رئيس «القومي للتنسيق الحضاري»: حصرنا 7 آلاف مبنى.. ولن ننزع الملكية من أحد (حوار)

■ بداية نود التعرف على آخر ما وصلتم إليه فى إعداد الأرشيف القومى لمصر؟

بالفعل نحن معنيون بإعداد الأرشيف القومی لمصر، بحصر لأماكن المبانی عبر متخصصين وظيفتهم كتابة تقارير عن أسباب تميز هذه المبانى، ثم تقديمها إلى رئيس الوزراء لإصدار قرار بمنع هدمها، وبعدها يتم ترميم هذه المبانى والتعامل معها عبر توظيفها.

 

■ هل معنى ذلك أنه سيتم نزع ملكية هذه المبانى من أصحابها؟

لا.. لن ننزع ملكيتها من أصحابها، كما لن نمنع بيعها أو شراءها، خاصة أن القانون وضع ضوابط للتعويضات لمن يريد أن يأخذ تعويضا عن العقار بعد تسجيله، وهناك طرق معينة لتقديم التعويض.

 

وللعلم فإن التسجيل لا يكون مرة واحدة، بل إن اللجان مستمرة كل يوم فى عملية التقييم للمبانی تمهيدا لتسجيلها، حيث أجرى الجهاز بشكل عام حصرا لـ 7 آلاف مبنى على مستوى الجمهورية، من بينها 3 آلاف مبنى فى القاهرة.

■ ما هى نوعية المبانى التى تم حصرها؟

المبانی التی تمثل نهايات القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين، أی التی لم تسجل باعتبارها أثرا، لأنه يوجد قانون ينظم الآثار ليس لنا علاقة به، وإنما يتبع وزارة الآثار، بينما نحن نتولى عملية حصر مبانی العصر الحديث طبقا لقانون 144 الذی ينظم ذلك، ويعنی بالمبانی ذات الطابع المعماری المتميز، والتی تمثل حقبة زمنية أو مفردات معمارية يجب الحفاظ عليها، أو مرتبطة بشخصية تاريخية أو مزار سياحي، وهی العناصر التی يتم من خلالها التسجيل على قوائم المبانی ذات الطابع المتميز ، مثل مبانى وسط البلد، والكوربة فی مصر الجديدة، وبعض مناطق المعادی وجاردن سيتي، وفی الإسكندرية القديمة وبورفؤاد، فهى مبان ذات قيمة وبها مفردات وطابع معماری متميز.

 

■ كيف يتم الحفاظ على هذه المبانى؟

المشكلة ليست فى المبنى وحده، لكن هناك مناطق لها أهمية لارتباطها بالنسيج العمرانی الخاص بها، وهو أمر مهم جدا الحفاظ عليه، مثل منطقة القاهرة الفاطمية، ومنطقة المعز لدين الله الفاطمى، والدرب الأحمر، فهى مناطق تاريخية لها مخطط عمرانی خاص بها وشكل المباني، ولا بد أن نحافظ عليه، لكن للأسف على مدار السنوات السابقة حدث تشوه عمرانى، وظهرت مبان فی وسط القاهرة التاريخية بارتفاعات ليست مناسبة لهذه المنطقة، فطبيعة هذه المنطقة أن تكون المبانى على ارتفاع دور أو اثنين على أقصى تقدير، لكن اليوم توجد مبان مكونة من 7 أو 8 أدوار، بما يؤثر على المنطقة، ويخرجها من اشتراطات حماية المناطق ذات القيمة، وهو الأمر الذى تنبه له الجهاز ووضع اشتراطات لمنطقة المعادی وجاردن سيتی وغيرها من المناطق التى يغلب عليها النسيج العمرانى المميز، حتى لا نفاجأ بأن الحدائق والمتنزهات العامة تم تحويلها لعمارات، وكذلك المبانى القديمة.

■ ما هى الآلية للحفاظ على هذه المبانى؟

من الضروری وضع تنظيم يحد من التعدی على النسيج العمرانی للمناطق ذات القيمة المعمارية، وتحديد كيف تكون المحلات والنشاط المسموح به وغير المسموح به وتحديد الارتفاعات والنسب البنائية، ومنع الأبراج والارتفاعات الكبيرة.

■ هل هناك مناطق محددة بالفعل وضع الجهاز لها اشتراطات؟ 

حاليا الجهاز يضع اشتراطات لمنطقة الجيزة والهرم والعمرانية والدقي، فهی مناطق نريد حمايتها، خاصة المنطقة المحيطة بجامعة القاهرة وهضبة الهرم، وذلك بهدف توحيد وتنظيم العمران فيها، وأيضا منطقة رشيد التى تتمتع بطابع معين نريد الحفاظ عليه وحتى لا تؤثر عليها الامتدادات العمرانية، فلا بد أن تكون لها منطقة حماية باشتراطات خاصة.

■ هل تختلف اشتراطات كل منطقة عن الأخرى؟

بالتأكيد، وعلى سبيل المثال هناك القاهرة «الفاطمية»، والقاهرة «الخديوية»، لكل منطقة منها اشتراطات تختلف عن الأخرى، فالقاهرة الفاطمية لها ارتفاعات لا تزيد على أرضی وثلاثة أدوار، والقاهرة الخديوية تصل لأرضی وخمسة أدوار، كما تختلف النسب البنائية فی كل منهما.

 

■ هناك اعتقاد بأن الجهاز يركز بشكل أكبر على القاهرة ولا يتوجه للمحافظات؟

غير صحيح.. بدليل أننا انتهينا من الإسكندرية، وبورفؤاد، ونعمل الآن على مرسى مطروح، ولدينا عمل فی الواحات مثل «سيوة والجيزة ورشيد».

■ هل واجهتكم عقبات وأنتم تمارسون عملكم؟ 

من أهم وأكبر العقبات «الوعى» بأن تراثنا وهويتنا يجب الحفاظ عليه، لذلك ننظم ندوات فی مراكز الشباب عن التراث ومسابقات فی الفنون التشكيلية لتوعية الناس بالثروة العمرانية والمعمارية، فكل شخص فی محافظته يبحث عن الجماليات والتراث الموجود فيها للحفاظ عليها، فنجد من يأتی من الفيوم وأسيوط والمنيا وسوهاج  وكفر الشيخ، لديها أشياء لها أهميتها ترسمها أو تصورها فهذا جزء من الوعى، علاوة على الاستعانة بمتخصصين فی التراث لإقامة ندوات فی المدارس ومراكز الشباب.

 

 

كما تمثل التشريعات والقوانين تحديا آخر، لأنها الضامن للإلزام، أخذا فى الاعتبار أن تطبيق القانون يأتی فى المرتبة الثانية بعد الوعى، فعندما أقول لشخص بيتك مسجل فيبدأ بتخريبه لأنه يريد أموالا لكی يعمل شيئا آخر أكثر نفعا، لكن إذا كان لديه وعی لما أقبل علی هذا الفعل، لذلك نجرى حاليا مناقشات لتعديل بعض مواد القانون مما سيحدث فارقا.