قبل الترويج الخارجي للاستثمار!

الإثنين، 24 ديسمبر 2018 04:31 م
قبل الترويج الخارجي للاستثمار!
أحمد إبراهيم

 
لا أحد ينكر حجم المجهود الضخم الذي بذلته الحكومة خلال السنوات الماضية لتهيئة مناخ الاستثمار، سواء الطفرة غير المسبوقة في مجال تحديث البنية الأساسية ثم إصلاح المنظومة التشريعية بإصدار قوانين كانت غاية في الأهمية مثل قوانين الاستثمار والشركات وسوق المال والإفلاس والتمويل.
 
أيضا وزارة الاستثمار والتعاون الدولي خلال تولي الدكتورة سحر نصر المسئولية قامت بإجراء إصلاحات مؤسسية مهمة، وإنشاء مراكز جديدة لخدمة المستثمرين لمساعدتهم في سرعة إنهاء إجراءاتهم بعيدا عن الروتين وفساد بعض موظفي الجهاز الإداري، كما أن الوزيرة اهتمت أيضا بتقوية المؤسسات وتزويدها بأحدث وسائل التكنولوجيا الحديثة وتدريب الكوادر البشرية واختيار العناصر المتميزة للتعامل مع المستثمرين، كما اهتمت بتفعيل لجنة فض المنازعات الاستثمارية وجعلت قراراتها ملزمة في القانون الجديد، بالإضافة إلى إطلاق أول خريطة استثمارية موحدة تشمل حوالي ألف فرصة للاستثمار في جميع المجالات وفي كل المحافظات.
 
وزيرة الاستثمار تجوب العالم من أجل جذب مستثمرين جدد وتبذل جهوداً مميزة، خاصة أن ملف الاستثمار عموما يلقى دعما كبيرا من رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء، لكن هناك حلقة مفقودة تمنع ترجمة كل هذه الجهود إلى مشروعات كبيرة على أرض الواقع تحقق لنا النهضة المنشودة، وهذا ما اعترفت به صراحة اللجنة الوزارية الاقتصادية بمجلس الوزراء بعد اجتماعها اليوم برئاسة د مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، حيث جاء في البيان الصادر عنها " أن المناخ الاستثمارى في مصر بعد الإصلاحات الاقتصادية والمالية والنقدية أصبح مواتياً وجاذباً، لكن ينقصه فقط الترويج الجيد للفرص الاستثمارية العديدة والواعدة الموجودة في مصر، لذا فقد تقرر قيام وزيرة الاستثمار بتكثيف الاتصالات مع كبريات الشركات العالمية في مجال الترويج للاستثمارات، حتى يتسنى البدء في أقرب وقت ممكن في حملة الترويج للاستثمار في مصر".
 
اتمنى قبل القيام بحملات الترويج الخارجي للاستثمار أن يتم إصلاح الخلل في الجهاز الإداري اولا، واستبعاد كل العقول العقيمة من منصبها والتي تعرقل الاستثمار لأن حملات الترويج تتكلف كثيرا وبالعملة الصعبة ونحن في أشد الحاجة لكل دولار ينفق في غير محله، فالمستثمر الأجنبي قبل أن يأتي يسأل عن وضع المستثمر المحلي وأفضل دعاية لجذب مستثمرين اجانب هو حل مشاكل المستثمرين المحليين الذين مازالوا يعانون، وعلى سبيل المثال لا الحصر ما هو مصير أكثر من 400 قرار صادر من لجنة فض المنازعات الاستثمارية ولم يتم تنفيذها رغم موافقة مجلس الوزراء على بعضها منذ سنوات طويلة، وهي طاقة إنتاجية هائلة معطلة بمئات المليارات من الجنيهات وزيرة الاستثمار حاولت كثيرا في تنفيذها ولكن ليس لها سلطة على الجهاز الإداري.
 
أيضا مشكلة آلاف المصانع المتعثرة والمتوقفة تزداد تعقيدا يوما بعد الآخر، كذلك مشاكل مستثمري شق التعبان مع محافظة القاهرة سوف تتفاقم وقد يؤدي ذلك إلى تعثر أكثر من 3000 مصنع وورشة ومعرض للرخام والجرانيت، وكذلك مشكلة مشروع النباتات الطبية والعطرية على مساحة  50 الف فدان بمحافظة الأقصر، الذي يعتبر حلم ونقلة كبيرة لمصر مثل مشكلة مستثمري الدواجن على مساحة 40 الف فدان الذين لم يستلموا الأرض من المحليات رغم إنهاء كافة الإجراءات وتخصيصها من مجلس الوزراء.
 
ولا ننسى مصنع الأحذية الرياضية في المنطقة الحرة بمدينة نصر الذي يوفر 50 الف فرصة عمل، فالمصنع جاهز للتشغيل لكن لا توجد كهرباء رغم أن الدولة أنفقت مئات المليارات على الكهرباء ولدينا فائض كبير منها.
 
كل هذه نماذج على سبيل المثال لا الحصر، واعتقد اننا لو أنهينا مشاكلها لن نحتاج إلى دعاية خارجية ولا مستثمرين جدد، لأن الطاقات الإنتاجية المعطلة وأيضا فرص العمل المهدرة من هذه المشروعات كفيلة بالقضاء على كل مشاكلنا في البطالة والفقر والإرهاب، وأيضا إنقاذ أبنائنا من مذلة العمل في الخارج والتعرض للإهانات المستمرة.. وللحديث بقية.
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق