نهب الأموال باسم الدين.. ماذا قال مؤشر الفتوى العالمي عن فتوى داعش بشأن البتكوين؟

الجمعة، 14 ديسمبر 2018 04:00 م
نهب الأموال باسم الدين.. ماذا قال مؤشر الفتوى العالمي عن فتوى داعش بشأن البتكوين؟
داعش - أرشيفية

 

تستخدم داعش  مصطلحات دينية باستمرار من أجل هدم وتخريب اقتصاد الدول من ناحية ومن ناحية أخرى حث أعضائها على إنفاق أموالهم لخدمة التنظيم تحت مسمى الزكاة والتبرع ،واستخدام ألفاظ مغلوطة مثل الغنائم لجمع المزيد من الأموال والقتل والسرقة والنهب باسم الدين.. هذا ما أكده عدد من الخبراء والسياسيين لافتين إلى أن البيان الذى أصدره مؤشر الفتوى العالمى التابع لدار الإفتاء، متطابق تماما مع الواقع.

 جاء ذلك بالتامن مع كشف "المؤشر العالمى للفتوى" (GFI) التابع لدار الإفتاء المصرية، أن الفتاوى الاقتصادية تمثل (8%) من جملة الفتاوى داخل التنظيمات الإرهابية ، موضحا أن الفتاوى الاقتصادية تمثل (10%) من إجمالى فتاوى تنظيم "داعش" الإرهابي، وتجيز هذه الفتاوى تمويل التنظيم، والعمليات المشبوهة من سرقة واحتيال وتجارة الأعضاء والرقيق وما شابه، على سبيل المثال فتوى "إجازة أخذ أعضاء مَن أُسر حيًّا لإنقاذ حياة مسلم، حتى وإن كان ذلك معناه موت الأسير" ، هذا فضلًا عن مغالطته فى استخدام لفظ "الغنائم" بإطلاقها على الأموال والمعدات التى يسرقها، فقد تمكن بسبب سرقاته للآثار وتجارته للسلاح والأعضاء من أن يصبح أغنى تنظيم إرهابى فى العالم.

 

يقول الدكتور طارق فهمى أستاذ العلوم السياسية، أن جماعة داعش وغيرها من التنظيمات الإرهابية تستخدم مصطلحات ومرادفات بشكل مستمر بهدف نشر أكبر قدر من الشائعات حول الأخبار الاقتصادية والمالية من أجل عطاء صبغة دينية عليها طول الوقت لإقناع أفرادها بما تهدف إليه، وتستخدم مصطلحات دينية باستمرار مثل الزكاة والصدقة والغنائم وغيرها.

تابع فهمى أنه كلما استقر الوضع الاقتصادى للدول تلجأ داعش لاستخدام مثل هذه المصطلحات وتتالى ردود الفعل من المواقع للرد على حديث مسئوليها بتصريحات ومترادفات اقتصادية وتشكك فيها وتصبغها بصبغة إسلامية للحصول على مكاسب فمثلا تتحدث عن الحصول على المغانم وجمع الثروات وتوزيع التركات وفى النهاية فإن الهدف الحقيقى سياسى لتوظيف هذه المواقف إلى خدمتها وليس خدمة الدين مطلقا.

فيما قال عبد الكريم زكريا عضو لجنة الشئون الدينية بمجلس النواب، أن الجماعات الإرهابية بدأت فى جمع التبرعات من الزكاة والصدقة لإنفاقها فى أغراض خاصة فالجماعات الدينية تعمل على تسييس الدين من أجل خدمة مصالحها ، والجماعات تتحدث عما يتراءى لمصلحتهم الشخصية من خلال الدين ويتم تأويل النصوص الشرعية التى لا يمكن تأويلها من اجل تحفيز أعضائها على هدم الدين الإسلامي.

 

تابع  زكريا، أن داعش قضيتها محسومة فالكل يحذر منها والرئيس عبد الفتاح السيسى يحذر على مدار السنوات الماضية من داعش والتنظيمات الإرهابية، كما أن دار الإفتاء واجهت هذه الفتاوى الكاذبة التى تستخدمها الجماعات التنظيمية فى إزهاق أرواح أبرياء من أجل جمع الأموال على غير وجه حق.

وأوضح عضو اللجنة الدينية بمجلس النواب، أن الفتاوى لا يمكن أن تصدر من أى شخص ولا يوجد فى داعش من هو أهل للفتوى وكل أحاديثهم تمثل ضلال فى ضلال ولا يمكن الاعتداد بأى فتوى تخرج من مثل هذه العناصر فالدين صالح لكل زمان ومكان سواء القرآن أو السنة أما ما يتحدث به أعضاء التنظيم داخل داعش لا علاقة له بالدين الإسلامى من قريب أو بعيد.

من جانبه قال سامح عبد الحميد الداعية الإسلامى، أنه لا يجوز التبرع لداعش بأى حال من الأحوال أو مساعدتها فداعش خوارج على الدين وتستخدم العملات فى تخريب الإسلام فهى ليست جماعة دينية على نهج الرسول والتابعين فهم خوارج يقتلون المسلمين ويشوهون صورة الإسلام ولا يجوز التعامل معها بأى حال من الأحوال.

أضاف عبد الحميد أن داعش جماعة ضالة مضلة تشوه صورة الإسلام ولم نر منها خيرا على الإطلاق فهى خربت سوريا والعراق وليس لها أى إنجازات بل تقتل الجنود والأبرياء فلا يجوز التعاون معها بالمال أو السلاح أو النفس مطلقا.

 

ولفت  الداعية الإسلامى إلى أن  يستحلوا دماء المسلمين وأعراضهم وأموالهم وكل شيء فهم يخربون بلاد الإسلام ويدعون إلى قتل المسلمين والحصول على الغنائم الخاصة بهم لأن المسلمين فى نظر الجماعات الدينية الإرهابية وعلى رأسها داعش يمثلون الكفار.

وكان المؤشر العالمى للفتوى التابع لدار الإفتاء المصرية أكد أن تنظيم داعش أفتى تنظيم بجواز التعامل بالعملات الرقمية وأبرزها "البتكوين" لتسيير عملياته الإرهابية وضمان مزيدٍ من الأموال والبحث عن مصادر جديدة للتمويل ، ولم تقتصر مساهمة الفتوى على نهب الدول وثرواتها بل عمد التنظيم إلى نهب أتباعه من خلال توظيف بعض المصطلحات والألفاظ داخل الفتاوى يستطيع من خلالها التأثير عليهم لجلب الأموال، مثل: "الصدقة" و"التبرع" و"الزهد" و"الإيثار"، وهى المصطلحات التى احتلت (80%) من جملة الألفاظ التى يستغلها التنظيم داخل فتاواه، حيث تتبع المؤشر سلسلة "أخى المجاهد" التى جاء فيها: "أخى المجاهد، السخاء هو العطاء عن طيب نفس بدون أن تستكثر النفس ذلك العطاء".

وأشارت دار الإفتاء إلى أن داعش يلجأ للمزيد من المغالطات ودغدغة مشاعر مريديه من أجل استخدام أحكامه الشرعية؛ فنجده يستخدم حكم "الجواز" فى فتاويه بنسبة تتعدى الــ(70%) فيما يتعلق بالعملات الرقمية والاستيلاء على الأموال وتدمير المنشآت والمؤسسات تحت تبرير "الجهاد"، فيما يستخدم أحكام "الوجوب" و"الاستحباب" بنسبة (85%) عندما يوجه الخطاب لأتباعه بوجوب التضحية، واستحباب إنفاق الأموال لخدمة التنظيم ،وأما عن الفتاوى الاقتصادية لتنظيم القاعدة، فقد كشف المؤشر أن نسبتها بلغت (5%) من إجمالى فتاواه، وكان هدفها هدم الاقتصاد العالمي، حيث وردت فتوى فى العدد الثانى والعشرين بنشرة "النفير": "أن دمار الكفر العالمى هو فى استهداف وتدمير مكونات هذا الاقتصاد باستهداف ثقة المستهلك الغربى التى تتأثر سلبًا وإيجابًا بمدى شعوره بالأمن من عدمه، ومنذ الغزوات المباركات واقتصاد الكفر العالمى لا يكاد يخرج من أزمة حتى يدخل فى أخرى، وكل مساعيه فى إعادة تأهيل اقتصاده وإخراجه من تبعات الغزوات باءت -ولله الحمد- بالفشل الذريع".

وأورد المؤشر الذى تقوم عليه وحدة الدراسات الاستراتيجية بدار الإفتاء أن أبرز الأحكام الشرعية فى فتاوى تنظيم القاعدة الاقتصادية: حكم "التكفير" الذى جاء بنسبة (95%) كلما تعلق الأمر باقتصادات الدول والحكومات على مستوى العالم، فيما استخدم حكم "الوجوب" بنفس النسبة تقريبًا كلما أشار إلى ضرورة تدمير المنشآت ليحقق الهدف النهائى المتعلق بإضعاف الدول وإسقاطها لتسنح الفرصة للتنظيم الإرهابى للاستيلاء عليها وبسط نفوذه، كما أقر بذلك منظر التنظيم أبو قتادة الفلسطينى حيث قال: "ضعف الحكومات القائمة يعطى الفرصة للمجاهدين للتحرك لتحقيق هدف إقامة الشريعة".

أما على مستوى الجماعات التى تؤسس للفكر الإرهابى دون استخدام العنف؛ فقد تتبع المؤشر نشاط "حزب التحرير" حيث شكلت فتاواه الاقتصادية حوالى (25%) من جملة فتاوى التنظيم ، وبيَّن المؤشر أن هذا النوع من الفتاوى يعد جزءًا من هدف عام أعلنه الحزب وهو إقامة "خلافة إسلامية" تطبق "الشريعة الإسلامية" بعد القضاء على الحكومات والدول القائمة، وبالتالى فهدف الفتوى الاقتصادية للحزب تمثَّل فى هدم وتكفير الاقتصاديات المحلية للدول، والدعوة لإسقاطها وعدم التعامل معها، معتمدًا على أحكام "التحريم" بنسبة (70%).

ومن بين ما حرَّمه حزب التحرير عملة "البتكوين"، وفقًا لفتوى أميره "عطاء بن خليل أبو الرشتة" المتضمنة: "البيتكوين ليست عملة، وليست نقدًا من ناحية شرعية، كما أنه يتبين تحريم بيع الغرر أو المجهول، فلا يجوز بيعها ولا شراؤها"، كما حرم ما وصفه بــ"الاحتكار"، و"الضمان"، و"التأمين"، و"المضاربة".

ووفقًا لما رصده مؤشر الفتوى العالمي؛ فقد اعتمد الحزب بنسبة (100%) على توجيه النقد للحكومات القائمة واقتصاداتها فى إطار التحليلات التى يصدرها أمير الحزب، وقد كان أبرزها تعقيبه على أوضاع الاستثمار فى السودان بقوله: "ليس من أهداف الشركات الرأسمالية الاستعمارية حل مشكلة البطالة، أو تشغيل العمالة المحلية، الحل الجذرى لمشاكل الاقتصاد هو بإقامة دولة على أساس الإسلام".

كما أكد مؤشر الفتوى أن العملات المشفرة كانت عاملًا مهمًّا فى تمويل العمليات الإرهابية حول العالم، حيث إنها استغلت فى أعمال النصب والابتزاز والاحتيال لتوفير التمويل اللازم لهذه الجرائم الإرهابية؛ حيث أثبتت الدراسات مؤخرًا ارتباط تلك العملات الافتراضية بالعمليات الإرهابية خلال عام 2017 ،ولفت المؤشر إلى أن عدد الهجمات الإرهابية فى جميع أنحاء العالم خلال 2017 بلغ ما يقرب من 11 ألف هجوم، أسفرت عن وفاة أكثـر من 26 ألف شخص.

وفى نهاية تقريره أوصى المؤشر العالمى للفتوى بضرورة الاستعانة بالخبراء وأهل الاختصاص عند إصدار أى فتوى تتعلق بالقضايا المستجدة على الساحة الاقتصادية، مثلما يتعلق بالعملات الرقمية، وهو ما قامت به دار الإفتاء المصرية بعد البحث لنحو 90 ساعة مع المتخصصين والخبراء، للخروج بفتوى تحريم البيتكوين ، كذلك أوصى المؤشر بتتبع الفتاوى الاقتصادية المغلوطة الصادرة عن التنظيمات الإرهابية للرد عليها، وبيان أوجه العوار بها؛ لمواجهة محاولات التلاعب الفكرى الذى قد يتعرض له العامة جراء نشر أفكار التنظيمات الإرهابية المشوهة، كما أن دحض هذه الفتاوى الاقتصادية من شأنه أن يجفف منابع تمويل الجماعات الإرهابية.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق