رغم أنها أصل مهنة الصيدلة.. لماذا اختفت «التركيبات الدوائية» من الأسواق؟

الجمعة، 08 مارس 2019 10:00 ص
رغم أنها أصل مهنة الصيدلة.. لماذا اختفت «التركيبات الدوائية» من الأسواق؟
نقابة الصيادلة

"فى أوائل الثمانينيات، ومع تأسيس صيدليتى كنت أعمل كما اعتاد الصيادلة، وكنت فقط أهتم بتوفير أكبر عدد من أصناف الأدوية من مختلف الشركات، حتى لا يخرج مريض ولا يجد الصنف الذى يبحث عنه، وفوجئت بروشتة لأحد أكبر أطباء الأطفال وقتها، وكانت تحتوى على أدوية تركيبات لمريضة، وبعد عرض المريضة للتركيبة الدوائية على الطبيب، أصبح لديه ثقة فى تلك التركيبات، واعتمد عليها فيما بعد بشكل كبير".. كانت المقدمة السابقة بداية لحديث الصيدلى الدكتور كمال حسين، عن تجربته مع التركيبات الدوائية، ولماذا استمر فى العمل بها حتى الآن، رغم اختفائها من معظم صيدليات الجمهورية.

الدكتور كمال حسين، أكد أيضا فى تصريحات صحفية، أن تركيب الأدوية هو أصل مهنة الصيدلة، وأنه رغم عدم بساطة عملية بيع الأدوية، وأن ذلك يرتبط بأسس علمية، إلا أنه أكد تحول الصيادلة إلى بقالين، يقرؤون ما فى الروشتات ويصرفونها فقط، مشيرا إلى أن أغلب الصيادلة الآن لا يملكون معلومات عن كيفية إيجاد البديل ووصف طرق تناول الدواء، وذلك نتيجة اختلاف أجواء الدراسة بالكليات.

وأوضح "حسين" أن أكثر التخصصات إقبالا فى الوقت الحالى على التركيبات الدوائية، هم أطباء الأمراض الجلدية، حيث يتواصل العديد منهم معه بشكل مباشر لتركيب مستحضرات معينة، حيث يكون لديهم تصورا بأن المواد الخاصة بالتركيبة ستؤدى لنتائج أفضل من الأدوية المصنعة.

وأضاف: «بالفعل شاهدت بنفسى نتائج مع بعض المرضى المتعاطين لأدوية معينة لفترة طويلة تصل لسنوات، وأنهم باستخدام الأدوية التركيب يكون علاجهم أسرع بشكل ملحوظ، ولكن التوسع فى تركيب الأدوية حاليا يواجه العديد من الأزمات، منها ارتفاع أسعار المواد الخام، وعدم توافرها بشكل يسمح باستخدامها والاعتماد عليها فى التركيبات الدوائية، موضحا أنه يبذل مجهودا شاقا للحصول على المواد الخام التى يحتاجها فى التركيبات.

على جانب آخر، نجد الصيدلى الدكتور إيهاب منصور، صاحب 35 عاما، والذى يقيم فى محافظة القليوبية، والذى أكد أن جيل الشباب من الصيادلة لا يزال يتمسك بأصل مهنة الصيدلة، حيث إنه لم يكتفى بكون والده صيدلى يستخدم التركيبات الدوائية منذ عام 1977، إلا أنه اهتم منذ 12 عاما مع بداية عمله بالمهنة، بتطوير المعمل الصغير حتى أصبحت "صيدليته" الوحيدة على مستوى الجمهورية التى يتوافر بها جهاز "لامينر فلو"، والذى يوفر البيئة المعقمة الخاصة بتحضير القطرات والحقن ومختلف التركيبات الدوائية -على حد قوله.

وأكد "منصور"،  أن أصل مهنة الصيدلة هو تركيب الأدوية، مشيرا إلى أن المعمل كان أحد أهم أجزاء الصيدلية بجانب المواد العُشبية أو الكيماوية المستخدمة فى التركيبات الدوائية المختلفة، حيث أدى التصنيع وتطوره إلى تراجع تحضير وتركيب الأدوية داخل الصيدليات.

وأوضح الصيدلى الدكتور إيهاب منصور، أن تحضير وتركيب الأدوية أمر مازال منتشرا بجميع دول العالم، مشيرا إلى أنه فى الولايات المتحدة الأمريكية هناك صيدليتين بكل ولاية معروفتين على مستوى العالم، وأنه يتابع صفحاتهم عبر مواقع التواصل الاجتماعى، لافتا إلى أنه تمكن من الحصول على عضوية إحدى الروابط الخاصة بصيادلة التركيبات الدوائية بالأرجنتين وإسبانيا، كما أنه جارى العمل على تأسيس رابطة عربية فى ذلك الشأن.

وكان لـ"منصور" بصمته الخاصة فى تركيبات الأدوية، حيث تمكن من مواجهة نقص بعض الأدوية بالسوق من خلال تحضير دواء شرب "البوتاسيوم" الخاص بمرضى الرعاية المركزة، مشيرا إلى أنه لاقى إقبالا كبيرا عليه من مرضى مستشفيات جامعة بنها، بالإضافة لشراب مضاد الفيروسات للأطفال.

وحول أسباب تراجع الاعتماد على التركيبات الدوائية، أكد الدكتور محمد سعودى، وكيل نقابة الصيادلة الأسبق، أن الصيادلة أصبحوا "يستسهلوا"، مشيرا إلى أنه منذ بداية دراستهم بمختلف كليات الصيدلة يسعون للطرق السريعة فى تحقيق النجاح، إلى جانب صغر حجم الصيدليات، الذى أدى إلى عدم استيعابها الجزء الخاص بالمعمل ومن ثم الابتعاد عن التركيب نهائيا.

واستنكر وكيل نقابة الصيادلة الأسبق، عدم دفع النقابة لذلك التخصص من الصيدلة، كمخرج لزيادة دخل الصيدلى، ووسيلة للتفرقة بين الصيدلى الحقيقى والدخيل على المهنة، موضحا أن ذلك أدى إلى ابتعاد الصيدلة عن كونها مهنة، وأنجرفت إلى أنها أصبحت تجارة بشكل أكبر.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة