مستقبل السينما في خطر.. «القرصنة» تهدد بإفلاس المنتجين.. ونقاد: لابد من تشريعات تحمي الصناعة

الأحد، 27 يناير 2019 05:00 م
مستقبل السينما في خطر.. «القرصنة» تهدد بإفلاس المنتجين.. ونقاد: لابد من تشريعات تحمي الصناعة
مصطفى مكى


«هوليوود الشرق».. مصطلح ارتبط دوما بالسينما المصرية، لكنه تراجع مع مرور السنوات، لعدة أسباب بعضها خاص بظروف إنتاجية وأخرى تتعلق بإهمال دور العرض السينمائية، بالإضافة إلى عوامل أخرى باتت تهدد صناعة السينما المصرية، بجانب «القرصنة» أول وأكبر المشاكل التى تواجه السينما المصرية، وتؤثر بشكل مباشر على المنتجين، وتمنعهم من الإنفاق بقوة على الأعمال السينمائية، ومع التطور التكنولوجى والمعلوماتى وانتشار الإنترنت على نطاق واسع أصبح الجميع يتعامل مع تلك الشبكة العنكبوتية لمشاهدة أحدث الأفلام، ما تسبب فى تضرر السينما المصرية من نزيف ما تتعرض له من خسائر كبرى.

تدمير دور السينما
لم تفتتح فى مصر أى دور سينما جديدة منذ عام 2011، وسط عمليات إغلاق واسعة رصدتها وزارة الثقافة فى جميع محافظات الجمهورية.. «صوت الأمة» ترصد فى السطور التالية أهم دور العرض التى اختفت فى مختلف أنحاء الجمهورية، ومن أشهر دور العرض التى أغلقت وخاصة التاريخية منها سينما مترو، وهى أول دار عرض مكيفة فى مصر، وسينما «تريومف» التى شهدت أول عرض لفيلم أجنبى «مدبلج» 1938 وأغلقت أبوابها منذ زمن طويل.
 
وفى محافظة القاهرة أغلقت 61 سينما، منها «جرين بالاس، والنزهة الصيفى، ورويال الجديدة وأواسيس والكورسال الجديدة وألمظ، والترجمان1 والترجمان2 والحرية بالخانكة وفينوس، والأهلى بشبرا الخيمة والحدائق ونيوستار، وسينما ومسرح الجزيرة بالمنيل، ومون لايت وسينما الحديقة الدولية وسينما الميرلاند ونادى المقطم، و4 سينمات تابعة لرويال اليمامة وسينما اكسنيت وسينما حدائق أكتوبر، وسينما داون تاون، و3 سينمات تابعة لجودنيوز جراند حياة وسينما قصر النيل، وسينما القاهرة التابعة لأفلام الشرق وسينما حديقة الجبل التابعة لشركة الكواكب، وسينما نادى الزراعيين ونجيب الريحانى، ونادى النخيل، ونادى سيتى كلوب، وسينما قرية اللوتس السياحية، وفاتن حمامة، وسينما فريد شوقى، وسينما ماجدة بحلوان».
 
وفى الجيزة تم إغلاق 41 دار عرض منها: 3 سينمات تابعة لجودنيوز بورتو مارينا وسينما فانتزيو الشتوى وفانتزيو الصيفى وسينما الكيت كات بالاس فى إمبابة، وسينما قصر السمر السلاملك وسينما الحرية وسينما النخيل وسينما رينيسانس الجونة 1 و2، وسينما بالاس وفريال وميامى فى شارع الهرم، وسينما حديقة السمر والهرم 1 وسينما مسرح عتاب والحرية 1 و2، وسينما مينا بالاس وسينما رينيسانس مركز التجارة العالمى وسينما جودنيوز فى داندى مول، و3 سينمات تابعة لأليكس سنتر، و13 سينما تابعة لعثمان جروب سينما، وسينما جودنيوز القرية الفرعونية، وسينما مصر، وسينما شبرا بالاس.
 
وفى عروس البحر الأبيض المتوسط محافظة الإسكندرية، والتى هدمت بها 46 دار عرض، وحل محلها أبراج سكنية فيما تحول بعضها لصالات أفراح، ومن بين دور العرض التى أغلقت «الهمبرا» وسينما «الهلال» التى شيدت سنة 1943، وسينما «رمسيس»، وسينما «بلازا»، وسينما «كونكورديا» شيدت سنة 1938، وسينما «متروبوليتان» وسينما سمرمون بالعجمى وأغلقت أبوابها الآن بشكل نهائى، وسينما المصرية.
 
ومن الإسكندرية للبحيرة فقد فشلت محاولات إعادة إحياء سينما «النصر الصيفى» بمدينة دمنهور، كما فقدت مدينة كفر الدوار 3 دور عرض، وفى الشرقية وبورسعيد والإسماعيلية اختفت السينما، ولم يتبق فيها إلا دور عرض قليلة، فالإسماعيلية على سبيل المثال كان بها 25 صالة عرض ومع مرور السنوات وصل عددها إلى 4 فقط، وكذلك السويس التى هدم فيها ما يقرب من 18 دار عرض، فيما اختفت دور العرض من الصعيد تقريبا ولم يتبق إلا أعداد قليلة تعد على أصابع اليد.
 
وفى المنصورة، تم إغلاق سينما الكواكب، وتحولت لمول تجارى منذ 8 سنوات، وكذلك سينما عدن التى تحولت إلى جراج، وهدمت 3 دور عرض وهى سينما النصر بجوار السنترال بشارع البحر وتحولت إلى برج سكنى وسينما أوبرا بجوار سينما النصر بالداخل تحولت لبرج سكنى، أما سينما «التحرير الصيفى» بجوار مدرسة العائلة المقدسة فأصبحت فضاء بعد هدمها، وسينما «ركس» بمنطقة ميت حضر أصبحت خرابة تسكها الأشباح بعد أن أغلقت فى أواخر السبعينيات، كما أغلقت سينما الكمال بمركز بلقاس ومنذ إغلاقها يعيش أهالى المدينة بلا سينما.
 
وفى محافظة الغربية، أغلقت سينما الجندول فى شارع البحر، وبنى مكانها قاعة للأفراح كما أغلقت سينما المحلة، وفى «المنوفية» كان يوجد شارع فى المدينة ما زال يدعى «شارع السينما» نسبة إلى السينما التى كانت موجودة به منذ أكثر من 20 عاما، ولكنها هدمت أيضا، وفى محافظة «دمياط» أغلقت 4 دور سينما.
 
وفى كفر الشيخ نفس الحال تقريبا، حيث أغلقت 3 سينمات، الأولى كانت سينما «الثقافة»، التابعة للهيئة العامة لقصور الثقافة، والثانية سينما بلطيم، والثالثة وهى أكبرها «سينما الجمهورية» التى تم شراؤها عام 1990 بعقد بيع رسمى فى عهد صبرى القاضى محافظ كفر الشيخ آنذاك، وضمها لإدارة ديوان عام المحافظة بعد أن أغلقها الأهالى.
 
الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، أصدر تقريرا عن حال دور العرض فى مصر، وكشف فيه أن عدد دور السينما فى مصر كان 92 فى عام 2012، مقارنة بـ 100 دار عرض فى العام 2011 و150دارا فى العام 2008، ويعنى هذا أن مصر فقدت 58 دار عرض سينمائى فى الفترة ما بين 2008 - 2014. تدمير التاريخ وتعليقا على ما عانت منه دور العرض فى مصر، أبدى صناع السينما وأساتذة التاريخ غضبهم، واعتبروا الأزمة تدميرا للتاريخ المصرى، ورأت الدكتورة سهير حواس، نائب رئيس الجهاز القومى للتنسيق الحضارى، فى تصريحات صحفية لها أن هدم «السينمات» يعتبر هدما لجزء من التاريخ، مطالبة بضرورة عدم إصدار المحافظة ترخيص الهدم لدور العرض بجانب ردع المخالفين.
أين وزارة الثقافة؟
 
فى السياق ذاته، أبدى الناقد الفنى طارق الشناوى، استياءه الشديد مما يحدث مع دور العرض المصرية التاريخية التى هدمت دون معاقبة الفاعل، وخاصة السينمات التاريخية مثل سينما فاتن حمامة التى شهدت استخدام الرئيس الراحل محمد أنور السادات للتمويه ليلة اندلاع ثورة 23 يوليو 1952، حيث حضر فيها فيلما ليختفى عن أنظار المراقبة.
 
وقال الشناوى: « يجب على وزارة الثقافة أن تتدخل لمنع هدم أى دار عرض بأى حجة، لأنها تعتبر أثرا على المستوى السينمائى، ويؤدى إلى تجريف الحياة السينمائية والثقافية للمجتمع، مع ضرورة وجود قانون يجبر صاحب الأرض، الذى اشتراها عند بناء أى مبنى مكان دور السينما، يجب عمل أول دور من المبنى ليكون سينما»، متمنيا إعادة تفعيل هذا القانون، مشيرا إلى أن قلة أعداد دور العرض ينبئ بخطر على مستقبل صناعة السينما نفسها، لأن دار العرض السينمائى هى منفذ التوزيع الوحيد.
 
فيما اتفق المخرج الكبير مجدى أحمد على مع ما قاله الناقد البارز طارق الشناوى، حيث طالب وزارة الثقافة صراحة بأن تكون واعية فى مسألة دعمها لصناعة السينما، بمعنى أن يكون لديها موقف واضح فى هذا الدعم، لأنها فى النهاية صناعة وطنية مهمة للتنمية وإشاعة مناخ للبهجة والتنوير الثقافى والفكرى، يتوافق مع حرب الدولة ضد الإرهاب.
 
وتمنى المخرج الكبير أن يكون للشركة القابضة الجديدة التى أعلنت عنها وزارة الثقافة مؤخرا دور فعّال فى مثل هذه الأزمات، مضيفا أن «تلك الجهة كانوا يطمحون فى تأسيسها منذ سنوات طويلة، حفاظا على التراث ونيجاتيف الأفلام»، إلا أنه ربط المسألة بضرورة تدخل سيادى من الدولة يؤكد دعمها الحقيقى لهذه الصناعة ويحميها من فوضى الوقوع فى قبضة القطاع الخاص، كما تتجه المخاوف لدى البعض.
 
المنتج حسين القلا، كان له رأى صادم إذ أكد أن جميع الملفات السينمائية التى تفتح بين الحين والآخر «لا يعرف لها صاحب»، متسائلا عن هوية الأشخاص المسئولين عن هذا الملف، و«لماذا لا يلجأون لأصحاب الصناعة ذاتهم؟» مشيرا إلى أن «العمل بالملف السينمائى المصرى بشكل عام يدار بطريقة عشوائية، وكل ما يطالب به أو يعلن عنه مثل فكرة زيادة دور العرض لا وجود له على أرض الواقع»، كما طالب بضرورة زيادة عدد دور العرض السينمائية.
 
وأكد عبدالجليل حسن، المستشار الإعلامى للشركة العربية للسينما، أن القرصنة تهدد عملية الإنتاج السينمائى بالانقراض، مطالبا بضرورة ردعها، والتصدى لها بحسم لحماية صناعة السينما من الانهيار، وهو ما توافق معه، منيب شافعى رئيس غرفة صناعة السينما، الذى أكد فى تصريحات صحفية له، أن الغرفة على اتصال دائم بشرطة المصنفات الفنية وجهاز الرقابة على المصنفات الفنية لشن حملات تفتيشية مستمرة لمحاصرة القراصنة فى جميع دوائر قرصنتهم سواء أماكن طبع السيديهات الموجودة تحت السلالم أو من خلال منافذ البيع وكذلك مواقع الإنترنت.
 
وعن المشاكل التى تعانى منها السينما المصرية، كتب الإعلامى والناقد الفنى أحمد الهوارى، مقالا مختصرا يصف فيه حال السينما المصرية بعنوان «جارٍ تدمير صناعة السينما»، قال فيه: البناء صعب والدمار لا يوجد أسهل منه، منذ سنوات تجاوزت 10 بقليل حدث انهيار فى صناعة السينما بسبب سياسة الاحتكار، فالمنتج هو الموزع وهو من يمتلك دور العرض، وعندما يكون لذلك المحتكر فيلم تفتح له معظم القاعات على حساب باقى الأفلام التى لا يمتلك منتجوها دور عرض أو يعملون فى مهنة التوزيع، وهو ما أدى لهروب نجوم السينما للدراما التليفزيونية، وانتعشت الدراما بشكل كبير مع زيادة عدد القنوات الخاصة وعدد المسلسلات المعروضة، ولكننا والحق يقال لا نترك حجرا فوق آخر، زادت الأجور بشكل مبالغ فيه وزادت الحروب بين القنوات وشركات الإنتاج، وتقلصت «تورتة الإعلانات» وبدأنا فى تدمير صناعة الدراما.
 
واختتم مقاله قائلا: ماذا تريدون من السينما؟ هل تعلمون أنه لو انهارت السينما مع تعثر الدراما كم شخصا لن يجد قوت يومه، هل تعلمون أن تلك الحروب أضرارها ستصيب الجميع بما فيها أنتم؟، أفيقوا قبل فوات الآوان.
قنوات الأفلام
 
كان لـ سيد فتحى - مدير عام غرفة صناعة السينما باتحاد الصناعات المصرية - رأى آخر فى خسائر السينما بعيدا عن القرصنة، حيث قال: صناعة السينما تواجه تحديات لا حصر لها، وتهدد شركات الإنتاج بالتوقف، خاصة بعد ظهور قنوات الأفلام الفضائية الحاصلة على حق التردد من الخارج، والتى تتسبب فى خسائر بملايين الجنيهات للمنتجين المصريين بسبب عرضها لنسخ مسروقة لأفلام مصرية بالتزامن مع طرحها فى صالات عرض السينما دون مراعاة لحقوق المنتجين، فتضيع فرصة المنتج فى تسويق الفيلم.
 
وشدد فتحى، على ضرورة تدخل الدولة من أجل وقف هذا الأمر، وملاحقة القائمين على تلك القنوات، وضرورة تطوير التشريعات والقوانين التى تخص صناعة السينما، حيث أطلق حملة ضد هذه القنوات، مطالبا الدولة بسرعة إغلاقها ومحاكمة القائمين عليها لما تسرقه من جهود وأموال ناس دون وجه حق.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق