الهيئة العامة للاستعلامات: زيارة الرئيس لإيطاليا تؤكد عودة التعاون الاستراتيجي بين البلدين

الإثنين، 12 نوفمبر 2018 08:34 م
الهيئة العامة للاستعلامات: زيارة الرئيس لإيطاليا تؤكد عودة التعاون الاستراتيجي بين البلدين
الرئيس ورئيس الوزراء الايطالي

 

يشارك الرئيس السيسي خلال زيارته الرسمية التي تستغرق يومين في أعمال القمة المصغرة للقادة المعنيين بالملف الليبي والتي تعقد بمدينة باليرمو بإيطاليا يومي الاثنين والثلاثاء 12- 13 نوفمبر الجاري  بحضور أهم اطراف النزاع في ليبيا، في محاولة لإطلاق عملية انتخابية وسياسية تستهدف انتشال ليبيا من حالة الفوضى، وأكد  رئيس الوزراء الإيطالى جوزيبى كونتى إن مؤتمر باليرمو خطوة أساسية نحو تحقيق الاستقرار فى ليبيا وأمن حوض البحر المتوسط برمته.

يشارك ممثلون من دول أوروبية بينها فرنسا والولايات المتحدة فضلا عن دول عربية فضلا عن حضور الشخصيات الرئيسية فى ليبيا وهم  رئيس حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دولياً فايز السراج والمشير خليفة حفتر،  ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح وخالد المشري رئيس مجلس الدولة فى طرابلس ، كما يحضره شخصيات بارزة و عدد من اعيان القبائل والمجتمع المدني في ليبيا.

ويقول تقرير أعدته الهيئة العامة للاستعلامات إن زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى ايطاليا تكتسب أهمية كبيرة، إضافة إلى الملف الليبي،  حيث أنها تعد أهم الدلائل على عودة العلاقات المصرية الايطالية إلى سياقها التاريخي والطبيعي، بعد محاولات اصطنعتها أطراف قامت بتفجير القنصلية الإيطالية في القاهرة، واختلقت ادعاءات حول قضية الباحث الإيطالي جوليو رجيني. 

تؤكد هذه الزيارة وماسبقها من زيارات رفيعة المستوى لمسئولين ايطاليين إلى مصر خلال الفترة الماضية، أن محاولات إفساد العلاقات مع مصر قد فشلت، حيث تغلبت في النهاية الحقائق التاريخية لهذه العلاقات من تفاعل حضاري منذ آلاف السنين، وإرث ثقافي منذ مئات السنين، وتزاوج شعبي مازالت آثاره ماثلة في احياء الاسكندرية والقاهرة وفي لوحات الفنانين وفي كل مجالات الإبداع.

لقد تغلبت حكمة القيادة في الدولتين وأدركت الاهمية الاستراتيجية لهذه العلاقات من أجل صالح الشعبين ، والامن والاستقرار في البحر المتوسط والشرق الاوسط وشمال افريقيا ، فضلاً عن طيف واسع من المصالح الاقتصادية والسياحية والتجارية .

 

الرئيس السيسي ورئيس وزراء ايطاليا
الرئيس السيسي ورئيس وزراء ايطاليا

 

علاقات متجذرة

ويضيف تقرير هيئة الاستعلامات انه على الصعيد الثنائي تمتد جذور العلاقات المصرية الايطالية لآلاف السنين، وقد مرت هذه العلاقة ببعض التحديات، والتي استطاع الجانبان التغلب عليها وتجاوزها  بالثقة المتبادلة بين الجانبين واستعادة زخم العلاقات بالزيارات  الدبلوماسية والبرلمانية المتبادلة  التى تمت بين الجانبين في الفترة الأخيرة. 

وتمتد جذور العلاقات التاريخية بين مصر وإيطاليا الى الفترات التي تُعرف تاريخيًا بـ "شعوب البحر"، وهي الشعوب التي يلعب البحر الدور الرئيسي في كل شئون حياتها،ثم إلى عصور ماقبل الميلاد ثم  مع دخول مصر نطاق الدولة الرومانية، حيث ظلت مصر جزءًا من الإمبراطورية الرومانية حتى الفتح الإسلامي سنة 20 هـ، واستمر التفاعل الثقافي بين البلدين بعد الفتح الإسلامي، فخلال عصر النهضة كانت المدن الايطالية هي المعابر التي انتقل من خلالها العلم العربي إلى أوروبا.

وقد تنامت هذه العلاقات، وتشعبت إلى عدة مجالات غير التجارة، مع بداية عصر محمد علي باشا، في أواخر القرن الثامن عشر وأوائل القرن التاسع عشر الميلادي، حين أرسل محمد علي بعثات تعليمية إلى إيطاليا لتعلم فن الطباعة، كما تم الاستعانة في عهده بالخبراء الإيطاليين للمعاونة في بناء دولة حديثة في مصر، وذلك في مجالات البحث عن الآثار والمعادن، وفي رسم أول خريطة مسح لدلتا النيل، كما صمم الإيطاليون مبنى الأوبرا الملكية بناءً على طلب الخديوي إسماعيل، أثناء الاحتفال بافتتاح قناة السويس، وقام أيضًا أحد المصممين الإيطاليين وهو بييترو آفوسكاني عام 1891م ببناء كورنيش الإسكندرية، كذلك قامت شركة بناء إيطالية جاروزو زافاراني في عام 1901م ببناء المتحف المصري بالقاهرة.

وفي الفترة التالية ظهرت العلاقات العميقة بين إيطاليا ومصر في عدة مجالات، منها الحضور المميز والكثيف للجالية الإيطالية في مدينتي الإسكندرية والقاهرة في القرن التاسع عشر والنصف الأول من القرن العشرين، ومنها أيضاً الحركة النشطة للاستشراق الإيطالي، وهي حركة امتدت لقرون طويلة مازالت مستمرة حتى اليوم.

وقد بدأ تبادل السفراء بين الدولتين عام 1914، ولكن توقفت هذه العلاقات خلال الفترة من عام 1940 حتى عام 1945 خلال الحرب العالمية الثانية ، وفي نهاية الثمانينيات جاء المشروع العالمي لإحياء مكتبة الإسكندرية والذي حصل علي دعم إيطالي كبير، ولم يقتصر هذا الدعم على المستوى الحكومي فقط؛ بل امتد للمؤسسات الإيطالية والأفراد، وكل ذلك يعد مؤشرات دالة على مستقبل طيب للعلاقات الوثيقة بين البلدين.

 ثم عادت العلاقات بين الدولتين بالتدريج ، وشهدت العلاقات السياسية والزيارات الرسمية بين مصر وإيطاليا تطورًا كبيرًا بعد ثورة 30 يونيو وكانت الحكومة الإيطالية تدعم خارطة الطريق التي نفذتها مصر بعد 30 يونيو.

 

تفاهم سياسي

على الصعيد الإقليمى، يقول تقرير هيئة الاستعلامات ان الدولتين تنسقان جهودهما الجادة بشأن القضايا الإقليمية المختلفة، التى تفرض تحديات مشتركة مثل الملف الليبى والهجرة غير الشرعية وموضوعات مكافحة الإرهاب،  حيث تحرص إيطاليا على التنسيق مع مصر لتعزيز الأمن الإقليمى، وهو الأمر الذى يجسد الحرص المتبادل على ترسيخ التشاور المشترك حول الأمن الإقليمى فى منطقة الشرق الأوسط، لاسيما فى ظل التحديات الأمنية وتنامى ظاهرة الإرهاب، كما يتطلع الجانبان  للارتقاء بأطر التعاون وآليات التنسيق فى هذا الشأن.

وتدعم الحكومة الإيطالية مصر في حربها ضد الإرهاب، وترى أن مصر تخوض حربًا ضد الإرهاب ليس فقط للدفاع عن نفسها بل دفاعًا عن أوروبا بإكمالها، كما يوجد تقارب كبير في التوجهات بين القاهرة وروما في القضايا المتصلة بأمن البحر المتوسط، ومكافحة الإرهاب والتطرف، فضلًا عن تحديد السياسات التي يتعين اتخاذها من أجل مواجهة تصاعد التيارات الأصولية المتطرفة، سواء في منطقة القرن الأفريقي أو شمال أفريقيا، وانعكاساتها على أمن البحر المتوسط.

ويُعد الموقف بشأن الوضع في ليبيا على درجة عالية من التوافق حيث إن الدولتين تتأثران بما يجري في ليبيا وتعملان على دعم جهود بناء الدولة الليبية ومنع سقوطها بيد التنظيمات الارهابية .

وتتفق الدولتان فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية على ضرورة الرجوع لحل هذه القضية وفقا للشرعية الدولية واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وان تكون القدس عاصمة لها، كما تدرك ايطاليا الجهود المصرية المبذولة ازاء تطورات القضية الفلسطينية،مع الإطراف الإقليمية والدولية لوقف عمليات التصعيد وتشجيع الأطراف على استئناف المفاوضات واعادة أطلاق عملية السلام ومسار الرعاية المصرية لعملية المصالحة الفلسطينية

وبخصوص الاوضاع فى القارة الافريقية، وخاصة منطقة القرن الإفريقى والصومال، تتفق الرؤى بين القاهرة وروما بشأن سبل دعم الاستقرار ومكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية والتهريب فى تلك المنطقة التى تهم البلدين.

الزيارات المتبادلة 

شهدت الفترة الاخيرة تبادلاً مكثفاً للزيارات الرسمية حيث استقبل الرئيس السيسي روبرتو فيكو رئيس مجلس النواب الإيطالي، في سبتمبر 2018 كأرفع مسئول ايطالي يزور القاهرة منذ عودة السفير الايطالي للقاهرة بجانب زيارتين لوزيري الخارجية والداخلية الايطاليين على نحو يعكس العلاقات والروابط التاريخية بين شعبي البلدين، والتطلع إلى توثيق العلاقات البرلمانية وتكثيف الزيارات المتبادلة بين المسؤولين من الجانبين. 

التعاون الثقافي والتعليمي

كان للعوامل التاريخية والقرب الجغرافي وتواجد البلدين على ضفتي متقابلتين من البحر المتوسط أثر كبير في تدعيم الروابط الثقافية بينهما حيث أرسل "محمد علي" بعثات تعليمية إلى إيطاليا لتعلم فن الطباعة

كما تُسهم الأكاديمية المصرية للفنون في روما في تقوية الروابط الثقافية بين البلدين من خلال التعريف بالفنون والثقافة المصرية في إيطاليا، ومزج الإبداع المصري بالفن ون الإيطالية بشكل مت واصل، حيث يشمل الموسم الثقافى في الأكاديمية المصرية للفنون عددًا من الفعاليات الثقافية فى الموسيقى والشعر والآثار والفن التشكيلى .

ويرعى المركز الثقافي المبعوثين المصريين الدارسين في إيطاليا، ويشرف على امتحانات أبناؤنا في الخارج ، ويقدم لهم الخدمات التعليمية الواجبة، كما يُساهم في نشر الثقافة واللغة العربية في المجتمع الإيطالي .

كذلك يتعاون البلدان في مجال التعليم العالي، حيث توفر الحكومة الايطالية لمصر المنح الدراسية، في مجالات تعلم اللغة الايطالية والآثار والزراعة، بينما قدمت وزارة التعليم العالي المصرية منحًا دراسية لتعلم اللغة العربية والدراسات الإسلامية والقبطية والآثار لـلدارسين الإيطاليين.

وتشمل العلاقات الثقافية بين البلدين أيضًا التعاون في مجال التعليم الفني، حيثُ يعد معهد Don Bosco للتعليم الفنّى في كل من القاهرة والإسكندرية أحد انجح الأمثلة على التعاون المصري الايطالي في هذا المجال الهام نظرًا لما يوفره من فرص تدريب وتعليم فنّ للطلبة المصريين الذين يتم تأهيلهم للعمل في المجالات الفنية من خلال الدراسة في المعهد، كما يُجيزُ للطلبة الخريجين من المعهد الالتحاق بالجامعات المصرية أو الايطالية طبقا لنص اتفاقية دعم التعاون العلمي والثقافي والفنّى بين البلدين .

كان الرئيس عبد الفتاح السيسي قد أعلن أن 2019 عام التعليم المصري، و هناك اهتمام بالغ من قبل الحكومة المصرية بمشروع إنشاء جامعة إيطالية في مصر عبر إطلاق شراكة بين جامعة حكومية والجامعات والمؤسسات الأكاديمية الإيطالية المهتمة بالمشروع.

الجالية الاي​طالية

بلغ عدد أعضاء الجالية الإيطالية فى مصر قبيل الحرب العالمية الثانية "1939- 1945" 55 ألفاً، وتركزت إقامتهم فى القاهرة والإسكندرية، وكانت تعد ثانى أكبر جالية أجنبية فى مصر بعد الجالية اليونانية، إلا أنها بدأت تنكمش فى خمسينيات وستينيات القرن الماضى، هذا، فيما بيبلغ تعدادهم حاليا  حوالي  3.374 فرداً (أغلبهم من العاملين بالشركات الإيطالية الموجودة فى مصر)... كما يتركزون في الإسكندرية وقد ساهمت الجالية الايطالية فى الحياة الاجتماعية بشكل كبير فى مصر وكذلك الحال بالنسبة للجالية المصرية فى ايطاليا لها دور ملموس فى المجتمع الايطالى.

كما يشار ايضا الى  الدور الرائد للمستشفى الإيطالى بالقاهرة والتى قامت بتجديدها وتطويرها مؤخراً جمعية SIB الخيرية بهدف تعظيم دورها الخيري من خلال تقديم العلاج المجاني لعدد أكبر من المصريين، بما يجعلها رمزاً للتعاون والتواصل بين الشعبين المصرى والإيطالى.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة