أئمة التشدد على منابر مساجدها.. هل ستتحول إندونيسيا إلى منصة إخوانية جديدة؟

الإثنين، 17 ديسمبر 2018 11:00 ص
أئمة التشدد على منابر مساجدها.. هل ستتحول إندونيسيا إلى منصة إخوانية جديدة؟
منة خالد

 

تتحول اندونيسيا إلى منصة إخوانية حديثة، ووصلت التيارات الإسلامية في المنطقة إلى مرحلة متقدمة في مشروع التمكين، الذي كشفته سيطرة الأئمة المتشددين على المساجد في بقاع إندونيسيا، وبين النفوذ السياسي الخفي. 

وتوصّلت وكالة الاستخبارات الإندونيسية في تقرير جديد لها، إلى أن العشرات من المساجد الإندونيسية تنشر التطرف وتدعو إلى العنف ضد غير المسلمين.

تزامن هذا مع إعلان الرئيس الإندونيسي ترشيحه لمعروف أمين رئيس مجلس علماء إندونيسيا، أكبر منظمة إسلامية في البلاد في حركة سياسية يغازل فيها الاسلاميين ويراهن على شعبيتهم، لتقدم صورة دقيقة عن الوضع السياسي في إندونيسيا، وما يشوبه من سيطرة للإسلاميين على كل مفاصل البلاد، وما يعنيه ذلك من مآلات خطيرة على المستقبل.

تحقيق وكالة الاستخبارات الإندونيسية الذي صدر الاثنين الماضي، أكد أن العشرات من المساجد الإندونيسية التي يقصدها الموظفون في الحكومة تنشر التطرف وتدعو إلى العنف ضد غير المسلمين. وأن غالبية الناس الذين يقصدون هذه المساجد هم من العاملين في الحكومة ، وهو ما يُشكل خطر كبير على من يُديرون البلاد.

الصلة بين سيطرة أئمة التشدد على مساجد البلاد، وبين النفوذ السياسي الخفي الذي ترتب عن تلك السيطرة، وتضافر ذلك مع الدعم المجتمعي الذي يجده هؤلاء، تحيل إلى أن التيارات الإسلامية في إندونيسيا وصلت إلى مرحلة متقدمة في مشروع التمكين.


لحظات فاصلة في سيطرة التيارات الاسلامية على اندونيسيا

يمكننا القول أن الانتخابات التي عُقدت بين  باسكوكي تاجاهاجا بورناما المسيحي الحاكم السابق لمدينة جاكرتا، أمام خصمه وزير التربية الأسبق المسلم أنيس باسويدان، حيُ هُزم الوزير المسلم في الانتخابات التي شهدتها إندونيسيا في شهر أبريل من العام 2017.. تُعد لحظة فاصلة في مسار سيطرة التيارات الإسلامية على إندونيسيا.

 سبقت هذه اللحظة توترات سياسية متداخلة على خلفية اتهام بورناما بالتجديف "وشتم القرآن" في شهر نوفمبر 2016، وتخللتها أحداث شحن ديني كبير أمنته التيارات الإسلامية، كانت دليلا على أن التيارات الإسلامية تمتلك سطوة اجتماعية وإعلامية ودينية كبيرة، وأن مستقبل البلاد ووضعها السياسي يمكن أن يرسما وفق ذلك المناخ غير السوي.

التمكين الإخواني في إندونيسيا -طالما أن في إندونيسيا تيارات إسلامية كثيرة تدين بالولاء عقائديا على الأقل لجماعة الإخوان المسلمين- احتاج فترة طويلة لكي يتحقق ولكي يتحول إلى سمة أساسية في المشهد الإندونيسي الراهن، ولهذا التمكين أبعاد واضحة يمكن الاستناد إليها للتدليل على مستوى سطوة الإسلاميين وسيطرتهم على البلاد.


صبغة مساجد اندونيسيا بالتطرف الديني قائمة على بُعدين
 

هناك بُعدين ترتكز عليهما إطباق التيارات الاسلامية على اندونيسيا .. البعد الأول سياسي، بعد قيام الحملة الانتخابية في إندونيسيا، وهي الأطول في العالم، التي انطلقت أواخر شهر سبتمبر الماضي لتنتهي يوم الانتخابات المزمع تنظيمها في شهر أبريل من العام المُقبل، . حملة انتخابية وُسمت بإعلان الرئيس الإندونيسي الحالي، جوكو ويدودو، اختياره رئيس مجلس علماء إندونيسيا، معروف أمين في منصب نائب الرئيس، وهو إعلان تقصد الرئيس من خلاله مغازلة التيارات والأوساط الإسلامية، وباعتبار أهمية معروف أمين وسيطرته على العديد من الجمعيات والمنظمات الإسلامية، وهو أيضا خطوة مثلت منطلقا لتساؤلات كبيرة حول السياسات الإندونيسية على مستوى إيمانها بالتعدد وحقوق الأقليات، علما وأن معروف أمين نفسه، رئيس مجلس علماء إندونيسيا، عُرف بآرائه المتطرفة تجاه الأقليات والأديان وكان له أيضا دور فاعل في سجن بروناما في العام 2017، بعد أن وجه له تهمة الإساءة للإسلام .

هناك علاقة واضحة بين هزيمة بروناما، المسيحي الذي اعتبره العالم رمزا للتعدد الإندونيسي، وصعود نجم معروف أمين، فرس الرهان السياسي الجديد في الاستحقاقات السياسية القادمة، وهي علاقة تؤشر على استدارة إندونيسية صوب المزيد من التشدد.

البعد الثاني "ديني"، يمكن التقاطه واستشفافه مما ورد في تقرير وكالة الاستخبارات الإندونيسية الذي كشف أن 17 من رجال الدين أعربوا عن دعمهم أو تعاطفهم مع تنظيم الدولة الإسلامية..  وشجعوا على القتال في صفوف الجماعة الجهادية في سوريا ومراوي، المدينة الفيليبينية التي اجتاحها مقاتلو التنظيم الأجانب العام الماضي. بخلاف أعمال التنظيم الجهادي الذي تبنى المسؤولية عن اعتداءات سورابايا في مايو الماضي، وحض هؤلاء على نشر الكراهية أو تشويه أديان الأقليات في إندونيسيا من مسيحيين وبوذيين وهندوس.  

هناك مؤشرات واضحة تكشف صعود الأفكار المتطرفة بين المواطنين في اندونيسيا، من رفض للآخر وإشاعة للكراهية وصولا إلى تنفيذ عمليات إرهابية مثل العمليات الانتحارية في سورابايا في مايو الماضي، كل هذا ينطلق من نفوذ إسلامي استشرى مؤخرًا في المساجد والجامعات وعبر أئمة متطرفين لا يرون ضيرا في تمجيد الدولة الإسلامية أو إعلان تعاطفهم معها أو حتى الدعوة إلى الانضمام إلى خلاياها

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة