لف الحبل حول رقبته بيديه.. سر هزيمة «بهلول اسطنبول»

الإثنين، 01 أبريل 2019 08:00 م
لف الحبل حول رقبته بيديه.. سر هزيمة «بهلول اسطنبول»
رجب طيب أردوغان

ضربة قاسمة تلقاها الرئيس التركى رجب طيب أردوغان فى انتخابات المحليات تمثلت فى خسارة حزبه عدد من البلديات في مدن رئيسية بأكبر 3 مدن تضم أكثر من ربع عدد سكان البلاد البالغ 82 مليون نسمة، وهي العاصمة أنقرة وإزمير، بالإضافة إلى إسطنبول.

 أردوغان الذى دائما ما يتلاعب باقوانين كان قد مرر قانون يسمح للأحزاب بتشكيل تحالفات انتخابية حيث ويتيح القانون لأي حزب -حتى إذا لم يصل إلى الحد الأدنى المسموح به البالغ 10%- للدخول إلى البرلمان، فإن يمكنه الاحتفاظ بالمقاعد التي يفوز بها إذا كان متحالفًا مع حزب أكبر، وذلك في محاولة للتأكد من أن حليف حزب العدالة والتنمية، حزب العمل الوطني اليميني المتطرف، وصل إلى البرلمان.

وفق قانون أردوغان نفسه، شكّل حزب الشعب الجمهوري تحالفًا مع حزب الخير الليبرالي، ومعظم الأحزاب الكردية تحت مظلة واحدة، ويرجح الموقع البحثي أن يفوز هذا التحالف بمقاعد لم يكن يحصل عليها في ظل القوانين القديمة.

رجل أردوغان وذيله التركي بن علي يلدريم، والمدعوم من رجب إردوغان منى فى انتخابات بلدية إسطنبول بهزيمة منكرة لصالح أكرم إمام اوغلو أحد رجال حزب الشعب الجمهوري، ورئيس بلدية مقاطعة بيليك دوزو.

وكان  أكرم إمام اوغلو قد حقق تقدماً كبيرا في استطلاعات الرأي بعد إعلان تحالف حزبي الخير وحزب الشعب الجمهوري ترشحه لرئاسة بلدية إسطنبول أهم بلديات تركيا، ليصبح رجل المعارضة في معركة شرسة مع رجل الرئيس التركي وتابعه يلدريم.

يذكر أن إمام أوغلو في استطلاعات الرأي على باقي المرشحين المعلنة أسماؤهم في بلدية إسطنبول الكبرى (التي تضم 30 مقاطعة)، وفي آخر استطلاع  أجري بعد إعلان حزب العدالة والتنمية في ديسمبر الماضي الدفع بالرئيس الحالي للبرلمان ورئيس الوزراء السابق بن علي يلدريم، أحرز تقدما طفيفا على أوغلو، إذ كانت النتائج متقاربة جداً، وتفوق بنقطتين فقط، رغم الحشد الرسمي له من قبل حزب وحكومة العدالة والتنمية.

وفى أول رد فعل اقتصادى على انتخابات المحليات التركية تراجعت الليرة التركية 1.2 بالمئة مقابل الدولار في المعاملات المبكرة يوم الاثنين بعد انتخابات فقد فيها حزب الرئيس رجب طيب أردوغان حزب العدالة والتنمية السيطرة على العاصمة أنقرة.

وفي الساعة 0416 بتوقيت جرينتش، سجلت الليرة 5.62 مقابل العملة الأمريكية، بعد أن ضعفت أكثر إلى 5.63، مقارنة مع إغلاق الجمعة البالغ 5.5550. وتأرجت العملة بشدة وشهدت الأسهم والسندات التركية عمليات بيع على مدى الأسبوع السابق على الانتخابات.

وكان موقع فورين بوليسي الأمريكى قال أن الرئيس التركي وحزب العدالة والتنمية الحاكم "مُقبلين على نكسة" مضيفا إن مسألة الخبز والزبد، التي يرفع شعارها حزب العدالة والتنمية، تظهر أن الاقتصاد يعاني بالأساس من مشكلة، وربما مشكلة بالغة الخطورة.

وانخفض الإنتاج الصناعي بنسبة 6 في المائة ومبيعات التجزئة بنسبة 7 في المائة، وانخفض النمو العام من 7.4 في المائة في عام 2017 إلى 2 في المائة المتوقعة في عام 2019. وبلغ التضخم 20.3 في المائة.

 

بالإضافة إلى ازدياد نسبة البطالة، إذ تشير أحدث الأرقام إلى أن أكثر من 11 في المائة عاطلون عن العمل، مع ضعف ذلك تقريبًا بالنسبة للشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 سنة، والذين يشكّلون حوالي 20 في المائة من سكان تركيا.

 

ويرى الموقع  أن أردوغان شيّد انتصاره الانتخابي على النمو الاقتصادي الذي أدى إلى خروج شريحة كبيرة من السكان من الفقر وأدى إلى نمو كبير في الطبقة الوسطى. تركز جزء كبير من هذا الاقتصاد على صناعة البناء والمشاريع الضخمة مثل مراكز التسوق والجسور، وأكبر مطار في العالم.

 

فبالنسبة لأردوغان، كان الاقتصاد الذي يرتكز على بناء مشروعات ضخمة، بمثابة صيغة مربحة لكل الأطراف –بحسب الموقع- الذي قال إن حزب العدالة والتنمية منح عقودًا مربحة لشركات البناء الكبرى، والتي بدورها ملأت الصناديق الانتخابية لحزب انزوى في هوامش الطيف السياسي بمرحلة ما، ليفوز في النهاية بحوالي 50% من أصوات الناخبين.

 

لكن هذا الوضع اختلف في الربع الثالث من العام الماضي؛ إذ انخفض النمو إلى 1.6 في المائة، وركدت صناعة البناء، وتم تسريح الكثير من العمّال، كما أن البناء كان له تأثير الدومينو على الصناعات الحليفة في الأسمنت والصلب والسيراميك، بحسب الموقع.

 

واستطرد: "مزيج من انخفاض قيمة الليرة، إلى جانب شعور الناس بعدم الأمان الاقتصادي، أدى إلى انخفاض المبيعات في صناعة السيارات والإلكترونيات والأجهزة المنزلية".

 

أشار الموقع إلى أن الاقتصاد التركي لطالما اعتمد على رأس المال الأجنبي، أو ما يسمى بـ "الأموال الساخنة"، للحفاظ على استمرار دوران عجلة العمل بالمصانع ومواكبة مستويات المعيشة مرتفعة، ولكن الأموال الساخنة تبدأ في الجفاف ويحين موعد سداد الفواتير.

 

وبما أن معظم الديون التركية بالعملة الأجنبية، فمن الصعب تسديد تلك الديون بعملة الليرة منخفضة القيمة، ولذلك؛ فتحت أنقرة محادثات مع صندوق النقد الدولي لاستكشاف خطة إنقاذ، لكن عمليات الإنقاذ التي يقدمها صندوق النقد الدولي تأتي مع ثمن: التقشف، وليس بالضبط برنامج انتخابي ناجح.

 

ورغم أن الكثير من المعارضين السياسيين لنظام أردوغان تم سجنهم أو تهميشهم، إلا أنهم لم يتم تخويفهم وكتم أصواتهم بشكل كامل حيث لفت الموقع الأمريكي، إلى أنه على الرغم من سجن 9 نواب برلمانيين من حزب الشعوب الديمقراطي اليساري، ومعقله المناطق الكردية، إلا أن هذا الحزب تمكّن من الحصول على ما يكفي من الأصوات في الانتخابات الأخيرة ليحافظ على مكانته كثالث أكبر حزب في البرلمان.

 

كما أن الإضراب عن الطعام من قبل النشطاء الأكراد السجناء قد ولّد أيضًا تعاطفًا مع حزب الشعوب الديمقراطي، وللمرة الأولى في التاريخ التركي شكّل العديد من الأحزاب الكردية جبهة موحدة.

 

كما قرر الحزب عدم تقديم مرشحين لرئاسة المدن الكبرى، مثل اسطنبول وأنقرة، من أجل المساعدة في انتخاب مرشحين من حزب الشعب الجمهوري العلماني، "باختصار؛ أي كيان سياسي عدا حزب العدالة والتنمية"، على حدّ تعبير الموقع.

 

أشار الوقع إلى أن حزب العدالة والتنمية كان يحصل على عدد كبير من الأصوات الكردية، خاصة من المناطق الريفية المحافظة، لكن عندما شنّ أردوغان حملة قمعية ضد الأكراد في محاولة لتهميش حزب الشعب الديمقراطي، فقد العديد من هؤلاء الناخبين. وفي حين أن جميعهم لم يتحولوا إلى الحزب اليساري، إلا أنهم حوّلوا أصواتهم إلى أحزاب كردية أخرى، متحدة الآن في ظل تحالف انتخابي كردستاني.

ويؤكد الموقع الأمريكي أنه إلى جانب المشكلات التركية الداخلية التي يواجها أردوغان؛ فإن سياسته الخارجية أيضًا لم تحقق نجاحًا كبيرًا.

 

وأوضح الموقع أن "الاحتلال التركي" لشمال سوريا فشل في تشتيت قوات سوريا الديمقراطية، ويبدو بشكل متزايد أن أنقرة "مُتعثّرة في مستنقع"؛ موضحًا أن خطة أردوغان كانت طرد الأكراد من شمالي سوريا وإعادة توطين اللاجئين السوريين، لكنها وقعت في فخّ المواجهة مع الروس والأمريكيين.

 

وقال إن هناك سلسلة قوية من النزعة القومية في تركيا، وربما يجني أردوغان حصادها فيما بعد عن طريق الضغط على الأكراد في جنوب شرقي تركيا والعراق وسوريا. ولكن يواجه الجيش التركي تشتيت مبالغ فيه على جبهات ممتدة، ولا يزال يعاني من مغبة عملية تطهير الضباط والرتب والملفات التي أعقبت الانقلاب الفاشل في عام 2016. كما أن هناك تقارير موثوقة تفيد بأن الجيش غير راضٍ عن عمليات احتلال جزء من سوريا.

 

وأضاف أن رغبة الرئيس التركي في افتعال تحديًا للعقوبات الأميركية ضد إيران، ربما تمنحه زخمًا شعبيًا أو انتخابيًا، لأنها تعني ازدهار التجارة ورفع اقتصاد تركيا المتدهور.

 

ومع ذلك، يرجّح الموقع أن تركز انتخابات مارس على القضايا الداخلية لا الخارجية؛ وهو ما يدفع أردوغان لبذل قصارى جهده في حلّ أزمة الاقتصاد.

 

فى ذات السياق انتقدت البعثة الأوروبية التي تراقب الانتخابات البلدية في تركيا، القيود التي تمارسها السلطات التركية على حريات الرأي والتعبير والتصويت في البلاد، والتي تجلت بوضوح في انتخابات البلدية 

رئيس بعثة المراقبة التي يقوم بها كونجرس السلطات المحلية والإقليمية التابع لمجلس أوروبا أندرو دوسون، انتقد فرض القيود على حرية تعبير المواطنين والصحافيين الأتراك بعد يوم من الانتخابات المحلية التركية، والتي مني فيها الحزب الحاكم بخسارة كبيرة خاصة في المدن الكبرى.

 

دوسون تحدث عن حاجة الأتراك للتعبير عن آرائهم دون خوف من رد انتقامي من جانب الحكومة، وقال: "نحن غير مقتنعين تماما بأن تركيا تتمتع حاليا بأجواء انتخابية حرة ونزيهة، وهو أمر حتمي لانتخابات ديمقراطية تتماشى مع المعايير والمبادئ الأوروبية" ،حسب وكالة أنباء رويترز.

 

أضاف في تصريحات بأنقرة: " نعتبر نجاح العديد من الأحزاب إشارة إيجابية للمرونة الديمقراطية في تركيا"، متابعًا :"قد يكون هناك سبب للقلق، ولكن ما زال من السابق لأوانه البت في هذا الأمر".

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق