"عالأصل دور".. أردوغان يسرق هوية المصريين وينسب هذا الفولكلور لبلاده

الثلاثاء، 02 أبريل 2019 10:00 ص
"عالأصل دور".. أردوغان يسرق هوية المصريين وينسب هذا الفولكلور لبلاده
الأراجوز
إسراء بدر

"أراجوز.. أراجوز.. إنما فنان.. فنان.. أيوه.. إنما أراجوز.. و يجوز يا زمان أنا كنت زمان.. غاوي الأرجزة طياري.. يجوز.. إنما لما الكيف بقى إدمان.. باجي أبص لشيء واحد أرى.. جوز.. أرى إيه؟ أرى إيه؟ أرى أرى أراجوز".. كلمات حفرت فى عقول الأجيال رددها الكبار والصغار كعادتهم فى تكرار الأغانى، التى يستمتعوا بها من الأراجوز الذى كان يجوب شوارع المحروسة ليبث الفرحة فى قلوب المصريين رغم ما يحمله من سخرية من الحكام.

وبدأ الأراجوز في العصر الفرعوني السحيق، وكان يسمى "إرجوس"، وهي تعني حرفيا "يصنع كلاما معينا"، ومنها اشتقت كلمة "أراجوز"، وهو إسم يعود إلى العصر العثماني، حيث كان يسمى وقتها "قراقوز" أو "الأرا أوز"، وتعني الـ"عين السوداء"، سُمي بهذا الإسم ليعكس فكرة النظر إلى الحياة بمنظار أسود، وإزدهر هذا الفن الساخر في أواخر العصر المملوكي قبل الغزو العثماني لمصر عام 1517 وازدهر فى أواخر العصر المملوكى "1250- 1517".

كما استخدم هذا النوع من الفن للتعبير عن مشاكل اجتماعية وفى بعض الأحيان كان يعبر عن حس وطنى سياسى للشعب المصرى، لم لا يقدر على التعبير به فى هذه الأزمنة التى تميزت بالديكتاتورية السياسية والدينية، وجميع القصص التى انخذها هادفة ولها سمة المبالغة والطرافة وتحمل خفة الدم التى اشتهر بها المصريون وتسعد الأطفال والكبار وعادة ما ينتهى العرض بضحكات الجمهور.

وأكد المؤرخون أن الأراجوز تحريف لكلمة "قراقوش" نسبة إلى بهاء الدين قرقوش، وزير صلاح الدين الأيوبي وعرف عنه الظلم والغباء، وبما أن الأراجوز كان يستخدم لعكس الوضع السياسي والاجتماعي بصورة ساخرة، فقد استخدمه الناس في الأساس للسخرية من قراقوش، وأطلقوا على الدمية اسم مشتق منه، تهكما عليه وانتقاما منه بعد انتهاء عصره، واستعان نبيل بهجت في الدلالة على ذلك بقول صابر المصري، شيخ فناني الأراجوز بمصر، في عروضه "انا الأراجوز ابن الملك قراقوش".

وبعد أشهر معدودة من تسجيل الأراجوز بقوائم التراث- غير مادي- في اليونسكو، على أيدى الدكتور نبيل بهجت وتحديدا فى شهر نوفمبر لعام 2018 ظهر رجب طيب أردوغان الرئيس التركى فى محاولة منه لتسجيل الأراجوز ضمن التراث الشعبى التركى، وذلك فى محاولة منه لتكدير فرحة المصرين بتسجيل الشخصية الساخرة التى عرفت فى مصر منذ العصر الفرعونى لتوثق ضمن التراث الشعبى المصرى.

وفي هذا الاطار أكد الدكتور خالد أبو الليل أستاذ الأدب الشعبى فى جامعة القاهرة، أن محاولة النظام التركى للسطو على التراث الشعبى المصرى ليست المرة الأولى، حيث أنهم حاولوا السطو على شخصية "جحا" وتسجيلها ضمن التراث الشعبى لهم وصنعوا لها قبر، وأعلنوا أنه قبر "جحا"، ولكن منظمة اليونسكو رفضت طلبهم، وذلك بعد تصدى المصريين لهذه المحاولة الهزلية، التى حاولها رئيس تركيا للسيطرة على التراث الشعبى المصرى، نظرًا لأنها القوة الناعمة وذلك لخدمة أهداف حاكم تركيا السياسية.

وأضاف أبو ليل في تصريح لـ"صوت الأمة"، أن محاولات تركيا لاحتلال التراث الشعبى المصرى من المفترض أن يكون جرس إنذار لتنبيه الحكومة المصرية بضرورة الاهتمام بحماية التراث الشعبى، والذى يعتبر أكثر الأشياء لتقرب الناس من بعضها وتطوير الشعوب، كما أن التراث يؤسس الأمم فإسرائيل زيفت التراث الشعبى لتؤكد على وجودها من خلال القصص التراثية، وفى حالة الأراجوز فهو أداة نقض ساخرة من الأنظمة الحاكمة وهو عنصر من العناصر الثقافية ولكنه يتميز بتجاوزه تفاوت المراحل العمرية حيث يستطيع توصيل الرسالة لكافة الأعمار بأسلوب بسيط وسلس.

وأشار أستاذ الأدب الشعبى أن محاولة تركيا للسطو على الأراجوز ستفشل بجدارة وذلك لأن منظمة اليونسكو لا تهتم بالتراث التاريخى ولكنها تهتم بالحاضر وإذا نظرنا إلى تركيا فلا نجد أثر للأراجوز فى حاضرها بينما فى مصر فالأراجوز له تاريخ وحاضر ومستقبل.

وقد ذكر الرحالة التركى أوليا جلبي، فى كتابه: "سياحتنامه مصر" الذي يعود إلى القرن السابع عشر الميلادي متحدثا عن الحضارة المصرية، وهو أقدم ما رصد الأراجوز، حيث أشار إليها كدمية تم الاستعانة بها في مساعدة المرضى وتحسين حالتهم الصحية، ولعله خير دليل على أن الأراجوز مصرى الأصل وذلك على لسان أحد الأتراك "شهد شاهد من أهلهم" بالإضافة إلى أنه ذكر علماء الحملة الفرنسية انتشار هذا الفن في مصر.

ولا زال الأراجوز ينال اهتمام الفنون الشعبية فى مصر ليحافظوا على تراثهم الفنى والأدبى حيث ظهر الأراجوز على مسرح العرائس الشعبي الذي تأسس عام 1960، على يد المونولوجست والفنان المصري محمود شكوكو الذي كان يلقب بـ"شارلي شابلن العرب"، والذى اشتهر بخفة ضله وابتسامته وكان يؤدي عروضه بشكل مميز، حيث كان يرتدي جلبابه البلدي وعصاه وطرطوره الشهير، ليقدم عروضه هذه مصاحبة مع الأراجوز، بعد أن تفرغ تمامًا في أواخر الأربعينيات ليصنع العرائس الخشبية.

ومن شدة عشق المواطنين لشخصية "شكوكو" بدأوا فى صناعة الأراجوز يشبهه إلى حد كبير مستخدمين ملابسه الشهيرة لتباع فى الموالد والأسواق، وظل الأراجوز فى التواجد رغم التطورات الحياتية والتكنولوجيا كتراث شعبى مصرى أصيل، و شهد اجتماع اليونسكو المنعقد في مورشيوس بتاريخ 28 نوفمبر 2018، اعتماد ملف الأراجوز في قائمة الصون العاجل للتراث الثقافي غير المادي.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة