كوابيس السيد عز الدين فشير

السبت، 09 فبراير 2019 11:43 ص
كوابيس السيد عز الدين فشير
حمدي عبد الرحيم

■ نهضت كل من البرازيل والأرجنتين بعد أن تدهورت أحوالهما الاقتصادية حتى أعلنتا الإفلاس
 
يتمتع الكاتب الدكتور عز الدين شكرى فشير بأسلوب دافئ، يكتب به رواياته ذائعة الشهرة، وهو لا يتخلى عن دفء أسلوبه عندما يكتب مقالاته، التى يتصدى فيها للشأن العام، بل يدعم الدفء بالأدلة التى يراها عقلانية، وقد طلع علينا السيد فشير منذ أيام بمقال عن مشكلة الفقر فى مصر.
 
يمكن تلخيص المقال فى النقاط الآتية:
 
1ـ  تؤكد الخرافات الشعبية، أن مصر بلد غنى، لكنه منهوب، وأن القضاء على الفساد، يقضى على الفقر.
 
2ـ مصر دولة فقيرة منذ قامت فيها دولة فى العصر الحديث. 
 
3ـ  الدولة الجديدة خيال فى ذهن الحالمين بها، إذا لندع الخيال جانبا، ونرى كيف تحمى الدولة القائمة نفسها، الدولة القائمة عاجزة عن حل المشكلة الاقتصادية الأصلية، وبالتالى عن خلق القيمة والثروة المطلوبة للحياة الكريمة، التى يُطالب بها الناس، والقائمون على أمرها يعرفون ذلك جيدًا، ومن ثم ليس أمامهم سوى هذه الدولة البائسة إلا قمع المطالب الشعبية وتسكينها. 
 
4ـ القمع إذا يقوم بوظيفة أساسية فى حماية الدولة العاجزة، دونه ستنهار .
 
للإنصاف يذكر السيد فشير كلاما كثيرا عن الحالمين الذين يريدون النهوض الآن، الآن وليس بعد دقيقة، ولكن كلامه العقلانى عن ضرورة إعداد الخطط الجادة اللازمة للنهوض يتوه فى تلافيف الكابوس الذى سيطر على مقاله.
 
كأن الرجل يرى فقرنا قدرًا إلهيًا لا فكاك منه، ويدلل على رأيه بأن المصروفات أكبر بكثير من الإيرادات، بل يذهب لما هو أعمق، فينفى مسئولية الفساد عن تدهور الاقتصاد ، وكأنه لم يسمع بدراسة نشرتها جريدة الوفد قبل عامين، وجاء فى ختامها «وحسب تقديرات أولية، فإن حجم التعديات على أراضى الدولة، يقدر بتريليون جنيه، حسب المساحات التى أمكن حصرها حتى  الآن، ومن المتوقع أن يرتفع الرقم ليصل إلى 2 تريليون جنيه فى حال ورود تقرير حصر لجميع الأراضى المتعدى عليها من مركز استخدامات أراضى الدولة، الذى يتبع مجلس الوزراء، وهو المركز الذى يتم الاعتماد عليه فى الفترة القادمة من خلال الأرقام والبيانات والإحصاءات التى يعدها عن تلك الأراضى».
 
هذا قطاع واحد يا سيد فشير، تعمل الحكومة على تطهيره، ببطء نعم، ولكنها تعمل، فماذا لو مدت يدها بحسم وقوة إلى مختلف القطاعات؟
 
مَنْ قال إن مصر فقيرة منذ أيام محمد على باشا؟
 
ومَنْ قال إن محمد على، لكى ينفق على الدولة المصرية راح يغزو البلاد المجاورة حتى كسر الغرب جيشه؟
 
السيد فشير هو الذى كتب، وهو الذى يدلل على صدق كابوسه لا مقاله.
 
ثم ما معنى حديث فشير عن الحالمين، وهو يقصد الغارقين فى الأوهام والخرافات الشعبية.
 
إن الحقيقة يا سيدنا هى ابنة الحلم الكبرى، لقد حلم المصريون ببناء السد العالى فى أعتى عصور الملكية، بل حلموا أيضًا بإعلان بلادهم جمهورية، ثم حققوا الحلم، أظنك لو كنت بينهم يوم حلمهم لقلت لهم : «لا تدمنوا الخرافات الشعبية».
 
ثم حلم المصريون باسترداد قناة السويس، وحققوا حلمهم، بل حلموا بعد هزيمة تقصم ظهور الجبال بتحطيم خط بارليف واقتحام قناة السويس وحققوا حلمهم.
 
لقد فعلها الألمان من قبل، وكذا اليابانيون، وقد نهضت كل من البرازيل والأرجنتين بعد أن تدهورت أحوالهما الاقتصادية حتى أعلنتا الإفلاس.
 
أما القول إن القمع هو حامى حمى الدولة، فكلام عجيب جدًا لا أعرف كيف كتبه دارس ومدرس للعلوم السياسية، مثل الدكتور عز الدين شكرى فشير، الذى لا يريد أن يحلم، ويعيب على الآخرين أحلامهم .

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق