متصوف «أونلاين» لمواجهة الأفكار الشاذة والمتشددة

الأحد، 03 فبراير 2019 06:00 ص
متصوف «أونلاين» لمواجهة الأفكار الشاذة والمتشددة
الصوفية
رباب الحكيم

 
- شيوخ الطرق الصوفية من مجالس الذكر على «الحصير» لساحات «السوشيال ميديا»
 
- دراسة قصائد «الرومى وشعر ابن عربى والحلاج» لرد تهمة الأصولية عن الإسلام
 
- إنشاء صفحات صوفية تعرض أمهات كتب التصوف تحت مسمى «المصطفى الإلكترونية»
 
شهدت الفترة الأخيرة تغيرا كبيرا فيما يقوم به مشايخ الطرق الصوفية، من دعوات وأعمال واجتماعات والحضرة ومجالس الذكر وانتقلوا من أرضية الحصير والتقشف إلى الشبكة العنكبوتية، مما أدى إلى زيادة عدد الصفحات والحسابات عبر المنصات الإلكترونية من قبل شيوخ الطرق الصوفية، ودعوة الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعى، لمعرفة حقيقة التصوف وفهمه لمواجهة خروج الكثيرين ممن فقدوا التزامهم بالتصوف واعتقادهم بأشياء تخالف عقيدة الإسلام، والرد فى الوقت ذاته عليهم والتحذير منهم، والذى تسبب فى إحداث شرخ كبير وتناحر بين الطرق الصوفية.
 
لطرق الصوفية، مدونات وصفحات التواصل الاجتماعى، لنشر فكرها ومواجهة الأفكار المتطرفة والمتشددة للجماعات الراديكالية، من خلال الاهتمام بدراسة قصائد «جلال الدين الرومى»، وشعر «ابن عربى والحلاج» لتوضيح مناهج أعلام الصوفية الذين يدعون لقبول الآخر، وكل ما خلقه الله نوعًا للوصول إليه، وذلك من خلال محاولات مسئولى الصفحات الإلكترونية نشر منهج الصوفية، ورد تهمة الأصولية عن الإسلام خصوصًا فى العالم الغربى، واستبعاد مخاوف الاسلامو فوبيا عند غير المسلمين. 
 
«صوت الأمة» من جانبها قامت بالقاء نظرة شاملة، لعينات كثيرة من تعبير الناس على صفحاتهم فى مواقع التواصل الاجتماعى، وتبين أن النصوص الشعرية الصوفية من أكثرها رواجا، خصوصا تلك المقتبسة من الصفحات المخصصة للشعراء الصوفيين، وما يتعلق بالحب الصوفى لمحاربة نقيضها الكراهية.
 
واستغلت الطرق الصوفية «السوشيال ميديا»، لمواكبة العصر والتطور التكنولوجى، لإقامة الحضرة والذكر، للتغلب على مشاغل الحياة، حيث أتيحت للمشايخ توصية مريديهم بالبدء فى الأذكار التى يتلونها فى أوقات مختلفة عبر تلك «المنصات الالكترونية»، بهدف تنقية النفس و تطهيرها، للارتقاء فى المراتب الروحية التى يمكن أن توصله لدرجة الولاية.
 
فيما لم تتوقف أهمية الشبكة العنكبوتية، على مجالس الذكر والحضرة، وتقديم كل طريقة هدفها ومنهجها الذى تسعى لتحقيقه من خلال هذه الصفحات، إلا أن الأمر تجاوز كل ذلك إلى إنشاء صفحات صوفية تعرض أمهات كتب التصوف كالمكتبة الإلكترونية المنطلقة تحت مسمى «المصطفى الإلكترونية»، كما يتواجد على موقع التدوينات الصغيرة «تويتر» صفحات تحت مسمى «قناة صوفية»، «معهد التصوف» الذى يخاطب المسلمين غير الناطقين للعربية. 
 
كما تنتشر الصفحات عبر موقع «فيس بوك»، ومنها «الحضرة الصوفية» وبلغ عدد متابعيها 20.655، المكتبة الصوفية الشاملة، والطريقة النقشبندية العلية، وبلغ عدد ناشطيها 3.074، الطريقة الرفاعية القادرية العلية بتونس، للشيخ لطفى النفاتى، وبلغ عدد متابعيها 1.438، الزواية الرافعية القادرية العلية فى لبنان بلغ عددها 1.841، وما يسمى ديوان السادة الأشراف الرفاعية فى العراق، كما أن الطرق الصوفية لديها صفحة للمكتب الإعلامى للعشيرة المحمدية الذى بلغ عدده 3.741 ناشط، والأوراد والأذكار والأحزاب؛ حيث تفوق عددها إلى 5.912 ناشط صوفى وصفحة تحت مسمى «مع كبار أهل الله من السادة الصوفية» بلغ عددها 19.039. 
 
ويرى فى هذا السياق أبو الفضل الإسناوى، مساعد رئيس تحرير مجلة السياسة الدولية، إن التطور التكنولوجى انعكس بالإيجاب على مختلف فئات المجتمع وخلق معه جيلا جديدا من المتصوفه أكثر تطورًا، موضحا أن معظم الطرق الصوفية لجأت للشبكة العنكبوتية فى نشر التسامح والمحبة التى يدعو إليها الفكر الصوفى؛ لمحاربة فكر الجماعات الإرهابية، خاصة بعدما استغلت التيارات الراديكالية مواقع التواصل الاجتماعى فى استقطاب الشباب الذين يعانون من «الأمية الدينية»، لتنفيذ عمليات انتحارية وإرهابية.
 
وتابع: أصبحت الصوفية تلعب دورا مهما فى مواجهة الجماعات الإرهابية من خلال «السوشيال ميديا» للعمل على تصحيح صورة الاسلام والقضاء على مفهوم الإسلام فوبيا، خاصة بعدما شوهته تلك الجماعات، مؤكدا أن أغلبية الطرق الصوفية اهتمت بإنشاء صفحات عبر الشبكة العنكبوتية؛ لخلق نوع من التواصل بين شريحة الشباب، وحدوث ألفة وتقارب بين الطرق الصوفية.
 
واوضح أن صفحات الطرق الصوفية لم تقتصر على المستوى المحلى، بل استطاع التصوف عبر التطور التكنولوجى بالتمدد بالتواصل والتعريف وغزو القارات وخلق منصة جديدة بين الدول العربية الغربية، لافتا إلى أن تلك الصفحات استطاعت استقطاب فئات مختلفة على المستوى الاجتماعى والتعليمى؛ وبما أدى إلى ارتفاع عدد دخول المثقفين والأغنياء، فى جلبابها، ولم تُعد مقتصرة على المشايخ والفقراء.
 
من جانبه قال الشيخ أحمد رجب أبو العصا، عضو الطريقة المسلمية الخلوتية الأحمدية، ومسئول صفحة إلكترونية «تجارب الصوفية الصدقيون»، إنه خلال عام 2011 أنشأ الصفحة الإلكترونية لتبين للناس أهمية التصوف وأدابه كعلم، خاصة بعدما لحق به الغناء والابتهالات، موضحًا أن الغناء أغفلت مقاصده الأساسية المتمثلة فى تجديد همة المتوفين حتى لا يصاب المريد بملل، إلا أن الغناء والأدبيات ضغطا على أدبيات التصوف وهدفه. وأضاف رجب، أن مواقع التواصل الاجتماعى ساعدت على استقطاب فئات جديدة على المستوى الاجتماعى والتعليمى، موضحًا أن الكل «المليونير والفقير» سواء فى خدمة ومحبة خلق الله، لافتا إلى أن «منشورات الصفحة» تركز على توضيح مبادئ الدين السمحة، وصفاء القلب، ومحاربة التيارات المتطرفة بطرق سلمية، المتمثلة بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية وخواطر السلف الصوفى، وأن منشوراتها تبعد عن السياسة دون التطرق لأسماء أحد. 
 
وأوضح، أن الطرق الصوفية تحمل مسميات مختلفة، ولكنها تتبع منهجا واحدا واستطاعت أن تتواصل عبر المنصات اللإلكترونية، بجانب الأنشطة المقامة على أرض الواقع، وأن طريقته الصوفيه تتشابه بالمنهج مع الطريقة العشيرة المحمدية بمصر. 
 
وأكد، أن الصفحات الإلكترونية لم تستطع التقليل من ممارسات الذكر والحضرة بالشارع فى الواقع، مشيرًا إلى أن شروط الحضرة التى يصعب أن تتحقق عبر تلك المنصات المتمثلة فى حضور القلب والذهن بين يدى المولى عز وجل، وأن هذه الشروط إن توفرت خلال الذكر عبر صفحات التواصل الاجتماعى اعتبرت حضرة صوفية. 
 
وأشار إلى أن هناك تنافسا بين باقى الطرق الصوفية لاستقطاب أكبر عدد من الشباب، وذلك من خلال الموالد والأعمال الخيرية وإصلاح المجتمع من السلوكيات المكروهة كالتدخين، مؤكدًا أن الصوفى يتحمل مسئولية أى فعل يبعد عن صحيح الإسلام؛ لأنه وجب عليه أن يوضح حقيقة الدين.
 
ولفت إلى أن الشبكة العنكبوتية، وقنوات التلفاز كقناة «الناس»، وإذاعة القرآن الكريم سهلت طرق التواصل بين الطرق فى مختلف البلدان العربية والغربية والتقرب بينهم، كما ساعدت على إقامة الملتقيات العربية، موضحا أن المرأة لها دور فى توصيل مبادئ التصوف عبر الشبكة الإلكترونية، مستدلًا بشخصية امرأة تونسية تعرف «بعاشقة المصطفى» تقوم بالحضرة والذكر من خلال منصتها الإلكترونية عبر «فيس بوك»، وأن مجلسها يضم العديد من الشخصيات المسئولة فى تونس والجزائر.
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق