لا ناتو غربي ولا ناتو عربي

الأحد، 11 نوفمبر 2018 02:27 م
لا ناتو غربي ولا ناتو عربي
ممدوح طه يكتب:

 
نكتة مثيرة للسخرية أطلقتها الدوائر الأمريكية، بمصطلح غريب لمحاولة تشكيل ما يُسمّى "ناتو عربي" لمحاربة الإرهاب.. بينما "ناتو" هي الأحرف الأولى لـ«منظمة حلف شمال الأطلنطي»، ذلك الحلف العدواني على العرب في العراق وليبيا وسوريا، والتوسُّعي حول شرق وجنوبي المتوسط، حسب استراتيجية الحلف في قمة «اسطنبول» بالتمدُّد شرقًا وجنوبًا؛ لجعل المتوسط بحيرة أوروبية، بينما عينه الأخرى على الخليج العربي والبحر الأحمر!
 
هذا الأمر قد يُجهض هذه المحاولة في مهدها لأسباب عديدة:
 
الأول: هو ما كشف عنه المصطلح العجيب "الناتو العربي" من نوايا أمريكية لإلحاق دول عربية مُتابينة السياسات بحلف الناتو الغربي سيئ السُّمعة لدى الشعب العربي، تحت شعار "محاربة الإرهاب"، أو بعنوان "مواجهة التهديد الإيراني"، بلا أية اشارة لأي تهديد صهيوني واقع في فلسطين والجولان وجنوبي لبنان، أو عثماني قائم في سوريا والعراق!
 
الثاني: أن "الناتو الغربي" بدأ محاولته المُريبة بإشراك النظام القطراني، المُموِّل الرئيسي للإرهاب في الدول العربية، في قمة بروكسل الأخيرة، مقابل تمويله للحلف الغربي.. فيما تركيا العثمانية، الداعم الرئيسي للإرهاب والتي تحتل أرضًا عربية في سوريا والعراق، تُشكّل مع إسرائيل الصهيونية، التي تحتل أراضي ثلاث دول عربية، القاعدة العسكرية الرئيسة لهذا الحلف الأطلسي في المنطقة العربية والإسلامية!
 
الثالث: أعتقد أن دولاً عربية ذات وزن استراتيجي في المنطقة العربية، مثل مصرالتي تحاول أمريكا توريطها في مثل هذا الحلف، والتي رفضت الأحلاف على مدى تاريخها الحديث، يصعب قبول شعبها للتورط  في أحلاف أجنبية، خصوصًا مع حلف دمّر دولاً وجيوشًا عربية بالعدوان المباشر، مثل العراق وليبيا وسوريا التي مثّلت تاريخيًّا، وتُمثّل حاضرًا ومستقبلاً، العمق الاستراتيجي لمصر، وحائط الصدّ الرئيسي للأمة العربية والإسلامية.
 
الرابع: أظن أن دولاً خليجية ذات وزن كبير في المنطقة، كالسعودية والإمارات اللتين تقفان مع مصر ضد الإرهاب الذي يحظى بدعم وتمويل قطراني تُركي أطلسي، يصعب أن تقبل السيرعلى خُطى نظام الحمدين في قطر، التي طلبت الانضمام لـ"الناتو الغربي" لتكون في غرفة القيادة لـ"الناتو العربي" الوليد من بروكسل، وهو ما ليس مقبولاً ولا معقولاً، لا خليجيًّا ولا عربيًّا!
 
الخامس: أن النكتة الأمريكية في مصطلح "الناتو العربي" العجيب، كمحاولة لإلحاقه بـ"الناتو الغربي"، جاءت تالية للكذبة الأمريكية في مصطلح "محاربة الإرهاب" المريب؛ لخداع العرب والعالم، بينما حلف الأطلنطي بقيادة أمريكا لم يُحارب الإرهاب بجدية ولا فاعلية، بل وظّفه لقلب أنظمة الحكم في الدول العربية بالقوة، وتدخّل عسكريًّا بلا مشروعية، سواء من الدولة السورية أو العراقية أو الليبية، أو من القانون الدولي!
 
السادس: واضح  أن حلف الناتو بقيادة الولايات المتحدة لم يحارب إلا الجيوش العربية في الدول الوطنية التي تحارب الإرهاب، على عكس الموقف الروسي الداعم للشرعية، الذي جاء وفق القانون الدولي بطلب سوري، وحارب الإرهاب بشكل جدّي، وساهم بفاعلية وكفاءة في تصفيته وانحساره، وعندما يجتمع الكذب الأمريكي مع العجب القطراني التركماني لا يُمكننا إلا الشعور بالريبة!
 
السابع: ما ثبت لنا نظريًّا كشعوب، بعد انكشاف أكثر من كذبة غربية نووية وكيماوية، أن من صنع الإرهاب وموّله وسلّحه ودفعه لتهديد الأمن ونشر الفوضى وسفك الدماء، تستّرًا بشعارات مذهبية مغشوشة لإشعال الحروب الأهلية في الدول العربية، يفقد كل منطق أو مصداقية إذا ادّعى أنه يسعى لمحاربة الإرهاب.. بل لقد سعى لترويضه وتوظيفه ضد الجيوش الوطنية؛ لاستنزاف أموال العرب بصُنع الفزّاعة الإرهابية وادّعاء محاربتها كذبًا، بل واستثمر ذلك لإقامة القواعد العسكرية وبيع مزيد من السلاح لكل الأطراف، لزياد الخزينة الأمريكية والغربية بأموال عربية، وبدماء عربية، لصالح المشروع الصهيو أمريكي بأدوات حلف الناتو!
 
الثامن: ما ثبت للعالم ميدانيًّا أن الناتو بقيادة أمريكية لم يواجه الإرهاب الذي صنعه إلا بعدما بدأ السحر الأسود ينقلب على الساحر الأبيض، حينما طالت سيوف الإرهابيين رقابًا أمريكية وإنجليزية وفرنسية، لكنه فشل في "الحرب على الإرهاب" على مدى سنوات بل تمدّد الإرهاب في أفغانستان والعراق وسوريا وليبيا، رغم الوجود العسكري الأمريكي اللا شرعي، بينما نجح الدعم الروسي بطلب من الدولة السورية في عام واحد في دحر الإرهاب في سوريا!
 
التاسع: هناك أكثر من دليل على أن النكتة والكذبة كشفتهما العواصم الغربية بالقلق والخوف على مصير الإرهابيين والمُسلّحين من هجوم سوري بدعم روسي في الشمال السوري ضد مواقع الإرهابيين في إدلب، المنتمين لميليشيات داعش والقاعدة والنصرة والمُتحالفين معهم، بينما هم مُصنّفن بقانون أمريكي وبقرار دولي كمنظمات إرهابية! ولو كانوا يُحاربون الإرهاب حقًّا لتعاونوا في سوريا مع روسيا؛ لدعم حرب الجيش العربي السوري ضد مواقع الإرهاب، ولكن العكس لا يكشف إلا الغش!
 
العاشر: الآن، بعدما نجح الدعم الروسي في استعادة الجيش العربي السوري 90% من الأرض التي سيطرعليها الإرهابيون تحت الشعار الأمريكي "الحرب على الإرهاب"! ألم يكن منطقيًّا لواشنطن أن تراجع موقفها، ليس في سوريا فقط، بل في ليبيا والعراق واليمن، كي تداري سواءتها؟! 
 
بعدما نجحت مصر في دحر الإرهاب الأسود، ومواجهة أي تهديد للأمن القومي العربي، ألم يكن منطقيًّا للعرب أن يعودوا لمشروع مصر المُجمّد بتشكيل القوة العربية المشتركة، أو لأمريكا إن أرادت حقًّا "محاربة الإرهاب الذي يُهدّد العالم، هو القبول بدعوة مصر لعقد مؤتمر دولي لتحقيق اصطفاف عالمي لمحاربة الإرهاب تحت مظلّة أُمميّة، وليس بناتو غربي أو ناتو عربي؟!

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق