دماء على ثوب الأسرة المصرية.. لماذا تزايدت جرائم العنف الأسري؟

الأحد، 13 يناير 2019 10:00 ص
دماء على ثوب الأسرة المصرية.. لماذا تزايدت جرائم العنف الأسري؟
العنف الاسري
إيمان حكيم

- %92 من الجرائم سببها «الشرف» و%70 ارتكبها الأزواج ضد زوجاتهم

- هناك العديد من العوامل وراء تزايد جرائم القتل داخل الأسر على رأسها الأوضاع الاقتصادية الصعبة التى تواجه المجتمع

- أرجع بعض الأطباء النفسيين سبب حدوثها إلى انتشار ثقافة العنف فى المجتمع عبر وسائل الإعلام والدراما وغياب دور وزارة الثقافة

شهد الشارع المصرى خلال الفترة الماضية عدة جرائم قتل عمد داخل الأسر، من بينها حادثة قتل رب أسرة لزوجته وشقيقته وأبناؤه الخمسة بمحافظة قنا، ضمن سلسلة حوادث أثارت جدلا وغضبا شعبيا بالنظر إلى وصول مستوى الجريمة إلى مراتب أكثر وحشيّة.
 
وأرجع بعض الأطباء النفسيين سبب حدوثها إلى انتشار ثقافة العنف فى المجتمع عبر وسائل الإعلام والدراما، وغياب دور وزارة الثقافة، والظروف الاقتصادية التى تمر بها البلاد، فقد شهدت الأسابيع القليلة الماضية أكثر من عشر جرائم قتل داخل الأسرة المصرية ارتكبها آباء وأزواج وأشقاء وزوجات ضد من تربطهم بهم قرابة أسرية من الدرجة الأولى، فمن بين هؤلاء 6 جرائم قتل فيها الزوج لزوجته بدافع الشك والغيرة وتعرض الجانى لضغوطات نفسية، بينما وقعت 4 جرائم أخرى من الزوجة ضد زوجها بسبب تعرضها إلى الابتزاز والتهديد.
 
ترصد «صوت الأمة» أبرز الجرائم الجنائية التى أثارت الرأى العام، وكان آخرها حادثة برج عمر بن الخطاب بأبراج مبارك بحى سخا التابع لقسم أول كفر الشيخ، التى تعود لظهر يوم الاثنين 31 ديسمبر 2018، والتى راحت ضحيتها «إخصائية تحاليل» تدعى منى فتحى السجينى، 30 عاما، وأبناؤها الثلاثة «ليلى» 4 أعوام، و«عبدالله» 8 سنوات، و«عمر» 6 سنوات، حيث أظهرت المعاينة الأمنية أن الضحايا جميعا قتلوا بجرح ذبحى فى الرقبة، إثر الاعتداء عليهم بسلاح أبيض، وسجلت جهات التحقيق أن المبلغ عن تلك المذبحة هو الأب ويدعى «أحمد عبدالله» طبيب فى الوحدة الصحية بحى سخا، وبعد مرور 8 ساعات كشف قطاع الأمن العام، بالتنسيق مع إدارة البحث الجنائى بكفر الشيخ عن تفاصيل الواقعة، وتوصلت إلى أن الأب هو مرتكب الحادث. 
 
وفى يناير من العام الحالى اعترف سائق توك توك، بالتسبب فى انتحار زوجته ببولاق الدكرور عقب القبض عليه، قائلًا إنه هددها بفضح أمرها أمام أفراد أسرتها، بعد اكتشافه تلقيها مكالمة هاتفية من أحد الأشخاص، وشكه فى سلوكها، وأضاف المتهم أن زوجته توجهت إلى بلكونة الشقة، ثم ألقت بنفسها من الطابق الرابع مما أسفر عن مصرعها فى الحال، مؤكدا أنه غير متورط فى دفعها أو القائها من البلكونة، قائلا «هى اللى رمت نفسها عشان الفضيحة».
 
وفى 5 يناير تلقت مديرية أمن الدقهلية، بلاغًا من مستشفى بنى عبيد بوصول «إبراهيم عبدالفتاح»‏ 24 سنة، عامل، ‏‏مصاب بجرح نافذ بالبطن، وبالفحص تبين نشوب خلاف بين المجنى عليه ووالده بسبب رفض الابن العمل مع والده فى الأرض، ورغبه الابن الاستقلال والإقامة فى منزل مستقل، فقام الأب بطعن الابن بسلاح أبيض، فيما وقعت حادثة أخرى يوم 4 يناير فقد تلقى قسم شرطة عين شمس بلاغا بالعثور على جثة الطفلة «سلوى.ى.ر 13 سنة بالشقة سكنها - بدائرة القسم، وعلى الفور انتقلت مباحث القسم وتبين أن الجثة مسجاة بسرير غرفة نومها، وبها آثار توثيق باليدين ودماء بالفم وكدمات متفرقة، وبسؤال شقيقتها «سلمى» 12 سنة قررت قيام والدها «ياسر. ر. م» - عامل (مسجل شقى خطر وسبق اتهامه فى ثلاث قضايا آخرها قضية سرقة متجر) بتقييدها، والتعدى عليها بماسورة حديدية فأودى بحياتها، وذلك بعد أن أبدت رغبتها فى زيارة والدتها (مُطلقة من أبيها)، وعقب ذلك قام بفك قيدها ووضعها فى السرير وانصرف وحال إيقاظها اكتشفت وفاتها وأنه دائم التعدى عليهما لكونه من مدمنى المواد المخدرة. 
 
فى هذا الصدد أكدت دراسة حديثة أعدها المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية بعنوان «ظاهرة العنف داخل الأسرة المصرية من منظور اجتماعى وقانوني»، أن 92%من الجرائم الأسرية تندرج تحت ما يسمى بجرائم الشرف، و70% منها ارتكبها الأزواج ضد زوجاتهم و20% ارتكبها الأشقاء ضد شقيقاتهم، بينما ارتكب الآباء 7% فقط من هذه الجرائم ضد بناتهم والنسبة الباقية وهى 3% ارتكبها الأبناء ضد أمهاتهم، وأشارت الدراسة إلى أن 52% من هذه الجرائم ترتكب بواسطة السكين أو المطواة أو الساطور، وإن 11% «إلقاء من مرتفعات» و8% بالسم و5% بالرصاص و5% تعذيب حتى الموت. 
 
من جانبها تقول الدكتورة سامية خضر أستاذ علم الاجتماع كلية التربية جامعة عين شمس، إن السبب وراء انتشار هذه العنف الأسرى هو «غياب كلمة العيب ونسيان الحرام»، مشيرة إلى أن انعدام تأثير القوى الناعمة على المصريين خلال الأفلام السنيمائية والأعمال الدرامية، وأصبحنا نصدر إلى أذهان المصريين صورة متعاطى المخدرات والبلطجية ومستخدمى الأسلحة البيضاء، الأمر الذى انعكس سلبًا على المجتمع المصرى. 
 
وأكدت خضر فى تصريحات لـ «صوت الأمة»، أن المجتمع بحاجة إلى 100 مليون صحة اجتماعية مما أسمته السينما المصرية فى الأونة الأخيرة، لافتة إلى أن المجتمع بحاجة إلى ترسيخ العادات والتقاليد قبل إتمام أى زيجة بين الطرفين وعدم الاهتمام بالأمور المادية فقط والتركيز على الأخلاق والتربية السليمة، مشيرة إلى أن انفتاح عقول المصريين على السوشيال ميديا كان له دور كبير فى انتشار تلك الجرائم، خاصة أنه يزيد من شك الزوجين فى بعضهما البعض فالأمر لم يقتصر فقط على الزوج بل غيرة الزوجات أيضًا تدفعهن إلى ارتكاب الجرائم.
 
الدكتور محمد حسن، أستاذ علم النفس بجامعة حلوان، قال إن هناك العديد من العوامل وراء تزايد جرائم القتل داخل الأسر، على رأسها الأوضاع الاقتصادية الصعبة التى تواجه المجتمع، والتى أدت إلى وجود أمراض نفسية كثيرة، تدفع بالجانى لارتكاب جريمته، لافتاً إلى أن انتشار المخدرات بين فئات الشباب، وعلى رأسها مخدر الاستروكس تقف عاملا آخر أمام تزايد تلك الجرائم، خاصة مع تسجيل حالات كثيرة من المتعاطين وصل بهم الحال للشك فى نسب البنوة، وانتهت بعمليات قتل بشعة.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق