كيف يتحقق الشمول المالى لدعم محدودى الدخل؟

الثلاثاء، 30 أبريل 2019 10:00 م
كيف يتحقق الشمول المالى لدعم محدودى الدخل؟
الشمول المالى - أرشيفية
علاء رضوان

يُعد الفقر أحد الآفات التي تسعى الدول إلى محاربتها، بل وأي إنسان يسعى لتحقيق هذا الهدف، فالحياة الكريمة مطلب أي إنسان، وتسعى كل الدول لتحقيق تلك الحياة لمواطنيها، ولن تتحقق تلك الحياة إلا بتوافر الخدمات الصحية والتعليمية والسكن الملائم، إضافة إلى تسهيل الحصول على الخدمات المالية أو الوصول إلى التمويل؛ وهو ما يسمى بـ«الشمول المالي»، والتأكد من أن كل فرد في المجتمع له القدرة على الحصول على الخدمات المالية.

فزيادة الخدمات المالية يؤدي إلى القضاء على الفقر من خلال تشجيع الاستثمار والإدخار، فتسعى كافة البنوك لتوسيع قاعدة المتعاملين معها لتقليل التكاليف وحماية المستهلك من كافة أشكال النصب والتلاعب، كما أن له أثر إيجابي على البنك المركزي في إدارة الملفات الإقتصادية في الدولة إدارة جيدة، بالإضافة إلى تحقيق معايير النزاهة وحماية المستهلك. 

306 

فى التقرير التالي «صوت الأمة» رصد الدور المؤسسي نحو الشمول المالي ورؤية مصر 2030  باعتبار أن تحقيق الشمول المالي في مصر يُعد الهدف الأساسي في رؤية مصر 2030 والتي من ضمن أهدافها الأساسية الحد من الفقر وخلق فرص عمل جديدة،  بحسب الدكتور سعيد النجار، عضو الجمعية المصرية للقانون الدولي.

يهدف الشمول المالي إلى تيسير الوصول إلى مختلف شرائح المجتمع باستخدام وتقديم المنتجات والخدمات المالية الرسمية بأسعار معقولة وشفافية بدلا من الحصول عليها من خلال القنوات المالية غير الرسمية، ويتطلب تنفيذ برنامج الشمول المالي وضع أجندة عمل بالتنسيق مع العديد من الجهات داخل الدولة، ودراسة دقيقة للخدمات المالية التي تقدمها المؤسسات المالية بالفعل والعمل على تطويرها لتحقيق رغبات الشرائح المختلفة من المجتمع من تلك الخدمات؛ ومن تلك المؤسسات الهيئة القومية للتأمينات الاجتماعية بمصر – وفقا لـ«النجار». 

pexels-photo-210990-1024x768

وتنص المادة 17 من الدستور المصري على أن تكفل الدولة توفير خدمات التأمين الاجتماعى، وأن أموال التأمينات والمعاشات أموال خاصة، تتمتع بجميع أوجه وأشكال الحماية المقررة للأموال العامة، وهى وعوائدها حق للمستفيدين منها، وتستثمر استثمارًا آمنًا، وتديرها هيئة مستقلة، وفقاً للقانون، وتضمن الدولة أموال التأمينات والمعاشات.

وتعرض البحث لدور الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي بين الواقع والمأمول نحو الشمول المالي وما يجب أن تتمتع به من استقلالية كهيئة مستقلة، ووجوب تطويرها تقنيًا وبشريًا، كما توضح الدراسة آلية سداد الاشتراكات من قبل المؤمن عليهم وهو السداد النقدي وما يجب أن يكون عليه وصولا للشمول المالي.

ويعد تحقيق الشمول المالي في مصر الهدف الأساسي في رؤية مصر 2030 والتي من ضمن أهدافها الأساسية الحد من الفقر وخلق فرص عمل جديدة، ومن ضمن آليات تحقيق هذا الهدف وجوب ميكنة الخدمات الحكومية من أجل العمل على التقليل من الفساد إلى جانب خريطة للخدمات الحكومية التي تقوم بها كافة مؤسسات الدولة – الكلام لـ«النجار». 

الشمول-المالي

وتعد الهيئة القومية للتأمينات الإجتماعية في مصر أحد أهم المؤسسات المالية التي يجب أن تعمل نحو تحقيق الشمول المالي، مع وجوب الاستثمار الآمن لأموال التأمينات والمعاشات حتى تعود بالنفع على المستفيدين والتي تعد تلك الأموال حقاً لهم.  

وبالرغم من الحماية الدستورية لتلك الهيئة وأموال التأمينات إلا أن واقع الأمر هناك قصوراً يجب الإنتباه له للنهوض بتلك المؤسسة العريقة سواء كان هذا القصور جهلاً منهم أو عدم الإكتراث بالمهام الواقعة عليهم، وترى الدراسة أنه من أسباب تفعيل الشمول المالي في مصر هو النهوض بها لما يطال ذلك بكافة منشآت العمل والمنشآت الاقتصادية سواء الكبيرة أو المتوسطة أو الصغيرة لإرتباط تلك المنشآت بالخدمات التأمينية التي تقدمها الدولة عن طريق هيئة التأمينات – هكذا يقول «النجار».

فالتأمين أو نِظَامُ التأمين أو الضَّمَان هو وسيلةٌ لِمُواجهة المخاطر التي يتعرَّض لها الإنسان في كيانه أو أمواله أثناء فترة حياته في سبيل التخفيف من وطأتها، جوهرُ هذه الوسيلة هو التعاون الذي يتحقق باشتراك الأشخاص المُعرَّضين لِذات الخطر في مُواجهة الآثار التي تنجم عن تحقيقه بالنسبة لِبعضهم، وذلك بدفع كل منهم لاشتراك أو لقسطٍ، وتُجمَّع المبالغ المُتحصِّلة ثُمَّ تُوزَّع على من تحلُّ بهم الكارثة، وبهذا تُحقق آثار الكارثة على المُشتركين في تحقيق هذا التعاون

17426061_1287048031376841_6723483190273735389_n

رؤية بحثية

ما يجب أن تكون عليه الهيئة القومية للتأمينات الإجتماعية للإتجاه للشمول المالي:

أولا: أن كانت التأمينات قائمة على قيام المؤمن عليهم بدفع اقساط تأمينية ثابتة شهريا وتزيد سنويا طبقا للشرائح التأمينية على الوضع السالف إيضاحة؛ إلا أن سداد تلك الأموال للتأمينات غالبا تكون بصورة نقدية سواء عن طريق مناديب الشركات لمكاتب التأمينات، أو عن طريق شيكات، أو عن طريق المحصلين الميدانيين التابعين لمكاتب التأمينات أو عن طريق المحصل المقيم بمكتب التأمينات، أو عن طريق المؤمن عليهم عمالة غير منتظمة أو عمال المقاولات لمكاتب التأمينات مباشرة، وأغلب تلك السدادات تكون نقدية حتى الأن بعيدة كل البعد عن التعاملات الإلكترونية.

وفي هذا الصدد يوصي البحث بسرعة الانتقال لتطبيق منظومة الدفع والسداد الالكتروني وأن يكون التعامل النقدي في أضيق نطاق ممكن وما لا يجاوز خمسمائة جنية.

ثانيا: الواقع أن أصحاب المعاشات يستفيدون فقط من الفيزا كارد الخاصة بالمعاش في الحصول عليه فقط سواء من ماكينات الصراف الآلي أو من مكاتب التأمينات، دون أي استفادة أخرى سواء بالتسوق من خلالها أو الدفع أو تحويل الأموال أو أي استفادة مالية أخرى. وعليه يوصي الباحث بتطوير تلك المنظومة لتمكين أصحاب المعاشات من الاستفادة القصوى من استخدام الفيزا كارد وشمول هذا القطاع العريض ماليا تنفيذا للإتجاه العالمي واتجاه الدولة نحو الشمول المالي

200617172142393

ويعتبر النهوض بالتأمينات الاجتماعية نهوضا بالدولة كلها، وذلك لإرتباط معظم أبناء الوطن بتلك الهيئة سواء كمؤمن عليهم أو اصحاب معاشات، والنهوض بتلك الهيئة يعتبر تعزيزاً نحو الشمول المالي وإنجاحه؛ وفي سبيل تطوير تلك الهيئة بصفة عامة توصي الدراسة ما يلي:

‌أ- تجميع سائر تشريعات التأمينات الاجتماعية في قانون واحد.

‌ب - الصياغة المحكمة لبعض النصوص التي يختلف في تفسيرها، وهذا ما أظهره الكثير من الأحكام القضائية التي اختلفت ما بين دائرة قضائية وأخرى لنفس الحالة، مما اضطر معه إلى رفع القضايا إلى محكمة النقض، مما أدى إلى إطالة مدة التقاضى فضلا عن المجهود والتكاليف.

‌ج- مراعاة إجراء تعديلات عند إصدار القانون الجديد الموحد للتأمينات الاجتماعية وعلى الأخص فيما يلي:

1- تحديد أجر الاشتراك ليعبر عن ما يتقاضاه العامل من مبالغ ليعيش منها، والتفرقة بين ما يأخذه العامل من أجر بصفة دخل وما يأخذه بصفة نفقة تكبدها ليحصل على الدخل.

2- جعل التأمين على العاملين في الخارج إجباريا حيث يوجد ملايين المصريين العاملين في الخارج لا يشارك في التأمينات منهم سوى عدد لا يتجاوز 30 الف فقط.

3- إعادة النظر في قيمة المعاشات المنصرفة لتتناسب مع ما يدفعه العامل من اشتراكات ولمواجهة غلاء المعيشة وذلك لمن له مدة اشتراك كبيرة.

4- تعديل معنى وضوابط إصابة العمل بدلا من عبارة «الإصابة بسبب العمل» لتكون «الإصابة بمناسبة العمل».

5- إعادة تنظيم الحماية التأمينية الضعيفة المقدمة للمشتركين للتأمين ضد المرض نظرا لزيادة تكاليف العلاج.

6- إطالة مدة صرف تعويض البطالة ورفع مبلغ التعويض.

7- إعادة النظر في نظم التأمين البديلة التي تسمح بإنشاء صندوق تأمين خاص للعاملين في بعض الجهات ولا يشتركون في نظام التأمين العام لإحكام الرقابة عليهم وعلاج ما أظهره التطبيق من قصور.

8- إنشاء صندوق إضافي للمعاشات على مستوى الدولة بشكل اختياري خاص ممول يغطى شرائح الدخول التي تزيد عن الحد الأقصى لأجر الاشتراك في النظام العام للتأمينات ويكون تحت إشراف ورقابة هيئة التأمينات لمن يريد مزايا إضافية.

9- تمثيل أصحاب أموال التأمينات في مجلس إدارة الهيئة القومية للتأمينات الاجتماعية بوجود عضو أو أكثر ممثلا عن العمال وأصحاب الأعمال إلى جانب إحدى الجهات المهتمة بالمصلحة العامة.

10- عقد جمعية عمومية للمشاركين في نظام التأمينات سنويا يمثل فيها عدد كاف ممثلا عن العمال وأصحاب الأعمال وعرض الحسابات الختامية والقوائم المالية التي تظهر نتائج أعمال صناديق التأمينات ومراكزها المالية مما يعمق الوعى والإحساس بأهمية التأمينات وصدق أداءها أمام أصحاب المال فيها

images

إدخال خدمات ومنتجات مصرفية وإلكترونية جديدة مثل:

- الدفع عن طريق الموبايل: هو نظام مركزي يقوم على ربط كافة مشغلي خدمة الهاتف من جهة ونظم الدفع القومي والبنوك والمصارف من جهة أخرى، ويهدف هذا النظام إلى خلق بيئة دفع جديدة عن طريق الموبايل تقليل لاستخدام النقد.

كذلك أتاحة قطاع الاتصالات خدمات مالية هامة فيما يختص بالتحاويل المالية، فبعد ما كان البريد ينافس البنوك في التحاويل المالية دخلت شركات الاتصالات إلى دائرة المنافسة في التحاويل المالية بين الأطراف كافة وسرعة وصولها للمستفيدين لتصبح منافسا حقيقيا للبنوك وشريكا في نفس الوقت لتقديم خدمات مالية ومصرفية متطورة .

في نطاق استثمار أموال التأمينات 

أ- إعطاء صناديق التأمينات الحرية في اختيار أوجه الاستثمار لجزء من أموالها وتحقيق عائدا مناسبا وبالتالي تعديل النصوص القانونية التي تلزم الصناديق بإيداع الجزء الأكبر من هذه الأموال في بنك الاستثمار القومي حيث أن دوره لم يتعد دور الوسيط بين التأمينات ووزارة المالية وبعد نقل تبعية البنك إلى وزارة المالية لم يعد الأمر يحتاج إلى وساطته

images (1)

ب- التوجه نحو الاستثمار المباشر بتأسيس الشركات الجديدة التي تعمل في قطاعات استراتيجية مثل شركات البترول والبتروكيماويات والاتصالات والبرمجة حيث أنها تحقق عائدًا كبيرًا يدعم احتياطيات التأمين وفي نفس الوقت يحقق أرباحا هائلة بدلا من الاعتماد على الاستثمار عن طريق القروض .

ج- التوجه نحو الاستثمار غير المباشر في سوق الأوراق المالية من خلال إنشاء صندوق استثمار ينشأ لهذا الغرض وبشكل يمكنه من قيادة البورصة ويضمن تغيير هيكل الطلب وعلاج الخلل بها.

د- تنوع مجالات وأساليب الاستثمار من أجل تقليل المخاطر وتحقيق عوائد مناسبة.

إنشاء هيئة قومية متخصصة لاستثمار أموال التأمينات:

رؤية للقضاء على حالات التهرب التأميني والتحايل للحصول على حقوق تأمينية غير مستحقة

إن ظاهرة التهرب والتحايل متفشية على نطاق واسع, ومن وسائل التهرب عدم تسجيل الكثير من العاملين في القطاع الخاص والتزوير في أجر الاشتراك بإثباته بمبلغ أقل من الحقيقي، ولتفادي تلك السلبيات يرى الباحث وجوب اتباع ما يلي:

أ- التوعية المستمرة بالآثار السلبية للتهرب التأميني على العامل وصاحب العمل والمجتمع ككل.

ب- التعاون والتنسيق بين أجهزة التأمينات والجهات الحكومية والنقابات لتبادل المعلومات التي تمكن من كشف التهرب والتحايل.

ج - زيادة العقوبات المقررة في القانون على التهرب الضريبي والتحايل لتكون رادعة.

د - الإسراع بتعميم نظام المعلومات الالكتروني الذي يمكن من معرفة جميع البيانات وربطها لدى الجهات التي تتعامل معها التأمينات وذلك في إطار مشروع الحكومة الالكترونية .

ه - تدعيم أجهزة التفتيش التأميني على المنشآت بالكوادر الكافية ورفع مستوى كفاءتهم ومنحهم سلطات أوسع وتحسين أحوالهم الوظيفية.

و- إنشاء إدارة متخصصة لمكافحة التهرب التأميني مثلما هو حادث في إدارة مكافحة التهرب الضريبي.

ز- منح حوافز مالية للعمال الذين يبلغون عن حالات تهرب أصحاب الأعمال من التأمينات وحماية هؤلاء العمال من تعسف أصحاب الأعمال.

ح - مناشدة الجهات التي عليها مستحقات تأمينية متأخرة بسرعة سدادها، ونشر أسماؤها على نطاق واسع.

ط - التأكيد على أن أموال التأمينات أموالا خاصة لأصحابها العاملين الذين دفعوها من أجورهم في صورة مدخرات إجبارية وسوف يستفيدون منها عند إحالتهم للتقاعد أو لذويهم بعد الوفاة في صورة معاشات وبالتالي يوصى الباحث بعدم إدخال أموال التأمينات في ذمة الخزانة العامة لأن في ذلك معنى المصادرة واستيلاء الحكومة على أموال المواطنين بدون وجه حق.

ى - إن الدولة تقوم على تنظيمات تتفق مع الأصول العلمية يتم فيها الفصل بين أجهزة الدولة ما بين حكومة تتمثل في الجهاز الإداري للدولة ووحدات الحكم المحلي والهيئات العامة الخدمية، وما بين هيئات عامة اقتصادية لها استقلالها المالي والإداري، وما بين قطاع أعمال عام، والتأمينات الاجتماعية يعهد بإدارتها إلى الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي وهى هيئة اقتصادية عامة ونقل تبعية التأمينات التي تديرها وتشرف عليها هذه الهيئة إلى وزارة التضامن الاجتماعي فيه خلط بين القطاع الحكومي والقطاع الاقتصادي وخروج على ما ورد في الدستور والقوانين والأصول العلمية للنظام العام.  

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق