الاسم أردوغان والمهنة شارون.. قصة ديكتاتور تركيا وقناع السفاح

الأربعاء، 21 نوفمبر 2018 11:00 ص
الاسم أردوغان والمهنة شارون.. قصة ديكتاتور تركيا وقناع السفاح
شارون وإردوغان

ذات صباح استيقظ الرئيس التركي، وعندما نظر في المرآة شاهد ملامح شارون، نظر خلفه فلم يجد أحدا، تحسس وجهه ففعل شارون الشيء نفسه، ابتسم فظهرت أسنان رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، تحدث فانطلق صوت الزعيم الصهيوني يجلجل في المكان، وكلما قام بحركة، رأى شارون يفعل مثلها على صفحة المرآة.

إذا كان المشهد السابق من وحي الخيال، فإن التطابق الحرفي بين الرجلين في الأفكار والمواقف والجرائم حقيقة لا يتخللها الشك، فالحياة السياسية للسفاح الصهيوني تكاد تكون صورة كربونية للطاغية التركي، كل منهما فاسد، ودموي، ومخرب، ومحتل، وعنصري يعتقد أن أسلافه ينتمون لطبقة مختلفة عن البشر تتيح له وضع أقدامه فوق رؤوس الشعوب، وفق أسطورة لا توجد إلا داخل مخيلته المريضة فقط.




الفاسد
عندما قرر إردوغان أن يلعب شخصية شارون على المسرح التركي، لم يبتكر في النص الأصلي، فقد استعان بنظائر الشخصيات الثانوية لتظهر نسخة أنقرة بنفس جودة الأصل في تل أبيب، ففي فصل الفساد أسند إردوغان لابنه بلال دور عيمري شارون، حيث وجهت النيابة العامة في إسرائيل لشارون الابن تهما تتعلق بتمويل "شركات وهمية" الحملات الانتخابية لوالده تلقى من خلالها أموالا من منظمات في إسرائيل وخارجها بلغت 6 ملايين شيكل، ما يعادل 1.5 مليون دولار.


بينما المساحة الواسعة التي يتحرك فيها بلال داخل تركيا - مقارنة بإسرائيل - والأدوات الجديدة في الزمن الحالي مكنته من التفوق على نجل شارون الذي حصل على بضعة ملايين من الدولارات باستغلال نفوذ والده، في حين أن بلال وصل بالمبلغ إلى مليارات وهو يصول ويجول داخل البلاد وخارجها من خلال شركاته المحصنة بسلطات أبيه، وصفقات الأسلحة مع داعش.

 




الدموي
رفض رجب إردوغان أن يحتكر شارون المقدمة في سفك الدماء العربية والإسلامية وينال بمفرده لقب السفاح الأشرس في التاريخ المعاصر، قدم الرئيس التركي عروضا دموية على المستوى المحلي والدولي رفعت أسهمه الإجرامية ليصبح الأول "مكرر" في ألعاب القتل داخل المنطقة. 

50 عاما احتاجها آرئيل ليصنع أسطورته في عالم التوحش، بداية من مذبحة قبية 1953 التي نسف فيها بيوت القرية بمن فيها، إلى إعدام الأسرى المصريين عام 1967، مرورا باجتياح بيروت ومجزرة صبرا وشاتيلا 1982 التي راح ضحيتها 3500 فلسطيني، وانتهاء بقصف المدنيين في جنين وعملية السوار الواقي التي أدت إلى إراقة دماء العشرات واعتقال المئات في 2002.

إلا أن رجب اختصر الزمن في سنوات قليلة وحقق نتائج مبهرة خاصة في أرقام الضحايا التي تتضاعف كل فترة ووصلت في سورية وحدها التي يشارك بفاعلية في عمليات القصف فيها إلى مليوني قتيل، إضافة إلى تهجير عشرات الملايين، الأمر الذي يهدد بتراجع شارون خطوة إلى الخلف ليصبح الوصيف، ويفسح لإردوغان الطريق ليحصل على الرقم 1 منفردا، خاصة وهو يواصل عمليات الإبادة ضد الأكراد سواء داخل حدود بلاده أو في كردستان العراق وعفرين السورية، التي لم تسلم فيها حتى المستشفيات من عمليات القصف التركي.

أما حدود بلاده فقد تحولت إلى سلخانات بشرية، بعد تدفق اللاجئين عليها واستغلالهم في تجارة الأعضاء، بينما كان الغرق على الشواطئ في انتظار كل من تسول له أحلامه النجاة من المستنقع التركي، حيث تحملهم القوارب (بعد أن يدفعوا كل ما لديهم) إلى ملاك الموت ليلفظوا أنفاسهم الأخيرة في الماء ويصبحوا طعاما للأسماك في قاع المتوسط. 

المخرب
إذا كان شارون قد حظي بجنازة ومراسم دفن عسكريتين باعتباره المخرب الأعظم لبيوت الفلسطينيين والمجرّف لمزارع الزيتون في الأرض المحتلة، فلا يرجح المحللون أن يتعامل الأتراك مع إردوغان بالطريقة نفسها، فالرئيس الذي من المفترض أن يدافع عن حقوق المواطنين في بلاده، فتح أفواه البنادق والسجون لتلتهم المعارضين، وألقى بعشرات الآلاف من الأتراك في الشارع بعد أن طردهم من وظائفهم بحجة الانتماء لجماعة إرهابية، وهو ما يعني ببساطة أنه عدو لبلاده قبل أن يكون حاملا للواء الدمار في سورية، التي تحولت بفضل قيادته للجماعات الإرهابية إلى حطام وأطلال ترتع فيها الكلاب والثعابين، بعد أن هجرها ما تبقى من أهلها إلى المجهول.




المحتل
لا تختلف العقيدة التوسعية لدى الرجلين، آمن شارون بأن إسرائيل دولة حديدية قادرة على التمدد من النيل إلى الفرات، واستعار إردوغان من أجداده لغة المذابح من أجل وهم استعادة حدود الإمبراطورية العثمانية التي أدارت عمليات السلب والنهب في البلاد التي احتلتها.

لم تكن الأراضي الفلسطينية فقط هي التي سعى شارون إلى التهامها، ولكنه واصل عمليات الزحف إلى سيناء المصرية، ووضع يده على الجولان، واقتطع مساحات من لبنان، وفي المقابل لم يكتف إردوغان بشمال قبرص، دخل حربا مفتوحة في سورية والعراق للسيطرة على ثروات البلدين، وأدار من قصره الأبيض غزواته الإعلامية على مصر من أنقرة.




العنصري
إذا كان شارون سار في درب العنصرية تحت شعار "شعب الله المختار" فإن إردوغان يمضي على الدرب نفسه متفاخرا بعرقه التركي الذي تجري فيه دماء نقية وفق تصوراته الخاطئة، بنى شارون جدارا عازلا بين إسرائيل والفلسطينيين، وأقام رجب 3 جدران بين تركيا وجيرانها على حدود سورية والعراق وإيران.

بالقليل من البحث، تستطيع العثور على العديد من نقاط التشابه بين شارون وإردوغان، في حين يبدو وجود اختلاف واحد بين الذئبين البشريين أمرا في غاية الصعوبة.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق