كريم عبد السلام يكتب: سوق الدراما والإعلان .. الانتقال من الفوضى إلى النظام ومن الإسفاف والقبح إلى الرقى والمهنية.. قنوات ON والحياة و cbc و dmc تقدم محتوى يحترم عقول المشاهدين ويحافظ على البيت المصرى

الثلاثاء، 07 مايو 2019 01:55 م
كريم عبد السلام يكتب: سوق الدراما والإعلان .. الانتقال من الفوضى إلى النظام ومن الإسفاف والقبح إلى الرقى والمهنية.. قنوات ON والحياة و cbc و dmc تقدم محتوى يحترم عقول المشاهدين ويحافظ على البيت المصرى
شبكات قنوات

- "إعلام المصريين" تقدم محتوى دراميا راقيا يخاطب أفراد الأسرة المصرية دون تجاوزات 

- الإعلام الفضائى بعد 25 يناير كان مفتوحا على البحرى لكل الأموال العابرة وسماسرة الأفكار

- مئات الملايين من الدولارات  تم إنفاقها على غزو العقول وإفساد الوجدان المصرى  

- فى السنوات الثلاث الأخيرة أصبح لدينا كيانات إعلامية كبرى تستطيع ضبط السوق الإعلامى

- الأعلى للإعلام يواجه المتجاوزين بالقانون .. وبيانه الأخير حول إسفاف وتجاوزات أحد المسلسلات يطمئن صناع الدراما
 
ينبغى أن نعود دائما إلى السنوات العجاف التى تلت 25 يناير ، حتى نكتشف أين كنا وإلى أين وصلنا ، وحتى نستطيع مواصلة الطريق بخطوات واثقة تسندها رؤية واضحة. نفعل ذلك فى جميع المجالات ، لكن المجال الكاشف هو مجال الإعلام الفضائى والذى كان سوقا كبيرا مفتوحا على البحرى لكل الأموال العابرة وسماسرة الأفكار والبرامج والمسلسلات وأصحاب المنصات الإعلامية الموجهة لغزو العقول وإفساد الوجدان قبل أن تتصدى مجموعة " إعلام المصريين " لضبط سوق الدراما والإعلان وهيكلة الأجور لكافة العاملين فى هذه الصناعة الحيوية الكبيرة.
 
نعم غزو العقول وإفساد الوجدان المصرى ، ويا لها من مهمة أنفقت عليها مئات الملايين من الدولارات وأنشئت من أجلها فضائيات ومنصات إلكترونية ومواقع إخبارية داخل وخارج مصر ، وامتلأت جميعها بمحتوى ظاهره الترفيه وباطنه السم والعذاب ، مسلسلات تنفق عشرات الملايين من الجنيهات وأحيانا الدولارات ونجوم يتقاضون أرقاما فلكية دون أن يستطيع المنتجون ولا القنوات الفضائية تحصيل ما أنفقوه على هذه المسلسلات ومع ذلك يستمرون وتتواصل اللعبة وكأنهم يغرفون من بحر أموال لا ينتهى أو كأنهم -وهنا مربط الفرص ينتجون مسلسلات للسيطرة على العقول والوجدان المصرى ومش مهم الخسارة ، فالثمن مدفوع مقدما والمهام موضوعة وكله بثمنه ، ما دام اللهو الخفى يغطى الخسائر ويضمن الأرباح بل ويحولها للخارج أيضا لحساب شلة المنتفعين.
 
ما ينطبق على المسلسلات التى كان يدفع منتجوها للنجم الواحد أربعين وخمسين مليون جنيه ، ينطبق على الفضائيات نفسها ، بمحتواها البرامجى ودورة رأس مالها وما تحصله من إعلانات لا تستطيع بأى حال من الأحوال فى سوق محكوم مثل السوق المصرى أن تغطى نفقاتها ، فكيف تستمر فى تقديم برامجها وشراء المسلسلات التى تعرضها إذا كانت الفجوة بين الإنفاق والمكاسب مهولة والخسائر بأرقام فلكية.
 
هناك إذن من كان يقدم أجولة وحقائب الأموال للمنتجين وأصحاب الفضائيات فى الكواليس ،حتى يستمر السوق فى حالة رواج كاذب ، وتستمر عجلة الإنتاج الدرامى على حالها ، عشرات المسلسلات مليئة بالإسفاف والبذاءات والتطاول دون حساب ،والأهم الأفكار والكليشيهات المراد زرعها وتمريرها إلى عقول المائة مليون مصرى المرتبطين بالمسلسلات ، إعلانات غريبة على قيمنا وواقعنا دون مراقبة ، برامج لقصف العقول ومنصات للتشتيت والتيئيس وإثارة الفتن والانقسامات ، بدعوى حرية الرأى والتعبير ، ولأنه سوق خاص وثيق الصلة بالإبداع من ناحية وبحرية الرأى من ناحية أخرى كانت عملية تنظيمه صعبة وتحتاج إلى وقت وجهد ورؤية.
 
 
من الفوضى إلى النظام
يمكننا القول إننا فى السنوات الثلاث الأخيرة أصبح لدينا مع " إعلام المصريين" كيانات إعلامية كبرى تستطيع ضبط السوق الإعلامى والإعلانى وقيادة السفينة لتقديم نموذج يحتذى فى الفضائيات المصرية وفى الإنتاج الدرامى وفى سوق الإعلانات أيضا ، فمجموعة قنوات مثل أون  والحياة وسى بى سى ودى إم سى ، استطاعت تحت قيادة لها رؤية فى مجموعة إعلام المصريين رفع مستوى الإعلام المصرى والمنافسة به عربيا وإقليميا ، وأن ترتقى بالمحتوى الدرامى والإعلامى وأن تعيد هيكلة السوق نفسه وفق ضوابط جديدة تجب كل ما كان سائدا فى سنوات الفوضى والعشوائية والأموال الحرام الموجهة لاستهداف وجدان وعقول المصريين.
 
ورأينا كيف تم ضبط الأطر الحاكمة لتدفق الأموال فى كواليس الإنتاج والتى حولت سوق الدراما إلى منصات مسلطة على عقول ووجدان المصريين من خلال نشر القبح والإسفاف والعدمية بدعوى الاقتراب من الواقع والتعامل مع الأفكار التى تخلخل الانتماء الوطنى باعتبارها حرية ومع الإيحاءات الجنسية والابتذال وكأنه من ضرورات العمل الفنى.
 
كانت سوق الدراما على الفضائيات إذن مخترقة وموجهة لاستهداف المصريين ، ولا يتعجب أحد فقد أصبحت أسلحة حروب الجيل الرابع فى غاية النعومة والشراسة معا ، وبدلا من التكلفة الباهظة التى تتكبدها الدول الاستعمارية وجيوشها النظامية أصبح المطلوب هو دفع الإنسان المستهدف لتدمير نفسه ومجتمعه بيده ودون تدخل ظاهرة من الخارج من خلال زرع الأفكار التدميرية فى عقله وتوجيهه بال ستريو تايب أو نماذج الدراما الشعبية.
 
يمكننا القول أيضا أن سوق الدراما على الفضائيات كان فى حالة منافسة وهمية ، عشرات المسلسلات يتم قصف عقول المشاهدين بها تقتحم بيوتهم دون استئذان وتترك تأثيراتها فى غيبة الدراسات النفسية والسلوكية التى ترصد تحولات الشخصية المصرية بفعل نماذج الدراما ، ومع دخول الكيانات الإعلامية الكبيرة لتنظيم هذه الفوضى أو المنافسة الوهمية ، تحقق قدر كبير من النظام فى الإنتاج والعرض وأصبحت النسبة الغالبة مما يتلقاه المشاهدون من الدراما على المستوى اللائق إنتاجيا وفنيا ويمكن أن نطمئن على أطفالنا الذين يشاهدون هذه المسلسلات.
 
نعم هناك حالات معدودة تخرج على المسار الفنى والقيمى ولا تراعى أنها تدخل بيوتنا مثل أحد المسلسلات الذى فاجأنا بالإيحاءات الجنسية والألفاظ المنحطة والقبح المتعمد ، لكن المجلس الأعلى للإعلام وهيئة الرقابة على المصنفات وقفا له بالمرصاد ، وأصدر المجلس تقريرا مفصلا عن أول حلقتين من هذا المسلسل ، وفاجأتنا الرقابة أن منتجى وصناع المسلسل المذكور تهربوا من عرضه على الرقابة أصلا ودفعوا به إلى بعض القنوات الإعلانية بحثا عن مكسب سريع دون تقدير عواقب اقتحام بيوت المصريين بهذا الإسفاف والقبح.
 
 
احترام عقل ووجدان المشاهدين
الكيانات الكبيرة وحدها تستطيع أن تضبط سوق الإعلام والإعلان فى مصر ، وأن تقدم محتوى يحترم عقل ووجدان المشاهد المصرى ويقدم نوعا من الترفيه الراقى ، البعيد عن الإسفاف والابتذال أو مخاطبة غرائز المشاهدين على طريقة السوشيال ميديا ، ويمكن اليوم أن نميز مجموعة " إعلام المصريين " وقنوات أون تى فى والحياة وسى بى سى ودى إم سى التى تقدم محتوى دراميا وبرامج ترفيهية وتوك شو جدير بالمشاهدة ، بينما تمتلئ تقارير المشاهدة الخاصة بلجنة الدراما التابعة للمجلس الأعلى للإعلام بمخالفات مسلسلات بير السلم المعروضة فى القنوات الصغيرة أو القنوات الإعلانية إياها ، التى تبث محتوى للبيع بأرخص الأسعار وكل ما يهمها أن تحقق أرباحا سريعة أو أن تزاحم وتثير الغبار من خلال عرض مسلسلات خلافية أو لم تحصل على التراخيص والموافقات اللازمة من هيئة الرقابة على المصنفات الفنية.
 
فرق كبير بين الكيانات الكبيرة فى سوق الإعلام والتى تستطيع إنتاج مسلسلاتها وفق الضوابط الموضوعة  وعرضها على شبكة قنوات متعددة ولها شعبية كبيرة ، وهدفها تقديم المحتوى الراقى الهادف ، وبين ما كنا عليه فى السابق ، قنوات عشوائية تقدم محتوى عشوائى ، ومليئ بالمخالفات التى تؤذى مشاعر الأسر التى تشاهدها، بالإيحاءات الجنسية الخادشة للحياء والشتائم والخروج على النص.
 
 
أحد المسلسلات بدون رقابة
مع انطلاق مسلسلات شهر رمضان ، وجدنا أنفسنا أمام نوعين من الإنتاج الدرامى ، مسلسلات على مستوى عال من المهنية والرقى مرت بكافة عمليات الإجازة ، ومسلسلات أخرى فى قنوات خارجية وداخلية يمكن أن نطلق عليها مسلسلات بير السلم ، تلك التى لم تستوف تصاريح التصوير وضوابط الإنتاج وحتى لم تنل موافقة هيئة الرقابة على المصنفات الفنية مثل المسلسل إياه المعروض على القناة الإعلانية ، الأمر الذى دفع الدكتور خالد عبد الجليل رئيس هيئة الرقابة على المصنفات إلى إرسال خطاب إلى المجلس الأعلى للإعلامى يطالبه فيه رسميا بالتدخل لإعادة ضبط المشهد مع انطلاق الموسم الرمضانى وظهور هذا المسلسل الذى يتضمن إيحاءات جنسية وإسفافا ولم يحصل على تصريح الرقابة.
 
ومن جانبه أكد المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام فى بيان له أن لجنة الدراما رصدت مجموعة من المخالفات في أحدالمسلسلات التي تم عرضها خلال اليومين الماضيين منذ بدء مارثوان الأعمال المعروضة في شهر رمضان بالقنوات، وتنوعت المخالفات ما بين إيحاءات جنسية وألفاظ متدنية ولغة حوار سوقية.
 
وحذر المجلس المنتجين من الاستمرار في هذا النسق مشددا على ضرورة معالجة المخالفات السابق رصدها للحيلولة دون توقيع العقوبات التي تتراوح بين الغرامة وحتى وقف بث العمل. مشددا على ضرورة حصول أى عمل درامى على موافقة الرقابة على المصنفات الفنية قبل عرضه ، وفق ما تنص عليه المعايير التي سبق وأعلنها المجلس، وأرسلها لكافة القنوات التلفزيونية والمحطات الإذاعية للالتزام بها.
 
 
المجلس الأعلى للإعلام
كان إنشاء المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام كهيئة مستقلة ذات شخصية اعتبارية ، طبقاً للقانون رقم 92 لسنة 2016 في شأن التنظيم المؤسسي للصحافة والإعلام ليتولى تنظيم شئون الإعلام المسموع والمرئي والرقمي بالصحافة المطبوعة والرقمية ، ويتمتع بالاستقلال الفني والمالي والإداري ولا يجوز التدخل في شؤونه  ويتشكل بقرار من رئيس الجمهورية  وهو الجهة البديلة التي انتقلت إليها مسئوليات وزارة الإعلام.
 
وكم كانت التركة التى ورثها المجلس الأعلى للإعلام ثقيلة والمهمة شاقة ، فقد كان منوطا به تنظيم سوق تجتاحه الفوضى وردع مخالفين اعتادوا ألا يحاسبهم أحد وضبط مخالفات تجد من يدافع عنها ببجاحة بعد أن اختلطت التجاوزات بالحرية والإسفاف بالحق فى التعبير والخروج على القيم والأعراف بالأعمال الفنية ، وتوالت البيانات التنظيمية فى كل مجال ، من الدراما المخالفة إلى الإعلانات المسفة ومن البرامج السداح مداح التى يتشابك فيها الضيوف بالأيدى وتطير فيها المقاعد إلى التراشق بالسباب ، وأمام كل مخالفة من هذه المخالفات كان للمجلس وقفة حاسمة وقرار رادع للمخالفين ، وشهدنا خلال السنتين الماضيتين وقف مذيعين تجاوزوا على الهواء مباشرة ووقف برامج تكررت فيها التجاوزات مع تغريم المدانين مبالغ مالية طائلة ، ورأينا لأول مرة قرارات بإغلاق قنوات فضائية بعد أن كنا مستباحين أمام الدكاكين الفضائية وقنوات الشقق المفروشة التى تلقى علينا بكل ما يؤذى.
 
خلال عامين فقط استطاع المجلس الأعلى للإعلام أن يخلق انضباطا فى سوق الإعلام الفضائى وأن يحقق التوازن المطلوب بين الحرية واحترام المشاهدين وعدم الخروج على القانون وأن يكون شعار مسئولى البرامج وصناع المحتوى الدرامى والترفيهى "حاسب قبل أن تحاسب" ، كما بذل المجلس جهودا تنظيمية جبارة لضبط عملية تنظيم بث المحتوى الفضائى ، وآخرها قرار عدم تجديد التراخيص لشركات البث والقنوات التلفزيونية من خارج مدينة الإنتاج الإعلامى قبل توفيق أوضاعها.
 
كما طالب المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، شركات الانتاج والقنوات التليفزيونية، بضرورة الحفاظ على الهوية المصرية ومراعاة القيم والتقاليد والاخلاق في الإعلانات والمسلسلات والبرامج، المقرر عرضها خلال شهر رمضان.
 
وشدد المجلس في بيان أصدره مؤخرا، على ضرورة مراعاة طبيعة الشهر الكريم، بالاضافة إلى التأكيد على منع الإعلانات التي تخالف القيم المصرية وروحانيات شهر رمضان الفضيل، والتي تتضمن مشاهد خادشة للحياة.
 
كما أعلن المجلس عزمه  اتخاذ كافة الإجراءات القانونية لمن يخالف ميثاق الشرف الإعلامي، مشددًا على أنه سيفرض عقوبات صارمة ضد عدم الالتزام بالقيم والمهنية وميثاق الشرف الإعلامي في كافة المواد الإعلانية والأعمال الدرامية والبرامج، التي سوف يتم تناولها، وبالأخص خلال شهر رمضان .
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق