ملامح قانون «عقوق الوالدين» المقدم لمجلس النواب.. وصاحبهما في الدنيا معروفا وإلا

الجمعة، 21 ديسمبر 2018 10:00 م
ملامح قانون «عقوق الوالدين» المقدم لمجلس النواب.. وصاحبهما في الدنيا معروفا وإلا
مجلس النواب
علاء رضوان

«كنت في مكتبي، إذا بامرأة تجاوزت الستين سنة تطلب مقابلتي، وتطلب مني أن ارفع دعوي على ابنها الذي طردها من بيته وأهانها، وبعد طردها لم يصبح لها مأوى أو سكن».. بهذه الكلمات بدأ الخبير القانونى والمحامى، صالح حسب الله، حديثه لـ«صوت الأمة» لسرد تفاصيل تقديمه أول مقترح بمشروع قانون لضمان «حقوق الوالدين» لمجلس النواب.

حكاية مشروع القانون

يُضيف «حسب الله»: «الحقيقة أنه لا يوجد في القانون نص عقاب لفعل هذا الابن العاق، وحاولت التواصل مع هذا الابن العاق كثيرَا، وبعد عناء تم لقاء هذا الابن العاق، وقلت له إن كنت يهوديَا فإنه من الوصايا التي تحملها "التوراة" ضمن الوصايا العشر عن الأم: "أكرم أباك و أمك لكي تطول أيامك على الأرض" وهى الوصية الرابعة التي تدعو لإكرام الوالدين، وقد وعد الله من يكرم أباه و أمه بطول الأيام التي يعطيها له الله على الأرض. ووصية أخرى في سفر اللاويين: كل إنسان سب أباه أو أمه فإنه يقتل، قد سب أباه أو أمه، دمه عليه». 

 

images

ويستطرد :«إذا كنت من النصارى فقد ورد  في الإنجيل آية تقول: أيها الأولاد أطيعوا والديكم في الرب لأن هذا حق، و إكرام أبيك و أمك التي هي أول وصية بوعد، لكي يكون لكم خير، وتكونوا طوال الأعمار على الأرض».

«وإن كنت مسلما فقد ورد  في سورة لقمان قوله تعالى: ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن و فصاله في عامين أن اشكر لي و لوالديك إلى المصير (14) وإن جاهداك على أن تشرك بى ما ليس لك به علم فلا تطعمها وصاحبهما في الدنيا معروفا و اتبع سبيل من أناب إلى ثم إلى مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون(15)"» - الكلام لـ«حسب الله».

أما سورة الأحقاف فتقول: «ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا حملته أمه كرها ووضعته كرها وحمله وفصاله ثلاثون شهرا حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة قال رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت على وعلى والدي». 

images (1)

فقال لي الابن العاق: دعك من كل هذا هل في القانون نص يعاقب على هذا الفعل فالبيت خاص بى ؟

ومن هنا كان سبب بحثي وتقدم الاقتراح لمجلس النواب الذي يحمل رقم صادر 1133 بتاريخ 17 /12 / 2018. 

 

نص المذكرة المقدمة لمجلس النواب  

وبحسب «حسب الله» - قدم الاقتراح للدكتور علي عبد العال رئيس مجلس النواب،  وورد فيه أنه قد سار حكم المحكمة الدستورية العليا في مصر و من قبلها مجلسكم الموقر علي نهج  ما قاله الفقهاء والعلماء في شأن الأحكام القطعية  ونحوه ففي أحد أحكام المحكمة قالت: «وحيث إن قضاء المحكمة الدستورية مطرود كذلك علي أن ما نص عليه الدستور في مادته الثانية بعد تعديلها في سنة 1980 م، من أن مبادئ الشرعية الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع و إنما يتمخض عن قيد يجب علي السلطة التشريعية أن تتحراه وتنزل عليه في تشريعاتها الصادرة بعد هذا التعديل، ومن بينها أحكام القانون رقم 100 لسنة 1985 م بتعديل بعض أحكام قوانين الأحوال الشخصية».

فلا يجوز لنص تشريعي – وفقا لـ«حسب الله»- أن يناقض الأحكام الشرعية القطعية في ثبوتها ودلالتها باعتبار أن هذه الأحكام وحدها هي التي كون الاجتهاد فيها ممتنع لأنها تمثل من الشريعة الإسلامية مبادئها الكلية و أصولها الثابتة التي لا تحتمل تأويلا ولا تبديلا، ومن غير المتصور أن يتغير مفهومها تبعا لتغير الزمان والمكان، ولا يحوز الخروج عليه أو الالتواء عليها عن معناها. 

 

40761-48365784_10215255640877601_5633410359634165760_n

 

وتنصب ولاية المحكمة الدستورية العليا علي مراقبة التقيد بها، و تغليبها علي قاعدة قانونية تعارضها، إذ هي إطارها العام و ركائزها، إلا اعتبر ذلك تشهيا وإنكارا لما علم من الدين بالضرورة، ولا كذلك الأحكام الظنية غير المقطوع بثبوتها أو بدلالتها أو بهما معا، ذلك أن دائرة الاجتهاد تنحصر فيها ولا تمتد لسواها «حكم المحكمة الدستورية العليا 6/1/1996، والمنشور في الجريدة الرسمية العدد (3) في 18/1/1996»، وحيث ثبت بالدليل القطعي وجوب بر الوالدين (وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا ۖ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا ۖ وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا ۚ حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي ۖ إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (15)  .

فالتقدم في السن يحمل معه ضعف البصر والسمع وتراجع القدرة على النهوض والمشي والأسوأ من كل ذلك المعاناة من فقدان القدرة العقلية، والإصابة بمرض الزهايمر، وغالبا ما تقع مسؤولية رعاية الوالدين المسنين علي عاتق أولادهم الذين يشعرون بصعوبة هذه المهمة، لاسيما إذا كان عليهم في المقابل أسرهم و احتياجاتهم و أهدافهم الشخصية، و إذا كانت المسافة الجغرافية التي تفصلهم عن ذويهم بعيدة بعض الشيء. 

17424-48411367_10215255640237585_5583873353598369792_n

وإدراكا من بعض السلطات في العالم بأن متطلبات الحياة العصرية أدت إلي تآكل الالتزامات التي يتم تكريسها لرعاية الآباء المسنين، فقد وضعت الصين في الآونة الأخيرة قانونا عُرف بـ «قانون ضمان حقوق المسنين لجمهورية الصين الشعبية» و الذي ينص علي ضرورة اهتمام أفراد العائلة بكبار السن ودعا الأبناء الذين يسكنون بعيدا عن أبائهم إلي زيارتهم و التواصل معهم بصفة مستمرة، وإلا فهناك عقوبة تقع علي الأبناء إذا تخلفوا عن زيارة والديهم، كما نص هذا القانون علي جعل 9/9 من كل سنة وفقا للتقويم القمري الصيني عيدا للمسنين، وفي أوكرانيا و بعض دول الاتحاد السوفيتي السابق يُجبر الأبناء علي إظهار الاهتمام وتقديم المساعدة لأهلهم المسنين، وذلك من خلال تشريع يسمح للوالدين المتقدمين في السن بمقاضاة أبنائهم لعدم تقديم الدعم المالي اللازم إليهم - هكذا يقول مقدم المقترح. 

ومن المثير للاهتمام -بحسب «حسب الله» - أن هناك قوانين مماثلة لا تزال موجودة بالكتب في عديد من الولايات الأمريكية من حقبة ماضية، ومع وجود قانون ينظم علاقة الأبناء بأهلهم أو عدم وجوده فالالتزامات الأخلاقية لمساعدة الوالدين المسنين شائعة عدا عن أنها أمر طبيعي نابع من العاطفة البشرية، كما أنها داخلة في طلب الديانات السماوية وخاصة بر الوالدين، و تؤكد أن الله سبحانه وتعالي أوصي بالوالدين إحسانا، وبينما تضج نصوص القوانين التي تحفظ تربيته و تنشئته قد يصل فيها الحكم بحبس أحد الأبوين عند التقصير في أداء واجبه كما في دعاوي الحبس لعدم الإنفاق علي الصغير، و لكن لا نجد قانونا يكفل رعاية الإباء المسنين و يحدد الالتزامات التي تُفرض علي الأبناء تجاه أبائهم . 

download

وتجدر الإشارة هنا إلى انعكاس الأدوار يحدث لكلا الطرفين عندما يحتاج الوالدان إلي مساعدة وهناك خيط رفيع تجب المحافظة عليه والموازنة بين السماح للوالدين بالحصول علي الاهتمام من الأبناء، وهناك مجموعة من القيم العليا – و لو لم تكن مسطرة في متون الدساتير و المواثيق –لا يجوز النزول عنها– وهي وثيقة الصلة بوجود الإنسان ذاته، وتكفل للبشر جميعا مقومات آدميتهم و تحفظ لهم حرية خواص حياتهم، تضع ضوابط حقوق ملكيتهم، و تضمن مساواتهم أمام القانون الذي يسود بغير تفرقة، هذه القيم الإنسانية تسبق وجود الدساتير ،وتسمو عليها، و تعلو فوقها، بقدر ما ينجح الدستور في ترجمة هذه القيم العليا إلي نصوص تجري أحكماها بين دفتيه، يغدو معبرا عن إرادة المواطنين التي يصدر الدستور امتثالا لها، حكم المحكمة الدستورية في القضية رقم 7 لسنة 16 ق جلسة 12/ 2/ 1997.

 

الاقتراحات

1- إضافة نص مادة  لقانون العقوبات: «كل من سب أحد والديه أو أهان أحدهما أو هجرهما أو احدث بأحد و الديه جرحا أو ضربا يعاقب بالسجن من 3 سنوات إلي خمس سنوات، ويضاعف الحد الأقصى  للعقوبات إذا عاود إلي ارتكاب الجريمة مرة أخري».

 2- إنشاء قانون رعاية  الوالدين والمسنين.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق