زيارة ترامب المفاجئة إلى العراق.. لماذا لم يلتق رئيس الوزراء؟

الخميس، 27 ديسمبر 2018 03:00 م
زيارة ترامب المفاجئة إلى العراق.. لماذا لم يلتق رئيس الوزراء؟
جانب من زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى العراق

زيارة مفاجئة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى العراق استمرت بضع ساعات، للمرة الأولى منذ انتخابه، وأعلن البيت الأبيض أن السبب وراء الزيارة تفقد جنوده، وأعقاب قرار سحب قواته من سوريا.
 
لكن في بلد كالعراق حيث الانقسامات كبيرة حيال الدور الأمريكي منذ غزو الولايات المتحدة للبلاد في العام 2003، فإن أسئلة كثيرة تدور بشأن الزيارة، وكذلك انتقادات.
 
لماذا لم يلتق رئيس الوزراء؟
 
كانت الزيارة مفاجئة إلى حد سريان تكهنات بأن السلطات العراقية لم تكن على علم بالزيارة، خصوصا أن ترامب لم يلتق أيا من الرئاسات الثلاث. وكان هناك استغراب شديد لبيان الحكومة العراقية التي بررت عدم عقد لقاء بين رئيس الوزراء عادل عبد المهدي والرئيس الأميركي بـ"تباين في وجهات النظر لتنظيم اللقاء"، واقتصر الأمر على محادثة هاتفية.
 
ويقول الخبير في الشأن العراقي الباحث في معهد الشرق الأوسط بجامعة سنغافورة فنر حداد لوكالة فرانس برس إن "القصة الأولى التي كان من المفترض نشرها لحفظ ماء وجه الحكومة، هي أن ترامب رفض مقابلة رئيس الوزراء في بغداد مصرا على عقد الاجتماع في قاعدة عين الأسد". وبالفعل، سرت شائعات في وسائل إعلام محلية عراقية مفادها أن ترامب دعا عبد المهدي إلى لقائه في القاعدة العسكرية، وأن الأخير رفض. ويضيف حداد أن "العراقيين كانوا سينظرون إلى ذلك كدليل إضافي على احتقار ترامب للعراق. لكن العذر الثاني (في بيان رئاسة الوزراء) كان أسوأ".
 
لماذا الآن؟
 
جاءت زيارة ترامب إلى العراق بعد أيام قليلة من إعلان سحب قواته من سوريا، في قرار أحدث زلزالا في الولايات المتحدة، لا سيما مع استقالة كل من وزير الدفاع جيمس ماتيس والموفد الأميركي للتحالف الدولي لمحاربة الجهاديين بريت ماكغورك المعارضين لقرار الانسحاب من سوريا. وبالتالي، وبمعزل عن أن "الزيارة كانت موجهة إلى جمهور ترامب داخل الولايات المتحدة، فإنها ستطمئن أولئك الذين يخشون أن تكون السياسة الأميركية في العراق مماثلة لتلك التي في سوريا"، بحسب حداد.
 
وبالفعل، فقد وقف ترامب أمام جنوده في قاعدة عين الأسد، وأكد أنه لا ينوي "إطلاقا" سحب القوات الأميركية من العراق، بل يرى "على العكس" إمكانية لاستخدام هذا البلد "قاعدة في حال اضطررنا للتدخل في سوريا". لكنه في الوقت نفسه، أوضح أن الولايات المتحدة "لا تستطيع أن تبقى شرطي العالم"، وهو تصريح يتماشى أيضا مع إعلانه سحب نصف الجنود الـ14 ألفا المنتشرين في أفغانستان لمحاربة حركة طالبان.
 
لكن العراق حالة خاصة، بحسب المحلل السياسي العراقي هشام الهاشمي. ويوضح الهاشمي لفرانس برس أن "العراق مهم بموقعه الإستراتيجي. وبالتالي وجود قوات أميركية فيه تطمئن كلا من الأردن والسعودية، وتحدث توازنا بين الأكراد وتركيا والمثلث التركي الإيراني العراقي". ويضيف أن "التواجد في العراق يحقق مسعى إسرائيل أيضا لقطع طريق طهران-بيروت".
 
ماذا عن الداخل العراقي؟
 
من المعروف أن العلاقات العراقية الأميركية شهدت تقلبات كبيرة منذ غزو العام 2003 وإسقاط نظام صدام حسين. ولم يكن تواجد القوات الأميركية في قواعد عسكرية في العراق، أمرا مرحبا به لسنوات طويلة، إلى أن أصبحت واشنطن شريكا في قتال تنظيم الدولة الإسلامية من خلال قيادتها لتحالف دولي ساهمت ضرباته بشكل كبير في دعم القوات العراقية لتحقيق "النصر" على الجهاديين في كانون الأول/ديسمبر 2017.
 
رغم ذلك، فإن النفوذ الإيراني في العراق، له انعكاس كبير على طبيعة هذه العلاقة، من خلال الأحزاب الكبيرة الموالية لطهران، والتي أصبحت اليوم كتلة كبيرة تسيطر على البرلمان العراقي. وأثارت زيارة ترامب وتصريحاته غضب تلك الأحزاب.
 
وكانت حركة "النجباء" أول المعلقين، واعتبرت في بيان أنّه "أصبح واجبا على الحكومة الآن طرد القوات الأميركية، باعتبارها مساسا بسيادة البلاد"، مضيفة أن "الاستهانة بسيادة العراق من قبل ترامب، لن تمر من دون عقاب. لن نسمح أن يكون العراق قاعدة لتهديد دول الجوار". وبعيد ذلك، كتب زعيم فصائل "عصائب أهل الحق" قيس الخزعلي في تغريدة على حسابه على "تويتر"، أن "زيارة ترامب لقاعدة عسكرية أميركية من دون مراعاة الأعراف الدبلوماسية يكشف حقيقة المشروع الأميركي في العراق".
 
وأضاف "رد العراقيين سيكون بقرار البرلمان إخراج قواتك العسكرية رغما عن أنفك"، مهددا "إذا لم تخرج، فلدينا الخبرة والقدرة لإخراجها بطريقة أخرى تعرفها قواتك التي أجبرت على الخروج ذليلة في 2011". وبعيد تكليف عادل عبد المهدي تشكيل الحكومة العراقية، أوضح خبراء في الشأن العراقي لوكالة فرانس برس أن "المحور المقرب من إيران سيسعى إلى إحراج رئيس الوزراء بجره إلى عملية تصويت برلمانية على جدول للانسحاب الأميركي من العراق".
 
وتلعب تلك الفصائل اليوم دورا كبيرا في حفظ الأمن في غالبية المحافظات العراقية، وخصوصا على الحدود مع سوريا. وعليه، يشير الهاشمي إلى أن "استخفاف ترامب بحلفائه يوتر العلاقة بين عبد المهدي والقوى السياسية العراقيّة". ويلفت إلى أن "هذا الاستخفاف قد يفتح أول أبواب المقاومة للوجود الأميركي في العراق من جديد".
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق