مبادرة الرئيس.. فرصة ذهبية للقضاء على ظاهرة المشردين وأطفال الشوارع

الأحد، 27 يناير 2019 11:17 ص
مبادرة الرئيس.. فرصة ذهبية للقضاء على ظاهرة المشردين وأطفال الشوارع
عادل السنهورى يكتب:

- قاعدة بيانات صحيحة والاستعانة بتجارب دول مثل البرازيل  والأرجنتين وتوحيد الجهود.. أساس نجاح الحملة
 
- وزارة التضامن أعلنت برنامج «أطفال بلا مأوى» عبر التنسيق مع «صندوق تحيا مصر» بتكلفة 164 مليون جنيه
 
هل كان من الضروري انتظار مبادرة رئاسية لإطلاق «حملة المشردين وأطفال الشوارع»، وحتى تتحرك الجهات المعنية في ميادين وشوارع مصر لتنظيفها من ظاهرة اجتماعية خطيرة تعتبر قنابل موقوتة، وتمثل مشهدا غير حضاري وتشكل تهديدا أمنيا واجتماعيا وإساءة غير مقبولة بالطبع لصورة مصر وشوارعها أمام الزائرين وحتى أمام المواطنين؟!
 
يبدو أن غالبية مؤسساتنا الحكومية لا تتحرك إلا إذا جاءت التعليمات من أعلى وبصورة حاسمة وصارمة، وما دون ذلك فالركود والبيروقراطية يسيطران على أداء الجهاز الحكومى المحلي، وأقصد به المحليات في كل مكان في مصر والتي توجه لها السهام بأنها وراء كل فساد في مصر.
 
فأين رؤساء المدن والأحياء - وما أدراك ما رؤساء الأحياء - من ظاهرة أطفال الشوارع والمشردين والمتسولين منذ عشرات السنين، ولماذا لم يتحرك هؤلاء لمواجهة هذه الظاهرة؟. حقيقة الأمر أن الكيل فاض من المحليات وأصبح حتميا وضروريا التغيير الجذرى فى شكل المحليات الحالية التى مر على تأسيسها بشكلها الحالى أكثر من نصف قرن!
 
المسئولية لا تقع وحدها على وزارة التضامن الاجتماعى والوزيرة الدكتورة غادة والى، والتى - للإنصاف - أطلقت عدة مبادرات منها مشروع «أطفال بلا مأوى» فى العام قبل الماضى وأيضا فرق الإنقاذ للمشردين.
 
لكن كما يقول المثل «إيد لوحدها ما تصقفش».. فالقضية لا تعنى فقط وزارة التضامن وإنما هى قضية قومية ينبغى أن يشارك فيها الجميع سواء جهات حكومية أو منظمات مجتمع مدنى حتى تؤتى الجهود ثمارها، وتنتهى هذه الظاهرة عبر برامج اجتماعية تنموية متنوعة يتحول من خلالها أطفال الشوارع والمشردون من قنابل موقوتة إلى طاقة إنتاجية.
 
والآن طالما أن المبادرة أطلقها الرئيس عبدالفتاح السيسى.. فهناك ضرورة لوضع خطة شاملة بناءً على قاعدة بيانات صحيحة للتخلص من الظاهرة، والدراسات كثيرة فى هذه الاتجاه، والتجارب الدولية لبعض الدول التى تتشابه ظروفها الاجتماعية والاقتصادية مع ظروف مصر حاضرة ويمكن الاستعانة بها.
المهم الآن تحديد الأرقام الصحيحة لعدد المشردين وأطفال الشوارع وأماكن تواجدهم وانتشارهم.. فالوزارة قالت إن أعدادهم 16 ألفا طبقا لآخر مسح شامل قام به مركز البحوث الجنائية والاجتماعية، ومنظمة الطفولة التابعة للأمم المتحدة ذكرت أنهم 2 مليون، وهذا فارق شاسع.
ظاهرة أطفال الشوارع فى مصر انتشرت خلال العقود الأخيرة، مع تردى الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الصعبة، وارتبطت بمشكلات أخرى مثل التسوُّل والمخدرات والعنف والاستغلال الجنسى.
 
فهل يمكن الحد من الظاهرة؟
 
وزارة التضامن كانت أعلنت برنامج «أطفال بلا مأوى» عبر إلى تنسيق مع «صندوق تحيا مصر»، بتكلفة 164 مليون جنيه، لاستهداف نحو 12 ألفا و700 طفل فى عشر محافظات هى الأعلى كثافة من حيث تجمع الأطفال الذين هم بلا مأوى، بهدف تقديم خدمات الإعاشة والتأهيل لهؤلاء الأطفال، ودمج 60 % منهم فى أسر أو فى دور رعاية اجتماعية بعيدا عن الشارع، بالإضافة إلى تطوير البنية التحتية وزيادة القدرة الاستيعابية لست مؤسسات للرعاية الاجتماعية، وتفعيل الوحدات الاجتماعية المتنقلة بتشكيل 17 فريق عمل بالشارع لتقديم خدمات مباشرة للأطفال، ومنها الفحص الطبى والعلاج المجانى لفيروس «سى»، وإنشاء مرصد لمتابعة الظاهرة وقياس التغيرات الحادثة بها. فى دول مثل البرازيل والأرجنتين هناك تجارب أيضا يمكن الاستعانة بها حتى ننتهى من حيث انتهى الآخرون، فالبرازيل مثل غيرها من الدول النامية عانت من ظاهرة أطفال الشوارع وأبدعت فى حلها فى إطار خطة تنمية شاملة.. ودول كثيرة مثل روسيا والصين وحتى الولايات المتحدة الأمريكية قدمت النموذج فى القضاء على الظاهرة والاستفادة من هؤلاء المشردين واللقطاء عبر مراكز التأهيل والتربية والتعليم، حتى صار منهم الطبيب والمهندس وأستاذ الجامعة والضابط والفنان والكاتب، وأصبحت تجربتها فى ذلك الملف ضمن أبرز 3 تجارب عالمية فى مجال معالجة وحل أزمة أطفال الشوارع، بالإضافة إلى الهند وبريطانيا.
 
التجربة البرازيلية فى القضاء على ظاهرة أطفال الشوارع استمرت لمدة 5 سنوات، وكان عنوانها «الأطفال لا يريدون مؤسسة خيرية.. الأطفال يريدون المستقبل» وتم تطبيقها على مدينة كوريتيبا البرازيلية، حيث يبلغ تعداد المدينة البرازيلية نحو 2 مليون و700 ألف نسمة، أسفرت نتيجتها بعد تطبيق السياسات العامة الشاملة للحماية الوطنية والطفولة والشباب والأمن بالتعاون مع منظمات المجتمع المدنى والسلطة الحالية، عن القضاء وبشكل تام عن الظاهرة، حيث أصبح عدد أطفال الشوارع هناك «صفر».
 
كما نظمت البرازيل فى مارس الماضى كأس العالم لأطفال الشوارع فى ريو دى جانيرو، فى إطار حملة عالمية تسعى لمنح أطفال الشوارع الحماية والفرص التى يستحقها جميع الأطفال، ومن خلال كرة القدم والفن والاجتماع الدولى لأطفال الشوارع، وكان هدف الحملة تحدى التصورات والمعاملة السلبية لأطفال الشوارع، وشارك فيها فرق من أطفال الشوارع من نحو 20 دولة منها مصر. 
 
وأعتقد أنه حان الوقت مع التوجيهات الرئاسية لوضع خطة قومية شاملة للقضاء على هذه الظاهرة، بالاستعانة بتجارب الدول الأخرى وبالمنظمات الدولية المعنية، فمنظمة الطفولة التابعة للأمم المتحدة «اليونيسيف» طرحت مبادرة جذب أطفال الشوارع بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وهو ما طبقته الأرجنتين.. ومصر تستطيع بالتعاون مع «اليونيسيف» تطبيق التجربة لجذب أطفال الشوارع والمساهمة فى تحسين مهارات القراءة والكتابة والتعليم العام وإكسابهم مهارات جديدة.
إقرأ ملف العدد صـ

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق