حصاد 2018.. «الأسمرات» يغير مسار حياة أسرة «عكاشة»

السبت، 05 يناير 2019 08:00 م
حصاد 2018.. «الأسمرات» يغير مسار حياة أسرة «عكاشة»
«الأسمرات» يغير مسار حياة أسرة «عكاشة»
ماجد تمراز

 
- أسامة ثابت: ربنا استجاب لدعائي وأنا وولادي هنعيش زي البني آدميين
 
كعادته كل صباح، يستيقظ فى تمام السادسة صباحًا من كل يوم، يقرأ ما تيسر من القرآن الكريم، ثم يصلى الصبح، ليستمد بركة يومه، وليشكر الله على النعمة التى أنعم بها عليه، فقد انتقل من العيش فى غياهب العشوائيات بمنطقة الدويقة، إلى حياة أخرى ومجتمع آخر بالأسمرات، وقد تحقق حلم رواده طوال 30 عاماً ليمنح أبناءه الأربعة فرصة للعيش فى مجتمع متحضر خال من العوادم والجرائم والمجارى والعشوائية.
 
أسامة محمد ثابت، الشهير بـ «أسامة عكاشة»، أحد أبناء شارع الرزاز بمنطقة الدويقة الواقعة بحى منشأة ناصر، ومن الذين انتقلوا حديثاً إلى حي الأسمرات بالمقطم، أتم عامه الـ 35 منذ شهرين ولديه من الأبناء أربعة، ذكر و3 إناث، كان لديه محل صغير لبيع الملابس الجاهزة أسفل منزله المُزال بمنطقة الدويقة، دفعته الحياة المريرة التى كان يحياها فى مسكنه القديم إلى البحث عن وحدة سكنية جديدة خارج نطاق الحى، خاصة بعد أن أُصيبت ابنته الصُغرى «جودى» بصديد فى مجرى البول بسبب عوادم مسابك الألمونيوم التى كانت تُغطى سماء الرزاز.
 
«ربنا أخيراً استجاب لدعائى من وأنا صغير، دلوقتى بس ولادى هيعيشوا زى البنى آدمين»، استهل «عكاشة» حديثه بتلك الكلمات التى تحمل فى طياتها الأمل، وقال إن أهم ما يُميز حى الأسمرات النظام والنظافة، فسيارة جمع القمامة تمر كل نصف ساعة على مدار اليوم بكل شوارع الحى، ولا تترك مجالا لتراكم القمامة بأى ركن من الأركان، كما أن المناظر الطبيعية تُحيط بنا من كل الجوانب، وأسفل المنزل توجد «برجولة» واستراحة نلجأ إليها فى الليالى الصيفية لنستجم فى الهواء الطلق.
 
ويستكمل أسامة حديثه، ويقول، إن الوحدة الصحية تَبعُد عن البيت أمتارا فقط، كما أن مدارس أبنائه يمكن أن تراها من إحدى نوافذ غرف الشقة، فهى تقع فى الجهة المقابلة من المنزل ولا توجد أى مشكلة فى أن يذهب الأولاد وحدهم إلى مدارسهم، أما عن الملاعب فقد تم تشييدها بالقرب من المدارس والعمارات، مما يسهل ذهاب أبناء أسر الأسمرات إليها، كما أن زيادة عنصر الأمان داخل الحى جعل كل أولياء الأمور أكثر استقراراً وأقل خوفاً على أبنائهم بعكس ما كانوا عليه فى الدويقة.
 
وحي الأسمرات مقام على مساحة 126 فدانًا بإجمالى ما يزيد على 10 آلاف و980 وحدة سكنية بالإضافة إلى المبانى الخدمية والمرافق، وتم تمويل المشروع من صندوقى تطوير العشوائيات التابع لوزارة الإسكان ووزارة التنمية المحلية، وصندوق تحيا مصر بتكلفة مالية بلغت مليارا و582 مليون جنيه، كما تم إنفاق حوالى 14 مليار جنيه منذ عام 2014 حتى الآن، ومن المتوقع أن يزيد إجمالى الدعم المادى إلى 20 مليار جنيه.
 
أما محمد، نجل أسامة عكاشة الأكبر، فهو طفل لم يُكمل ربيعه الـ 14، حلم منذ نعومة أظافره مثل والده بالانتقال إلى مكان آخر غير شارع الرزاز وخارج نطاق المتجمع غير الآمن بالدويقة، فكان محمد يجد صعوبة يومية فى الانتقال إلى مدرسته، مدرسة أبو بكر الصديق، ويقول: «الحى أزال السلم الذى يربط بين شارع الرزاز ومساكن الحرفيين التى تقع بها المدرسة، فكنت أصطحب أخواتى إلى مدارسهن، ونضطر إلى تسلق الجبل حتى نتمكن من الوصول إلى مدارسنا، وكان ذلك الوضع يتكرر يومياً على الرغم من كونه غير آمن».
 
بدأ محمد حياة جديدة فى الأسمرات، فبعد أن قتلت العشوائية أحلامه، أحيتها الدولة من جديد بعد نقله وأسرته إلى حى الأسمرات، فتحولت نظرته إلى الحياة إلى نظرة حالمة ترى ما لم تره من قبل، وعلى الرغم من صغر سنه، إلا أنه رسم خططاً جديدة لمستقبله، فحدد مواهبه التى دُفنت تحت أتربة العشوائية، وحدد لنفسه هدفاً أن يصبح مهندساً، فقد اعتاد أن يهتم بدروسه فور عودته من المدرسة لمدة 4 ساعات، ثم يتوجه بصحبة أقرانه ممن يسكنون بجواره إلى النادى المقابل لمنزله ليتدرب على لعب كرة القدم.
 
يحلم محمد أن يكون رياضياً ناجحاً مثل النجم المصرى محمد صلاح، يريد أن يكون واجهة مشرفة لبلده ولأسرته، ومع زيادة العوامل المساعدة على ظهور الإمكانيات حوله، خاض محمد تجربة لعب الـ «كونغوفو»، وتقدم فى لعبها حتى أصبح ضمن أكثر المتميزين فى اللعبة على مستوى حى الأسمرات.
 
يارا، شقيقة محمد الصغيرة، هى الأخرى تفجر لديها الإلهام فى الحياة الجديدة التى انتقلت إليها، فقررت أن تجتهد فى دراستها لتُصبح طبيبة، ووضعت ذلك الحلم نصب أعينها، فقد اهتمت بقراءة المواد العلمية والكُتب الطبية على الرغم من أنها فى الصف الثانى الإعدادى، كما نبغت فى كتابة الشعر ومتابعة أخباره وقراءته ومتابعة كُتابه.

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق