في مثل هذا اليوم| 1000 عائلة بريطانية جرت «ذيول الخيبة» بعيدا عن الإسماعيلية.. والسبب؟

الثلاثاء، 20 نوفمبر 2018 06:00 م
في مثل هذا اليوم| 1000 عائلة بريطانية جرت «ذيول الخيبة» بعيدا عن الإسماعيلية.. والسبب؟
منة خالد

قبل أكثر من نصف قرن، وتحديدًا في منتصف الأربعينيات، كانت مدينة الإسماعيلية تحت الحكم الإنجليزي الذي عربد في الشوارع والطرقات، وقسم المدينة إلى نصفين الأول هو «حي الإفرنج» عاش فيه الإنجليز وعدد من المهندسين الفرنسيين والقباطين بشركة قناة السويس، والجزء الثانى حي العرب والمعروف الآن بحي المحطة الجديدة أوالشهداء، أطلق عليه الاحتلال الانجليزي «عرايشية العبيد»، إذ أن سكّانه كانوا من أصحاب البشرة السمراء من الصعايدة.


بدأت في تلك الفترة ملامح ظهور حركات المقاومة الشعبية لُمناهضة الاحتلال، وظهرت كتائب التحرير والعمل الفدائي، وواصل الشباب الفدائيين عملياتهم ضد جنود الاحتلال وقتلهم، وفي مطلع عام 1950 بدأت عمليات تُحاك عمليات فدائية كبيرة في مقاومة الإنجليز، وتشكلت مجموعات للمقاومة المُنظمة في منطقة القنال بمساعدة احدى الضُباط المصريين وهم سامي حافظ وكمال رفعت وسعد عفرة وعرم لطفي، حيثُ قام الرباعي بالترتيب في مساعدة شباب المقاومة وشاركوا في خطف مورا هاوس، ومحاولة اغتيال الجنرال إكسهام قائد القوات البريطانية، في المنطقة بقنبلة وضعها أحدهم في «ساندوتش» وتفجير كوبرى سالا وخطف الجنود الإنجليز.

وفي عام 1951 تصاعد الصراع والعمليات الفدائية خاصةً بالقرب من القنال، بينما كانت مجموعة الضباط الأحرار تتهيأ لثورتها على الجيش المُستعمر داخل الجيش الوطني، لتبدأ مصر فترة الحكم المُستقل والتخلص من قبضة االحكم الاستعماري، وفي نجاح كبير حققته المقاومة الشعبية في الإسماعيلية في نفس العام وقبل قيام ثورة يوليو، تبادلت المقاومة إطلاق النيران أدى لمقتل خمسه جنود بريطانيين وعشرة جنود مصريين، وفي 20 نوفمبر من العام نفسه، غادرت أكثر من 1000 عائلة بريطانية الإسماعيلية بلا رجعة.

حادث التهجدير وقع قبل فترة قصيرة من حادث صباح الجمعة 25 يناير 1952، حيث عيد الشرطة المصرية، واندلعت معركة الشرطة الشهيرة بالإسماعيلية ضد قوات الإحتلال الإنجليزي، إذ استدعى القائد البريطانى بمنطقة القناة «البريجادير أكسهام» ضابط الاتصال المصرى، وسلمه إنذارًا بأن تسلم قوات الشرطة المصرية بالإسماعيلية أسلحتها للقوات البريطانية، وأمرهم بالخروج من دار المحافظة والثكنات، والرحيل عن منطقة القناة كلها، بل والانسحاب إلى القاهرة بدعوى أنها مركز اختفاء الفدائيين المصريين ضد قواته فى منطقة القنال.

رفضت المحافظة الإنذار البريطانى وأبلغته إلى وزير الداخلية فؤاد سراح الدين باشا الذى أقر موقفها، وطلب منها الصمود والمقاومة وعدم الاستسلام، فقد القائد البريطانى أعصابه، بعدها قامت قواته ودباباته وعرباته المُصفحة بمحاصرة قسم شرطة البستان بالإسماعيلية، بعد أن أرسل إنذارًا لمأمور قسم الشرطة يطلب فيه منه تسليم أسلحة جنوده وعساكره.

رفض ضباط وجنود الشرطة المصرية قبول هذا الإنذار ووجهت دباباتهم مدافعهم، وأطلق البريطانيون نيران قنابلهم بشكل مركز وبشع بدون توقف ولمدة زادت عن الساعة الكاملة، ولم تكن القوات المصرية مسلحة بشىء سوى البنادق العادية القديمة.

قبل غروب شمس، في ذلك اليوم حاصر سبعة آلاف جندى بريطانى مزودين بالأسلحة مبنى قسم الشرطة الصغير ومبنى المحافظة فى الإسماعيلية، وفي المقابل تواجههم دباباتهم السنتوريون الثقيلة وعرباتهم المصفحة ومدافع الميدان، بينما كان عدد الجنود المصريين ثمانين فى المحافظة، لا يحملون غير البنادق.

واستخدم البريطانيون كل ما معهم من الأسلحة فى قصف مبنى المحافظة، ومع ذلك قاوم الجنود المصريون واستمروا يقاومون ببسالة وشجاعة فائقة ودارت معركة غير متساوية القوة بين القوات البريطانية وقوات الشرطة المحاصرة فى القسم، ولم تتوقف هذه المجزرة حتى نفدت آخر طلقة معهم بعد ساعتين طويلتين من القتال، سقط منهم خلالهما 56 شهيدًا و80 جريحًا وهم جميع أفراد جنود وضباط قوة الشرطة التى كانت تتمركز فى مبنى القسم، وأصيب نحو سبعين آخرين.

بعد معركة طويلة أثبتت فيها الإسماعيلية مُقاومة لن ينساها التاريخ الفدائي في مصر، لم يستطِع الجنرال «إكسهام» أن يخفى إعجابه بشجاعة المصريين فقال للمقدم شريف العبد ضابط الاتصال‏:‏ «لقد قاتل رجال الشرطة المصريون بشرف واستسلموا بشرف، ولذا فإن من واجبنا احترامهم جميعًا ضباطًا وجنودًا».

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة