شيطنة المسلمين في عيون الغرب.. مساجد ميونيخ شهدت البداية

السبت، 23 مارس 2019 06:00 م
شيطنة المسلمين في عيون الغرب.. مساجد ميونيخ شهدت البداية
حادث نيوزيلندا
عنتر عبداللطيف

ستيفن شيهى: «الإسلاموفوبيا» تعمل على شيطنة الإسلام والمسلمين لأنهم يمثلون الوجه الأسمر للمقاومة ضد الرأسمالية العالمية
 
ما بين مد وجزر، تطفو على السطح ظاهرة الخوف من الإسلام أو ما يعرف بـ «الإسلاموفوبيا»، وهى الظاهرة الكامنة فى نفوس الملايين من المواطنين الأمريكيين والأوروبيين، فبسبب ربط أفعال المتطرفين والإرهابيين بالمسلمين، فإن صورتهم تواجه تشويها، فيما يجرى صناعة «إسلاموفوبيا كاذبة» إن صح هذا التعبير لأغراض سياسية بعيدا عن الأيديولوجية باستخدام الجماعات الإسلامية الراديكالية عبر زرع جذورها التكفيرية المتطرفة فى التربة الغربية، وهو ما كشفه كتاب مهم بعنوان «مسجد فى ميونيخ.. النازيون وكالة الاستخبارات المركزية وبزوغ نجم الإخوان المسلمين فى الغرب»، من تأليف إين جونسون، وترجمة أحمد جمال أبو الليل.
 
إين جونسون، هو أحد أهم صحفيى التحقيقات الاستقصائية فى العالم، من مواليد مدينة مونتريال، كبرى مدن مقاطعة كيبك الكندية، حصد العديد من الجوائز العالمية عن تحقيقاته، منها جائزة «البوليترز» عام 2001، ووفق الكتاب الخطير، فإن «مسجد ميونيخ» جاء منافيا للتوقعات، فلم يكن مخصصا للمهاجرين، وإنما كان يضم طائفة من المفكرين النازيين، عمدوا إلى التخطيط لاستخدام الإسلام سلاحا سياسيا إبان الحرب الكونية الثانية، ليستأنفوا الاستراتيجية ذاتها خلال سنين الحرب الباردة، أما الطائفة الثانية فكان معظمها أفراد من وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، شرعوا فى انتهاج المنحى النازى، والاستفادة منه أملا فى استخدام الإسلام لمحاربة الشيوعية وكسر شوكتها.
 
اللافت أن علاقة الغرب بالإسلاميين العرب، بدأت مع الزيارات المتكررة لمفتى القدس الحاج أمين الحسينى للوحدات المسلمة فى الجيش النازى، ثم بانتقال القيادى الإخوانى سعيد رمضان إلى ميونيخ عام 1958 بعد لقائه بأيزنهاور عام 1953 وفق الكتاب.
 
ويكشف «إين جونسون» كيف شهدت عملية بناء «مسجد ميونيخ» معركة حامية الوطيس، لتنجح جماعة الإخوان الإرهابية فى السيطرة عليه بشكل كامل لعقود، ما أدى إلى طفرة فى تنظيم جماعات إسلامية فى جميع أنحاء أوروبا، ويقول الكتاب: «إن الطائفة الثالثة كان قوامها حفنة من إسلاميين راديكاليين، رأوا فى مسجد ميونيخ موطئ قدم لهم فى الغرب، لكن الحقيقة هى أن هذه الطوائف لم يكن هدفها إنشاء مسجد للعبادة بقدر ما كان إرساء قاعة لأنشطة سياسية لا تخلو من منهج العنف بصورة أو بأخرى».
 
«كل الامبراطوريات تحتاج العنف لتطيل عمرها، والعنف الذى أدامته القوى الامبريالية فى المحيط دائما ما يرتد، بشكل أو بآخر  إلى المركز، وفى الأزمنة الحديثة، ذلك العنف دائما ما يضطلع بشخصية عنصرية».. هذا ما أكده «آرون كوندنانى»، أحد المشاركين فى كتاب «ما هى الإسلاموفوبيا؟ العنصرية والحركات الاجتماعية والدولة»، من تأليف «نارزانين ماسومى وتوم ميلز وديفيد ميلر»، وترجمة وعرض «نضال إبراهيم».
 
«كوندنانى» يقول إنه: منذ عقود، تعتبر السياسة الخارجية الأمريكية، الشرق الأوسط أكثر المناطق الاشكالية فى خريطتها الذهنية للعالم، التى تبدو فيها المقاومة للامبريالية الأمريكية أقوى، خاصة ضد حليفتها الإقليمية الأساسية «إسرائيل»، وفى السياق ذاته، أصبح «التهديد الإسلامى» نوعا من اللاوعى الجمعى للنخبة الأمريكية الحاكمة.
 
ويقول مؤلفو الكتاب: «على الرغم من النمو الكبير فى الكتابة عن ظاهرة الإسلاموفوبيا فى السنوات الأخيرة، إلا أنه لا يزال هناك عدم اتفاق واضح حول تعريفها، من أين جاءت؟ وكيف ترتبط بالأشكال الأخرى من العنصرية؟
 
يتابعون فى كتابهم المهم: «فى الحقيقة، بعد عقدين من دخول المصطلح إلى الاستخدام العام فى العالم الناطق بالإنجليزية، إلا أن ظاهرة الإسلاموفوبيا لا تزال غير معترف بها عالميا كشكل من أشكال العنصرية، والحال كذلك فى القطاع الأكاديمى، حيث الأدبيات عن العنصرية لا تزال منفصلة بشكل كبير عن الأعمال حول الإسلاموفوبيا، وعدم الاهتمام النسبى بالإسلاموفوبيا من قبل علماء الاجتماع المختصين فى قضايا العنصرية مفاجئ بالنظر إلى النمو المتزايد فى العداء تجاه المسلمين فى السنوات الأخيرة، التى لا يمكن أن تمضى دون أن يلاحظها أحد».
 
أما «ستيفن شيهى»، فيكشف فى كتابه «الإسلاموفوبيا»: «تسود الإسلاموفوبيا جميع مستويات الحياة الأمريكية من اليمين إلى اليسار‏،‏ ومن المتدينين إلى الملحدين، حيث يعتقد كل من يسيطر عليهم هوس الإسلاموفوبيا، أن كل مسلم حقير أحمق وإرهابى مخرب‏».
 
يلفت «شيهى» إلى تغلغل مشاعر الإسلاموفوبيا فى قطاعات عديدة من المجتمع الأمريكى، معتبرا كونها ليست أيديولوجيا سياسية فى حد ذاتها، كما أنها ليست «دوجما» منعزلة بقدر ماهى تشكيل أيديولوجى جديد، تم التعبير عنه باكتمال منذ انهيار الاتحاد السوفيتى، وأن الهدف من نشرها هو تطبيع هيمنة الولايات المتحدة الاقتصادية والسياسية على الكوكب وتبريرها.
 
يقول «شيهى» عن ظاهرة «الإسلاموفوبيا»، موجها نقدا لاذعا للولايات المتحدة الأمريكية، إن هذه الظاهرة بمثابة «تشكيل أيديولوجى جديد، تم التعبير عنه باكتمال منذ انهيار الاتحاد السوفيتى نهاية الثمانينيات من القرن الماضى»، ولا ترجع أصول الإسلاموفوبيا إلى إدارة بعينها، أو أحد المفكرين أو الفلاسفة أو النشطاء، أو إلى أى منفذ إعلامى أو مجموعة مصالح خاصة أو مركز أبحاث، أو حتى قطاع اقتصادى أو صناعى، على الرغم من أن كل هؤلاء مسئولون، بأسلوب جمعى عن نشر التنميطات الخبيثة المعادية للمسلمين والعرب، وعن تداول تلك المعتقدات، من أجل تطبيع هيمنة الولايات المتحدة، الاقتصادية والسياسية، على الكوكب وتبريرها.
 
ويخلص الكتاب إلى أن: «الإسلاموفوبيا تعمل على شيطنة المسلمين، لأنهم يمثلون للذهنية الأمريكية، وعلى المستوى الرمزى، الوجه الأسمر للمقاومة ضد الامبراطورية الأمريكية، والرأسمالية العالمية، والخوف شبه الواعى من الكوكب الأسمر».
 
يذكر أن شابا أستراليا يدعى برينتون تارانت، ويبلغ من العمر 28  عاما، ويحمل أفكارا يمينية متطرفة، كان قد هاجم مسجدين فى مدينة كرايست تشرتش النيوزيلندية بسلاح نارى، وصور جريمته البشعة خلال أداء عشرات المسلمين للصلاة، ما أدى إلى مقتل 50 شخصا وعشرات الجرحى بعد أن  أصدر بيانا قبل الهجوم، يكشف فيه عن نيته فى تنفيذ جريمته، فيما وصفت رئيسة الوزراء النيوزيلندية جاسيندا أرديرن، اليوم الذى وقعت فيه الجريمة بأنه يوم أسود فى تاريخ بلادها.
 
وقالت «أرديرن» إن منفذ الهجوم الإرهابى على مسجدين فى مدينة كرايست تشيريش، سيحاكم فى نيوزيلندا، ولن يُسلم إلى أستراليا. وأضافت رئيسة الوزراء النيوزيلندية فى مؤتمر صحفى: «إننا نراجع قوانين حيازة السلاح، وهذه القوانين يجب أن تتغير، وسنبحث الاثنين القوانين الجدية لحيازة السلاح»، وأشارت إلى أن جثامين الضحايا ستسلم لذويهم، على أن تسلم جميعها الثلاثاء، افتة إلى أن الإجراءات الأمنية حول المساجد فى البلاد ستستمر.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق