سر «الأباحة» فوق الهرم

السبت، 08 ديسمبر 2018 09:47 ص
سر «الأباحة» فوق الهرم
أيمن عبد التواب يكتب:

بعيدًا عن صحة الفيلم الإباحي فوق الهرم الأكبر من عدمه، وبعيدًا عن نفي وزارة الآثار للواقعة والتحقيق فيها، هناك ملاحظات عدة ينبغي التوقف أمامها، والتعاطي معها بكل جدية وحزم وحسم؛ لأن التهاون بشأنها سيعيدنا خطوات إلى الخلف، وربما لا تقوم لنا قائمة بعدها.
 
الواقعة- صحت أو لم تصح- ليست الأولى من نوعها.. فهناك وقائع مشابهة لها حدثت في نفس المنطقة، وفي أحد فنادق شارع الهرم، وفي وسيلة مواصلات، وإن كانت بدرجة أقل فجورًا.. لكنها تركت آثارًا سلبية، بل كارثية، وكلنا ندفع ثمن حماقة شخص أو أشخاص ارتضوا الحصول على بضع دولارات، مقابل السماح بارتكاب هذه الجرائم.
 
الاعتراف بالمرض أول مراحل العلاج، والإصرار على الإنكار لن يقودنا إلى شيء، بل ربما يعجل بالوفاة.. نعم لدينا خلل في المنظومة الأمنية.. لدينا خلل في المنظومة الاجتماعية.. لدينا خلل في المنظومة الدينية.. لدينا خلل في المنظومة الثقافية.. هناك ثغرات يجب أن تُسد.. هناك أفراد أمن مرتشون.. هناك أشخاص لا يدركون قيمة ما يؤتمنون عليه.. هناك عمال ورجال سياحة على استعداد لبيع مصر مقابل دولار أو يورو واحد.. صحيح هم شواذ القاعدة، لكن الضرر الذي يسببونه من الصعب علاجه، فسيئاتهم لا تخصهم وحدهم، بل تعم على جميع المصريين أصحاب السبعة آلاف سنة حضارة.. فإن كان الأمن لا يعرف فتلك مصيبة، وإن كان يعلم و«يطنش» فالمصيبة أعظم..
 
مَنْ لا يصدق وقائع الرشوة لتسهيل أي شيء في منطقة الأهرامات عليه أن يجرب بنفسه، أو يسأل أصحابه الأجانب، وسوف يسمع ما يشيب له الولدان.. كل شيء متاح ومباح.. ادفع تجد ما يسرك.. كل ما تدفع أكثر تكون التسهيلات أكبر.. ممكن تعمل فوتوسيشن.. ممكن تدخل الهرم في غير الأوقات الرسمية.. ممكن تقضي الليل داخل الهرم الأكبر، وفي أحضان خوفو، ودون أن يقترب منك أحد.. 
 
حالة التسيب والإهمال لا تقتصر على منطقة الأهرامات. بعض الأصدقاء المصريين والعرب التقطوا صورًا لهم وهم في أوضاع لا تليق بالمعابد الأثرية  في الأقصر وأسوان.. وبعضهم التقطوا صورًا لهم وهم يعتلون البنايات التاريخية في قاهرة المعز، وفي بعض الغرف الأثرية المغلقة، وغيرها من الأماكن غير المسموح بدخولها، والخاضعة للحراسة.. كل ما فعله هؤلاء أنهم دفعوا بعض الجنيهات أو العملة الأجنبية لبعض الفاسدين، ودخلوا يفعلون ما يشاءون وفي حراسة الأمن!
 
لدينا نحو ستة ملايين موظف في الحكومة، وما من مؤسسة أو هيئة، أو مصلحة حكومية إلا وتسمع عن فساد الموظفين فيها.. وسائل الإعلام تطالعنا بأخبار القبض على وزير، أو محافظ، أو قاضٍ، أو رئيس حي، أو موظف كبير، أو أستاذ جامعة، أو ضابط، أو أمين شرطة متلبسين بتقاضي رشوة، أو استغلال النفوذ.. نعم لا صوت يعلو- الآن-فوق صوت «الرشوة».. الموظّف العام يتاجر بأعمال الوظيفة المختص بها؛ لتحقيق مصلحة خاصة؛ على حساب المصلحة العامة.. الكل يريد أن ينهب ما ليس من حقه، إلا ما رحم ربي..
 
الرشوة من الكبائر، والراشي والمرتشي ملعونان من الله.. كما أنها مجرمة في القانون المصري.. لكن يبدو أن العقوبة لا تتناسب مع فداحة الجرم المرتكب، فتمادى الضعفاء والفاسدين في الرشوة، وجرجروا وراءهم شرفاء ظلوا يجاهدون وقتًا طويلاً من أجل الحلال، حتى جرفهم تيار الحرام.. فهل نلحق قطار الأمل ونعدل مساره، أم سنتركه يصطدم بنا في جدار الفساد؟

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة