الفرنسي هنري ليفي عراب الثورات العربية.. التاريخ لا يرحم

الأربعاء، 12 ديسمبر 2018 02:05 م
الفرنسي هنري ليفي عراب الثورات العربية.. التاريخ لا يرحم

صُدم كثيرون من ذلك الحديث الواضح والصريح للرئيس الفرنسي إمانويل ماكرون ردا على مظاهرات السترات الصفراء "عندما ينطلق العنف تتوقف الحرية"، يبدو أن أحدهم كان يشك في أن مسألة الحريات هذه ما هي إلا وسيلة لتمرير ما يمكن تمريره من سياسات وتنفيذ أجندات في دول الشرق الأوسط.
الأمر لا يتعلق بالمزايدة أكثر من كشف الحقائق، فقد علمنا التاريخ أن من يراهن عليه لا يعرف طعم الخسارة، التاريخ لا يكذب ولا يتجمل، وكما يقولون فالأيام دول، عندما تلوح أوروبا بحقوق الإنسان فالأمر لا يبشر بخير.
 
المكان: ميدان التحرير
الزمن: الـ10 مساء من إحدى ليالي يناير ما قبل التنحي

طقس يميل للبرودة يزيد الأجواء غموضا على غموضها، الوشوش متشابهة ومنهكة، إلا وجه ظهر للمرة الأولى بدت عليه الملامح الأوروبية بقوة، شعر أبيض كثيف وملابس مهندمة، تبدو عليه علامات زوار "التيك أوي" لميدان التحرير، يشق الصفوف، يبدو أنه معروف بشدة إلى بعضهم ممن التفوا حوله، حديث الرجل ببعض الكلمات العربية يبدو مألوفا، يعرف جيدا من أين تؤكل الكتف في السياسة، العبارات شديدة التركيز والإيجاز، كمن يضع الخطوط العريضة لمن حوله، نبرة الصوت تعلو مع كلمات من قبيل "الثورة، الحرية، الديموقراطية، نظام قمعي" وهكذا، تأثير الرجل بدا واضحا على الشباب حوله.
 
الاسم كان مألوفا لي، فماذا يفعل الفرنسي بيرنارد هنري ليفي الشهير بعراب الخراب، في ميدان التحرير وقت تحركات يناير، غير ما ارتبط به اسمه ثلاثين عاما في الأحداث العاصفة بالعالم، فظهوره دائما ارتبط ببساطة بالخراب واستغلال الأحداث الدولية، من كوسوفو، إلى رواندا مرورا بالبوسنة، وأفغانستان، والجزائر ثم باكستان.
 
المشهد بدأ في تونس قبل تكراره في مصر وليبيا وسوريا بحذافيره، ليفي المعروف بمواقفه شديدة العداء للعرب والمسلمين، يقود الثورات العربية باسم الحرية ويرفع شعار تخلصوا من الأنظمة القمعية واحموا أي تحرك ثوري!!، إلا للذين يطأطئون رؤوسهم أمام السيد الأبيض ويفرغون أنفسهم من ثقافتهم ويفضلون ارتداء الأقنعة.
 
في مشاهد أخرى استمات ليفي طوال تاريخه دفاعا عن إسرائيل، وهو أول من دخل إلى جنين محمولا على ظهر دبابة صهيونية ليبدي إعجابه بتفوق الجيش الإسرائيلي في التطهير العرقي والإبادة الجماعية، لعب دورا فعالا بحملات تبييض سمعة إسرائيل. يقدم النصائح وينسق المهرجانات الخطابية ويدلي بالتصاريح وينشر المقالات البروباجندية المفذلكة.
 
هذا هو الرجل الذي تبنى خراب سوريا تحت شعار التحرير، وظهر إلى جانب المسلحين في بنغازي بعبارته الشهيرة "كان يمكننا أن نتصور أن شعلة الحرية انطفأت الى الأبد في ليبيا"، ثم ما لبث أن ظهره وجهه القبيح في تعليقه على شعارات ضد إسرائيل وضد اليهود سجلت خلال التظاهرات، "إنه إرث القذافي. كما في مصر، آمل أن يزول ذلك مع إحلال الديموقراطية".
 
المكان: جادة الشنزليزيه
الزمن: باريس في إحدى ليالي تظاهرات السترات الصفراء

لم أنتظر كثيرا حتى ظهر ليفي في فرنسا، فوجوده متوقعا لا محالة، لكن غير المتوقع موقفه من ثورة السترات الصفراء، يالا سخرية القدر المشهد يتكرر من جديد في فرنسا، الرجل الداعم للثورات فتح نيرانه على حركة السترات الصفراء، وأكد ضرورة مساندة الرئاسة الفرنسية في هذه المعركة.
 
بيرنارد الذي احتل مكانة عراب الثورات العربية، وساند وشارك وروج للتحرك الجماهيري في العالم العربي، انطلاقا من الثورة في تونس، ثم حضوره الفعال في ميدان التحرير، ومرافقته للمسلحين في ليبيا، والترويج للتحرك الجماهيري في اليمن والبحرين، وساند الاستفتاء الذي أجرته كردستان في العراق، ها هو اليوم يقف ضد التحرك الجماهيري عندما تعلق الأمر ببلاده فرنسا، الذي وصف المظاهرات بأنها مدبرة من قبل اليمين واليسار، وصف حركة السترات الصفراء بالنازية، أطلق هاشتج لماسندة الرئيس ماكرون وطالب الفرنسيين بالانضمام إليه.
 
أصبح تحرك الفرنسيين في الشوارع الآن عنفا، وصار خروجا عن الدولة وقوانينها، والثوار نازيون... أهلا بكم في جمهورية ليفي

الخاتمة:
"عندما ينطلق العنف تتوقف الحرية"

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق