جمهورية التوك توك المستقلة

الإثنين، 04 مارس 2019 12:38 م
 جمهورية التوك توك المستقلة
حمدى عبدالرحيم يكتب:

قبل عشر سنوات من عامنا هذا، كان التوك توك رخيصًا على جميع الأصعدة، أهمية وثمنًا، ثم جرت فى النهر المياه التى نعرفها فأصبح التوك فى مقام ابن العائلة الشقى، نفتقده حين يغيب، ونخشى انفلاته عندما يحضر.
 
عشر سنوات فقط توج التوك توك على رأس وسائل المواصلات فى مصر.
 
لقد تمكن هذا البرص الآلى من فرض نفسه على قدس الأقداس، لقد سجل حضوره فى سجلات  الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء بجلالة قدره، ففى إحصائية صدرت عنه فى مارس من العام الماضى أكد الجهاز الأخطر أن عدد الأبراص الآلية المسماة بالتوك توك التى تعمل بترخيص بلغت 99 ألف توك توك.
 
إحصائية الجهاز كانت تتحدث عن الترخيص لا عن مجمل العدد الذى يسعى كالحيات السامة فى شوارع البلاد.
 
الخبراء قالوا: إن المشاهدات التى على أرض الواقع توكد أن عدد التوك توك يبلغ نصف مليون!
 
 أنا لا أستطيع تكذيب أرقام الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء لأنها أرقام مدققة تعتمد على حقائق بين أيدى الجهاز، ولكن بكل سهولة أقول لك: انظر حولك لتعرف أن كلام الخبراء مجرد كلام، لأن عدد التوك توك فى المدن الكبرى مثل القاهرة ومدن الصعيد يتجاوز النصف مليون بمراحل.
الآن لا يستطيع أحد إيقاف التوك توك، لقد أصبح منتشرًا مثل الخلايا السرطانية، إن أوقفته هنا، انتشر  هناك، والحديث عن تقنينه أو ترخيصه يظل حديثًا ورديًا لا يغادر خانة التمنيات الطيبة. 
 
أما المفزع، فهو ما قاله محمود العسقلانى، رئيس جمعية «مواطنون ضد الغلاء»، فى برنامج بثته فضائية مصرية مسئولة.
 
قال العسقلانى:  إنه يتم استيراد التوك توك بسعر أحد عشر ألف جنيه، ويتم بيعه فى مصر باثنين وأربعين  ألف جنيه، هذا إذا كان البيع عدًا ونقدًا، أما إذا جرى البيع بنظام التقسيط، فساعتها يصل ثمن التوك توك إلى ثمانين ألف جنيه!
 
وقال العسقلانى:  إن نصف قائدى التوك توك  مهددون بالحبس بسبب الأقساط.
 
وأضاف، إنه تقدم ببلاغ لجهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، لأن هناك وزيرا أسبق تزوج نجله من ابنة صاحب توكيل التوك توك، حيث تم تسهيل التراخيص له وجعله الوكيل الأوحد فى السوق المصرية للسيطرة على السوق بشكل احتكارى.
هل ما قاله العسقلانى صحيح؟
 
لا أتحدث عن ثمن البرص الآلى ولكن أتحدث عن الاحتكار والمغالاة فى الثمن.
 
إن كان العسقلانى يتحدث فى الهواء الطلق ويرسل الكلام بدون ضابط ولا رابط فيجب تكذيبه فورًا بل والتحقيق معه.
 
أما إن كان ما قاله صحيحا، فإلى متى يتواصل هذا النزيف؟ التوك توك بحالته الآن هو سيد وسائل المواصلات وأرباحه خارج إى إطار رسمى، بل قادته خارج أى منظومة رسمية، فلا نقابة ولا ترخيص ولا أى جهة تشرف وترعى، التوك توك أصبح جمهورية مستقلة، والمشكلة أنها أصبحت قوية، والتصدى لها وفرض القانون عليها لا بد أن يتم بأقصى سرعة وباحترافية تراعى كل الأبعاد.
إن لم تحدث هذه المواجهة القانونية فإن القادم سيكون أصعب وأسوأ. 

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق