فنانة السوبرانو العالمية تانيا قسيس: «الله أكبر ولا إله إلا الله» تلائم الإسلام والمسيحية

الأحد، 20 يناير 2019 06:00 ص
فنانة السوبرانو العالمية تانيا قسيس: «الله أكبر ولا إله إلا الله» تلائم الإسلام والمسيحية
تانيا قسيس
شريف إبراهيم

 
فنانة لبنانية ذات صوت ملائكى يعانق السماء وإحساس دافئ يسطع فى الآفاق تحمل على عاتقها رسائل الحب والسلام والإنسانية، أسرت جميع المصريين بأدائها وهى تشدو بـ«ترنيمة مريم» ممتزجة بابتهال «مولاى إنى ببابك» خلال احتفالية افتتاح مسجد الفتاح العليم وكاتدرائية ميلاد المسيح بالعاصمة الإدارية، بحضور الرئيس عبدالفتاح السيسى، أنها تانيا قسيس الملقبة بالسوبرانو العالمية، التى بدأت مسيرتها المهنية فى تعلم الغناء مبكرا، حيث اكتشفت موهبتها بينما كانت فى السادسة عشر من عمرها، أصبحت مغنية منفردة وعضواً فى فرقة كورال أوركسترا باريس، لتنطلق فى رحلتها المتوهجة إلى الوقوف على أهم وأشهر مسارح العالم. 
 
حصلت «تانيا» على جائزة أفضل أغنية وطنية لعام 2015، وأغنية «الأرض للجميع» التى حظيت بإعجاب الرئيس الأمريكى وعائلته بحفل المؤسسة الكويتية الأمريكية 2017، حيث وقف ترامب وتحدث إليها قائلاً «أنت رائعة»، فضلاً عن اعتلائها خشبة مسرح قاعة الأولمبيا بباريس، كأول فنانة تقف على هذا المسرح منذ عام 1998، بعد فيروز وصباح وماجدة، وعادة ما تحرص «تانيا» التى تتقن عدة لغات من بينها العربية والفرنسية والإنجليزية والإسبانية على كسر حواجز الدين واللغة والثقافة وبمزيجها الموسيقى الفريد بين الشرق والغرب، على أن يكون الحنين إلى الوطن موجوداً فى أغنياتها لتنقله إلى المغتربين والعالم بأسره. 
 
لطالما كانت أصوات الترانيم وأجراس الكنائس والتواشيح مع الأذان والابتهالات الإسلامية لها مكانة عظيمة فى قلوب المجتمع المصرى ذى النسيج الواحد الذى يذوب به المسلم والمسيحى، تتفرس ملامحهما، فلا يمكنك تحديد المسلم من المسيحى، نفس الوجوه ونفس الملامح، تلك السمة التى دائما ما كانت مثار فخر واعتزاز لنا كمصريين على مر السنين، ونظرا لما حققه حضور تانيا قسيس إلى مصر من صدى ومآثر فى ذلك العرس المصرى الذى امتزج خلاله هلال المأذنة أعلى المسجد بصليب الكنيسة وشكلا معا مشهدا تجلت فيه صورة ترابط المصريين أمام أعين العالم، كان لزاما على «صوت الأمة» التواصل مع الفنانة اللبنانية والحديث معها عن الجديد الذى ستقدمه، وكل ما جاء من ردود أفعال من المصريين منذ حفل الافتتاح الأخير... وإلى نص الحوار.
 
بداية كيف جاء اختيارك للمشاركة فى الحفل؟ وكيف كان شعورك وأنت تؤدين «ترنيمة مريم»؟ وماذا لمست فى فن التراتيل المشتركة بين الأديان؟
 
اختيارى للمشاركة بالحفل تم بعد التواصل معى من قبل الشركة المصرية المسئولة عن تنظيم احتفالية افتتاح كاتدرائية ميلاد المسيح ومسجد الفتاح العليم بالعاصمة الإدارية الجديدة، بعدما عكفوا على البحث عن مطربين يقدمون فن الغناء الدينى الذى يجمع بين المسيحية والإسلام، فى إطار فكرة الدمج بين الأديان من خلال التراتيل، وفى إطار ذلك الاستقصاء توصلوا إلى الصلاة المشتركة التى قدمتها منذ عدة سنوات، وجمعت بين ترنيمة «آفى ماريا» أبرز وأقدم الصلوات باللغة اللاتينية، وبين الأذان، وبعد متابعتهم لما قدمته قاموا بالتواصل معى وتحدثنا عن إمكانية تقديمى لـ«ترنيمة مريم» ودمجها مع ابتهال «مولاى إنى ببابك» المشهورة بمصر، والتى سيكون لها رمزية وأهمية كبيرة بهذا الحدث.
 
أما عن شعورى باختيارى للمشاركة بتلك الفعالية، فأريد التنويه على أن تلك هى المرة الأولى التى أقدم خلالها صلاة مشتركة فى بلد عربى آخر بخلاف لبنان، وهو ما جعل من المشاركة شيئاً غير عادى ومثل سعادة بالغة بالنسبة لى.
 
ورسالتى هى دفع مشاعر الحب ونشر ثقافة الإسلام وحوار الأديان وفى ضوء ذلك الاتجاه الإيجابى اصبح يوم 25 مارس عيدا وطنيا إسلاميا مسيحيا، لأن هذا اليوم يتزامن مع عيد «البشارة»، ذلك الوقت الذى أنزل خلاله الملاك «جبريل» ليبشر السيدة مريم بأنها حبلى، وهى الواقعة التى أشار إليها القرآن والإنجيل والسيدة مريم لها قدسية كبيرة ومقام رفيع فى كل من المسيحية والإسلام ورمزيتها كبيرة بلبنان فى مختلف الثقافات والعقائد أيضا، وهذا هو سبب اختيارى لـ «ave maria» ترنيمة مريم، التى تعنى «السلام عليك يا مريم».
 
وأضافت، نحن هنا لا نتحدث عن «يسوع» بوجه خاص، لكننا نتناول الأشياء المشتركة بين المسلمين والمسيحيين، وقد قمت بدمج الترنيمة مع الابتهالات، وذكرنا فقط «الله أكبر، وأشهد أن لا إله إلا الله» لأنها تلائم كلا من الإسلام والمسيحية، وطبعا بدمجنا لـ«مولاى» مع الترنيمة، نكون قد قدمنا صلاة لله، ووضعنا ما يجمع المسلم والمسيحى، وذلك كان الهدف من وراء تلك الرسالة. 

كيف تابعت ردود فعل الجمهور على «ترنيمة مريم»؟ وماذا يمثل لك وجودك فى هذا الحدث؟

ردود فعل الجمهور كانت رائعة ومبشرة للغاية، بداية من على خشبة المسرح، حيث لمست سعادة الجمهور، وشاهدت تصفيقاتهم الحارة للتراتيل المشتركة، وكنت أنتظر بشغف لمشاهدة رد فعل الجمهور المصرى، لأننى أعلم جيداً أن ذلك النوع من الفن مختلف وحديث العهد فى مصر، لكن فى الوقت ذاته أعى أن المصريين يهتمون بالرسالة، وأنا أشاهد من خلال صفحات «السوشيال ميديا» أن هناك الكثير من المصريين يتابعون أعمالى، ودائما ما تصلنى رسائل تطالبنى بتقديم حفلات فى مصر، لذلك كنت سعيدة أن جاءت اللحظة أخيراً لأكون موجودة فى أم الدنيا، وبالفعل تابعت ما جرى بعد الحفل من تفاعل الجمهور على الانترنت وصفحات التواصل، وما كتبته الصحف وما تحدث به مقدمو البرامج عن الحفلة.
 
بعد نجاح «شو مخبى الليل» مع الجمهور المصرى، هل ستغيرين اتجاهك خلال الفترة المقبلة بحيث تكون أغانيك باللهجة المصرية أكثر من اللبنانية؟
 
نجاح « شو مخبى الليل» مع الجمهور المصرى وردود أفعالهم الإيجابية على الأغنية كان شيئا عظيما للغاية، وبكل تأكيد وجودى بهذا الحدث يمنحنى مسئولية أكبر لإيصال تلك الرسالة ذات الأهمية الكبرى، وأنه لمن الرائع أن يستطيع الفنان إيصال رسالته بخلاف الغناء، ويستغل صوته فى التأثير الإيجابى على الجمهور، وإن شاء الله فى القريب يمكننى عمل أغنية باللهجة المصرية، لأننى أحبها للغاية، وأتمنى أن تكون مشاركتى بالحفل هى «أول سلمة» لى فى مصر، وتمهد خطوتى المقبلة بالتعاون مع ملحنين وموزعين داخل مصر ونقدم أعمالا جيدة.
 
بعد تصدر أغنية «شو مخبى الليل» المرتبة الأولى فى الاحصاءات اللبنانية الرسمية، هل طريقة تفكيرك تغيرت فيما يتعلق باختيار أعمالك؟ 
 
حصول أغنيه «شو مخبى الليل» على المرتبة الأولى بلبنان هذا الصيف كان تحديا كبيرا بالنسبة لى، لأنها رغم أوجه التشابه فإن الجمهور قد يراها موسيقى جديدة نوعا ما عما اعتاد سماعه منى، حيث اعتدت دائما على أداء الأغانى الوطنية، لكننى رغم ذلك قدمت العديد من الأغانى العاطفية بالماضى، لكن «شو مخبى الليل» هى أول أغنية تحدث ضجة كبيرة بالبلد، وأنا لا أعتبر هذا النجاح سببا لتغيير توجهاتى فى اختيار أعمالى، على العكس أعتبره يضيف لمسيرتى الفنية، وهو أيضا ليس بالبعيد عن  «الاستايل الغنائى» الذى أقدمه، فبرغم أن أغنية «شو مخبى الليل» لا تحمل رسالة، لكنها قريبة إلى حد كبير مما اعتدت تقديمه أيضا.
 

تغنيت مؤخرا بالنشيد الوطنى اللبنانى بذكرى الاستقلال الـ 75 فى نوفمبر الماضى، وفى يناير الجارى قدمت بعض أغانيك أمام الرئيس السيسى، فماذا تمثل لك هذه الاختيارات، بأن تصبحى الصوت الوطنى فى المناسبات الوطنية العربية؟

بخصوص النشيد الوطنى اللبنانى، فأنه يعز على قلبى كثيراً أن أقوم بتسجيل توزيع جديد للنشيد الوطنى اللبنانى دون أن نغير شيئا فيه، خاصة عندما نحيى الذكرى الـ 75 لاستقلال بلد يمر ببعض الأوقات الصعبة حالياً، حيث كان من الرائع أن نقدم شيئا له صدى، وفى ذكر ذلك أريد أن أؤكد على أننى تشرفت بالتعاون مع الموزع ميشال فاضل، الذى قام بتوزيع النشيد الوطنى اللبنانى، وهذا التعاون كان تجربة أكثر من رائعة، وأضاف لى خبرة كبيرة.
 
وبالحديث عن كونى أصبحت الصوت الوطنى فى المناسبات الوطنية العربية، فحقيقة أنه داخل لبنان ارتبط اسمى كثيراً بالمناسبات الرسمية، ودائما ما يتم مشاهدتى متواجدة بمناسبات كبيرة، وهذا يرجع لأن الجمهور يشعر بصدقى عندما أغنى للبنان، كما أن فوزى بجائزة «الموركس دور» لأفضل أغنية وطنية، كان من ضمن العوامل المعززة لمسيرتى بالغناء الوطنى، حتى أننى مثلت لبنان فى ملتقى الأعمال الفرانكفونية خلال عام 2001، لذلك فأنه لشرف عظيم لى أن أكون الصوت الوطنى أولاً لبلدى وثانيا للوطن العربى بأسره، وكم كنت سعيدة أن تتاح لى الفرصة لأقدم الترانيم فى مصر، وتحديدا أمام الرئيس عبدالفتاح السيسى، وهنا يشعر الفنان بأهميته وقدرته على نشر رسالته، وفى الوقت ذاته أنه لشعور جيد للغاية عندما تقدم رسالة تحقق صدى وتؤثر بالجمهور. 
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق