ضمت 11 كتيبا.. وعالجت قضايا فقهية

الأزهر يصدر سلسلة «تفنيد الفكر المتطرف» للرد على حجج الجماعات الإرهابية الزائفة

الأحد، 24 مارس 2019 04:00 م
الأزهر يصدر سلسلة «تفنيد الفكر المتطرف» للرد على حجج الجماعات الإرهابية الزائفة
منظمة خريجى الازهر

لم تجد المنظمة العالمية لخريجى الأزهر والتى تمتلك مركزا متخصصا لتفنيد الفكر المتطرف طريقا لمواجهة موجة الأفكار المتطرفة والجماعات المتشددة المنتشرة في العالم إلا بإصدار سلسلة كتيبات بعنوان " سلسلة تفنيد الفكر المتطرف " والتي خصصتها للرد على حجج الجماعات الإرهابية الزائفة.

السلسة التي صدرت في 11 كتيبا تصدي لتقديمها  الشيخ الدكتور محمد عبد الفضيل القوصى، عضو هيئة كبار العلماء، وقام بالكتابة فيها أئمة الجامع الأزهر، وقد تم تخصيص كل كتيب لمعالجة قضية فقهية محددة من بينها مفهوم المواطنة الذى ألفه الشيخ الدكتورعبد الفتاح العوارى عميد كلية أصول الدين،  وكتيب أخر تحدث عن موقف الإسلام من استخدام الدروع البشرية، في حين تحدث الاصدار الثالث عن موقف الإسلام من العمليات الانتحارية، كما ضرب الاصدار الرابع  أمثالا من حالات الغلو فى العهد النبوى، وكيف تمت معالجتها، أما الاصدار الخامس فقد شرح مفهوم الحاكمية فى الإسلام، أما الجهاد في الاسلام وضوابطه فقد ورد في الاصدار السادس ، وتحدث الاصدار السابع عن قضية الولاء والبراء ومفهومها ونشأتها،  تم تخصيص الاصدار الثامن للحديث عن مفهوم الخلافة، وتحدث الاصدار التاسع عن مفهوم الجاهلية، وهكذا ليصبح بين يدى القارئ سلسلة كاملة متخصصة للرد على تلك المزاعم التى ألصقتها جماعة العنف الدينى بالإسلام.

المشروع الضخم التنويري الذي تقوم به المنظمة العالمية لخريجي الأزهر يتم تحت إشراف الدكتور محمد عبدالفضيل القوصى، عضو هيئة كبار العلماء، وأسامة ياسين، رئيس مجلس إدارة المشروع ونائب رئيس المنظمة العالمية لخريجى الأزهر، ومدير عام المشروع الدكتور حمدالله الصفتى، حيث تناولت الاصدارات مختلف القضايا وقامت بالرد علي مزاعم الجماعات الارهابية

ومن بين تلك الإصدارات كتاب " موقف الإسلام من العمليات الانتحارية " للدكتور إبراهيم صلاح الهدهد، الأستاذ بجامعة الأزهر عضو مجمع البحوث الإسلامية، الذى يؤكد فى بدايته أن " ما تعانيه الأمة اليوم من ضيم أعدائها، إنما هو بسبب تصرفات خاطئة باسم الدين، تصدر عن بعض بنى جلدتنا، وممارسات بنيت على فهم نصوص دينية على غير فقه" ، لافتا إلى أنه ظهر منذ أواخر القرن الماضى مصطلح العمليات الاستشهادية، والتفجيرية، وفكرة تخطيطه، وتنفيذه منقولة عن غير المسلمين من الحركات الشيوعية وغيرها، ومن مناهضات استعمار أوطانهم، لكن مع أنهم غير مسلمين إلا أنهم حتى هذه اللحظة يسمونها عمليات انتحارية.

وتابع أنه لما استنسخت الحركات الإسلامية هذه المصطلحات، سميت إعلاميا بالعمليات الاستشهادية، ثم سرت تلك العمليات إلى بعض البلدان العربية والإسلامية، مع السياح الأجانب، أو مع الوافدين للعمل من غير المسلمين، بل وضد غير المسلمين من المواطنين فى دولهم؛ بل استباحوا تفجير دور العبادة من المساجد وغيرها، وذلك كله بإيمان من يقومون بهذه العمليات بكفر من يفجرونهم من المسلمين، ومن غير المسلمين، فيكون الفهم المغلوط للوحى العظيم، سبيلا للتكفير، ومن ثم يكون طريقا للتفجير.

 
القوصى
القوصى
 

ولفت إلى أن التفجيرات التى تمت، وأزهقت الأرواح فى الكويت، وتونس، وفرنسا، كلها وقعت فى رمضان، لأن عرّابى هذه الجماعات أوقعوا فى نفوس المفجرين أن ما يصنعونه غزوة، وأن غزوات النبى صلى الله عليه وسلم، كانت فى رمضان، وهو فساد فى الفكر وضلال فى الرأى، وقد شجع على ذلك، وحرّض عليه منظرو الجماعات الإسلامية، فأسندوا التسمية الإعلامية بالأدلة الشرعية.

وتناول «الهدهد» عددا من أدلة المخالفين والرد عليها ، ومنها عندما استدلوا بحديث الغلام الذى رواه الإمام مسلم فى صحيحه، عندما حاول المشرك قتله عدة مرات مرة يلقى به من فوق الجبل، وأخرى يلقى به فى البحر، وكلما فعل به ذلك نجا، فقال الغلام: أتريد أن تقتلنى؟ قال: نعم، وما فعلت هذا إلا لقتلك، قال: أجمع الناس كلهم، ثم خذ سهما من كنانتى واجعله فى القوس، ثم ارمنى به، وقل: باسم رب هذا الغلام، فجمع الناس ثم أخذ سهما من كنانته، وقال: باسم رب هذا الغلام، وأطلق القوس، فضربه فهلك فقال الناس: الربُّ ربُّ الغلام الرب رب الغلام، وأنكروا ربوبية الحاكم المشرك

منظمة خريجى الأزهر

منظمة خريجى الأزهر

وقالوا استدلالا بما سبق: وقد جاء فى أخبار من قبلنا ما يدل على جواز التضحية بالنفس فى سبيل الله لمصلحة الدين، وعلق ابن تيمية على هذه القصة بقوله: إن الغلام أمر بقتل نفسه؛ لأجل مصلحة ظهور الدين، قالوا: ولهذا جوّز الأئمة الأربعة أن ينغمس المسلم فى صف الكفار، وإن غلب على ظنه أنهم يقتلونه إذا كان ذلك فى مصلحة المسلمين؛ بل ذكروا أن الاستشهادى الأول غلام سورة البروج

والرد عليه: أن الغلام كان فى مواجهة كافر، وأنه تيقن أن قتل نفسه سيترتب عليه إيمان قومه وقد كان، أما العمليات الانتحارية فقد جرّت على الإسلام شرا مستطيرا داخل بلاد الإسلام وخارجها، وأدت إلى التنفير من الدخول فى الإسلام، ووسْمه بأنه دين الإرهاب الذى يفجر نفسه فى الكفار

كما استدلوا أيضا بعمل الصحابى الجليل أبى بصير، حيث جاء بعد صلح الحديبية مسلما، فأرسلوا فى طلبه رجلين فقالوا: العهد الذى جعلت لنا، فدفعه إلى الرجلين، فخرجا به حتى إذا بلغا ذا الحليفة، فنزلوا يأكلون من تمر لهم، فقال أبو بصير لأحد الرجلين: والله إنى لأرى سيفك هذا يا فلان جيدا، فقال: أجل، والله إنه لجيد لقد جربت به، ثم جربت، فقال أبو بصير: أرنى أنظر إليه، فأمكنه منه فضربه حتى برد، وفر الآخر حتى أتى المدينة فدخل المسجد.. فقال رسول الله ﷺ حين رآه: «ويل أمه مسعر حرب لو كان له أحد»، فلما سمع ذلك عرف أنه سيرده إليهم، فخرج حتى أتى سيف البحر.. فجعل لا يخرج رجل من قريش إلا لحق بأبى بصير حتى اجتمعت منهم عصابة، فاعترضوا تجارة قريش، وقتلوا من قتلوا منهم حتى ناشدت قريش رسول الله ﷺ أن من يأتيه فهو آمن، فأنزل الله تعالى: قوله «وهو الذى كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم...» «الفتح/ 26:24»، والرد على ذلك: أنه استدلال فى غير موضعه، فإن أبا بصير قعد للكافرين فى طرق تجارتهم، ولم يقتل نفسه.

هل من يموت فى هذه العمليات شهيدا؟

 وتناول  الدكتور إبراهيم صلاح الهدهد الخلط الموجود لدي البعض عن هل من يموت في هذه العمليات شهيدا؟، حيث قال إن مثل هذه العمليات لا تدخل ضمن الشهادة، لأن الشهادة فى سبيل الله: هى بذل الروح التى هى أغلى ما يملكه الإنسان لحماية إحدى الكليات الخمس التى لا تستقيم الحياة بدونها " الكليات الخمس هى: النفس والعقل والدين والعرض والمال "، ولا يعد فاعلها شهيدا؛ لأنه خارج عن أنواع الشهداء المجمع عليهم عند أهل العلم وهم: شهيد الدنيا والآخرة وهو الذى قاتل فى سبيل الله حتى قتل، وكان قتاله بأمر ولى الأمر، وكان مخلصا وقُتِل على ذلك، مؤكدا بأن الجهاد فى سبيل الله لتكون كلمة الله هى العليا، من أفضل الأعمال، بل هو ذروة سنام الإسلام، وهو أحل القربات، لذا حثت عليه نصوص الكتاب والسنة.

 
العمليات الانتحارية
العمليات الانتحارية
 

وقد قسم الفقهاء الجهاد إلي نوعان، أولهما جهاد الطلب، وهو " إذا أعلن ولى الأمر الحاكم المسلم بأى وصف سياسى معاصر "، الجهاد فى سبيل الله دفاعا عن الإسلام، وتحت رايته، وبعد أن فرض الجهاد لم يرد أن الصحابة رضى الله عنهم، وهم أفضل جيل عرفته البشرية، ذهبوا إلى مجتمع الكفار يقتلونهم أبدا إلا بجهاد له راية من ولى قادر على الجهاد.

والثانى هو " جهاد الدفع ": وذلك إذا نزل الكفار ببلد وجب على أهل البلد قتالهم ودفعهم، ويكون بإذن ولى الأمر، وتحت راية الإسلام، وما عرضناه لك هو ما أجمع عليه أهل العلم، وقد تبين لك بذلك أن القتيل فى العمليات الانتحارية لم يقتل فى أى من نوعى الجهاد فى سبيل الله

من الذين يجب قتالهم فى المعركة؟

 كما تناول" الهدد " سؤالا عن من الذين يجب قتالهم ؟ جيث أجاب بأنه لا يجوز قتل النساء، ولا الصبيان، ولا الشيوخ، وإنما القتال للمحارب الذى حمل السلاح فى وجه المسلم، وهو واضح فى قوله تعالى: «وَقَاتِلُوا فِى سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ» «البقرة/190». 

كما أن نصوص الكتاب، والسنة أكدت حرمة قتل غير المسلم الذى أعطى عهد أمان، وأكدت على حفظ العهود، فالإسلام يأمر بحفظ العهود والعقود، ويقول تعالى: «يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود» [المائدة/1]، كما يقول: (وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ ۖ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا) [الإسراء/34]، وقد حرم الإسلام الغدر، فكل من كان له عهد أمان لا يحل قتله، والسائحون غير المسلمين دخلوا بلاد الإسلام بعقود أمان «تأشيرة الدخول».

وتابع أن القرطبى ذكر أنه لا خلاف بين العلماء أن أمان السلطان جائز، كما أن الاتفاقات الدولية فى إطاراتها الحديث تعد عقودا يجب حفظها، هذا مع غير المسلمين، فكيف تستبيح بعض الجماعات المحسوبة على الإسلام دم المسلمين، مشيرا إلى أنه ورد فى الصحيح أن رسول اللهﷺ لما أرسل له مسيلمة قرأ كتاب مسيلمة، ثم قال لرسوليه: ما تقولان أنتما؟ قالا: نقول كما قال النبى ﷺ: " أما والله لولا أن الرسل لا تقتل لضربت أعناقكما".

وحينما أجارت أم هانئ بنت أبى طالب رجلا من المشركين يوم الفتح، فأتت النبىﷺ، فذكرت ذلك له، فقال: «قد أجرنا من أجرت يا أم هانئ، وأمّنّا من أمّنت»، فكيف استباحوا قتل من دخلوا تونس بموجب عقود أمان؟

وشدد على أن الله قد حرم قتل أى نفس بغير الحق، فقال تعالى: "ولاتقتلوا النفس التى حرم الله إلا بالحق "، وقال أيضا: " من قتل نفسا بغير نفس أو فساد فى الأرض فكأنما قتل الناس جميعا "، ولا يكون القتال والقتل إلا لمحارب، ويكون قتاله بأمر ولى الأمر " الحاكم بأى وصف سياسى "، وتحت راية الإسلام، فلا بد من هذه الضوابط لأن الإسلام لا يعرف الفوضى، أو قاتل نفس أثبت القضاء عليه التهمة، وحكم بقتله

أما عن حرمة قتل المسلم فأن النصوص كثيرة فى تحريم قتل المسلم، وهم يستبيحون قتلهم ولايعنيهم قوله تعالى: " ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما " " النساء:93 "، وفى الحديث الصحيح: " من قتل مؤمنا فاغتبط بقتله لم يقبل الله منه صرفا ولاعدلا "، وفى الحديث الآخر: "لا يزال المؤمن فى فسحة من دينه ما لم يصب دما حراما".

كما تحدثت الكتبيات عن إن تفجير المساجد يؤدى إلى خرابها، ومنع ذكر الله فيها، وترويع من كان فى حمى بيت الله ولا عمل أسوأ من ذلك، ولا أظلم منه لقوله تعالى: " ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى فى خرابها أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين لهم خزى فى الدنيا ولهم فى الآخرة عذاب عظيم "، وفى الحديث:  " إن بيوتى فى الأرض المساجد وإن زوارى فيها عمارها، وحق على المزور أن يكرم زائره "، ويكفى المساجد شرفا أن الله نسبها لنفسه فى قوله: " إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر "، فقد استحق القائمون بتفجير المساجد، وقتل الأنفس، هم ومحرضوهم خزى الدنيا، والعذاب العظيم فى الآخرة، والإسلام هو دين الإعمار، والرحمة، وليس دين التخريب والغلظة، ويخلص الهدهد إلى أنه " من كل ما مضى يتبين فساد تسمية العمليات الانتحارية بالاستشهادية، كما يتبين لك فساد العمليات التفجيرية".

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق