إرهابي «الدرب الأحمر» ينسف نظرية التطرف سببه: «الجهل والفقر»

السبت، 02 مارس 2019 08:00 م
إرهابي «الدرب الأحمر» ينسف نظرية التطرف سببه: «الجهل والفقر»
إرهابى الدرب الأحمر
طلال رسلان

- استخدام العولمة فى التأثير على الأعضاء المحتملين لاستقطابهم من جميع أنحاء العالم.. الخرباوى: الجماعات الإرهابية تخدع الشباب

كثيرا ما يربط المحللون بين التطرف والفقر، ما دفع أغلبهم بتتبع تاريخ العمليات الإرهابية، إلا أن الشعور بالحرمان، يزيد السخط والحسد على المجتمع، فيما شرح عدد من الدراسات المتعلقة بسلوكيات المتطرفين العلاقة بين الدين والاقتصاد، وتأثير ذلك على الأشخاص والمجتمع، فى إشارة إلى السبب الرئيسى، الذى يدفع الشباب إلى الانضمام للجماعات الإرهابية.

من وجهة نظر باحثين، فإن الأمور الاقتصادية «الفقر»، أو الاجتماعية «الجهل»، جعلت استقطاب الشباب، أسهل وأسرع داخل المجتمعات، بل إنها الركيزة الأساسية التى تعتمد عليها الجماعات التكفيرية، لكن بتتبع بسيط وبحث مبسط فى طبيعة العمليات الإرهابية فى مصر مؤخرا، ستكتشف النتائج، أن مسألة استقطاب الجماعات التكفيرية للشباب بالاعتماد على الفقر أو الجهل، تكاد تكون منعدمة، فأغلب الشباب المدان فى عمليات إرهابية، كانوا على درجة عالية من التعليم والأغرب أن أغلبهم كان فى مستوى اجتماعى عالٍ.
 
إرهابى الدرب الأحمر
 
لم يتجاوز عمر الإرهابى «الحسن عبدالله»، الذى فجر نفسه فى حادث الدرب الأحمر بمنطقة الأزهر، العقد الرابع من عمره، ووفقا للمعلومات التى حصلت عليها الأجهزة الأمنية، فهو يحمل الجنسية الأمريكية، وهو نجل الدكتور عبدالله العراقى، دكتور باطنة، كانت لديه عيادة فى منطقة الدرب الأحمر، إلا أنه تركها وهاجر إلى أمريكا منذ عشرين عامًا.
 
يقول أهالى المنطقة، إن عائلة إرهابى الدرب الأحمر كانت مقتدرة، واشتهروا بتجارة النحاس قبل السفر إلى أمريكا والعيش هناك.
 
حالة إرهابى الدرب الأحمر الاجتماعية تدرأ نظريات الباحثين باقتران الإتجاه إلى التطرف والأفكار الإرهابية بالفقر أو الجهل، فهو من أسرة مقتدرة ولديها أعمالها الخاصة، إضافة إلى التعليم الذى تلقاه.
 
إسلام يكن
فى منتصف عام 2014، ذاع صيت الشاب «إسلام يكن»، فى الأوساط الإعلامية، وأصبحت تتردد قصة شاب مصر الجديدة كثيرا، الذى انضم إلى «داعش»، وأعلن ذلك عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعى «فيسبوك». 
 
ووفقا لما نشر عن «إسلام يكن»، عن تفاصيل قصة انضمامه إلى التنظيم، والتى تعود إلى عام 2013، تحت عنوان «قصة نفير العبد الفقير»، قال: «تبدأ القصة من الشهور الأولى لعام 2013 تقريبا، وكنت فى السنة الثالثة إعادة بكلية الحقوق بجامعة عين شمس، وكان التحاقى بالكلية فقط بسبب التنسيق، ولكن لا أفقه فيها شيئا، ولا أذهب للجامعة إلا للامتحان، حتى أن بعض المواد كنت أعرف أسماءها قبل الامتحانات، وكنت أعمل مدرب لياقة بدنية فى صالة صغيرة قريبة من المنزل، وهى التى بدأت فيها التمرين، وكنت أحب عملى كثيرا، وأتممت دورة تدريبية Certified fitness trainer من ISSA، وجاءتنى عدة فرص بأماكن أخرى أكبر وأشهر وأكثر مالا، ولكن لم أذهب بسبب اللحية، وتدريب النساء والمعارف بعد مقابلتى بأخوة، يرشدوننى إلى الطريق الصحيح».
 
ربما تروى تفاصيل قصة إسلام، التى انتهت بإعلان مقتله فى صفوف داعش، بعده عن نظرية الحالة الاقتصادية أو الاجتماعية الدافعة إلى استقطابه لصفوف الجماعات الإرهابية، فقد حصل الشاب المصرى على تعليم عالٍ، ويعيش فى مستوى معيشى فوق المتوسط، درس نواحى علمية تكنولوجية، وجاد فيها بشهادته، وجاءته فرص فى أكبر وأشهر الشركات للعمل.
 
محمد الحصرى-30
 
عدد لا بأس به من القصص الشبيهة لقصتى إرهابى الدرب الأحمر، وإسلام يكن، يتمتع أبطالها بمستوى تعليم عال،ٍ ومستوى اجتماعى مترف، يحول النظر عن نظرية ارتباط الإرهاب والتطرف بالجهل أو الفقر.
 
يقول الباحث الأمريكى «توماس ستاروبهار»، إن اتجاه الجماعات الإرهابية إلى استقطاب الشباب، تطرق إلى دوافع جديدة بعيدة عن الفقر والجهل، تجعل التنظيمات أكثر قدرة على الحركة وأكثر استقلالية، وعلى رأسها مواقع التواصل الاجتماعى والميديا، وأصبحت بها الهجرة والخروج من الدول أسهل وأرخص، ونتيجة لذلك كانت الحرب أصعب على النوادى الدينية للحفاظ على الأعضاء، وفى نفس الوقت جعلت الكيانات الدينية، تتوسع جغرافيا بشكل أكبر، وتبدأ فى البحث عن أعضاء جدد فى مناطق جديدة، وهذا الأمر وسع الخيارات، وشحذ التنافس بين الجماعات الدينية المختلفة، وقد أتاحت العولمة والرقمنة، وخفض تكاليف التسويق والدعاية والإعلان، توافر خدمات الجماعات الدينية فى جميع أنحاء العالم، ما أتاح لهم فرص البحث عن أعضاء جدد من بعيد.
 
محمد الحصرى-14
 
ويضيف الباحث الأمريكى، فى دراسته عن التطرف واستقطاب الشباب، أنه بفضل وسائل الإعلام الاجتماعية الجديدة، أمكن لقادة الجماعات الدينية التواصل مع الأعضاء بسهولة أكثر بكثير من ذى قبل، وبطريقة أكثر من أى وقت مضى، كما تمكنوا من استخدام وسائل الإعلام الجديدة، للإبقاء على اتصال مع الأعضاء القدامى، وجذب الأعضاء الجدد، وكان للعولمة تأثير كبير على الأعضاء المحتملين من خلال استراتيجية زعماء الجماعات الدينية، حيث تم استقطابهم من جميع أنحاء العالم.
 
فى هذه الدراسة، التى نشرت على موقع «أكاديمية الأطلسى»، حاول الباحث «توماس ستاروبهار» أن يفسر، كيف عاد الدين كظاهرة اجتماعية قوية غالبا ما تتعلق بالتوترات المحلية؟، موضحا أنه عندما نفهم أسباب التطرف الدينى المكثف، يمكننا القيام بما يجب فعله، لإضعاف العنف الدينى وتوجه الشباب إليه.
 
وأوضح الباحث أن التطرف والعنف الدينى يصبحان أكثر أهمية بسبب الأهداف الاستراتيجية للجماعات المتطرفة، وقدرتها وكفاءتها فى التنظيم وتعبئة أعضائها، مشيرا إلى أنه بمتابعة الأخبار، نجد أن فكرة الدين تنعكس على عمليات القتل اليومية فى العراق وسوريا، وجماعة «بوكو حرام» وجماعة الشباب الصومالية، وجماعات أخرى مماثلة قد قامت بهجمات إرهابية فى باريس وكوبنهاجن وسيدنى، بهدف إخافة المجتمعات الغربية، ولكن هذه الجرائم العنيفة، ليست سوى «غيض من فيض».
 
وأوضح أن الأعمال العدائية الاجتماعية المتعلقة بالدين فى جميع أنحاء العالم، وصلت ذروتها منذ عام 2012، وأصبح حوالى ربع دول العالم، يواجهون مستويات عالية من الأعمال العدائية، التى تتم باسم الدين داخل حدودها، والواضح أن العالم يسير بشكل واضح تجاه التطرف الدينى، ويتوقع أصحاب المدرسة العلمانية، أن يكون هناك تحول كبير فى الفترة المقبلة.
 
أما عن العلاقة بين الدين والاقتصاد، فأكد الباحث أنه لا توجد أدلة تجريبية ذات دلالة إحصائية على تأثير المستوى المادى على بعض الناس، وانعكاس ذلك على إيمانهم بالله أو تدينهم، كما لا توجد علاقة بين التدين والمعرفة الفردية التعليمية، أو مدى إطلاع الفرد على الإنجيل أو العهد القديم أو القرآن.
 
وأوضح الباحث، أن العولمة والتكنولوجيا الرقمية، أدت إلى اتساع حجم السوق لهذه الجماعات وزادت من المخاطر، وأيضا المنافسة بين الجماعات المختلفة، لذلك زادت المعارك فى السنوات الماضية، لتحقيق المزيد من الأرباح والسلطة، الأمر الذى جعل التربة خصبة لزيادة التوتر وحتى العنف بين هذه التنظيمات.
 
وتشير الأدلة التجريبية إلى أن العوامل الاقتصادية، مثل الفقر أو التحصيل العلمى، ليست قادرة على إعطاء إحصائية حول سبب توجه الأشخاص للعنف، والواقع يقول إن الصحوة الإسلامية، ليست حركة طوائف دينية انعزالية، ولكنها حركة إحياء واسعة، مستندة على أفراد من الطبقة الوسطى من المتعلمين والموهوبين.
 
محمد الحصرى-20
 
من جانبه يقول الكاتب والمفكر ثروت الخرباوى، إن قوة التنظيم ورقابته الداخلية، تستند على قدرته على الحشد بين الجماعات المختلفة، ويزداد النجاح، كلما كان الفكر حادا، وكلما كان هناك شعور بالتكاتف فى جميع أبعاد الحياة، وقد تصبح بعض التنظيمات أكثر نجاحا من الأخرى من خلال ما تقدمه من فرص لأعضائها، للتقدم فى التسلسل الهرمى الداخلى، والحصول على مكانة بين الأعضاء، ما يعطيهم الهيبة والوضع الجيد، لاسيما إذا كان هؤلاء من الذين يعانون من عدم وجود فرص سياسية واجتماعية فى بلدانهم.
 
ويضيف فى تصريح لـ «صوت الأمة»، أن هذه التنظيمات قادرة على تقديم حزمة شاملة من الإجابات عن الأسئلة الروحية الأساسية، وتقديم الحلول للمشاكل اليومية حتى تكون قادرة على البقاء على قيد الحياة.
 
على جانب آخر، يقول الخبير التكنولوجى إبراهيم عبدالقادر، إن استخدام التكنولوجيا الرقمية، يتيح نشر المعلومات بسرعة، وأن تقنيات الإنترنت ووسائل الإعلام الاجتماعية والاتصالات السلكية واللاسلكية الجديدة، سمحت بسرعة نقل الرسائل والأنشطة فى وقت قصير، رغم أن الجماعات المتطرفة، تستخدم هذه الوسائل بشكل سيىء، لكن هذه الأمور قد تجد صدى عند الشباب.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق