكومية البارزة. كانت الموضوعات المُثارة مُعزّزة بالمستندات والتفاصيل التي تقطع بثبوت المخالفات في حق إدارات هذه الهيئة وقياداتها، وبموجب هذه الأدلة القاطعة تحرّكت إحدى أبرز الجهات الرقابية لزيارة الهيئة المذكورة، وحصلت على نسخة "طبق الأصل" من المستندات. لكن على الجانب الإداري داخل الهيئة وفي الوزارة التي تتبعها، ظلّت الأمور "محلّك سرّ"، بل على العكس، استمات رئيس هذه الهيئة وقيادات الوزارة العليا في التغطية على الموضوع، وتجاهل الروائح الكريهة الصادرة من طيّات أوراقه ومستنداته، والإبقاء على المسؤول (المُحاط بالشبهات) رغم كل علامات الاستفهام والألغاز المحيطة به.

لوجو موقع صوت الأمة


شبهات ثابتة و"ضهر مسنود"

منذ اللحظة الأولى تعامل رئيس الهيئة الحكومية باعتباره "مسنودًا" وفوق الرقابة. مصادر مُقرّبة منه ومن الدوائر العليا في الوزارة التي يتبعها، قالت إنه يتمتّع بدعم أبرز مستشاري الوزيرة، بل إنه نجح في إقناع الوزيرة نفسها بتجاهل الموضوع وإغلاقه دون بحث أو فحص أو مُساءلة أو حساب.

في الوقت نفسه أرسلت الوزيرة إلى الجهة المُنتدَب منها رئيس الهيئة المُحاط بالشبهات، طالبة تجديد انتدابه سنة جديدة، رغم المشكلات الإدارية والمالية المُثارة حوله، ورغم تراجع الأداء وتنامي الاختلالات والخروقات في عشرات الإدارات والفروع التابعة له، وفق تقارير فنية ورقابية عديدة. وفي الوقت الذي انتظر فيه الجميع موقفًا حاسمًا من الوزيرة، كانت على الجانب الآخر تُرتّب إجراءات الإبقاء عليه في منصبه، وعندما التقته قبل أسابيع في إحدى المحافظات الساحلية قالت له "لِمّ الموضوع"، وردّ عليها بأنه سيتخذ إجراءات مع الصحفيين الذين ينشرون مخالفاته، ومع الموظفين الذين يمدّونهم بالمستندات. الوزيرة نفسها التقت نائب رئيس هذه الهيئة قبل أيام، فهمست في أذنه: "ينفع الشوشرة اللي بتحصل دي؟ ما تلمّوا الدور"، ووعدها الرجل بأن يُغلق الملف تمامًا خلال ساعات.

ما تؤكّده مصادر مُطّلعة، أن نائب رئيس هذه الهيئة أحد من يفرحون بنشر مخالفات رئيسه والشبهات المالية المحيطة به، وأنه يتطلّع لخلافته في موقعه، استنادًا إلى قربه الشخصي من الوزيرة وكونه اختيارها بالأساس، ويقول هذا النائب عن رئيسه في الدوائر المغلقة: "ده بتاع مشاكل وبيعجن، ولولا أنا بلملم وراه ما كانش قعد في مكانه شهر واحد".. بهذا المنطق تسير الهيئة بين رئيس يتورّط في مخالفات إدارية وتنفيذية وشبهات مالية بشكل دائم، ويفتعل مشكلات وأزمات مع الموظفين وكوادر الهيئة التي يرأسها، وبين نائب يتحيّن الفرصة للانقضاض على الكرسي الأول في الهيئة، لكن تظل المخالفات والشبهات والتجاوزات كما هي، لا اهتمام بتجاوزها من النائب أو رئيس الهيئة أو حتى الوزيرة.

المفارقة أن الإجراء الوحيد تقريبًا الذي اتخذه رئيس هذه الهيئة المهمة (المُحاط بالشبهات) تمثّل في إحالة 7 موظفين للتحقيق أمام الشؤون القانونية، بسبب مشاركتهم روابط موضوعات "صوت الأمة" عن المخالفات الإدارية والمالية، وتسجيل إعجابهم بها بعلامة "لايك". وبحسب مصادر من داخل الهيئة فإنه وجّه المقربين له في شؤون العاملين والعلاقات العامة بإعداد قائمة بكل من شاركوا روابط الموضوعات أو سجلوا "لايك" لها، مُتوعّدًا بمحاسبتهم جميعًا، وكانت البداية بالموظفين السبعة الذين أُحيلوا للتحقيق بالفعل.

بجانب التنكيل القانوني والإداري الداخلي، حرّر رئيس الهيئة المذكورة بلاغات قانونية أمام جهات التحقيق الرسمية بحق بعض موظفي الهيئة، لأسباب واهية تتّصل بمشاركة روابط موضوعات صحفية، أو نشر أوراق وشكاوى العاملين بالهيئة، أو كتابة "منشورات خاصة" على صفحاتهم تتضمّن انتقادًا لممارساته أو إدارته السيئة وحالة التردّي التي تعيشها الهيئة.

تبدو الشبهات ثابتة من واقع المستندات والشكاوى وتلال الأزمات والكوارث التي افتعلها رئيس الهيئة (المحاط بالشبهات) منذ وصوله إلى منصبه، وبالتأكيد سيُضاعفها مع بقائه سنة جديدة، لكن على الجانب المقابل لا يبدو أن هناك اهتمامًا أو موقفًا متوقّعًا من الوزارة. ترى الوزيرة أنه ليس في الإمكان أبدع ممّا كان، وأن الإبقاء على المسؤول (الكارثي) أقل خطرًا عليها من تغييره وتجديد الدماء الإدارية وإنقاذ الهيئة المهمة من مسارها المشتعل باتجاه هاوية سحيقة. وأمام هذه الرؤية يشعر المسؤول (المُحاط بالشبهات) أن "ضهره مسنود" فيتشجّع أكثر على تجاهل كل الكوارث المحيطة به، أو التي يُنتجها بنفسها وتُعمّقها شلّته، ويتفرّغ للتنكيل بالعاملين ومحاسبتهم على "لايك أو شير".

موضوع سابق لصوت الأمة أحيل الموظفون للتحقيق بسببه
موضوع سابق لصوت الأمة أحيل الموظفون للتحقيق بسببه


كرباج في حماية الوزيرة

 من المفارقات المدهشة، أن المسؤول (المحاط بالشبهات) يحتفظ في مكتبه بـ"كرباج"، يُعلّقه في مكان بارز بين جدران المكتب. وعندما سأله أحد العاملين عن هذا الكرباج مُتخيّلاً أنه "أنتيكة" أو أن له ذكرى شخصية عزيزة على قلبه لدرجة اصطحابه معه لمكتبه، رد عليه بالقول: "ده علشانكم، أصلكم زي العبيد، ما تشتغلوش غير بالكرباج".

رغم فداحة الجملة وما تنطوي عليه من عُنف واحتقار للعاملين، وتعبير عن مكنون نفسي مُتسلّط، ربما يكون معجونًا بقدر من السادية والمرض النفسي، فإن ما يُشجّع هذا المسؤول على تلك الممارسات ليست هواجسه ومشكلاته النفسية الخاصة، وإنما دعم قيادات الوزارة ومستشاري الوزيرة، والوزيرة نفسها، وصمتهم جميعًا عليه. لتبدو الصورة كما لو كان يقف في الواجهة مُمسكًا "الكرباج" لتهديد العاملين، بينما تجلس الوزيرة في ظهره لدعمه ومؤازرته، كما لو كان الكرباج في حماية الوزارة، بل في قبضتها مباشرة.

في الوقائع المالية التي نشرها "صوت الأمة"، نجح المسؤول (المُحاط بالشبهات) في تأمين بقائه في منصبه، رغم الكوارث التي تكشفها المستندات، والمخالفات المالية الواضحة بالأرقام والتوقيعات والتواريخ، إلى حدّ أن الوزيرة تجاهلت الأمر ولم تطلب نسخة من الأوراق لأكثر من عشرة أيام، ثم طلبتها لاحقًا، لكنها لم تنظر فيها من الأساس، بحسب مصادر داخل الوزارة، وكان الأمر أقرب إلى خطوة استعراضية لذرّ الرماد في العيون، وتسريب الخبر للصحفيين لإيهامهم بأنها فتحت الملف وستأخذ موقفًا من المخالفات ومرتكبها، لكنها على الجانب الآخر كانت تُخاطب جهة انتداب المسؤول في الوقت نفسه، طالبة تجديد الانتداب؛ لمكافأة الرجل "حامل الكرباج" على مخالفاته بسنة جديدة في منصبه.

كرباج - أرشيفية
كرباج - أرشيفية

 


هل ترحب الوزيرة بإعدام الهيئة؟

بحسب المعلومات المتوفرة لدينا حتى الآن، فإن شلّة المسؤول (المُحاط بالشبهات) ومعاونيه يُعدّون قائمة بالموظفين الذين شاركوا روابط الموضوعات الصحفية المنتقدة لمخالفاته، أو نشروا انتقاد على صفحاتهم، أو حتى أبدوا إعجابهم بالمنشورات التي تتضمن انتقادات، ما يُعني أن الـ7 الذين أُحيلوا للتحقيق لن يكونوا نهاية المطاف، وسيزداد العدد في الأيام المقبلة. لن يتوقف الأمر على عدة آلاف في مكتب، أو 9 ملايين في مكان بشبرا، أو أكثر من نصف المليون جنيه في مطبوعات لا قيمة لها، ولا إحالة عشرات للتحقيق للتغطية على بعض هذه المخالفات، سيتطور الأمر إلى استباحة كاملة واختطاف شامل للهيئة (التي كانت مهمة) وتحويلها إلى مستنقع من التردّي والفساد والتعسّف وإهدار المال العام، وسيظل القيادات يتفرّجون باستمتاع وصمت، وكأنهم يقودون وزارة ثانية في بلد ثانٍ.

الأخطر أنه في ضوء نجاح المسؤول (المحاط بالشبهات) في الحصول على وعد من قيادات الوزارة، وفي إقناع الوزيرة بالتجديد له رغم مخالفاته وتجاوزاته، فإن هذا التسلّط الإداري والتعسّف مع العاملين لن يتوقف، وسيكون عنوان هذه الهيئة المهمة في السنة المقبلة، يُضاف لهذا أن مسار التردّي في الإدارة والأنشطة والخطط والأفكار ما زال مستمرًا ومتصاعدًا. وبطبيعة الحال سيتنامي طوال سنة مقبلة من بقاء الرجل في منصبه تحت لافتة (أنا محمي من الوزيرة وضهري مسنود).

تفاصيل الصورة الراهنة تشي بأن الهيئة الحكومية (التي كانت مهمة جدًّا) على موعد مع سنة كبيسة جدًا، ستسيطر عليها المخالفات الإدارية والمالية، ولجان التحقيق، والبلاغات، والتردّي في الخطط وآليات العمل، والتنكيل بالموظفين ومن لا يوافقون هواه، أو يختلفون مع كوارثه الفادحة. وأن الوزارة لا تلحظ هذا، أو تراه وتتجاهله، ومن ثمّ فليس من المرجّح أن تتحرّك أو تأخذ موقفًا لردع (حامل الكرباج) عن مخالفاته أو احتقاره للعاملين والتنكيل بهم، بل إنها ستظل على دعمها الضمني له، بما يشجعه على مزيد من هذه الممارسات الفجّة.

يُمكننا من الآن قراءة الفاتحة على الهيئة الحكومية (التي كانت مهمة للأسف في وقت سابق) لأن رئيسها لا يملك رؤى أو أفكارا، ولا يملك قدرات فنية أو إدارية، ولا يملك نفسية سويّة تحترم العاملين وتشجّعهم على مزيد من الإنجاز، وإنما يملك "كرباجًا" يقبض عليه في يد، ووزارة يمسك مفاتيحها باليد الأخرى.. ووزيرة ربما لا تعلم بكل هذا بالتفصيل، وربما تعلم وتوافق على إطلاق رصاصة قاتلة على الهيئة (التي كانت مهمة قديمًا) بل وتقرأ الفاتحة في سرّها من الآن.

 

تعليقات (3)
مين ده؟
بواسطة: محمود
بتاريخ: السبت، 03 نوفمبر 2018 10:50 ص

مين الراجل الفاسد ده؟

الثقافة
بواسطة: محمود العش
بتاريخ: السبت، 03 نوفمبر 2018 10:51 ص

دي أكيد وزارة الثقافة

أنا عارف الشخص الفاسد ده
بواسطة: موظف مطحون
بتاريخ: السبت، 03 نوفمبر 2018 10:53 ص

انا في الهيئه اللي حضرتك بتتكلم عنها وعارف الشخص ده وزمايلي اللي اتحولوا للتحقيق الراجل ده فاسد وهيخرب الهيئة والله العظيم وبيهدد الناس انه مسنود من الوزيره والحاشيه بتاعتها والنائب بتاعه بيقول الكلام نفسة

اضف تعليق