شموع الإرادة تزيل ظلام الإرهاب.. «حليمة» فتاة سيناء تتحدى الظروف وتلتحق بالصيدلة

السبت، 05 يناير 2019 08:00 م
شموع الإرادة تزيل ظلام الإرهاب.. «حليمة» فتاة سيناء تتحدى الظروف وتلتحق بالصيدلة
صورة أرشيفية
كتب_ محمد الحر

من أراد النجاح تسلق قمم الجبال، الأمر يبدو شاقا في ظل ظروف تعيق بلوغ الحلم، لكن الإرادة هى الفيصل بين مَن يريد ومَن يأبى، نعم الأمر يكون شاقا أكثر على الفتيات، فهن أكثر استجابة للضغوط والآلام، عكس الذكور، لكن المهم هو الإرادة.
 
فتاة قُدر لها، مثل مئات الطلاب من أبناء المنطقة الحدودية، أن يعيشوا ظروفا استثنائية، أن يعيشوا حربا ضد الإرهاب، تقف فيها القوات المسلحة في الميدان باسلة لتوفير الأمن، ووسط طلقات الرصاص، وتحت ظلام الإرهاب، أشعلت الطالبة السيناوية شموعا تشق بها طريقها نحو النجاح، لتتربع على رأس المراكز الأولى للثانوية العامة، وتلتحق بكلية الصيدلة جامعة قناة السويس.
 
حليمة حسين سلامة حسين، ولدت بقرية الظهير، بمنطقة جنوب الشيخ زويد، تنتمى إلى أسرة بسيطة ويعمل والدها بالبريد المصرى، تقول: «معاناتى تمثلت خلال السنوات الخمس السابقة، فى إغلاق مدرستى وتوقف الدراسة بها بسبب الأوضاع الأمنية، التي شهدتها المنطقة من حرب على الإرهاب، منعت كل عمل المدارس وطاقمها، إضافة إلى عدم توافر الكتب الخارجية والدروس الخصوصية بالقرية التي أقيم بها».
 
بدأت «حليمة» مراحلها التعليمية في مدرسة «العوايضة» الابتدائية المشتركة، ثم التحقت بالإعدادية، وواصلت تعليمها الثانوى بمدرسة الفارابى بقرية الجورة التي تبعد عن قريتها مسافة 4 كيلومترات، سيرا على الأقدام.
 
تضيف الخامسة في ترتيب أخواتها: فى المرحلة الثانوية تزايدت معاناتها مع انقطاع الكهرباء بشكل مستمر، ولعدم وجود مواصلة بين قريتى والجورة، كنت أسير 4 كم ذهابا ومثلها إيابا.. الطريق موحش وخطر جد، وكنت أصل فى وقت متأخر عن موعد المدرسة وأعود بعد غياب آخر ضوء للشمس، موضحة: «نظرا للدواعى الأمنية توقفت الدراسة، مع انعدام الدروس الخصوصية والكتب الخارجية سواء بقريتي أو المناطق المجاورة، ومن أجل مستقبلى اضطررت إلى مغادرة قريتى بسبب إغلاق الطرق وتواصل عمليات الحرب على الإرهاب بالمنطقة، واستأجرت لى أسرتى منزلا بمدينة الشيخ زويد، التحقوا بى فيه فيما بعد».
 
وتؤكد حليمة حسين، أنه رغم إقامتها في مدينة الشيخ زويد، إلا أنها واصلت المسير على قدميها للمدرسة بشكل يومى لكى تصل فى موعدها، مع العلم أن الامتحانات كانت في مدرسة الغزالى الثانوية بنات، وكانت تمشى مسافة طويلة من موقع إقامتها بوسط المدينة للمدرسة  التي تقع بحى الكوثر فى ظل انعدام أى وسيلة للمواصلات.
 
تحكي حليمة: «والدى موظف بالبريد، مهامه صرف معاشات المسنين في المكتب، هو قدوتى وسندى، كأنه طالب ثانوى، بيدرس معى ويتابعنى ويطمئن علىّ وعلى دروسى، وأنا فخورة به كل الفخر، كذلك أمى».
 
واستطردت: لم أحصل منذ التحاقى بالمرحلة الابتدائية وحتى الثانوية على أى دروس خصوصية، لكن أجبرتنى الظروف على اللجوء إلى الدروس الخصوصية في الصف الثالث الثانوى فقط، كنت أذاكر دروسى بنظام، وكل درس أذاكره في يومه، وأحيانا كنت أذاكر 8 ساعات متواصلة مع العلم أن المدة ما بين 9 صباحا وحتى 3 مساءً في الدروس».
 
وأضافت: بعد الدروس تبدأ المذاكرة في الظلام لانقطاع الكهرباء الدائم، وكانت الشمعة رفيقتى دائما، وكنت أحيانا لا أجدها لعدم توافرها بالقرية، رغم كوننا نشترى الشمع بكميات هائلة من مدينة الشيخ زويد، ولكن لأسباب إغلاق الطرق لا نستطيع الحصول عليه بسهولة، وحال نفاد الشموع كنت أستعين خلال المذاكرة بكشاف يعمل بالطاقة الشمسية رغم أنه كان صغيرا وإضاءته ضعيفة.
 
تمنت الفتاة الالتحاق بكلية الطب البشرى، لكن مجموعها لم يكن كافيا، بحسب حليمة: «رضيت بقضاء ربى وقدرى، والآن أنا فخورة جدا بكونى طالبة بكلية الصيدلة، وأتمنى أن أحقق التميز الذى أسعى إليه بدراستى الجامعية».
 
وعن حصولها مؤخرا على جائزة الفتاة الأكثر تميزا، قالت: «لم أتوقع الحصول على جائزة الدكتورة أمل سلامة نصر الله، وهذه الجائزة تعنى لى الكثير، فقد شعرت بجنى ثمار كفاح 9 أعوام، هذه الجائزة جعلت فتاة القرية الصامدة تظهر بقوة فى ظل الظروف الصعبة وتثبت أن بإمكانها تحدى الصعاب من أجل طموحها ومستقبلها».
 
بعد حصولى على هذه الجائزة، بالفعل سيتغير شىء في حياتى، وسأكون من أصحاب تلك المبادرة فى المستقبل، وتناشد حليمة قريناتها بإكمال حلمهن وتحدى الظروف التى هى عائق الجميع، لأن الصعاب والشدائد هى التى تخلق الأبطال.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق