جري الوحوش.. هل توافق على زرع قلب «خنزير أو قرد»؟

الخميس، 21 مارس 2019 03:00 م
جري الوحوش.. هل توافق على زرع قلب «خنزير أو قرد»؟
زرع قلب - أرشيفية
علاء رضوان

تقدمت العلوم الطبية تقدما مذهلا في السنوات الأخيرة، واقتربت من جسد الإنسان رويدا رويدا، حتى وصلنا إلى إقرار برنامج دولي لرسم خريطة جينية للإنسان تحدد صفة ووظيفة كل جنين من جيناته المشفرة والمحفوظة في نواة خلاياه.

وقد أبى العلماء أن ينتهي هذا القرن دون تفجير مشكلة عالمية قد تهيمن على اهتمامات سكان الأرض في العقد القادم ألا وهو استنساخ الخلايا الحية لإنتاج كائن حي يشبه تماما صاحب الجين الأصلي، ووصل الأمر لحد إعلان العالم الأمريكي الشهير «ريشارد سيد» عن بدء استنساخ نفسه، وهو الذي كان قد دعا في يناير من عام 1998 إلى إجراء عمليات استنساخ البشر. 

في التقرير التالي «صوت الأمة» رصد رؤية شرعية في بعض القضايا الطبية الذي إليه العلوم الطبية في المرحلة الحالية بصدد علاقتها بجسد الإنسان يوجد بونا شاسعا بين ما وصلنا إليه و بين البداية – بحسب الخبير القانوني والمحامي صالح حسب الله.

فالأمر بدأ على استحياء في ذروة الحرب العالمية الثانية بصدد عمليات نقل الدم بعد إتمامها بنجاح واكتشاف فصائله، وقد ساهم هذا النجاح في تلك الحقبة من الزمن في نجاح كثير من الجنود من موت محقق بعد نزف كميات كبيرة من دمائهم في المعارك علي إثر نقل دماء جديدة لهم.

2C3DA132-4DCC-4E7F-83E2-01D5323AB31A_cx0_cy7_cw0_w1200_r1_s

ثم جاء النجاح الثاني وتمكن العلماء من زرع القرنية وتبعه نجاح ثالث بالاعتراف بإمكانية زرع الكلى، ثم القلب فالرئتين فالرحم وأعضاء التناسل ثم توجهت الطفرة بنجاح عمليات التلقيح الصناعي وأطفال الأنابيب، وتوالت الأحداث بسرعة مذهلة حتى وصلنا إلى مرحلة بات من الممكن نقل وزراعة كافة أعضاء وعناصر الجسد البشري- وفقا لـ «حسب الله». 

 

ليس هذا فحسب، فما فتأت العلوم الطبية تقدم لنا الجديد في هذا المجال الحيوي، فأمام قلة وندرة المعروض من الأعضاء المنقولة من الإنسان الحي للآخر، حاول العلماء تخطي حاجز النوع بمعنى أن يستعين لإتمام هذه العمليات بأعضاء مستقطعة من الحيوانات مثل الكلاب والكثير من الحيوانات وبصفة خاصة القرود، وقد تمت بنجاح بعض العمليات، بل إن البعض من العلماء قد حاول إنتاج العصير البشري «الدم» من مشتقات البترول والأبقار والأغنام.. هكذا يقول «حسب الله».  

فهل يتخيل إنسان أن يتعرض إلى أزمة قلبية في يوم من الأيام ثم يخبره الطبيب بأنه يحتاج إلى قلب بديل ثم يسعى جاهداَ للحصول على ذلك القلب، ثم يأتى نبأ ليخبرك بأن المُتبرِّع ليس إنسانًا بل خنزير، فهذا الاحتمال يقترب الآن من أن يكون واقعا، حيث إنه  أصبحت زراعة قلوب الخنازير للبشر ممكنة، إذًا ما هي أعضاء الحيوانات الأخرى التي قد تستخدم لترميم أجسادنا؟ وهل سيُغيِّر نقل الأعضاء غير البشرية علاقتنا بالحيوانات وحتى علاقتنا مع بعضنا البعض؟ الكلام لـ «حسب الله». 

heart

استخدام تاريخي

نقل الأعضاء باستخدام أنسجة الحيوان في البشر يرجع فى حقيقة الأمر إلى عام 1682، عندما قدّم الجراح الألماني، جوب جانسون فان ميكرين، تقريراَ يفيد بترميم جمجمة جندي روسي باستخدام شظية من عظمة كلب، وعندها أمرت رجال الدين في الكنيسة بإزالة الشظية ولكنها كانت قد التأمت تماماً بحيث لم تكن ممكنة إزالتها.

قلب الخنزير أصبح احتمال استخدامه واردا بعد نجاح التجربة على القرود، وفي ما بعد، مهّدت تقنيات أليكسي كارل الرائدة في تقطيب الأوعية الدموية البشرية الطريق أمام نقل أعضاء الحيوانات في 1902، غير أنه لم يحدث تطورًا مهما بهذا الصدد إلا في الستينات عندما نجح الجراحون، ولو بشكل محدود، في نقل أعضاء فصيلة القرود إلى الإنسان، ومع ذلك أخفقت معظم المحاولات خلال بضعة شهور ولم ينجُ المرضى- طبقا لـ «حسب الله». 

karooooooood166

رغم ذلك، لم يعد يُنظًر لأعضاء فصيلة القرود اليوم على أنها صالحة نظرا إلى بعض أمور تتضمن المخاطرة في نقل الأمراض وبعض الاعتبارات الأخلاقية في مجال الأبحاث الخاص في هذا الصنف من الحيوانات، ولقد تباينت الآراء الفقيه والقانونية في مثل هذه المسائل وحاولنا أن ندلى بدلونا في هذا الأمر على أساس أنه رأي اجتهادي قد لا يكون معبرا عن وجهة النظر الإسلامية، لأن مثل هذه المسائل تحتاج إلي ما يمكن تسميته بالاجتهاد الجماعي، لكي يكون الرأي أقرب إلى الصواب، فإلى أن يصدر مثل هذا الرأي عن المؤتمرات العلمية، والمجامع الفقهية المختصة فإنه يمكن القول بصورة فردية الآن، أن هذه الأعضاء غير البشرية إن كانت مأخوذة من نجس العين كالكلب والخنزير والسباع وأشباه ذلك مما لا يحل تناوله إذا ذكي، فهذه الأعضاء لا يجوز استخدامها في علاج البشر مهما كانت الضرورة الداعية إلى ذلك.

وحتى لو حصل اليقين العلمي بفائدتها العلاجية بتقرير أهل الخبرة من الأطباء، وذلك لأن الجسد الآدمي هو محل الكرامة الإلهية والنفحة الربانية وهو وعاء القرآن و الذكر، فلا يجوز أن تخالطه وهذه النجاسات و كيف يمكن للإنسان أن يقف بين يدي تعالي في الصلاة مثلا وهو يحمل قلب خنزير مثلا أو يحمل بين جنابته مثل هذه النجاسات؟ فيما أعتقد أن الموت أشرف بكثير من الحياة التي يحيياها الإنسان بكبد كلب أو قلب خنزير، لاسيما أن الموت في المنظور الإسلامي هو انتقال من دار إلى دار، من دار الفناء إلى دار الخلود، وليس نهاية المطاف  كما يزعم الماديون والملاحدة، وفقا لـ «حسب الله». 

maxresdefault

وقد  نص كثير من  فقهاء المسلمين بالفعل في كتابتهم علي مثل هذا فعند جانب كبير من فقهاء الحنابلة والحنفية أنه لا يجوز التداوي بالمحرم أصلا، الذين أجازوا ذلك تطلبوا فيه اليقين بحصول الشفاء بإخبار الطبيب المسلم، وأنه لا يجد مباحا يقوم مقامه، لأن الضرورات تبيح المحظورات.

ونظرا لضعف الوازع الديني لدي بعض الأطباء وغيرهم في أزمنتنا فلا نكاد نطمئن إلى إخبار الطبيب المسلم بحصول الشفاء عند إجراء هذه العمليات، فقد يدخل في هذه المسألة جانب من الشهرة العلمية، وحب الاشتهار بالنجاح في إجراء مثل هذه العمليات مع حرص الناس الشديد على الحياة بأي ثمن، فإني أميل في هذه الفرضية إلى منع التداوي بالمحرمات حفاظا على الكرامة الآدمية، وبعدا للإنسان عن مخالطة النجاسات بقدر الإمكان.

وأما إن كانت هذه الأعضاء غير البشرية مأخوذة عن طاهر العين الذي يحل تناوله، فقد قرر العلماء إمكانية التداوي بها إذا كان الشفاء سيحصل ولو بغلبة الظن بناء على تقرير الثقات العدول من الأطباء المسلمين. ويُضيف «حسب الله»، أن الله خلق الإنسان في أحسن تقويم، ولا ينبغي العبث ببنيته ولو كان ذلك بقصد  استمرار حياته و تعجيل شفائه، فإما حياة بكرامة كما أردها الحق تبارك وتعالى، وإما موت هو أكرم للمؤمن ألف مرة من حياة مشوهة بأعضاء الحيوانات فذلك مسخ للمخلوق المكرم، الهم هذا رأي أبديه، فإن يكن صوابا فبتوفيق من الله وحده و إن يكن غير ذلك فمن نفسي استغفر الله منه، المسألة على كل حال اجتهادية، وتحتاج مثل هذه المسائل كما ذكرت سلفا إلى اجتهادات جماعية حتى لا تضرب الأمة أخماسا في أسداس بين قائل بالحل وقائل بالحرمة.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق