الذهب الأبيض غريب في وطنه.. «مليون قنطار» يكشف مأساة القطن المصري

الخميس، 11 أبريل 2019 12:00 م
الذهب الأبيض غريب في وطنه.. «مليون قنطار» يكشف مأساة القطن المصري
الدكتور عز الدين أبوستيت وزير الزراعة
كتب- محمد أبو النور

 
حتى هذه اللحظة، وصلت قضية إعادة الاعتبار للقطن وزيادة مساحة زراعته، إلى طريق مسدود، بعد كل المحاولات المضنية، التي تبذلها أكثر من جهة، على رأسها وزارة الزراعة، التي أصبحت لا تملك شيئا، في أمور الفلاحين والمزارعين، بعد التحرر الزراعي والتجاري، إذ بات المزارع، يزرع المحصول الذي يجني منه العائد المادي المُربح، وأيضا الذي لايعود عليه بالمشاكل عند التوريد أو البيع، كما يلجأ إلى المحاصيل والزراعات التعاقدية، حتى يُريح ويستريح كما يقولون، في ظل سياسة زراعية وتجارية، مازالت تعطى الأولوية للقطن الأمريكي، على حساب المصرى الممتاز إنتاجية وغزلا ونسجا.
 
القطن بين الأمس واليوم
 
سنظل نحكي ونكرر حكاية وقصة القطن، عندما كانت مصر تزرع نحو 2.5 مليون فدان، بل في بعض الأوقات تجاوزت حدود هذا الرقم، وكادت تصل لنحو 3 ملايين فدان، في بداية الخمسينات والستينات، ثم أخذت المساحة في التراجع، خلال القرن الماضي، حتى وصلنا الآن إلى الخناقة على مساحات، كانت تمثّل أقل مما كانت تزرعه إحدى القرى ولن نقول المركز، بمحافظات الوجهين القبلي والبحري، فقد زرعت مصر، حسب تقارير وزارة الزراعة، وتصريحات الدكتور عز الدين أبوستيت، حوالى 336 ألف فدان عام 2018، وقد تقلّصت المساحة هذا العام، بنسبة 40.5% لتصل إلى 200 ألف فدان.
 
ضرب منظومة الفساد
 
كان الدكتور عادل عبد العظيم، مدير معهد بحوث القطن السابق، قد عرض أفكاره وخططه للنهوض بزراعة وإنتاجية الذهب الأبيض على وزير الزراعة في حينها، ثم جاءت الخطوة الثانية، بالضرب في مواطن الفساد، إذ اتهم بعض التجار بإفساد منظومة القطن نتيجة تعمد خلطهم للأصناف، وهو ما تسبب في خفض الإنتاجية وقلة المساحات المزروعة للقطن.
 
201803110230233023
 
وأكد الدكتور عادل عبد العظيم في حينها أن التجار أفسدوا منظومة القطن، والخلط بين القطن الأعلى جودة وأعلى سعرا، والقطن الأقل جودة والأقل سعرا، واستغلال تقارب اللون بينهما، بهدف الكسب السريع وغير المشروع، خاصة أن فارق السعر بين قطن التصدير والمحلي يصل إلى 700 جنيه في القنطار الواحد، ولكن عامل الغزل والعميل الأجنبي، هما وحدهما اللذان يستطيعان التفرقة بين قطن التصدير والمحلي، من خلال جهاز (hvi) الذي يحدد صفات الجودة بمجرد دخول عينة شعر بداخله، ويحدد صفات القطن بصورة دقيقة للغاية، من خلال طول التيلة والمتانة والنعومة، وعند كشفهما التلاعب فى العينة المطلوبة، يرفض العميل الأجنبي استكمال عملية البيع، وترجع شحنة القطن بعد ما تم شحنها، وهو ما يشكل تكلفة باهظة إضافة إلى تشويه سمعة القطن المصري في الخارج، وأن القطن المصري من خلال ذلك مر بمنعطفات خطيرة، أصعبها فى عام 2014، عندما خرجت مصر من السوق العالمية.
 
المُذكّرة والردّ عليها
 
في يوم الثلاثاء 6 ديسمبرعام 2016، اجتمعت اللجنة الفنية التي قام بتشكيلها وقتها، الدكتور عصام فايد وزير الزراعة الأسبق، للرد على المذكرة الواردة من مستشار الرئيس عبد الفتاح السيسي، لشؤون مكافحة الفساد، بشأن مشاكل زراعة القطن وتصنيعه في مصر، التي انتهت إلى أن ما صدر من وزارة الزراعة، بحظر استيراد الأقطان المتوسطة وقصيرة التيلة من الخارج، عام 2015 بدون التنسيق مع وزارة الصناعة، هو حظر «مؤقت» بهدف إعادة فحص المناشئ، وهو إجراء قانوني يتم مرة كل 5 سنوات، ومع ذلك فقد صدر من قبل ذلك قرار بوقف الاستيراد بموافقة وزيري الزراعة والصناعة.
 
1476634178_141_52278_
 
وحذر التقرير، أنه إذا كنّا نزرع قطنا لا نُصنّعه، ونُصنّع قطنا لا نزرعه، وأضعنا الميزة النسبية لما في أيدينا، وأعطيناها للآخرين، ودائما نصر على القضاء عليه، فإن الموافقة على زراعة القطن الأمريكي، وأن إنتاجه يحقق 20 قنطارا، فهذا غير صحيح، والدليل أن جميع التجارب التي تمت وحتي العام الماضي، وما تم زراعته بالمخالفة للقانون فى الشرقية، كان إنتاجه 8 قناطير، ومع حساب متوسط السعر فإن العائد من زراعة القطن المصري أعلى من زراعة الأمريكي مع فارق الجودة لصالح القطن المصري.
 
تأتي أهمية وخطورة هذا التقرير، أو هذا الرد على مذكرة مستشار رئيس الجمهورية، في التنبيه على أن استيراد القطن الأمريكي ليس في صالح زراعة القطن المصري، كما ترجع أهمية التقرير أيضا للأسماء التي حضرت اجتماع اللجنة وحررته وأعددته، وهم الدكتور محمد عبد المجيد رئيس مجلس القطن والألياف والمحاصيل الزيتية وقتها، والدكتور أنور لاشين مدير معهد بحوث القطن بمركز البحوث الزراعية، والدكتور عادل عبد العظيم، وكيل معهد القطن للإنتاج، والدكتورعبد المنعم البنا، وزير الزراعة السابق، وكان وقتها رئيس مركز البحوث الزراعية ورئيسا للجنة.
 
محصول متعدد الفوائد
 
من ناحيته، قال الحاج حسين عبد الرحمن أبوصدام،  نقيب عام الفلاحين، إن محصول القطن مهم للغاية غير أنه لا يجد من يقوم بتسويق، ويوجد لدينا فائض محصول من موسم 2018 الماضي، حوالي مليون قنطار، من إجمالى 2.4 مليون من إنتاجية الموسم، لم يتم بيعها حتى الآن، على الرغم من أننا نستورد حوالي 4.5 مليون قنطار سنويا، قطن آبلند أمريكي، وقطاع الملابس في مصر، يحتاج إلى 10 ملايين قنطار تقريبا، إلا أن الزراعة فشلت في تسويق إنتاج 336 ألف فدان عام 2018، بمتوسط إنتاجيه 7 قناطير للفدان، وهو ما أدى إلى تدهور زراعة القطن عام 2019 مرة أخرى، وعزوف المزارعين عن زراعته، رغم أننا بحاجة شديدة لزيادة مساحات زراعته، لما يمثله هذا المحصول من أهمية شديدة في الوقت الحالي.
 
213
 
وطالب نقيب عام الفلاحين بتطبيق القانون رقم 14 لسنة 2015، الذي أصدره الرئيس عبد الفتاح السيسي بإنشاء مركز للزراعات التعاقدية حيث إن تفعيل هذا القانون، أصبح ضرورة لإتقاذ الزراعات الصيفية الأساسية مثل القطن والذرة من الانهيار. وقال أبوصدام إن القطن محصول متعدد الفوائد، فهو قليل استهلاك المياه، ويساهم في إنتاج الزيت والعلف وصناعة المنسوجات، فالفدان من القطن ينتج حوالي 100 كيلو زيت ونصف طن علف، في الوقت الذي نستورد فيه 98% من احتياجتنا من الزيوت، مع ارتفاع أسعار الأعلاف، حتى وصل سعر طن العلف إلى 5 آلاف و600 جنيه.
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة