مصر السيسى تعيد لأفريقيا فريضة التعاون الغائبة

السبت، 09 فبراير 2019 01:13 م
مصر السيسى تعيد لأفريقيا فريضة التعاون الغائبة
يوسف أيوب يكتب:

شتان الفارق ما بين 2013 و2019، فخلال ثورة 30 يونيو، مارست جماعة الإخوان الإرهابية هوايتها فى الخيانة، حينما خاطب عصام الحداد، مساعد الرئيس المعزول محمد مرسى، الاتحاد الأفريقى، لتجميد عضوية مصر فى الاتحاد، وهو الطلب الذى تلقفته دول لديها رغبة فى الإضرار بمصر وتواجدها الأفريقى، وصدر القرار الذى صدم الجميع حينها بتجميد عضوية الدولة المؤسسة للاتحاد الأفريقى، ومن قبله منظمة الوحدة الأفريقية.

بعد الثورة خاضت الدولة المصرية معركة شرسة لكى تستعيد عضويتها المجمدة، ونجحت فى غضون أشهر قليلة، ومن بعدها وضعت مصر خطة للتحرك داخل القارة، لتحقيق أقصى استفادة ممكنة لمصر ولأشقائها الأفارقة، عادت مصر للاتحاد، بل وحظيت بثقة الأفارقة لتمثيلهم فى عضوية مجلس الأمن الدولى لعامين، ومتحدثة باسم القارة فى ملف التغيرات المناخية، ولسانهم فى الفعاليات والمنتديات الدولية، منها على سبيل المثال، وليس الحصر قمة العشرين فى الصين، ووصلنا إلى ما نحن عليه الآن، مصر رئيسًا للاتحاد الأفريقى 2019.
 
تم انتخاب مصر لرئاسة الاتحاد الأفريقى لعام 2019 من قبل قمة الاتحاد فى يناير 2018، وهو ما يعد نجاحًا كبيرًا، ويعكس الثقة التى يضعها رؤساء الدول والحكومات الأفريقية فى القيادة المصرية لإدارة العمل الأفريقى المشترك خلال هذا العام، كما أن هذا الانتخاب، هو تكليل لجهود الرئيس عبد الفتاح السيسى إزاء القارة وقضاياها، حيث أجرى الرئيس عدة جولات أفريقية منذ عام 2014، كما استضاف عددًا من القادة الأفارقة بالقاهرة، فضلًا عن الأنشطة الأفريقية التى تنظمها مصر، فعلى سبيل المثال استضافت مصر، ثلاث فعاليات أفريقية مهمة خلال شهر ديسمبر 2018، وعلى رأسها منتدى أفريقيا للاستثمار فى شرم الشيخ، ما يعكس الاهتمام الذى توليه مصر للقارة الأفريقية.
 
من يتابع التحركات المصرية خلال الأعوام القليلة الماضية، سيجد أنها تهدف إلى التركيز على موضوعات الاندماج الاقتصادى، والتنمية الاقتصادية والاجتماعية بالقارة، وذلك من خلال دعم تنفيذ أجندة التنمية الأفريقية 2063، وما يتصل بها من مشروعات تستهدف تحقيق تحول حقيقى بالقارة فى شتى المجالات، وتعزيز البنية التحتية بالدول الأفريقية، وتوفير فرص العمل، واستغلال طاقات الشباب الأفريقى، باعتبارها عوامل رئيسية لمواجهة التحديات التنموية التى تشهدها القارة فى الوقت الراهن.
 
علينا فى البداية أن نؤكد على أمر مهم، وهو أن الرئاسة المصرية للاتحاد الأفريقى التى ستبدأ رسميًا غدًا، الأحد، لا تعنى أن مصر ستقود العمل الأفريقى منفردة، فهى ترفع شعار التعاون والتنسيق مع الأشقاء الأفارقة للتعرف على احتياجاتهم وشواغلهم، التى ينبغى مراعاتها والتعامل معها خلال عام الرئاسة المصرية، بما يؤدى فى النهاية إلى دفع عجلة العمل الأفريقى المشترك، وتحقيق التقدم والنمو الاقتصادى للقارة، وتحسين مستوى معيشة الشعوب الأفريقية، لذلك من المتوقع ووفقًا لما سمعته من دبلوماسيين مصريين، أن يكون هناك تكثيف للتعاون الثنائى مع الدول الأفريقية فى مختلف المجالات، لمواجهة التحديات المشتركة، وتحقيق أقصى استفادة ممكنة من الفرص المتاحة فى القارة، فضلًا عن مواصلة الدعم المصرى للأشقاء الأفارقة، من خلال تدريب الكوادر الأفريقية، ونقل الخبرات المصرية، وتقديم الدعم الفنى فى مختلف المجالات.
 
التعاون المصرى مع الأشقاء، سيكون وفق برنامج متكامل، يتضمن اجتماعات رسمية ومنتديات وأحداثًا وأنشطة وفعاليات ثقافية مختلفة، يتم من خلالها إبراز الثقافة الأفريقية المشتركة، ودعم الروابط مع الدول الأفريقية الشقيقة، ويجب الإشارة هنا إلى أن مصر ربما تكون الدولة الأولى فى القارة التى تدخل الرئاسة ومعها خطة عمل وتحرك واضحة، استبقتها قبل أن تتولى الرئاسة بعام كامل، خاصة أن لدى القاهرة مجموعة من الأهداف التى تسعى لها، وهى تحقيق التكامل الاقتصادى والاندماج الإقليمى، والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، والسلم والأمن الأفريقى والإصلاح المؤسسى والمالى للاتحاد الأفريقى، ومد جسور التواصل الثقافى والحضارى، والتعاون مع الشركاء الدوليين، بالإضافة إلى موضوعات تمكين الشباب والمرأة، وريادة الأعمال، وهو ما ظهر جليًا فى التوصيات والقرارات الصادرة عن منتدى شباب العالم فى نسخته الثانية، التى عقدت فى نوفمبر الماضى، والتى أعلن فيها الرئيس مدينة أسوان عاصمة للشباب الأفريقى لعام 2019، بالإضافة إلى توجيهه بإطلاق البرنامج الرئاسى لتدريب الشباب الأفريقى على القيادة، إلى جانب إطلاق مبادرة دولية لتدريب 10 آلاف شاب مصرى وأفريقى كمطورى ألعاب وتطبيقات إلكترونية خلال السنوات الثلاث المقبلة، ودعم إنشاء 100 شركة متخصصة فى هذه المجالات بمصر وأفريقيا، بالإضافة إلى توجيه جميع أجهزة ومؤسسات الدولة المصرية للعمل على إنشاء مركز إقليمى لريادة الأعمال بمصر، لتقديم جميع سبل الدعم اللازمة للشركات الناشئة فى مصر ودول المنطقة.
 
بالتأكيد هناك العديد من المشروعات التى تحتاجها القارة حاليًا، أهمها على الإطلاق إنشاء منطقة التجارة الحرة القارية، وهنا يبرز الدور المصرى، الذى نشط خلال العامين الماضيين للوصول إلى نتائج على الأرض فى هذا الملف، وربما نرى قريبًا النتائج من خلال إتمام الإجراءات الخاصة بدخولها حيز التنفيذ فى أقرب وقت، وهو ما يتوازى أيضًا مع مشروعات الربط فى مجالات النقل والطاقة، مثل مشروع الربط البرى القاهرة - كيب تاون، ومشروع الربط بين بحيرة فيكتوريا والبحر المتوسط (VIC-MED)، فضلًا عن مبادرة الرئيس السيسى، لربط أفريقيا بخط قطار بضائع متصل، وتطوير الشراكة بين القطاعين الحكومى والخاص فى هذا المجال. 
 
لدى مصر تجربة مهمة، وهى الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية، التى أعلن الرئيس عن إنشائها خلال القمة الأفريقية بغينيا الاستوائية عام 2014، وتهدف الوكالة إلى مشاركة مصر للدول الأفريقية الشقيقة فى المعارف والخبرات المتوافرة لديها فى مجالات التنمية المختلفة، بما يسهم فى رفع القدرات البشرية والمؤسسية للدول الأفريقية الشقيقة، ويحقق أهداف التنمية المستدامة لدى تلك الدول، وبالنظر إلى آليات عملها خلال السنوات الأربع الماضية، سنجد أنها قامت باستقبال المتدربين والمتدربات الأفارقة فى أكثر من 20 مجالا، أبرزها الزراعة والطب والرى والقضاء والدبلوماسية والإعلام والطيران وتمكين المرأة والتجارة وتكنولوجيا النسيج والطاقة المتجددة والكهرباء والملكية الفكرية وإدارة الموانئ، كما قامت بتنظيم العديد من الدورات التدريبية فى المجال الأمنى ومكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية، ومجالات أخرى كثيرة يصعب حصرها.
 
كل ذلك يدعو للتفاؤل بأن الرئاسة المصرية للاتحاد الأفريقى ستكون مثمرة، خاصة وكما سبق وقلت إن مصر والرئيس السيسى يرفعان شعار التعاون، وهو الفريضة التى كانت غائبة عن العمل الأفريقى المشترك طيلة السنوات الماضية.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق