ماذا ينتظر الشعب بعد نجاح برنامج الإصلاح الاقتصادي؟

السبت، 02 فبراير 2019 03:00 م
ماذا ينتظر الشعب بعد نجاح برنامج الإصلاح الاقتصادي؟
عادل السنهوري

 
■ إشادة «لاجارد» ومؤسسات التمويل والتصنيف الدولية تؤكد أن مصر تسير على الطريق الصحيح
 
يتساءل كثيرون في مصر الآن، ماذا بعد نجاح مصر في برنامج الإصلاح الاقتصادي؟ هل يعني ذلك أن مصر في طريقها إلى التحليق في آفاق النمو وجنى ثمار مرحلة الإصلاح بعد عبور المرحلة الأصعب منه؟ وهل يبدأ الشعب المصري في تعويص «صبره العظيم» وتفهمه ووعيه للإصلاح الصعب.. خيرا؟ هل يكون عنوان المرحلة المقبلة هو استمرار البناء والتعمير والتنمية الشاملة؟
 
الأسئلة مشروعة، وتبدو منطقية، خاصة أنها تأتي متزامنة مع بيان سيدة «صندوق النقد» الأولى كريستين لاجارد، مدير عام صندوق النقد الدولي، مساء الجمعة الماضية، ومع تقارير الإشادة من منظمات التمويل الدولية ومؤسسات التصنيف الائتماني أيضا.
 
السيدة «لاجارد» أكدت أن مصر حققت تقدما كبيرا يدلل عليه نجاحها في تحقيق الاستقرار الاقتصادي الكلي منذ أن شرعت عام 2016 في برنامج إصلاح اقتصادي طموح يدعمه الصندوق حاليا بمقتضى اتفاق مالي.
 
وبحسب «لاجارد»، أصبح معدل النمو من أعلى المعدلات المسجلة في المنطقة، كما يسير عجز الميزانية في اتجاه هبوطي، والتضخم في طريقه إلى بلوغ الهدف الذي حدده البنك المركزي مع نهاية 2019، كذلك انخفضت البطالة إلى 10 % تقريبا، وهو أدنى معدل بلغته منذ عام 2011، وتم التوسع في إجراءات الحماية الاجتماعية. 
 
هذه الإجراءات- وهذا ليس كلام لاجارد- مكنت مصر من احتواء أي آثار جانبية للإصلاح الاقتصادي، على عكس ما حدث في دول أخرى مثل اليونان والأرجنتين، فأعلنت مصر عن حزمة إجراءات اجتماعية حمائية مثل برنامج «تكافل وكرامة» وزيادة المعاشات والإعلان عن برنامج الإسكان الاجتماعي ومحاولة التحكم في زيادة الأسعار، علاوة على البرامج الصحية التي تصب كلها في صالح الطبقات محدودة الدخل والفقراء وآخرها برنامج «حياة كريمة».
 
نعود إلى السيدة «لاجارد» التي أعلنت في بيانها- ووفقا لما حققته مصر- بأنها ستوصي بأن يوافق المجلس التنفيذي للصندوق، على المراجعة الرابعة لبرنامج قرض مصر البالغ 12 مليار دولار، في خطوة من المتوقع أن تفرج عن دفعة حجمها 2 مليار دولار، ومن المتوقع أن تتلقي مصر الشريحة الـخامسة من قرض صندوق النقد الدولي، التي تعد الدفعة قبل الأخيرة من قرض الصندوق لمصر خلال فبراير المقبل.
 
قال الدكتور محمد معيط، وزير المالية، اليوم السبت، إنه من المتوقع أن يقوم صندوق النقد الدولي، بصرف الشريحة الـخامسة، التي تعد الدفعة قبل الأخيرة من قرض الصندوق لمصر، بقيمة 2 مليار دولار، خلال الشهر المقبل، فبراير 2019، من قرض قيمته الإجمالية 12 مليار دولار.
 
وأكد الدكتور محمد معيط، وزير المالية، فى تصريحات خاصة للزميلة «اليوم السابع»، أنه بصرف الشريحة الخامسة تكون مصر قد حصلت على 10 مليارات دولار من القرض، وذلك في أعقاب المراجعة التى تمت من قبل بعثة صندوق النقد الدولي لبرنامج مصر للإصلاح الاقتصادي، وسوف يرفع تقرير مراجعة أداء برنامج الإصلاح على المجلس التنفيذى لصندوق النقد الدولي خلال الأسابيع القليلة المقبلة، للموافقة على صرف الشريحة.
 
ولفت وزير المالية، إلى أن برنامج الإصلاح الاقتصادى يسير بتقدم ثابت، وسط إشادة من المؤسسات الدولية ومجتمع الاستثمار العالمي، ومؤسسات التصنيف الائتمانى. ولا يتبقى لمصر سوى دفعة أخيرة من قرض صندوق النقد الدولي، سوف يتم صرفها في يونيو أو يوليو 2019، وبقيمة 2 مليار دولار، وذلك عقب اجتماعات الربيع لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، في واشنطن، التي سوف تعقد في أبريل 2019، وبصرفها يكتمل قرض صندوق النقد الدولي لمصر الإجمالي بقيمة 12 مليار دولار.
 
وخلال 6 أشهر من الآن، تنتهي مصر من برنامج التمويل والقرض الذي اتفقت عليه مع صندوق النقد الدولي، الذي بدأ فى نوفمبر 2016، ويمتد لمدة 3 سنوات، وشمل إجراءات خاصة بتحرير سعر الصرف، وإصلاحات في المالية العامة للدولة، وخفض عجز الموازنة والدين العام، وهيكلة دعم الطاقة.
 
ويعتبر صندوق النقد الدولى، أن مصر قصة نجاح لبرنامج الإصلاح الاقتصادي وبالتالي فإن إتمام مصر لإجراءات البرنامج يعالج جزءًا من المشكلات الهيكلية التي كانت تواجهها، مثل توافر النقد الأجنبي وعجز الموازنة وهيكلة الدعم.

نعود مرة أخرى إلى الأسئلة المطروحة وماذا بعد؟
 
مراقبون وخبراء اقتصاديون يؤكدون أن مرحلة العمل والإنتاج، هي المرحلة التالية لبرنامج الإصلاح الاقتصادي الذي تم بالتعاون مع مؤسسات التمويل الدولية، وينتهي مع بداية عام 2020، وهي المرحلة التي تحمل شعار «الاستثمار في رأس المال البشري»، ومصر تنفذ مجموعة من البرامج المهمة لإصلاح منظومتي التعليم والصحة، بما ينعكس إيجابًا على جودة الخريجين ومستوى تأهيلهم للالتحاق بسوق العمل، الذي يحتاج إلى التدريب المستمر، وأيضًا تطبيق منظومة التأمين الصحي الشامل، وتأهيل المناطق العشوائية، كلها تصب في تحسين مستوى جودة حياة ومعيشة المواطن المصري، الذي يعد البطل الحقيقى لبرنامج الإصلاح الاقتصادي.
 
المحور الآخر لتحقيق التنمية المستدامة والوصول إلى معدلات نمو تصل إلى 8 % خلال 3 سنوات من الآن، هو التوسع العمراني وإنشاء أكثر من 14 مدينة جديدة تتيح امتصاص جزء من الاستثمارات الأجنبية المباشرة وتوفير الملايين من فرص العمل، فى مشروعات مثل البنية التحتية وإنشاءات عمرانية متكاملة، ومدن ذكية، وتطوير ورفع كفاءة العمل الحكومي، خاصة فى العاصمة الإدارية الجديدة التى ينتقل لها 50 ألف موظف خلال العام المقبل.
 
«لاجارد» نفسها نصحت بأنه من المهم البناء على التقدم الذى تحقق حتى الآن، والمضي قدماً فى الإصلاحات الهيكلية التي تسهل تحقيق النمو وخلق فرص العمل بقيادة القطاع الخاص، إلى جانب الإجراءات التى تعزز الشفافية والمساءلة، ومن ثم تسهم في تحسين الحوكمة، وسيساعد هذا في الوصول إلى نمو أعلى وأكثر شمولاً للجميع ويضمن مستويات معيشية أفضل لكل المواطنين. 
 
والجملة الأخيرة «لكل المواطنين» يجب أن نتوقف عندها فالشعب المصري يستحق الإشادة لأنه صبر وتحمل والتزم بعملية الإصلاح رغم الأعباء القاسية، وعليه فإنه يستحق الهدايا بل وينتظرها، فما يلقاها إلا الصابرون.

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة