%25 من مقاعد البرلمان للمرأة تتويج لنضال وحضور قوي في الحياة السياسية المصرية

السبت، 16 فبراير 2019 02:40 م
%25 من مقاعد البرلمان للمرأة تتويج لنضال وحضور قوي في الحياة السياسية المصرية
يوسف أيوب يكتب:

جاءت التعديلات المقترحة لتعطى المرأة حقها ومكانتها التى تستحقها خاصة أن القاعدة الانتخابية للمرأة فى مصر تمثل %49 

من المكاسب المهمة لثورة 30 يونيو حرصها الشديد على وضع المرأة فى الدولة المصرية، وكان من نتاج ذلك أن تمثيل المرأة فى مجلس النواب ارتفع للمرة الأولى فى تاريخ الحياة النيابية المصرية إلى 14.9% من نسبة النواب فى البرلمان الحالى، حيث بلغ عدد النائبات 89 نائبة منهن 75 منتخبة و14 معينة، كما أن الحكومة سارت على نفس النهج، بوجود 8 وزيرات فى تشكيلة حكومة الدكتور مصطفى مدبولى، أى ما يعادل ربع أعضاء الحكومة، وهو ما أعطى أنطباعا قويا بأن مصر تكرم المرأة، وتعيد تصحيح مسارها فى الحياة السياسية.

اتساقًا مع ذلك، جاءت التعديلات الدستورية المقترحة والتى تشهد نقاشا حضاريا وديمقراطيا حاليا داخل مجلس النواب، لتزيد من النجاحات التى تحققها المرأة، بعد فكرة زيادة نسبة تمثيلها فى المجلس وتضمينها فى دستور 2014، بضمان نسبة تمثيلها إلى 25% وهو ما يعنى ربع عدد المقاعد.
 
هذا الاتجاه يأتى فى إطار ما تلاقيه المرأة المصرية من دعم كبير فى كل المجالات، وفى السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية كذلك، وذلك ترجمة ورد فعل على إثبات نجاحها فى كل الوظائف التى تتولاها المرأة، والمهام التى تُكلف بها، سواء نائبة عن الشعب أو وزيرة أو محافظة أو غير ذلك.
 
الواقع يؤكد أن دعم المرأة المصرية فى تطور مستمر، خاصة بعد محاولات الإقصاء التى تعرضت لها أثناء فترة حكم جماعة الإخوان الإرهابية، فقد جاء دستور 2014 فى مادته 11 ليؤكد أن «تكفل الدولة تحقيق المساواة بين المرأة والرجل فى جميع الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وفقا لأحكام الدستور، وتعمل الدولة على اتخاذ التدابير الكفيلة بضمان تمثيل المرأة تمثيلا مناسبًا فى المجالس النيابية، على النحو الذى يحدده القانون، كما تكفل للمرأة حقها فى تولى الوظائف العامة ووظائف الإدارة العليا فى الدولة والتعيين فى الجهات والهيئات القضائية، دون تمييز ضدها، وتلتزم الدولة بحماية المرأة ضد كل أشكال العنف، وتكفل تمكين المرأة من التوفيق بين واجبات الأسرة ومتطلبات العمل، كما تلتزم بتوفير الرعاية والحماية للأمومة والطفولة والمرأة المعيلة والمسنة والنساء الأشد احتياجًا».
 
ولأن المادة 11 من الدستور جاءت خالية من تحديد نسبة بعينها للمرأة فى المجالس النيابية، بعكس ما جاء فى المادة 180 الخاصة بالمجالس المحلية، والتى نصت على تمثيل المرأة بنسبة الربع، حيث نصت « تنتخب كل وحدة محلية مجلسًا بالاقتراع العام السرى المباشر، لمدة أربع سنوات، ويشترط فى المترشح ألا يقل سنه عن إحدى وعشرين سنة ميلادية، وينظم القانون شروط الترشح الأخرى، وإجراءات الانتخاب، على أن يُخصص ربع عدد المقاعد للشباب دون سن خمس وثلاثين سنة، وربع العدد للمرأة، على ألا تقل نسبة تمثيل العمال والفلاحين عن خمسين بالمائة من إجمالى عدد المقاعد، وأن تتضمن تلك النسب تمثيلا مناسبا للمسيحيين وذوى الإعاقة، وتختص المجالس المحلية بمتابعة تنفيذ خطة التنمية، ومراقبة أوجه النشاط المختلفة، وممارسة أدوات الرقابة على الأجهزة التنفيذية من اقتراحات، وتوجيه أسئلة، وطلبات إحاطة، واستجوابات وغيرها، وفى سحب الثقة من رؤساء الوحدات المحلية، على النحو الذى ينظمه القانون، ويحدد القانون اختصاصات المجالس المحلية الأخرى، ومواردها المالية وضمانات أعضائها واستقلالها».
 
لذلك جاءت التعديلات المقترحة لتعطى المرأة حقها ومكانتها التى تستحقها، خاصة أن القاعدة الانتخابية للمرأة فى مصر تمثل 49%، وهو الأمر الذى يتطلب أن يكون لها حضور برلمانى يتناسب مع كتلتها التصويتية،ودورها الفاعل والنشط فى الحياة السياسية والاجتماعية المصرية.
 
لنكن أكثر دقة ونتحدث بلغة الأرقام، ففى دراسة صادرة عن مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، كشفت أنها المرة الأولى التى يصل فيها عدد تمثيل السيدات بنسبة 14.9% من إجمالى عدد مقاعد البرلمان، منهن 14 من تم تعيينهن وفقًا لنص الدستور، وهو ما يعكس تغيرًا فى ثقافة المجتمع والمرأة المصرية التى بدأت تنتخب المرأة، وهو ما يُعد تحولاً كبيرا يجب أن يتم البناء عليه من قِبَل كل مؤسسات المجتمع المدنى المعنية بأمر المرأة.
 
تاريخياً حصلت المرأة المصرية، على حق الترشح فى البرلمان لأول مرة فى عام 1956، بقرار من الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، بموجب دستور 1956 وفتح باب الترشح، وكانت المصرية هى أول امرأة عربية تمثل بلادها سياسيا، وتقدمت 8 سيدات للترشح بعد هذا القرار فى انتخابات 1957، واعتبر البعض 14 يوليو عام 1957 يوما تاريخيا لأنه شهد دخول أول امرأة عربية البرلمان، إذ نجحت راوية عطية ممثلة لدائرة الجيزة، وأمينة شكرى ممثلة لمحافظة الإسكندرية فى الوصول إلى البرلمان.
 
وفى الانتخابات البرلمانية عام 1964 قفزت المرأة، وحصلت على ثمانية مقاعد من أصل ‏360‏ مقعدا، بنسبة 3.2 ‏% من عدد المقاعد‏، وتم تعديل قانون الانتخابات رقم 38 لسنة 1972 بالقانون رقم 21 لسنة 1979، الذى نص على تخصيص ثلاثين مقعدًا للنساء كحد أدنى، بواقع مقعد على الأقل لكل محافظة، ولم يسمح هذا القانون للرجال بالتنافس على هذه المقاعد فى الوقت الذى سمح فيه للنساء بالتنافس مع الرجال على باقى المقاعد الأخرى، الأمر الذى دفع مائتى سيدة للترشح فى الانتخابات، وأصبح إجمالى النائبات 35 بنسبة 8% من إجمالى الأعضاء.
 
وفى عام ‏1984‏ تم تطبيق نظام القوائم النسبية الذى يصب فى مصلحة الفئات المهمشة مجتمعيا ومنها المرأة، فدخلت البرلمان‏ 36 سيدة من أصل ‏458‏ مقعدا، وانخفضت نسبة تمثيل المرأة فى برلمان 1987 مرة أخرى، بعد الجمع بين النظامين الفردى والقائمة النسبية وإلغاء المقاعد المخصصة للمرأة، وبلغت النسبة 3.9% بواقع 18 نائبة، حيث فازت 14 وتم تعيين 4 سيدات‏، وعاد نظام الانتخاب الفردى مرة أخرى فى عام 1990، ولم يكن للمرأة المصرية فرصة لا فى مقاعد مخصصة ولا فى قوائم حزبية،‏ وهو ما مثل ضربة قاسية لتمثيل المرأة المصرية فى البرلمان حيث حصلت على عشرة مقاعد فقط.
 
وبعد ذلك تم تطبيق نظام الكوتة للمرة الثانية فى عام 2010 بتخصيص 64 مقعداً للمرأة وحصلت النساء وقتها على 64 مقعدا مخصصة للنساء فقط، ولم تحصل أى سيدة على أى مقاعد أخرى، وفى برلمان 2012 تدنت نسبة تمثيل المرأة فى البرلمان، فلم تتعد 2% من المقاعد، إلى أن يعود دعم المرأة من جديد عقب ثورة 30 يونيو، ويزداد هذا الدعم من خلال التعديلات الدستورية المقترحة، والتى ستحدث نقلة تستحقها المرأة المصرية.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة