أفريقيا على ضفاف النيل.. الاتحاد الأفريقي «بيتكلم مصري» في 2019

السبت، 02 فبراير 2019 07:00 م
أفريقيا على ضفاف النيل.. الاتحاد الأفريقي «بيتكلم مصري» في 2019
الرئيس عبد الفتاح السيسي
محمود علي

استحداث لجنة للشئون الأفريقية بمجلس النواب وإنشاء الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية أعادا لمصر وجهها الأفريقى

الرئيس السيسى يتسلم رئاسة الاتحاد الأفريقى من رئيس رواندا الأحد 10 فبراير

30% من زيارات الرئيس الخارجية كانت مخصصة لدول أفريقية والمشاركة في قمم ومنتديات تدعم حقوق القارة

مصر أسست منظمة الوحدة الأفريقية ووضعت اللبنة الأولى للاتحاد ودافعت بقوة عن أشقائها الأفارقة

صباح الأحد العاشر من فبراير يعقد القادة الأفارقة قمتهم العادية داخل مقر الاتحاد الأفريقى بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا، تبدأ القمة بجلسة مغلقة، تليها جلسة مفتوحة يقوم خلالها رئيس رواندا بول كاجمى، بتسليم الرئيس عبدالفتاح السيسى رئاسة الاتحاد الأفريقى لعام 2019، فى إشارة لانطلاق العودة المصرية القوية لأفريقيا.
 
هذه اللحظة سبقتها ترتيبات كثيرة، وتحركات مصرية رفعت شعار «أفريقيا فى قلب مصر»، فحتى قبل أن يتفق القادة الأفارقة فى قمتهم السابقة فى يناير 2018 على انتخاب مصر والرئيس السيسى لرئاسة الاتحاد الأفريقى 2019، كانت مصر تتحرك فى اتجاه واضح وهو خدمة كل القضايا الأفريقية، وكانت لسان القارة فى كل الفعاليات والمنتديات الدولية، فلم يترك الرئيس اجتماعا ولا لقاء إلا وكان حاضرا بأجندة تخدم القارة السمراء، التى تمثل الظهير القوى لمصر.
يذهب الرئيس السيسى إلى إثيوبيا لتسلم رئاسة الاتحاد الأفريقى ولديه أجندة مليئة بالأفكار وآليات التنفيذ، فضلاً عن تجربة مصرية ثرية استطاعت أن تضع الدولة فى المسار الصحيح فى شهور قليلة، وهو ما تحتاجه الكثير من دول القارة، الباحثة عن عناصر التنمية.
 
تذهب مصر إلى أفريقيا وفى جعبتها الكثير، وتاريخ طويل ملىء بمواقف تثبت العمق الأفريقى لمصر التى كانت المناصر الأول لقضايا التحرر الوطنى فى القارة السمراء، ما جعلها عاصمة أفريقيا، إليها يحج القادة الأفارقة، ومن أزهرها وكنيستها يستقى الأشقاء علومهم الدينية. فى هذا الملف نتحدث عما تملكه مصر فى جعبتها للأشقاء خلال عام ستتولى فيه القاهرة والرئيس عبدالفتاح السيسى رئاسة الاتحاد الأفريقى، خاصة فى ظل التحديات الكثيرة التى تواجه القارة السمراء، والرغبة الأكيدة لدى الأفارقة فى تحقيق أقصى قدر من التنمية المستهدفة.
 
مصر لا يمكن أن تنفصل عن وجودها وواقعها الأفريقى، فرغم تألم مصر بتوقف ممارسة أنشطتها فى الاتحاد الأفريقى، إلا أنها لم تتوقف مطلقا عن انشغالها بهموم ومصالح قارتها السمراء.. هذا ما أكده الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال أعمال الدورة العادية الـ 23 لقمة الاتحاد الأفريقى، التى أقيمت فى مالابو بغينيا الاستوائية فى 26 يونيو 2014، والتى مثلت عودة مصر بعد غياب استمر لنحو عام عن الاتحاد، على خلفية عدم الإدراك الأفريقى لثورة 30 يونيو، وتجميد عضوية القاهرة فى يوليو 2013.
 
هذه الكلمة الرئاسية لم تمثل فقط عودة مصر بقوة للاتحاد الأفريقى، بل مثلت التحرك المستقبلى للقاهرة عبر قيادتها السياسية نحو القارة السمراء، التى ظلت دائما محور اهتمام مصرى، لاسيما أنها تعتبر عمقا استراتيجيا تجمعنا بها روابط ثقافية وتاريخية على مر العصور، بالإضافة إلى كون القاهرة من ضمن المؤسسين المهمين لمنظمة الوحدة الأفريقية التى تحولت إلى «الاتحاد الأفريقى».
 
ولم يعد اختيار مصر لترأس الاتحاد الأفريقى فى هذا العام من فراغ، وإنما انعكاس واضح لمجهود سنوات مضت من العمل الدءوب فى أفريقيا، وثمرة جهد كبير للقيادة السياسية برئاسة عبدالفتاح السيسى، والذى وضع نصب عينيه منذ انتخابه فى عام 2014، الاهتمام بقضايا القارة ومشاكلها والرغبة على تعزيز أواصر التعاون والبناء مع دولها، فى كل المجالات الاقتصادية والسياسية والثقافية، لتوطيد العلاقات لمواجهة التحديات المشتركة وحل المشكلات والحد من النزاعات القائمة فيها.
 
وجاءت زيارات الرئيس عبدالفتاح السيسى المتعددة للقارة الأفريقية شاهدة على الاهتمام المصرى بالعودة إلى القارة السمراء، ودورها القيادى فى المنطقة الذى يحتم عليها أن تلعب دور القائد الرابط بين أفريقيا والمنطقة العربية، وهو ما يظهر فى أولى زيارات الرئيس الخارجية، والتى تضمنت دولة الجزائر ثم السودان، التى كانت صاحبة نصيب الأسد فى عدد زيارات الرئيس للدول الأفريقية.
 
ويتضح من كلمات الرئيس السيسى فى القمم الأفريقية المتعاقبة وتحركاته نحو القارة السمراء، أن أهم أولوياته هو السعى الدائم لتحقيق التعاون والتكامل على كل الميادين والأصعدة مع دول أفريقيا، ويظهر ذلك جليا فى الفترة الأخيرة من خلال اتفاقيات التعاون والمساعدات التى تقدمها مصر والبحث عن استثمارات جديدة فى القارة، لما تضمه بين طياتها من ثروات وموارد طائلة.
 
وتمتلك مصر العديد من المقومات الجيوبوليتيكية، التاريخية والديموغرافية المختلفة، التى مكنتها عبر فترات تاريخية مختلفة أن تتبوأ مكانة ريادية على صعيد أفريقيا، بحسب هانى سليمان الباحث المتخصص فى الشئون السياسية، وهو ما دفع مصر للعب دور مهم فى تأسيس منظمة الوحدة الأفريقية، بتوقيعها مع 31 دولة أفريقية مستقلة على وثيقة إنشاء منظمة الوحدة الأفريقية فى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا التى أصبحت مقر المنظمة، بالإضافة إلى إسهامها فى تأسيس هيكل الاتحاد من خلال مشاركتها بالقمة التأسيسية بـ «لومى» عام 2000.
 
ولم يكن التعبير عن مقومات مصر فى قوتها وقدرتها على القيادة فى أفريقيا فقط فى الماضى القريب، بل ظهر ذلك على امتدادات التاريخ، حيث عبرت عن هذه المقومات امتدادات الحدود المصرية جغرافيا وتأثيرها ثقافيا واقتصاديا؛ حيث كان نفوذ الإمبراطورية المصرية ممتدا عبر قارة أفريقيا بأكملها، كما قادت مصر حركات التحرر وساهمت فى استقلال دول القارة، وهو ما كان عاملا مهما فى استعادة مصر نشاطها سريعا فى الاتحاد الأفريقى، وإدراك الأعضاء أهمية القاهرة كعامل استقرار سياسى وأمنى للقارة السمراء.
 
ولم يعد الحديث عن الماضى إلا دافعا قويا للتوجه أكثر صوب أفريقيا، الذى كان واضحا فى ذهن القيادة السياسية منذ البداية، فالقارة الأفريقية كانت حاضرة بوضوح فى البرنامج الانتخابى للرئيس السيسى، كما تضمن دستور 2014 نصوصا تؤكد البعد الأفريقى للهوية المصرية ومحورية نهر النيل كسبب لحياة المصريين.
 
وكان من بين المؤشرات التى تشير إلى هذا، هو استحداث لجنة للشئون الأفريقية بمجلس النواب، وتخصيص قطاع للشئون الأفريقية بمعظم الوزارات والمؤسسات الحكومية، وإنشاء الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية، كآلية لدعم القدرات البشرية وتدعيم التنمية بأفريقيا، مؤكدا أن تتويج هذا الاهتمام جاء بصياغة خطة للتحرك الاستراتيجى المصرى فى أفريقيا على كل الأصعدة، وذلك فى أبريل 2016، انطلاقا من خطاب سياسى جديد يعلى من شأن قضايا السلام والتنمية، ويوظف كل أدوات القوى الصلبة والناعمة، على أساس مبدأ «المكسب للجميع». التفكير المصرى فى استغلال ريادة القاهرة فى أفريقيا عبر التاريخ وترسيخ مكانتها، كان واسع الأفق وهو ما ظهر فى حرص الرئيس السيسى على حضور معظم الفعاليات الأفريقية، وأبرزها قمة دول حوض النيل بعنتيبى فى أوغندا، والقمة الألمانية الأفريقية 2017، ومنتدى التعاون الصينى الأفريقى 2018، كما أن نصيب أفريقيا من الزيارات الخارجية للرئيس حتى أغسطس 2017 كان نحو 30 % من زياراته، وذلك بواقع 21 زيارة من إجمالى 69 زيارة.
 
ولا يغيب عن تحليل المراقبين والمتخصصين فى الشأن الأفريقى مدى المكاسب التى ستحصدها مصر جراء ترأسها للاتحاد الأفريقى خلال عام 2019، حيث يتوقع ازدياد الدور المصرى توهجا فى أفريقيا، ونجاح القاهرة فى التعبير عن قضايا قارتها الأم بشكل فاعل.
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة