قراءة في زيارة الرئيس الفرنسي لبلجيكا

الإثنين، 19 نوفمبر 2018 03:25 م
قراءة في زيارة الرئيس الفرنسي لبلجيكا
أحمد صلاح

 
يجرى الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وزوجته بريحيت زيارة دولة لمدة يومين لمملكة بلجيكا، وهي الزيارة الأولى من نوعها لرئيس فرنسي لمملكة بلجيكا منذ زيارة الرئيس جورج بو مبيدو عام 1971.
   
ومنذ استقباله صباح اليوم للرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ببروكسل، ويسعى رئيس الوزراء البلجيكي شارل ميشيل نحو إبداء حالة من التقارب مع ضيفه الفرنسي، لا سيما في ظل التقارب العمري بين الزعيمين الأوروبيين، فالرئيس الفرنسي يبلغ من العمر 40 عاما ويبلغ رئيس الوزراء البلجيكي شارل ميشيل من العمر 42 عاما، بالإضافة الى رغبتهم في تقديم أنفسهم كقادة أوروبيين إصلاحيين، ولذلك فسيلتقيان بحوالي 800 طالب خلال مؤتمر حول " أوروبا الغد".
 
وفى الواقع، تحمل هذه الزيارة في طياتها ابعاد عديدة بين ما هو ثقافي بزيارة أماكن ثقافية عديدة منها " متحف الفنون الجميلة " بمدينة " جنت" البلجيكية، وما هو اقتصادي اجتماعي، بزيارة مركز التأهيل الاجتماعي والطبي بمنطقة مولنبيك بقلب بروكسل، هذا بالإضافة الى البعد السياسي والمتمثل في المباحثات الثنائية بين رئيس الوزراء البلجيكي شارل ميشيل وضيفه الفرنسي.
 
توقيت الزيارة وتضارب المصالح
 
مما لا شك فيه ان هذه الزيارة تأتى في وقت بالغ الحساسية كونها تأتى بعد بضعة أيام فقط من قرار الجانب البلجيكي بحسم موقفه بشأن تجديد اسطوله الجوي القديم من طراز اف 16 بعدد 34 طائرة مقاتلات من طراز اف 35، بعد فترة طويلة من المفاوضات بين الجانب البلجيكي وشركات أوروبية عديدة منافسة للشركة الامريكية، الا ان القرار البلجيكي جاء لصالح الشركة الامريكية على خلفية الحوافز العديدة التي قدمها الجانب الأمريكي لنظيرة البلجيكي من اجل الفوز بهذه الصفقة التي تقترب قيمتها الاجمالية من 5 مليار يورو.
 
من جانبه، أعرب الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون عن بالغ اسفه جراء القرار البلجيكي الذى وصفته بروكسل بأنه " خيار سيادي " ليؤكد على ان " القرار البلجيكي هذا لا يأتي في الصالح الأوروبي استراتيجياً ولا سيما انه كانت هناك عروض أوروبية عديدة امام الجانب البلجيكي بين الرافال الفرنسية والاوروفيتر الأوروبية وهى عروض جيدة كانت تمثل خيارات استراتيجية للجانبين البلجيكي والاوربى ".
 
تهدئة بلجيكية
 
يبدو ان بلجيكا تسعى نحو تهدئة الموقف الأوروبي لا سيما الفرنسي، اذ أعلنت عن قرارها بشأن شراء 442 سيارة مدرعة من فرنسا في نفس اليوم الذى أعلنت فيه عن حسم موقفها لصالح الجانب الأمريكي في تجديد اسطولها الجوي، لكن رغم مساعي التهدئة التي تقوم بها بلجيكا الا ان هذا الملف سيكون حاضرا وبقوة في مباحثات رئيس الوزراء البلجيكي والرئيس الفرنسي بـ " معهد ايجمو" التابع للخارجية البلجيكية، بالإضافة الى ذلك فمن المتوقع ابرام العديدة من الاتفاقيات الاقتصادية خلال هذه الزيارة، في اطار المساعي البلجيكية نحو تخفيف وطأة قرارها بشأن الخيار الأمريكي في تجديد اسطولها الجوي.
 
نحو تحسين الصورة
 
اذ كان البعد الاقتصادي سيكون حاضرا بقوة خلال هذه الزيارة، الا أن البعد الاجتماعي سيتمتع بمساحة جيدة للغاية خلال هذه الزيارة، خاصة فيما يتعلق بمنطقة " مولنبيك " بقلب بروكسل، وهى المنطقة التي يُنظر اليها باعتبارها "مصنع العقول المتطرفة بين شباب المهاجرين"، وفى هذا الصدد تسعى بلجيكا نحو التأكيد للجانب الفرنسي على مساعيها الحثيثة في هذا الملف بإعداد مأدبتي حوار هناك، تتعلق الأولى بتنمية الشركات في منطقة مولنبيك بحضور الملك فيليب وزوجته الملكة ماتيلدا والرئيس الفرنسي وزوجته بريجيت، فضلاً عن مائدة الحوار الثانية التى ستضم ستة جمعيات ذات نشاط اجتماعي واضح في المنطقة لاسيما فيما يتعلق بتعليم شباب المنطقة والمناطق المماثلة بعض الحرف الإيجابية والعمل على اندماجهم في قلب المجتمع بشكل إيجابي خاصة أن هذه المناطق يسيطر عليها المهاجرين.
 
أخيرا، يمكن أن نخلص إلى أن بلجيكا تسعى من خلال هذه الزيارة، نحو تحقيق مكاسب منها تبرير موقفها بشأن صفقة طائرات المقاتلات من طراز اف 35 وتأكيد مساعيها نحو محاربة الأفكار المتطرفة لدى فئة الشباب في المناطق العشوائية سيئة السمعة مثل منطقة " مولنبيك" التي خرج منها معظم شباب المهاجرين الذين ارتبطت أسماءهم بعمليات إرهابية داخل أوروبا وخارجها .
 
المستشار الإعلامي السابق ببروكسل.
    
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة