متي نفقدها تلك البريئة الجريئة التي طالما استندنا لشجاعتها؟

الخميس، 25 أبريل 2019 05:28 م
متي نفقدها تلك البريئة الجريئة التي طالما استندنا لشجاعتها؟
هبة العدوي تكتب:

أيكون عند أول مرة خدُعِنا فيها من أقربهم لنا مودة؟.. أم عندما أعلنا يأسنا من مرور الأيام الثِقال بنا ومرورنا منها خاويين المشاعر والأحلام ومن ثَم الأحاسيس؟

أيكون عند أول حب أحببناه من كل ذرة في قلوبنا, ووجدنا أنه من طرفنا نحن فقط ؟

 أيكون ظننا أن حبنا للحياة من طرف واحد فقط, عند أول كارثة ألمت بنا؟

 أول فقد لعزيز ظنناه سندا وظهر؟

أول مرة نفتح فيها أعيننا علي العالم فنجد ظهورنا مستندة للاشيء سوي أنفسنا

هل النضج يفقدنا البراءة أم أن منتهي النضج هو في قدرتنا علي المحافظة علي البراءة؟

وإذا كان كيف نحافظ عليها ؟

 كيف في وسط كل الظلام, نبرأ كبراءة طفل صغير لم يتجاوز عمره الخمس سنوات ؟

 

16
 

وما الجمال في براءة  الطفولة ؟

في كلمة واحدة ( الخيال ) .. هذا الذي يجعلنا نلعب بعروسة صغيرة أو عربة مطافيء  لساعات طوال .. نتخيل الحدوتة في براح خيالنا المترامية أطرافه بلا نهاية, فنجعل من اللعب الصماء أبطالا لها ونعيش في دنيا من صنع أيدينا دون أن نشك للحظة أنها وهم .. أو نشك في أنفسنا أنها تخدعنا ..

هذا الإنطلاق الجامح نحو كل ما يقولون عنه أنه مستحيل, (لا مستحيل عند البريئة أعينه ).. ذلك أن نصف عقله الأيمن الخاص بالخيال -  كما يحدثنا بعض العلماء - يعمل بكامل طاقته وعنفوانه وقد خلقه الله لنا لنوقن به, أنه لا مستحيل  في أرض الله إلا بعد أن نفارقها..

 فقط أن نرجع للحياة بعد إنقطاع أنفاسنا عنها,  هذا هو المستحيل الوحيد ..ماعدا ذلك يقع دوما في دائرة (الممكن )  ..

أن تظل تطل علي العالم بنفس روح الطفل البريء الجريء, من المفترض أن تكون أمنية الجميع ممن أدركوا حقيقة الحياة وجمالها

ومتعتها ..

 

17
 

 

ولكن كيف ؟ 
- أن تبتسم للهموم وإن أجبرت نفسك عليها أولا, فستصبح عادة فيما بعد ..

- أن تحسن ظنك دائما في عطايا الله .. أمره كله خير, منع لبعطي وأعطي ليمنع في ذلك منتهي الطمأنينة ..فما ستفقده, سيبدلك  خيرا منه وما سيعطيك إياه سيمنع به عنك شرا كان متربصا بك ..

- أحب عقلية المهندسين كثيرا, ولكني اقف أمامهم عاجزة- أن أقنعهم بالمنطق- أن المنطق نفسه خُلق ليكون له وقته وتفاعلاته..

وأنه – المنطق- لم يُخلَق ليسودك أنت كإنسان ..وأنه بإتزانه مع العقل الإبتكاري المجنون البريء الطفولي سيصنع منك شخصية ناجحة ..

- أن تمتلك عقلية تنمو دائما, وليست ثابتة .. أن تكون شغوفا بالمعرفة, مندهشا في كل مرة يصل لعقلك فكرة أو معلومة جديدة ..

- أن تسند ظهرك لأحدهم, إحتياج إنساني فطري أكاد أجزم أننا نتوق له خاصة كلما تقدم العمر بنا..

 أن نستند إلي ظهر قوي يدعمنا ويقوي منا ويشد أزرنا في ضعفنا ويربت علي ظهورنا قائلا : ( إنت تقدر, إطمن ) .. في كثير من الأحوال, لن تجده, ستكون أنت هو، أنت قائد سفينة حياتك, ليس ذلك فحسب, بل أنت تبحر بسفينة داخلها, عائلتك وناسك وأهلك ..

 من هم أصغر يظنون بك مرسي لهم من حيرتهم..

 ومن هم أكبر يظنون أن في راحتيك متكئا لضعف أَلَم بهم ..

وبين الإثنين تقف في حيرة, أنا مازلت الطفل الصغير, أحتاج في أوقات ضعفي أن أخبيء رأسي في زند أحدهم, فيحتويني حضنه وكأنني طفل صغير ..

في هذا الوقت, قد تجف مشاعرك وتصبح أجوف كالشجرة التي أعلنت وفاتها وفقط هي تنتظر إنهيارها الكامل, ومن ذا الذي يعيش دون أحاسيس براءته !!

أو قد تلجأ بكل ضعفك الإنساني له الله, ومن ذا الذي يسند رأسه له ويرده إلا وهو مجبورا  بطبطات رحمته !!

أتمم إبتهالاتك المناجية له, بأن يكون سندك وظهرك وقوتك وحولك, بأن ينجيك من كربك ويجبر بكسرك .. وعندما تجد صوت طمأنينته داخل قلبك, إعلم أنك  قد عُدت من جديد طفل صغير, يستند لأعلي قوة فوق إدراك العقل والمنطق وأحن ودود بر رحمن أرحم بك من أبيك وأمك  ..

عند ذلك فقط سترتد لك روحك البريئة ومعها سعادتك، أعدك .أيتها البريئة المجنونة لا أبدا تفارقينا .. فبكَ نغلب كل الوجع ودونك الحياة مملة وكئيبة.

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق