الصناعة هى الحل

الإثنين، 12 نوفمبر 2018 09:37 م
الصناعة هى الحل
عادل السنهورى يكتب:

فى يناير من العام الماضى كتبت وتمنيت على الرئيس السيسى أن يخصص عاما للصناعة المصرية، مثله مثل عام المرأة والشباب وذوى الإعاقة، فالحل لكثير من أزمات مصر الاقتصادية لن يتم إلا بإعادة إحياء الصناعات التى كانت فى يوم من الأيام علامات تجارية مميزة فى الداخل والخارج، لكن وبفعل فاعل وفيما يشبه الجريمة المتعمدة طوال 40 عاما حدث التدمير الممنهج للشركات والصناعات المصرية.. وهى جريمة لا تغتفر ولا تسقط بالتقادم! 
 
ما تبقى من القطاع العام فى مصر حوالى 122 شركة من أصل 317 شركة.. تندرج تحت ما يسمى بالشركات القابضة.. ومع ذلك ورغم ما تبقى من الشركات، فهناك فرصة إلى تحقيق تطوير ونهضة شاملة لها حتى تستعيد مكانتها وهى الشركات والمصانع التى كانت تلبى احتياجات السوق المحلية من غذاء وكساء ودواء وغيرها وتصدير منتجاتها إلى الأسواق العربية والأفريقية بل والأوروبية والأمريكية.
 
مصر حتى نهاية الستينيات كانت تنتج أكثر من 70 % من احتياجاتها، وبسبب مصانعها وشركاتها الوطنية خاضت حروب الاستنزاف وأكتوبر دون أن يشعر المواطن بأية أعباء حقيقية أو أزمات فى السلع الاستهلاكية والغذائية.
 
ربما يسأل أحد.. وما سبب الكلام عن الصناعة الآن وما علاقة ذلك بحديث الرئيس السيسى فى مؤتمر الشباب العالمى الأخير فى شرم الشيخ؟
 
الرئيس أشار فى مداخلة له إلى أهمية الصناعة فى الاقتصادات الوطنية، وأن التصنيع فى دول العالم الثالث مرهون بالإرادة الدولية ومدى سماحها بذلك.. وهذا الكلام يعيد الاعتبار إلى قيمة ما أنجزته مصر الستينيات من نهضة صناعية كبرى، وبقدرة وتحدٍ حتى أصبحت قلعة للعديد من الصناعات الاستراتيجية، ثم جاء من يخرب فيها ويهدر طاقاتها.
 
الرئيس بالفعل يدرك أن الصناعة هى الحل مثلما فعلت دول كثيرة مثل ماليزيا والهند وكوريا، وساهمت فى زيادة صادراتها بشكل مذهل.
 
 ومصر الستينيات كانت فى مقدمة الدول صاحبة الصناعات المميزة فى السوق المحلية والخارجية، ووفرت البدائل للكثير من المنتجات التى نستوردها الآن، سواء السلع الاستراتيجية أو الاستفزازية.
 
فمن العيب أن يصدر تقرير وزارة الصناعة والتجارة ليكشف أن مصر تستورد بحوالى 65 مليار دولار، فى حين صادراتها ما بين 20-25 مليار فقط، فلا حل بدون الصناعة والإنتاج.
 
من المهم أن نقرأ التاريخ جيدا ونعيه لنستفيد من تجربة مصرية خالصة بدأت عام 57 وحتى عام 67 أنشأت مصر خلالها 1200 مصنع.
 
كلمة السر كانت فى اختيار الرئيس عبدالناصر للدكتور عزيز صدقى وزيرا للصناعة عام 56.. عمره وقتها 36 عاما فقط، وكان عائدا من أمريكا بعد حصوله على رسالة الدكتوراه، عن «حتمية التصنيع فى مصر»، وكان يرى أن إمكانية التوسع الزراعى مرتبطة بأشياء ليست فى أيدينا، منها توافر المياه اللازمة وهى لدينا محدودة بموارد النيل المحدد كمياتها، ومن ثم عند حد معين تتوقف عملية التوسع فى الزراعة، لذا لا بد من الصناعة.. وهذا معنى رسالة الدكتوراه التى حصل عليها عزيز صدقى وطبقها فى مصر، فكان يذهب إلى أن التصنيع ليس شهوة.. هو فرض حتمى.. وعلينا أن نعرف أنه ليس أمامنا إلا التصنيع.
 
قرأ عبدالناصر رسالة الدكتوراه لعزيز صدقى واختاره وزيرا للصناعة، حيث التقى ما فيها بتفكير ناصر، حول حتمية التصنيع وأنه الطريق الوحيد لتقدمنا، وبالفعل بدأ صدقى عمله من أرضية المجلس القومى للإنتاج، وبدأت عملية التصنيع، وكانت خطوته الأولى صدور برنامج التصنيع فى عام 1957، وتم تخصيص مبلغ 12 مليون جنيه كأول ميزانية للتصنيع.. وبدأت المسيرة الصناعية حيث أنشأ عزيز صدقى لجانا وضعت برنامج السنوات الخمس الأولى، وأنشأت تلك اللجان برنامج التنظيم الصناعى، ورغم أن هذا البرنامج كان مقدرا له 5 سنوات إلا أنه تم تنفيذه فى 3 سنوات، واستطاع عزيز صدقى أن ينشئ 1200 مصنع، وهى قصة تستحق أن تروى للأجيال الحالية فى العدد القادم.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق