«ورش الدرفلة» تعود للحياة.. كيف أنقذ فرض الرسوم الصناعة الضخمة؟

الإثنين، 15 أبريل 2019 02:00 م
«ورش الدرفلة» تعود للحياة.. كيف أنقذ فرض الرسوم الصناعة الضخمة؟
حديد التسليح

كان قرارا غريبا للغاية فى وقته، وربما ما زال غريبا حتى الآن، فالبلد الذى يملك صناعة حديد وطنية راسخة منذ ثلاثينيات القرن الماضى، بدأت الازدهار والنمو بوتيرة متسارعة منذ أواخر التسعينيات، قرر فجأة فى العام 2008 الوصول بالرسوم الجمركية على واردات الصلب إلى صفر بالمائة، ووضع المنتجين المحليين فى منافسة مباشرة مع أسواق عالمية تتوفر لديها مزايا تنافسية ربما لا تتوفر فى مصر، خاصة فى ظل استيرادنا لكثير من المدخلات، ولكل التكنولوجيا وخطوط الإنتاج.
 
منذ صدور القرار قبل إحدى عشرة سنة عاشت صناعة الصلب الوطنية محنة حقيقية، قادتها تدفقات ضخمة من الواردات تامة الصنع، إضافة إلى المنتجات شبه المصنعة وغير تامة الصنع من البليت وبلاطات الصلب، التى تستوردها منشآت صناعية أقرب إلى «الورش الفنية»، تنفذ عملية صناعية واحدة لا تتضمن أى معالجة أو تكنولوجيا معقدة، وإنما تنحصر فى السبك والتشكيل وإعداد الصورة النهائية للمنتج قبل طرحه فى الأسواق، واستمر الأمر على تلك الحالة لأكثر من تسع سنوات، عانت فيها الصناعة الوطنية مشكلات حقيقية تتعلق بارتفاع فاتورة الإنتاج، وتراجع القدرة على المنافسة فى سباق غير عادل بالمرة.
 
الأزمة التى تسبب فيها قرار وزارة الصناعة فى حكومة أحمد نظيف تداركها وزير الصناعة الحالى، المهندس طارق الملا، فى ديسمبر 2017، بإصداره قرارا بفرض رسوم إغراق نهائية لمدة 5 سنوات على واردات الحديد من الصين وتركيا وأوكرانيا، لكن تلك الخطوة لم تلق قبولا لدى الحلقات الوسيطة والمضاربين على الأسعار محليا، فلجأ عدد من المستثمرين إلى التحايل على الأمر عبر استيراد منتجات صلب غير تامة الصنع، وتنفيذ مرحلة الإنتاج الرابعة فقط/ الدرفلة والتشكيل، فى مصانع محلية بدائية وقليلة التكلفة الاستثمارية، وطرحها فى الأسواق للاستفادة من فروق الأسعار وقلة تكلفة الإنتاج. وبدا واضحا أن فى الأمر ممارسات غير عادلة ومنحازة للمصالح الشخصية أكثر من الانحياز للصناعة الوطنية، عندما باع بعضهم مصانعهم التى تنجز عمليات الإنتاج المتكامل للصلب، وأبقوا على خطوط الدرفلة، أو استوردوا خطوط إنتاج قديمة ومتهالكة من بعض دول شرقى أوروبا، لتدشين مصانع درفلة جديدة، وهكذا بدأ مسار طويل من التحايل على قرار «الملا» طوال 16 شهرا، وهكذا أيضا تعددت الضربات الموجعة وغير النظيفة للصناعة الوطنية الضخمة وسوقها الواسعة وجيش عمالتها الجرار.

خسائر للصناعة.. مكاسب للسمسرة
بحسب مؤشرات وأرقام تقريبية، فإن تكلفة إنتاج طن الحديد من خلال مصانع الدرفلة تقل بنسبة 40 % عن مثيلتها فى المصانع المتكاملة، التى تقدم 4 أضعاف القيمة المضافة التى يوفرها نشاط الدرفلة وتشكيل البليت، لكنها تتحمل أعباء تزيد ثلاث مرات عنها، بسبب ارتفاع كثافة العمالة وكُلفة التشغيل قرابة 7 أضعاف، واستيراد التكنولوجيا الصناعية والأفران المتطورة. ووفق تلك التركيبة فإن المصانع المتكاملة لا يمكنها النزول بسعر المنتج عن مستوياته الحالية عند 11 ألفا و650 جنيها تقريبا للطن، بهامش ضئيل صعودا وهبوطا، فى حين يمكن لمصانع الدرفلة بيع الطن بسعر أقل 20 % من ذلك مع تحقيق أرباح تصل بالنسبة لبعض المستوردين والمنتجين إلى 150 %، وذلك بفضل عمليات المضاربة التى تحدث فى سوق البليت والمنتجات شبه المصنعة عالميا، واستغلال المستوردين المحليين للضغوط الدولية على القطاع عقب فرض الولايات المتحدة وأوروبا رسوم إغراق على وارداتها من الصلب، لاستقطاب ملايين الأطنان من التدفقات الرخيصة التى يبادر أصحابها بالتخلص منها وإبرام صفقات سريعة عليها فى عرض البحر، تجنبا لتكلفة إعادتها إلى بلد المنشأ أو تحمل فاتورة أكبر فى عمليات النقل والتفريغ وإعادة الشحن.
 
مصادر مقربة من اتحاد الغرف الصناعية، رفضت الكشف عن هويتها، قالت إن أحد كبار الناشطين فى سوق الدرفلة والسمسرة فى البليت واستقطاب الرواكد العالمية المتضررة من الإجراءات الحمائية فى بعض البلدان، تخلص من مصنعه الضخم لإنجاز عمليات التصنيع المتكاملة بمراحلها الأربع، لصالح الرهان على نشاط الدرفلة وتشكيل البليت والمنتجات شبه المصنعة، والآن يُحقق أرباحا تتجاوز 150 % من أعبائه الاستثمارية سنويا، وبسبب تلك المكاسب الضخمة فإنه يقود حملة شرسة للهجوم على قرار وزير الصناعة والتجارة الأخير بفرض رسوم حمائية بنسبة 15 % على واردات البليت و25 % على حديد التسليح لمدة ستة أشهر، رغم صدور القرار عقب دراسات وتحقيقات مبدئية مستفيضة، وبالتنسيق مع منظمة التجارة العالمية، التى أقرت الأمر بعدما تأكدت من وجود ممارسات إغراقية وغير عادلة تهدد صناعة الحديد فى مصر.
 
مسلسل الإهدار والنزيف المفتوح فى قطاع صناعة الصلب تسبب خلال الفترة الأخيرة فى إغلاق أحد المصانع الكبرى وإنهاء أعماله المتكاملة، بينما قلصت مصانع أخرى نشاطها وأوقفت بعض خطوطها مؤقتا أو عطلت نسبة كبيرة من قدراتها الإنتاجية، وإلى جانب تلك الإجراءات الضاغطة تزايدت معدلات الركود فى حركة البيع ليصل المخزون إلى 400 % خلال النصف الثانى من 2018، مقارنة بمستويات المخزون فى النصف الأول من 2017، وبالنظر إلى إجمالى إنتاج المصانع المتكاملة الذى يقارب 4 ملايين طن سنويا، فإن المشهد يبدو قاتما فى الوقت الذى لا يزيد فيه حجم صادرات الحديد المصرية على 600 مليون دولار، توازى أقل من مليون طن، وهذا المشهد يعنى أن قرابة 30 ألف عامل وعشرات من خطوط الإنتاج واستثمارات تتجاوز 100 مليار جنيه، تقف عارية فى مواجهة رياح عاتية لا ترتبط بأية رؤية أو استراتيجية منحازة للصناعة الوطنية، قدر إخلاصها الشديد والغريب لمصالح عدد ضئيل من السماسرة والمضاربين وأصحاب ورش الدرفلة.

إدانة واضحة لسماسرة الحديد
خلال الشهور الماضية فتحت وزارة الصناعة الملف، وأجرت تحقيقا شمل الفترة من أول 2017 حتى نهاية 2018، وأثبتت تلك التحقيقات انحراف بعض العاملين فى القطاع وإغراقهم السوق المحلية بتدفقات ضخمة من الواردات، بصورة غير عادلة وتخل بالتنافسية وفرص المصنعين المحليين، وتجلت أبرز المؤشرات الصادمة عن تلك الممارسات فى زيادة الواردات 30 % خلال النصف الأول من 2018 مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق، وتحقيق زيادة مماثلة بـ30 % فى النصف الثانى من العام الماضى، ما أسفر عن زيادة حصة الواردات 20 % مقابل تناقص الحصة السوقية للمصانع الوطنية المتكاملة 10 %. وبسبب تلك التبدلات الحادة فى حالة السوق سجلت شركات صناعة الصلب خسائر إجمالية تجاوزت 120 % فى النصف الثانى من 2018 مقارنة بأول 6 أشهر من 2017، وبدا واضحا من النتائج والاستخلاصات التى توصلت إليها التحقيقات أن المشهد آخذ فى التعقد، وأن نزيف الصناعة المحلية قد يمتد مع تنامى ممارسات المضاربين والسماسرة وأصحاب ورش الدرفلة.
 
المشهد الذى ظهر إلى العلن مع صدور قرار طارق الملا بفرض رسوم حمائية مؤقتة بواقع 15 % على واردات البليت و25 % على حديد التسليح، سبقته توترات ومشاحنات وأجواء ساخنة فى كواليس الساحة الصناعية. فأصحاب المصانع المتكاملة يعانون حالة من الركود، ومنافسة غير عادلة، ومخزونا متراكما بكميات ضخمة للغاية، وعجزا عن تصريف الإنتاج الجديد، واضطرارا لتقليص القدرات الإنتاجية لمصانعهم، ما قاد تلك المصانع من حيز الربح أو حتى التعادلية بين الإيرادات وكُلفة التشغيل، إلى الخسارة المباشرة بنسب ضخمة، وهو الوضع الذى دفع بعضهم للشكوى والصراخ من ألم الحصار ومواجهة شبح الإغلاق، ولأن المشهد يبدو سوداويا بدرجة ضاغطة اضطرت وزارة التجارة والصناعة لفتح تحقيق موسع فى الأمر فى 31 مارس الماضى، وتأكدت فى ضوء المؤشرات والأرقام الرسمية من إغراق الأسواق بكميات ضخمة من الواردات، مع التحايل على القرار السابق بفرض رسوم حمائية على واردات الصلب من تركيا وأوكرانيا والصين باستيراد المنتج فى صورة غير تامة، لإنجاز مرحلة السبك والتشكيل من خلال الورش المحلية، وإعادة تسعير المنتج وطرحه فى الأسواق بأسعار أقل من مثيله المحلى.
 
الأدلة الدامغة التى توصلت إليها وزارة الصناعة، كانت سببا فى إعداد الوزارة مذكرة رسمية لمنظمة التجارة العالمية خلال الأسبوع الأول من إبريل، قالت فيها إن مصر تعانى من ممارسات إغراقية وتدفقات ضخمة من الصلب تهدد الصناعة المحلية، وفى ضوء تلك الإجراءات أصدر المهندس طارق الملا قراره السبت 13 إبريل الجارى بفرض رسوم حمائية مؤقتة لمدة 180 يوما بواقع 15 % على واردات البليت، و25 على واردات حديد التسليح، لحين انتهاء التحقيقات والتوصل إلى نتائج وإجراءات نهائية بشأن تلك الممارسات المشبوهة وعمليات السمسرة والتربح التى تمارسها عشرات من شركات الاستيراد ومصانع وورش الدرفلة.

استثمارات محدودة وأرباح مهولة
منذ اللحظات الأولى لصدور قرار وزير الصناعة، بدأ تحالف المستوردين وأصحاب «ورش الدرفلة» حملة منظمة على القرار والوزير، وشنوا هجوما قويا على خطوة الدولة المنحازة إلى الصناعة الوطنية، بالتنسيق مع منظمة التجارة العالمية، رغم سابقة إصدار الولايات المتحدة قرارا شبيها فى مارس 2018 بفرض 25 رسوما إضافية على وارداتها من الحديد، تبعتها فيه دول الاتحاد الأوروبى سعيا إلى حماية صناعتها المحلية من تدفقات الحديد الصينى والأوكرانى والتركى الضخمة، خاصة مع تزايد مخزون تلك الدول ودخول قطاع الصلب فيها حالة من الركود، دفعها إلى تصريف رواكدها بأسعار غير عادلة، بل ووصل الأمر فى بعض الحالات إلى تقديم حكوماتها دعما ماليا مباشرا للمصنعين والمصدرين، إلى جانب تسهيلات واسعة فى كُلفة النقل ورسوم الشحن والتفريغ وغيرها من الأمور اللوجستية.
 
الضغوط العالمية التى شهدها قطاع الصلب مع تشدد الولايات المتحدة تجاه تركيا على خلفية القس الأمريكى أندرو برونسون، الذى احتجزته أنقرة عدة شهور وحاكمته باتهامات تمس الأمن القومى، وأيضا مع تصاعد الحرب التجارية بين الإدارة الأمريكية والصين، وفرت للمستوردين والحلقات الوسيطة وأصحاب ورش الدرفلة فرصة ذهبية لاستقطاب تدفقات ضخمة من الصلب بأسعار رخيصة وكُلفة شحن ضئيلة للغاية. يُضاف إلى ذلك أن أغلب مصانع الدرفلة المصرية تعمل بتكنولوجيا بدائية وخطوط عتيقة مستوردة من بعض دول شرقى أوروبا بعد عملها أكثر من 30 سنة، وبشكل إجمالى لا تزيد التكلفة الاستثمارية للمصنع النمطى على 20 مليون دولار لإنتاج مليون طن سنويا، بينما تبلغ الكُلفة الاستثمارية للكمية نفسها فى مصنع متكامل حوالى 800 مليون دولار، وبشكل عام توظف مصانع الدرفلة فى مصر 4 آلاف عامل، مقابل 28 ألف عامل مباشر فى المصانع المتكاملة، وعمليا يُمكن أن يُحقق مصنع الدرفلة المشار إليه أرباحا تتجاوز 150 % من كُلفته الإنتاجية، مقابل خسائر تتجاوز 120 % لنظيره من المصانع المتكاملة.
 
الفارق الأكثر وضوحا وأثرا أن المصانع المتكاملة تعتمد تكنولوجيا متطورة لإنتاج الحديد عبر 4 مراحل صناعية، تبدأ باستخلاصه من الخام «أكسيد الحديد» باستخدام الغاز فى مصانع الاختزال المباشر أو بالاعتماد على الفحم فى مصانع الأفران العالية، تليها عملية صهر الخام للحصول على الصلب السائل، ثم صب السائل للحصول على منتجات شبه مصنعة، سواء بليت أو بلاطات، وأخيرا درفلة البليت والبلاطات للوصول إلى المنتج النهائى كحديد تسليح أو ألواح صلب مسطح، بينما لا تُنجز مصانع أو ورش الدرفلة إلا المرحلة الأخيرة فقط، الأقل فى التكنولوجيا والتكلفة والعمالة والقيمة المضافة، وباعتبار تلك المرحلة لا تتضمن أى تغيير حقيقى فى طبيعة الصلب وخواصه بما يسمح لها باختراق قواعد بلد المنشأ، فإن تلك الحلقة الوسيطة لا يمكنها تصدير منتجاتها إلى الخارج، لأنها لا تُعد منتجات مصرية وإنما تظل مرتبطة ببلد المنشأ المورد للبليت والبلاطات، وهذا الأمر يعنى أنه لا سبيل لتصريف كل تلك الكميات إلا عبر طرحها فى السوق المحلية، وحتى تُحقق تلك الورش تسارعا فى دورة الإنتاج والتسويق فإنها تُعيد تسعير المنتج بأقل من مثيله المحلى بهوامش لا تتجاوز 5 أو 10 % فى أفضل الأحوال، لتحقق أرباحا سريعة وضخمة جدا، تصل إلى 150 % فى غضون أسابيع، وتبدأ دورة جديدة من دورات السمسرة والمضاربة.
 
مضاربات منفلتة ومخاطر عظيمة
المشهد الراهن فى سوق الصلب العالمية، أننا إزاء توترات ضخمة صنعتها القرارات الأمريكية والأوروبية الرامية إلى حماية أسواقها المحلية، ومع تجاوز الإنتاج العالمى مستوى 1.6 مليار طن سنويا، تحوز الصين قرابة 50 % منها، إلى جانب تضرر تركيا من تلك القرارات، فإن حركة تجارة الصلب الدولية تشهد فوائض تتجاوز 190 مليون طن سنويا، وتلك الفوائض تبحث عن أسواق بديلة، وحتى ولو وصلت إليها بعوائد تعادلية تغطى كُلفة التشغيل فإن ذلك يضمن لدول المنشأ استمرار مصانعها ودوران اقتصادها وتسارع نموها، ولا تعنيها بالتأكيد الفاتورة التى ستتحملها الوجهات النهائية لمنتجاتها، سواء أغلقت مصانع تلك الدول أبوابها أو سرّحت عمالتها.
 
بحسب مؤشرات سابقة للاتحاد العالمى للصلب والماسح الجيولوجى الأمريكى، فإن الصين تنتج أكثر من 800 مليون طن من الصلب، تصدر منها قرابة 400 مليون طن، وتنتج اليابان قرابة 200 مليون طن تصدر منها حوالى 70 مليونا، وأوكرانيا قرابة 60 مليونا تصدر منها 30، وتركيا 36 مليونا تصدر منها قرابة 20 مليون طن. وعقب القرارات الأمريكية والأوروبية واجهت مئات الشحنات من تلك الدول أزمات حقيقية سواء فى عرض البحر بعد شحنها، أو فى مخازن المصانع وعلى أرصفة الموانئ، وقتها دخل المضاربون والسماسرة لاستغلال الأزمة، ومنهم مصريون ضاربوا على تلك الشحنات، وأبرم أحدهم، الذى يتزعم الحملة الحالية ضد قرار وزير الصناعة، عشرات الصفقات على شحنات وسفن فى عرض البحر، ليحصل عليها بأقل من نصف قيمتها السوقية، ويغرق السوق المحلية بمئات الآلاف من الأطنان بأسعار غير عادلة بالمرة، وضارة بالصناعة الوطنية بشكل فادح.
 
فى الوقت الذى راكم فيه السماسرة وأصحاب ورش الدرفلة الثروات، وعانت المصانع المتكاملة من الركود وتزايد المخزون بأرقام مزعجة، ربما لم يلتفت أحد إلى الآثار غير المباشرة، والأبعد من محنة عشرات المصانع ومئات من خطوط الإنتاج وآلاف العمال والتجار والحلقات الوسيطة، فمع تنامى التدفقات الخارجية من الصلب، وارتفاع الحصة السوقية للواردات وورش الدرفلة، وترجمة ذلك الارتفاع إلى أرباح بمتوسط يتجاوز 70% من كُلفة الإنتاج، أصبحت سوق الحديد المصرية البالغة 7.5 مليون طن سنويا فى مرمى النار، وحال استمرار الضغوط على المصانع الوطنية واضطرارها لتقليص نشاطها أو إيقافه، فإن الدولة ستكون مطالبة وقتها بتدبير تلك الاحتياجات من الخارج للإبقاء على معدلات الإشباع وتوفير احتياجات المشروعات القومية وسوق العقارات، وهو ما يكبد الخزانة العامة أكثر من 2.5 مليار دولار سنويا، ستمثل زيادة 42% فى عجز الحساب الجارى وميزان المعاملات المالية، ما يعنى أن انحياز أصحاب «ورش الدرفلة» لمصالحهم الخاصة لا يُهدد المصانع والعمال وملايين الأطنان المنتجة محليا فقط، وإنما يشعل نارًا هوجاء لا تعى أنها تهدد الاقتصاد الوطنى والخزانة العامة واحتياطى النقد الأجنبى، أو ربما تعى ذلك ويصر أصحابها على الانتصار لأنفسهم، ولو على حساب مصر.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة