إخوان موزة!

الثلاثاء، 09 أبريل 2019 05:08 م
إخوان موزة!
‫سمير رشاد اليوسفي ‬

 
‫كُلَّمَا كتبتُ منشوراً في تويتر تنبري للهجوم عليَّ مجموعات من ذُبَابً قطر تُداري نفسها بغطاء الشرعية ولأنها بدون منطق ولا حُجج  تنتقد موقفي بعبارة موحدة عند جميعهم وكأنّها جوقة تُردد مقطعاً بعد مُنشد متعصب سخيف  "وين كنت غائب منذ انقلاب الحوثي؟" مع أني أستخدم تويتر منذ شهرين فقط.ولم أنقطع عن الكتابة.‬
 
‫ وللايضاح: كنتُ لعام ونصف من الحرب في قريتي بمحافظة تعز وكتبتُ العديد من المقالات المُحذَّرة من تطويل أمدها وتحويلها لتصفية حسابات بسبب عدم وضوح رؤية بعض الأحزاب وتخبطها في المواقف .. وقلتُ في أحدها  "أنا من تعز ، وفي تعز، ومع التي كانت تعز ". ‬
 
‫من عجائب اليمن أنَّ شُجعان الزحمة هؤلاء على حد تعبير الزميل فكري قاسم بعدما تَرَكُوا اليمن خلف ظهورهم وفضلوا العيش في فنادق الرياض وشقق القاهرة واسطنبول صاروا  يوجهون لي أصابع اللوم بوقاحة وقلة حياء مع أني آثرت البقاء في بلدي ومدينتي . وحتى عندما غادرتها مُكرهاً لعام وبضعة أشهر فإلى صنعاء ثُم عُدت إليها بعد استشهاد الزعيم . ‬
 
‫ومن مُفارقاتهم المُخجلة أنني بعد أن وصلتني نشرة لتنظيم أنصار الشريعة -إسم الدلع لتنظيم القاعدة- وصموني فيها بالإلحاد وتم توزيعها  داخل مدينة تعز على مرأى ومسمع ممن جلبتهم الأحداث لقيادة المقاومة تواصلت مع كبيرهم الذي كان من أصدقائي مُحذراً أباه وناصحاً من تفشي وتنامي التنظيمات الإرهابية في المدينة، قال لي "مش وقت الحديث عنهم الآن طالما ونحن نحارب الحوثي" والأنكى أنني عندما نشرتُ عن تهديدهم لي  في صفحتى على "الفيس بوك" تفاجأت ببعض الزملاء يُكذبونني لأنني بزعمهم من عفافيش صالح. ‬
 
‫ وشاءت الأقدار أن يتحولوا  180 درجة بعد طرد قطر من التحالف. وصاروا يطالبون بإجلاء نصف المدينة بذريعة أنّهم من الإرهابيين الدواعش مع أنّ غالبيتهم مؤتمريون واجهوا الحوثي تحت قيادة الشيخ السلفي "أبو العباس". والأخير  انقلب بنظرهم من ملاك رحيم إلى شيطان مريد لأنّه لم يسر في ركابهم.‬
 
‫في أغسطس 2016 انتقلتُ إلى العاصمة بعد أن أبلغني الزميل الأستاذ علي الشاطر بأنّ الرئيس السابق ينصحني بذلك طالما فضلت البقاء في اليمن . وأستحسنتُ الفكرة لكني لم أقابله سوى في نهاية مارس 2017 بعد أن شكى له متحوثون في المؤتمر رفضي الاستجابة لطلبات الحوثيين بإصدار الجمهورية من صنعاء. وعندما سألني عن السبب..  أجبته " أنا معك ضد الحوثيين، ولست معهم"  تهلل وجهه بابتسامة، وقال :"بس هم معاهم زلط" .. رديت عليه "الزلط مع أصحابنا اللي تركوك وراحوا السعودية".. وانتقل بالحديث للسؤال عن قيادات ونُخب تعز .. ولماذا لم يعودوا إليها للمساهمة باخراجها من الكارثة التي حلّت عليها.. وذكر بالإسم سلطان البركاني ورشاد العليمي وحمود الصوفي .. فخمنت أنّه طرح السؤال وهو أعلم بالاجابة.. فهم كانوا من أخلص مقربيه . غير أنّي حكيتُ له عن موقف أحدهم أعرفه منذ طفولتي وكيف أنّ زميلي الصحافي والقانوني  "سيد علي"  كان يُحدثني من جواره في مصر وأعطاه الهاتف.. وأنّه بادرني مُعاتباً : "مشكلتك أنَّك تركت صالح وأستقلت في 2011".وضحك قائلاً " قدك جنبي هانا وهو الآن ما بيفعل " .!!! ‬
 
‫وانتهى اللقاء بتشجيعه لي على قراري ووعد منه بحمايتي.. ولي عودة للحديث عن مواقف جمعتني به طيلة عملي في الثقافية والجمهورية  لأكثر من عقدين،  يرحمه الله.‬
 
والحق أنّ تعز دخلت في أُتون فوضى عارمة منذُ عام 2011 تسببت في تواري أصوات العقلاء وتعالي أصوات المدافع والقذائف كما أشار إلى هذا المعنى محافظها الأسبق "حمود الصوفي" في حواره مع قناة السعيدة قبل أسبوع .. 
فقد التقى منها وفيها الفُرَقاء المتشاكسون بخلافاتهم وأحقادهم البينية على هدف مواجهة النظام الحاكم واسقاط رئيسه وأضاعوا من بعده البوصلة. 
 
وعندما انتهت السكرة بتوقيع المبادرة الخليجية  التي عارضتها إمارة قطر لمخالفتها للأجندة التي اشتغلت عليها في الساحات عمدت عبر حزب الله لدعم فصيل أطلق على نفسه جبهة إنقاذ الثورة وغالبهم من الحوثيين وبعض الاشتراكيين مع لفيف من المُستقلين وقليل من الإصلاحيين  ليصبحوا لاحقاً خنجراً في خاصرة دولة هادي وحكومة باسندوة .. وفِي الوقت الذي تنفست فيها المدينة الصُعداء كُنا نُشاهد مظاهرة دورية تجوب شوارع تعز بصدور عارية، ثُم استقلوا عن ساحة الحرية التي هيمن عليها الاصلاح بأخرى في شارع جمال دأبوا على إقامة صلاة الجُمعة فيها حتى دخل الحوثيون صنعاء زاعمين أنّهم أنقذوا ثورة فبراير بعد أنْ أوشكت على الضياع وتولى علي البخيتي حماية منازل شُرَكَاء الأمس قبل أن يلحق بهم مُغاضِباً الحوثيين . 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق