هل هناك ضمانات للمواطن حال الكشف عن تعاطي المواد المخدرة؟

الخميس، 14 مارس 2019 12:00 م
هل هناك ضمانات للمواطن حال الكشف عن تعاطي المواد المخدرة؟
محكمة - أرشيفية
علاء رضوان

«النقض» تبطل تحليل المخدرات لسائقى السيارات دون تلبس أو إذن قضائى..هو الحكم الأبرز الذى تداوله المواطنين خلال الفترة الماضية حيث حددت محكمة النقض فى حكمين حديثين لها ضوابط استيقاف رجال الشرطة لسائقى السيارات وأخذ عينات من البول لتحليلها وبيان ما إذا كان السائق يتعاطى المواد المخدرة من عدمه، مؤكدة بطلان أخذ عينات البول منهم لتحليلها «لمجرد الاشتباه» فى تعاطيهم المخدرات، دون توافر شروط حالة التلبس أو صدور إذن قضائى.

المحكمة فى حيثياتها إن «وقائع القضية أثبتت عدم قيام حالة من حالات التلبس بالجريمة كما هو معروف قانونا، أو صدور إذن من السلطة المختصة، وهو ما يصم جميع الإجراءات التى اتخذها رجال الشرطة بالبطلان والانحراف فى استعمال السلطة، فلا يعتد بها ولا بالأدلة المترتبة عليها، تطبيقا لقاعدة كل ما يترتب على الباطل فهو باطل». 

16638-تحليل-المخدرات-لسائقي-السيارات-(2)

واستندت المحكمة إلى المادة 12 من الإعلان العالمى لحقوق الإنسان التى تحظر التدخل التعسفى فى الحياة الخاصة أو الأسرة أو المسكن أو الحملات على الشرف أو السمعة، والمادة 54 من الدستور الحالى التى تعتبر الحرية الشخصية حقا طبيعيا وهى مصونة لا تمس وفيما عدا حالات التلبس لا يجوز القبض على أحد أو تفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته بأى قيد إلا بأمر قضائى مسبب يستلزمه التحقيق.

وشددت المحكمة على أن «أى قيد يرد على الحرية الشخصية بوصفها حقا طبيعيا من حقوق الإنسان، لا يجوز إجراؤه إلا فى حالة من حالات التلبس المعرفة قانونا أو بإذن من السلطة المختصة» مشيرة إلى أنه «ينبغى على المحاكم ألا تقر القبض أو التفتيش الذى يحصل على اعتبار أن المتهم فى حالة تلبس، إلا إذا تحققت من أن الذى أجراه قد شهد الجريمة أو أحس بوقوعها بطريقة يقينية لا تحتمل شكا أو تأويلا، ولا يغنيه عن ذلك تلقى نبأها عن طريق النقل من الغير.... وأن تقدير الظروف التى تلابس الجريمة وتحيط بها وقت ارتكابها ومدى كفايتها لقيام حالة التلبس أمر موكول إلى محكمة الموضوع». 

39789-تحليل-المخدرات-لسائقي-السيارات-(3)

وفى هذا الشأن، يقول الخبير القانونى والمحامى محمود خضر، أنه إنتتشرت في الآونة الأخيرة أخبار تفيد قيام حملات مكبرة للكشف علي المواطنين  للتأكد من تعاطيهم المواد المخدرة من عدمه، وذلك بعد تفعيل قانون الخدمة المدنية الجديد ولائحته التنفيذية المتعلقة بإجراء تحليل للمخدرات بصفة دورية وبشكل مفاجئ وعشوائي، مؤكدة أنه حال ثبوت تعاطي أي موظف مواد مخدرة يتم إمهاله فرصة ستة أشهر للعلاج والتعافي وعمل كشف أخر له بعد المدة المقررة، فإذا تبين إيجابية العينة سيتم فصله نهائيا.

ووفقا لـ«خضر» فى تصريح لـ«صوت الأمة» أنه رغم تأكيدنا علي أنها إجراءات من شأنها أن تحافظ علي أرواح ومصالح المواطنين، وأمن وسلامة مؤسسات الدولة، إلا أننا نتسائل عن الأمر من الناحية الدستورية والقانونية، ما هو التنظيم القانوني في إجبار مواطن علي إجراء التحاليل الكاشفة للمواد المخدرة ؟ وماهي الضمانات الإجرائية للتأكد من سلامة الطريقة التي تؤخذ بها العينة ؟ 

65761-تحليل-المخدرات-لسائقي-السيارات-(1)

الله سبحانه وتعالى خلق الإنسان في أحسن تقويم فكرمه وقدره، حيث قال في كتابه العزيز «لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم» صدق الله العظيم، وهذا تكريم من الله للإنسان، ضمن حقه في حرمة جسده من الإعتداء عليه، فحرم القتل والضرب والجرح، فجاءت القوانين الوضعية كاشفة لما سطره رب العالمين من حرمة الجسد من الإعتداء عليه، فجاء في ميثاق الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في المادة 12 حيث نصت علي: «الجسد حرمه، ويحظر التدخل التعسفي في الحياة الخاصة أو الأسرة أو المسكن أو الحملات علي الشرف والسمعة».

كذلك جاء الدستور المصري ليؤكد علي حرية الحياة، وحرمة الجسد فنص في المادة 54: «الحرية شخصية حقا طبيعيا وهي مصونة لا تمس، وفيما عدا حالات التلبس، لا يجوز القبض علي أحد أو تفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته بأي قيد إلا بأمر قضائي مسبب يستلزمه القانون»،  كذلك نصت المادة 60 من الدستور المصري: «لجسد الإنسان حرمة، والإعتداء عليه أو تشويهه أو التمثيل به جريمة يعاقب عليها القانون، ويحظر الإتجار بأعضائه، ولا يجوز إجراء أية تجارب طبية أو علمية بغير رضاه الحر الموثق وفقا للأسس المستقر عليها في مجال العلوم الطبية علي النحو الذي ينظمه القانون» -هكذا يقول «خضر». 

82017111376452225250

فكلنا نعلم تمام العلم، أن الدستور هو أعلي القوانين الوضعية، وما يخالفه من قوانين يوصم بعدم دستوريته لمخالفته نصا أعلي، وعندما ننظر إلي القوانين الجنائية نجد أنها قد توافقت مع الدستور وتكفلت بحماية هذه الحقوق، فجرمت أفعال القتل والضرب والجرح، ولما كانت الأعمال الطبية تتصل بسلامة الإنسان وجسمه، وأنا لصيقة بالشخصية، فالأصل أنه لا يجوز إجراء عملية جراحية من دون إذن المريض أو ذويه، كذلك لا يجوز إجبار الشخص علي الخضوع لتجارب أو تحاليل طبية، ولم نجد في القانون ما يسمح بإجراء التحاليل الطبية للكشف عن تعاطي المواد المخدرة إلا في في قانون المرور رقم 66 لسنة 1973 المعدل بالقانون رقم 121 لسنة 2008  التي تجيز إجراء التحاليل الطبية اللازمة علي السائقين، للتأكد من عدم تعاطيهم المواد المخدرة أثناء القيادة، والذي رغم ذلك نري عدم دستوريته، هذا من الناحية القانونية – الكلام لـ«خضر».

فهل من الناحية الإجرائية يضمن المشرع ضمان الطرق التي تأخذ بها العينة وسلامتها، التي بها يتوقف مستقبل القابع لعملية التحليل علي إيجابية العينة أم سلبيتها، فالقائم علي عملية التحليل غالبا لا يكون طبيبا متخصصا في إجراء التحاليل، ففي الغالب يكون فني معمل ليس لديه من الخبرات الكافية لإجراء عملية التحليل، كذلك الأجهزة المستخدمة في إجراء التحاليل لا تقطع غالبا بإيجابية العينة أو سلبيتها – طبقا لـ«خضر». 

download

كذلك إستخدتم الكواشف السريعة لا تقطع بنوع المخدر، وما إذا كان نتيجة تعاطي مواد مخدرة، أم نتيجة تناول أدية لعلاج مرض مرض معين، كذلك بعد أخذ العينة، ما هي الطرق المستخدمة في حفظ العينة وسلامتها من الإختلاط بالعينات الأخري، ومدي حفظها من التأثر بالعوامل الخارجية التي تأثر في سلامة العينة، كل تلك الإجراءات يشوبها عدم الإطمئنان.

 

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة