الأسئلة المشروعة قبل العودة السورية للجامعة العربية

السبت، 05 يناير 2019 02:05 م
الأسئلة المشروعة قبل العودة السورية للجامعة العربية
يوسف أيوب يكتب:

هل الأولوية للاستقرار الأمنى أم السياسى واحتواء 10 ملايين سورى خارج سيطرة النظام؟

هل العرب قادرون على إبعاد الرئيس بشار الأسد عن إيران؟

هل نملك دراسة دقيقة للوضع المعقد فى منطقة شرق الفرات والتعامل مع المرتبطين بتركيا؟

الأحاديث الرسمية لا تزال تسير فى اتجاه أن عودة سوريا إلى مقعدها المجمد بجامعة الدول العربية منذ 2011 يحتاج إلى توافق عربى غير متوفر حاليًا، وهو ما أكده السفير حسام زكى الأمين العام المساعد للجامعة العربية، الذى قال: «لا تغيير فى موقفنا من عضوية سوريا وتجميد مقعدها حتى الآن»، مع الإشارة إلى أن قرار عضوية سوريا هو قرار دول، أى الدول الأعضاء وليس الأمانة العامة، وكما اتخذت الدول العربية موقفًا بالتوافق على تجميد عضوية سوريا، فإن عودة سوريا لمقعدها تحتاج إلى نفس التوافق، ويمكن أن يتم من خلال اجتماع لمجلس الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية، وفى الفترة الأخيرة حدث نقاش شبيه بهذا الموضوع، ولم يحدث توافق، ويمكن القول إن عناصر التوافق ومقوماته ليست موجودة حتى الآن.

لكن بعيدًا عن هذا التوافق الرسمى، فهناك العديد من المؤشرات التى تقول إن سوريا فى طريقها للعودة إلى البيت العربى مرة أخرى، حتى وإن تأخر القرار بعض الشىء، فهو لن يكون فى القمة العربية التنموية التى ستعقد فى بيروت بعد أسبوعين، وربما يتأخر لما بعد القمة العربية فى تونس خلال مارس المقبل، لكنه سيحدث فى 2019 بعد ما شاهدناه من تحركات ولقاءات وتغير فى مواقف بعض الدول تجاه دمشق قبل أن تلملم 2018 أوراقها.
 
الكثيرون نظروا إلى زيارة الرئيس السودانى عمر البشير لدمشق قبل أسبوعين على أنها مفتاح العودة السورية للعرب، لكن المؤكد أنها كانت نتيجة لتحركات وزيارات ولقاءات ضمت مسئولين سوريين وعرباً، ربما شهدت التوافق على إعادة العلاقات مرة أخرى، وتحدد لذلك توقيتات مختلفة.
 
كل ما يأتينا من العواصم العربية يشير إلى عدم الممانعة فى عودة الوئام مع سوريا، لكن يبدو أن القرار لم يتم تحضيره بشكل نهائى، خاصة فى ظل ما يتردد داخل الأوساط الدبلوماسية بوجود فيتو أمريكى على هذه العودة، رغم الضغوط التى تمارسها روسيا تجاه العودة السورية للجامعة، وهدفها أن تعطى انطباعًا بأن الأوضاع فى سوريا عادت إلى ما قبل 2010، وأن المشكلة والأزمة انتهت، كما أن من مصلحتها العمل على تقليص النفوذ الإيرانى حتى وإن كانت فى العلن تظهر بشكل المنسق الدائم مع طهران، لكنها فى النهاية تريد سوريا لها فقط، ووفقًا لما أكده لى دبلوماسى عربى فإن موسكو سبق وأبلغت دولًا عربية والجامعة إذا كنتم تريدون مقعدًا فى المسارات السياسية الجارية حاليًا بشأن سوريا فعليكم أولًا إعادة دمشق للجامعة.
 
بعيدًا عن مسألة عودة سوريا للجامعة من عدمه، وأنا من داعمى عودتها بكل تأكيد للحضن العربى، لأن دمشق هى عمق استراتيجى مهم للمنطقة، وجبهة ما كان للعرب أن يخسروها مطلقًا لصالح أطراف وقوى إقليمية ودولية، لكن إذا كنا نتحدث عن السياسة، فهناك عديد الأسئلة التى يجب طرحها للنقاش قبل اتخاذ القرار، لأن المسألة لا تتعلق فقط بقرار سياسى، وإنما بالحفاظ على الدولة السورية.
 
السؤال الأول: هل مَن ينادون بعودة سوريا للجامعة لديهم اقتناع بأن هذه العودة أو تطبيع العلاقات السورية العربية سيستتبعه استعادة الأمن والاستقرار فى سوريا، أم أن سوريا بحاجة لخطوات أخرى أهم، مثل المصالحات الوطنية، خاصة أن الواقع طيلة السنوات الثمانى الماضية كشف لنا أن القصة لم تكن فقط متعلقة بمتشددين يهددون النظام والدولة، وإنما هناك مطالب شعبية تتعلق بالإصلاح السياسى والاقتصادى لم يتطرق لها أحد حتى الآن، لذلك فهناك من وجهة نظرى أمور كثيرة مطلوب أن تحدث قبل خطوة العودة السورية الكاملة للحضن العربى، وهذه الأمور إذا لم تحدث سنكون أمام استقرار أمنى وليس سياسيا، وهذا الاستقرار سيستمر لفترة قليلة وبعدها ستنتكس الأمور مرة أخرى لما هو أخطر.
 
فالأرقام تتحدث عن أن تعداد السوريين وصل إلى 23 مليونا، من بينهم 10 ملايين خارج سيطرة النظام، موزعين على 3٫5 مليون فى إدلب، و3 ملايين فى تركيا، و2٫5 مليون ما بين لبنان والأردن، ومليون سورى فى بقية أنحاء العالم، وهذا الوضع لا يثير الارتياح إذا لم يكن لدى النظام آلية لاستيعاب الجميع تحت راية الدولة الوطنية.
 
السؤال الثانى: هل العرب قادرون على إبعاد الرئيس بشار الأسد عن إيران، خاصة أن هذا الطرح سبق وأثير أكثر من مرة، لكن لم يثبت النظام السورى حسن نواياه تجاه هذه النقطة، فلم يستطع الخروج من العباءة الإيرانية، بل إن الأحداث كلها أثبتت أن النظام السورى له علاقات قوية واستراتيجية مع طهران، وأنه ليس فى طريقه لمبادلة إيران بأى طرف آخر، حتى ولو كان عربيًا!.
 
السؤال الثالث: يتعلق بأن ملف عودة سوريا للجامعة العربية هو الكارت الوحيد الذى يمتلكه العرب حاليًا فى سوريا، فهل يمكن إلقاء هذا الكارت دون تحقيق شىء مقابله، وبمعنى أدق، الحديث الآن يدور حول مواجهة الأطماع التركية فى سوريا، وهذا أمر نشجعه جميعًا، لكن هل درسنا الوضع جيدًا خاصة فى منطقة شرق الفرات، وهل أعددنا خطة للتعامل مع هذه الأوضاع المعقدة؟
 
أقول أوضاعاً معقدة لأن الواقع يقول إن تركيا إذا قررت أن تتدخل عسكريًا فى سوريا، لن يكون ذلك من خلال قواتها، بل عبر الجيش السورى الحر وبقية الجماعات السورية التى تدين بالولاء لأنقرة، وبالتالى هل لدى العرب خطة للتعامل مع هذا التحدى، المرتبط بآخر لا يقل أهمية عنه، وهو أن العرب الموجودين فى منطقة شرق الفرات، التى تخضع لسيطرة كردية حاليًا، تشير التقديرات إلى أنهم لا يفضلون البقاء تحت السيطرة الكردية.
 
عودة سوريا للحضن العربى مهمة جدًا، لكنها فى نفس الوقت تتطلب مزيدًا من الدراسة، حتى لا تتعقد الأمور أكثر وأكثر.
 
 
نقلاً عن العدد الورقى
نقلاً عن العدد الورقى

 

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة