قراءة في تقرير صندوق النقد.. النمو العالمى يتراجع وتفاؤل في الشرق الأوسط

الثلاثاء، 13 نوفمبر 2018 04:00 م
قراءة في تقرير صندوق النقد.. النمو العالمى يتراجع وتفاؤل في الشرق الأوسط
صندوق النقد
كتبت : رانيا فزاع

بعنوان كيف يمكن للبلدان تخفيض الدين والحفاظ على النمو أصدر صندوق النقد الدولي تقريره حول معدلات النمو العالمي وكيفية الحفاظ عليها ومراقبتها ، وبحسب الصندوق فإن "إصلاحات المالية العامة جيدة التصميم يمكن أن تساعد صناع السياسات على تخفيض الدين مع الحفاظ على النمو وحماية أضعف شرائح المجتمع.

 وأكد الصندوق فى تقريره أن معدل النمو يتباطأ في عدد من الاقتصاديات الكبرى في العالم ، ويحذر هنا من أن معنويات المستثمرين يمكن أن تؤدي إلى "انعكاس مفاجئ" للأسوأ.

وقال الصندوق في أحدث تقرير اقليمي للتوقعات الاقتصادية لمنطقة الشرق الأوسط ووسط آسيا

"إن تفاقم التطورات ، أو تضييق السياسة النقدية بشكل أسرع من المتوقع في الاقتصاديات المتقدمة ، يزيد من خطر الانعكاس المفاجئ في الشهية العالمية للمخاطرة".

وقال جهاد أزعور ، مدير منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي ، لـ "كابيتال كونيكشن" على شبكة سي إن بي سي "الظروف العالمية تتغير من حيث مقاييس المخاطر"، وأضاف "على الرغم من أننا مازلنا نتمتع بمستوى مرتفع من النمو ، فإن هذا النمو هو مرحلة هبوط".

 

وقال صندوق النقد الدولي إن ارتفاع أسعار الفائدة الأمريكية ، وارتفاع الدولار الأمريكى ، وتقلبات السوق المالية قد تجلب ضغوطا على بعض الاقتصاديات الناشئة والاقتصاديات النامية

وقال التقرير "تفاقم هذه التطورات أو تضييق السياسة النقدية بشكل أسرع من المتوقع في الاقتصادات المتقدمة يزيد من خطر الانقلاب المفاجئ في الرغبة في المخاطرة على مستوى العالم."

ويتوقع صندوق النقد الدولي أن يظل النمو العالمي للفترة 2018-2019 ثابتاً عند مستواه في عام 2017 بنسبة 3.7 في المائة ، لكن توقعات النمو لعدد من الاقتصادات الرئيسية تراجعت.

 وفى امريكا فتوقعات نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لعام 2018 لم تتغير عند 2.9 في المائة ، فقد تم تعديل توقعات عام 2019 إلى 2.5 في المائة بسبب التدابير التجارية المعلنة مؤخراً،ودخلت الولايات المتحدة في نزاع جدي مع الصين ، ولا يزال من غير الواضح كم من الوقت سيستمر الصراع.

ووفقا للتقرير ، فإن التوقعات بالنسبة للاقتصادات الناشئة والنامية هي أيضا أضعف ، الأمر الذي يعكس المراجعات الهبوطية لبعض الاقتصادات الكبيرة في الأسواق الناشئة بسبب العوامل الخاصة بكل بلد ، والظروف المالية الأكثر تشددا ، والتوترات الجيوسياسية وارتفاع أسعار النفط.

وقال التقرير "الناتج المحلي الاجمالي الحقيقي في منطقة اليورو سيتباطأ الى 1.9 في المئة في 2019 مقارنة مع 2.9 في المئة في 2018. وسيتراجع النمو أيضا في المملكة المتحدة بعد المفاجآت التي قمعت النشاط في أوائل عام 2018".

وقد ألقى صندوق النقد الدولي باللوم على الإجراءات التجارية الأخيرة بين الولايات المتحدة والصين بشأن النمو المتناقص المتوقع في الصين ، والذي يبلغ الآن 6.2 في المائة في عام 2019 ، و 6.6 في المائة في 2018 و 6.9 في المائة في عام 2017.

وعلى الرغم من الانخفاض الأخير في أسعار النفط ، إلا أن صندوق النقد الدولي أكثر تفاؤلا بشأن الشرق الأوسط ، لكنه حذر من العديد من الشكوك في المنطقة.

 

وقال التقرير "من المتوقع أن يعزز النشاط الاقتصادي في الدول المصدرة للنفط هذا العام والعام المقبل يتوقع نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 1.4 في المئة في 2018 و 2 في المئة في 2019 ارتفاعا من 1.2 في المئة في عام 2017."

"من المتوقع أن يستمر النمو بين البلدان المستوردة للنفط بوتيرة متواضعة في عام 2018 وأن يعزز بشكل طفيف على المدى المتوسط. كما سيصل النمو في المنطقة إلى 4.5 في المائة في عام 2018 ، بعد أن كان 4.1 في المائة في عام 2017 ، قبل أن يتراجع إلى 4 في المئة في 2019 ، "

ي نفس الوقت أشار الصندوق في تقريره إلى أن زيادة ضيق الأوضاع المالية العالمية ، يساعد على تخفيض عجز الموازنات والديون الأكثر إلحاحا في بلدان الشرق الأوسط وآسيا ، ويتعين هنا اتخاذ إجراء عاجل لمواجهة الديون التي تراكمت في السنوات الأخيرة ، وتتجاوز الديون 50 % من إجمالي الناتج المحلى في قرابة نصف بلدان المنطقة .

ويمثل هذا ضغط كبير بحسب الصندوق لما سيسببه من نسب إنفاق متزايدة من ميزانياتها العامة مع ضرورة الحفاظ على مدفوعات الفائدة والسداد الجزئي للديون المستحقة بدلا من إنفاقها على الاستثمارات الضرورية في رأس المال البشرى الداعم للنمو .

وتمثل ارتفاع معدلات البطالة والزيادة السريعة في القوى العاملة بين الشباب والنساء تحدى جديد أمام النمو بحسب الصندوق ، خاصة أن فكرة استيعاب 5 ملايين عامل في شمال أفريقيا ومنطقة الشرق الأوسط وأفغانستان وباكستان يمثل رقم كبير ، نظرا للبطالة الحالية التي تطال شابا من كل خمسة .

وغالبا ما يتوقع أن تؤدى إجراءات تخفيض عجز الميزانية إلى كبح النمو ، غير أن هناك مناهج تستطيع البلدان استخدامها لمعالجة هذين التحديين بصورة فعالة .

ومن أهم الدروس التي تحدث عنها الصندوق تجارب البلدان في تخفيض العجز والتي تقوم فيها الحكومات بتخفيض النفقات أو زيادة الضرائب ويخشى أن يقع الضرر هنا على أضعف الشرائح  في المجتمع، لضمان أن تكون سياسة المالية العامة مرشداً للاقتصاد نحو حلقة إيجابية من التحسن المتعاقب في النمو والعدالة، وينبغي هنا تصميم إصلاحات الميزانية بدقة حتى تحقق الحماية للفقراء، حيث أن انتشال الناس من الفقر يؤدي بالفعل إلى تعزيز إنتاجيتهم، وزيادة قدرتهم على الإنفاق، والحد من الجريمة و، ومن ثم زيادة النمو الاقتصادي الممكن على المدى الطويل. وبالتالي ، نجد أن هناك رابطة وثيقة بين مفهومي النمو والعدالة. 

وتوضح التجربة أن النمو والعدالة يتأثران بطريقة خفض الإنفاق أو زيادة الإيرادات، بينما يتفاوت الكم المطلوب لإبقاء الدين في حدود يمكن تحملها. فالبلدان التي خفضت العجز وتمكنت في نفس الوقت من الحفاظ على الاستثمار العام حققت نموا أعلى وتوزيعاً أكثر عدالة للدخل، أما الحكومات التي أجرت إصلاحات في الدعم والأجور العامة وأعطت أولوية للإنفاق الاجتماعي على التعليم والرعاية الصحية وشبكات الأمان الاجتماعي حققت نمواً أعلى على المدى الطويل ودرجة أكبر من العدالة في توزيع الدخل.

وقد أوضحت الدراسات التي تناولت منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأفغانستان وباكستان أن كل دولار من موارد الحكومة يتم تحويله من دعم الطاقة إلى الاستثمار المنتج يرفع النمو بمقدار 2% إضافية على المدى الطويل وعلاوة على ذلك، فإن الحكومات التي اعتمدت مزيجاً من إجراءات خفض الإنفاق وإصلاحات المالية العامة الأوسع نطاقاً من أجل زيادة التحصيل الضريبي حققت مكاسب أكثر استدامة مما حققته الحكومات التي استخدمت إجراءات في جانب واحد.

وهناك حاجة لزيادة الإيرادات الضريبية في المنطقة، وخاصة البلدان المصدرة للنفط، نظراً للتأخر ا في هذا الصدد عن نظرائها من بلدان الأسواق الصاعدة. فالبلدان المصدرة للنفط تحصل إيرادات ضريبية غير نفطية تبلغ أقل من 10% من إجمالي الناتج المحلي، أي أقل من نصف متوسط الأسواق الصاعدة الذي يبلغ قرابة 20% من إجمالي الناتج المحلي.

 

 

 

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق