تركيا تخنق المعارضة.. وتتستر على مواقع تابعة لتنظيمات إرهابية

الإثنين، 04 مارس 2019 12:00 م
تركيا تخنق المعارضة.. وتتستر على مواقع تابعة لتنظيمات إرهابية
رجب طيب أردوغان

 

فيما تنشط حكومة العدالة والتنمية في تكميم أفواه المعارضة، ومصادرة الحريات، وتكسير الأقلام، وإغلاق الصحف، وتسويد الشاشات، تسمح لأصدقائها الإرهابيين بالترويج لأفكارهم المتطرفة عبر مواقعهم الإلكترونية باللغة التركية.

موقع نورديك مونيتور السويدي، فضح اليوم السبت تستر النظام التركي على مواقع إلكترونية مرتبطة بالتنظيمات الإرهابية تنشر أفكارها المتطرفة التي تحرض على القيام بعمليات مسلحة وهجمات انتحارية بكل حرية.

برعاية حكومية

نورديك مونيتور، قال إن حكومة العدالة والتنمية رفضت مشاركة بيانات حول عدد المواقع الإلكترونية التي حظرت وصول المستخدمين إليها، بما فيها المواقع المتطرفة التابعة للإرهابيين، زاعمة أن ذلك يضر بسمعة البلاد.

ردًا على سؤال طرحه البرلماني  إبراهيم خليل أورال في 8 يناير الماضي، حول الكيفية التي تعاملت بها الحكومة مع المواقع المتطرفة المرتبطة بتنظيم داعش الإرهابي، قال وزير الاتصالات والبنية التحتية التركي محمد جاهد طوران، إنه غير قادر على مشاركة مثل هذه البيانات؛ خوفًا من أن تضر العلومات صورة تركيا.

في رسالة بتاريخ 12 فبراير الماضي موجهة إلى البرلمان التركي، زعم طوران أن أرقام مواقع الويب المحظورة لا يتم الإفصاح عنها من قبل الدول الأخرى سواء بشكل رسمي أو كلي، لافتًا إلى أن الكشف عن هذه الأرقام يمكن أن يخلق تصورًا غير عادل لتركيا على المستوى الدولي، وتؤدي إلى ما وصفه بالـ «تلوث معلوماتي». 

الوزير التركي مضى في تبرير قرار حكومته مضيفًا أن الكشف عن البيانات المتعلقة بعدد المواقع المحظورة يعرقل مكافحة الجريمة ويكشف عن محتوى المواد الإباحية المتعلقة بالأطفال.

 

تملص

استفسار البرلماني التركي - وفق الموقع السويدي - لم يركز على الصور الإباحية للأطفال بل على المواقع المتطرفة المرتبطة بالتنظيمات الإرهابية التي تنشر دعاية للقتال المسلح والعنيف. أورال سأل عن عدد المواقع المتطرفة التي أغلقتها هيئة رقابة الاتصالات الحكومية، وهيئة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، راغبا في معرفة عدد الشكاوى المقدمة إلى الهيئتين، وعدد المواقع التي أحيلت إلى المحكمة لفرض حظر عليها، خاصة موقع ilimvecihad.com، التركي المرتبط بتنظيم القاعدة الإرهابي.

نفس السؤال وجهه أورال إلى نائب الرئيس فؤاد أوكتاي، الذي بدوره، قدم ردا فقيرا غير ذي صلة تماما بالتحقيق البرلماني، حسب نورديك مونيتور.

أوكتاي قال إن مديرية الشؤون الدينية في تركيا «ديانت» أشرفت على محتوى الإنترنت بما في ذلك وسائل التواصل الاجتماعي، وتناولت الشكاوى الخاصة بالمواقع المرتبطة بالتنظيمات الإرهابية بما يتماشى مع المتطلبات القانونية، فيما تهرب بشكل كامل من السؤال، وهو أمر لم يفاجئ الموقع السويدي الذي أشار إلى تورط نائب الرئيس التركي في إرسال الأسلحة سراً إلى الإرهابيين في سورية عندما كان يرأس وكالة إدارة الطوارئ.


موقع القاعدة

البرلماني التركي قال إن موقع القاعدة يهين مؤسس الجمهورية التركية مصطفى كمال أتاتورك، ويصفه بـ "كافر"، لافتًا إلى امتلاء الموقع بالمقالات التي تشجع على استخدام السلاح وتنفيذ الهجمات الانتحارية، وتتضمن مقالات مترجمة لأعضاء القاعدة وتقارير عن الإرهابيين الأتراك الذين قتلوا ورسائلهم.

الموقع التركي المرتبط بالقاعدة تم حظره من قبل محكمة أنقرة الجنائية للسلام الخامسة في 3 مايو 2018 تحت قرار رقم 2018/3455 حسبما نشر على موقعي هيئتي رقابة الاتصالات الحكومية، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات. 

بالمخالفة لما هو منشور ومثبت، أدعى وزير الاتصالات والبنية التحتية أن محكمة أنقرة الجنائية للسلام الثانية حظرت الموقع في 9 يناير 2019 بموجب القرار رقم 2019/288، بعد يوم من تقديم البرلماني التركي لسؤاله في البرلمان، فيما لا يزال الموقع متاحًا في تركيا عند محاولة دخوله من خادم في بي إن.

تم تسجيل الموقع من قبل شركة إيروتيك بليزيم ساناي تيكريت أيه أس، فيما تم الحفاظ على مجهولية مالك النطاق.

إيروتيك تعمل من محافظة قوجه ايلي، ورئيسها هو دوجان إندير، في حين يديرها هاتيك تاكيسي، وفقا لبيانات السجل التجاري التي تم تحديثها في 3 يناير 2019 ، حيث تأسست الشركة من قبل الرجلان في ديسمبر 2012. أما الشركة المضيفة فمدرجة باسم كلود فلير، وتقع في آشبورن في ولاية فرجينيا الأمريكية.

جدار السرية

موقع هيئة تكنولوجيا المعلومات يوفر نسبًا عن المواقع المحظورة، ولا يكشف عن الأرقام الدقيقة. 

اعتبارا من يناير 2019، تظهر الإحصاءات أن %99.62 من إجمالي القيود المطبقة على المواقع موجهة لمواقع الفحش والبغاء والمواد الإباحية للأطفال والمقامرة، ولا يوجد نسبة مئوية مدرجة للمواقع المتطرفة.

أدنى نسبة على الموقع هي 0.08% وهي للمواقع التي تشجع على الانتحار، ما يعني أن الحظر لم يطل إلا عدد قليل جدًا من المواقع الإلكترونية التي تشجع الأنشطة المسلحة، إن كانت محظورة أصلًا.

دعم داعش 
في 14 فبراير الماضي، حصل موقع نورديك مونيتور السويدي على وثائق سرية فضحت وجود اتفاق ضمني بين داعش ومسؤولين أمنيين أتراك، سمح للمهربين بالعمل بحرية على جانبي الحدود التركية - السورية دون أي عواقب من حكومة العدالة والتنمية، إضافة إلى إدارة خطوط لوجستية عبر الحدود ونقل المقاتلين المصابين مرة أخرى إلى أنقرة لتلقي العلاج.

الوثائق عبارة عن سجلات تنصت على المكالمات بين عناصر التنظيم الإرهابي داخل تركيا وسورية، كانت جزءًا من تحقيق قانوني حول داعش فتحه مكتب رئيس النيابة العامة في أنقرة عام 2014، لكن سرعان ما توقفت العملية في 27 أبريل 2015، وأتلفت الشرطة مجموعة من التسجيلات بأمر من النيابة، بحجة عدم الكشف عن أي نشاط إجرامي.

رأس التهريب
بلحية سوداء كثيفة لا تتناسب مع شاربه وشعره المشذب جاء إلهامي بالي على رأس مركز عمليات التهريب الداعشية، وهو مواطن تركي مولود في السعودية، 36 عاما، أصبح المتحكم في الحدود التركية السورية، مهمته تيسير وتنظيم حركة المقاتلين الأجانب إلى داعش.

"بالي، اسمه الحركي أبو بكر، كان مسجلا ضمن المقيمين في بلدة الريحانية الحدودية في محافظة هاتاي جنوب شرقي تركيا، ويعتقد أنه موجود حاليا في شمال سورية". حسب نورديك مونيتور.

التسجيلات المسربة تكشف دوره المركزي في توجيه عمليات التهريب على طول الحدود، بدءا من اصطحاب المقاتلين من المطارات ومحطات الحافلات في مقاطعات جنوب شرق تركيا، وصولا إلى ترتيب اجتماعات مع المهربين لنقل الراغبين في الانضمام إلى داعش. 

نقل بضائع عبر الحدود إلى تنظيم داعش، بدءا من الأحذية والملابس وصولا إلى الأصفاد وقطع غيار الطائرات المسيرة والمناظير والخيام وأجهزة عرض بتقنية "سبوت لايت"، فضلا عن تهريب القوارب.

محكمة تركية أدانته عام 2011 بتهمة الانتماء إلى تنظيم القاعدة، وحكمت عليه بالسجن 3 سنوات، وفي الفترة ما بين 2 أبريل و19 سبتمبر 2012 احتجز في الحبس الاحتياطي بتهم الانتماء للتنظيم، لكن أنقرة أطلقت سراحه على ذمة القضية.

نوفمبر 2015، قضت محكمة أخرى بسجنه 6 سنوات و3 أشهر، لكنه تمكن من  الهرب إلى سورية مع شريكه حسن أيدين، الذي حكم عليه بالعقوبة نفسها، لكن السلطات أفرجت عنه 3 ديسمبر 2012.

منتصف ديسمبر 2014، أصدر المدعي العام في مدينة غازي عنتاب أمرا بإلقاء القبض على بالي بتهمة مسؤوليته عن 3 هجمات إرهابية في أنقرة، أودت بحياة 142 شخصا.

بعد عام واحد، أصدرت محكمة جنائية أمرا باعتقاله لدوره في تفجيرات أنقرة 10 أكتوبر 2015، التي أودت بحياة 120 شخصا، معظمهم من منظمات غير حكومية وأحزاب يسارية وأكراد، احتشدوا في مسيرة تدعو إلى السلام في سورية.

التفجيرات وقعت قبل أسابيع من الانتخابات البرلمانية نوفمبر 2015، وتسببت في زيادة شعبية حزب العدالة والتنمية الحاكم، حسبما قال رئيس الوزراء آنذاك أحمد داود أوغلو، فيما كشفت التسجيلات أن إردوغان وحكومته كانا على علم دقيق بمكان تواجد بالي وتحركاته، لكنهما سهلا هروبه إلى سورية.

100 داعشي
وفقًا لسجلات التنصت فإن داعش يهرب في اليوم الواحد وعبر نقطة عبور واحدة ما يتراوح بين 50 و100 مسلح عبر الحدود التركية - السورية، ما يرفع التقديرات السنوية المتحفظة إلى ما يربو على 15 ألف شخص مُهرّب.

في خلال شهر واحد بين 17 أكتوبر و18 نوفمبر عام 2014، عبر ألف و440 مقاتلًا الحدود التركية إلى سورية من خلال شبكة التهريب التي يقودها بالي، فيما تكشف سجلات التنصت على المكالمات أن 469 آخرين عبروا في الفترة بين 18 و25 نوفمبر، وخلال الفترة الزمنية نفسها، هرّب تنظيم داعش 87 متسللًا إلى تركيا مرة أخرى. 
في إحدى المكالمات المعترضة في 18 ديسمبر 2014 تحدث بالي عن حصيلة أخرى من المقاتلين الأجانب هربتهم شبكته إلى داخل سورية وبلغت  ألفا و301 مقاتل، كما أشار إلى وصول 272 آخرين إلى تركيا.

في مكالمة معترضة لاحقة أشار بالي إلى دخول 111 مقاتلًا لسورية خلال يوم واحد في مارس 2015. 

الموقع السويدي قال إن الأرقام توضح أن حركة التهريب عبر الحدود تحدث حصرًا ضمن منطقة البايلي في مدينة كلس جنوبي شرق تركيا، والتي يسيطر عليها بالي نيابةً عن داعش، مشيرا إلى احتمال استخدام التنظيم وعناصره معابر أخرى للنقل عبر الحدود، ما يزيد من احتمالية أن السلطات تراقب الوضع وتعرف عدد من تم تهريبهم من الإرهابيين إلى سورية.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق