حكاية «سبيل أم عباس».. من صدقة جارية لأشهر مثل شعبي عند المصريين

الخميس، 09 مايو 2019 11:00 ص
حكاية «سبيل أم عباس».. من صدقة جارية لأشهر مثل شعبي عند المصريين
أشرف أمين

 

"اه ماهو سبيل أم عباس" مثل دارج اعتاد عليه المصريين، واصبحوا يتلفظون به فى مواقف عديدة ولكن ما هى حكاية هذا السبيل وهل هناك مكان بهذا الاسم؟ نعم أنه أحد الأسبلة التاريخية العريقة حيث يعود تاريخه إلى أكثر من 150عامًا فأثناء وجودك بميدان السيدة وتجولك إلى حى القلعة وعند وصولك عند تقاطع شارع الركيبة والسيوفية مع شارع الصليبة ستجد ذلك الأثر التاريخى على شمال الشارع الرئيسي أنه "سبيل أم عباس" والذى تجاوز عمره أكثر من 150 عاما، فهو من أشهر الأسبلة الموجودة فى مصر من حيث التاريخ.

121-171603-egyptian-cultural-location_700x400

أنشأته أم عباس لتوزيع مياه الشرب على أهالى القاهرة والمارة وعابرى السبيل، حيث كان عدد كبير من أهالى القاهرة لم يكن يستطع تحمل الأعباء المالية التى تقدم للساقيين لإيصال المياه إلى منازلهم، بالإضافة إلى رفع العناء والمشقة وقسوة صيف القاهرة.

امتزج السبيل بالفن المعمارى العثمانى والأوروبى فى أن واحد حيث استعانت بنبا هانم بمهندس تركى لوضع التصميم الخاص بالسبيل ، حيث لم تعرف بمصر أى أسبله ذات الأضلاع المثمنة، بعكس ما اعتادت عليه تركيا، مستخدمة الرخام الأبيض المزخرف بنقوش نباتيه من الطراز الأوربى ككساء للسبيل، كما زين السبيل بعدد من الكتابات ذات خط نسخي، بالإضافة إلى كتابة سورة الفتح كاملة بطريقة إطارية على الأضلاع الثمانية، والذى قام بكتابتها الخطاط التركى عبد الله بك زهدي، أما بقية النقوش على واجهة السبيل فتحتوى على آيات من القرآن الكريم ذات صلة بوظيفة السبيل.

2018_7_2_19_49_53_90

 

ويتكون السبيل مستوين المستوى الأول تحت الأرض وتوجد فيه الصهاريج التى كانت تستخدم فى تخزين المياه، التى تمد السبيل، وكانت تلك الصهاريج تملئ بعرفه ساقيين عن طريق نقلها فى “قرب جلديه” بمياه من أعماق النيل حتى تكون خالية من الشوائب، وكانت تلك المرحلة تتم فى شهر أغسطس من كل عام فى موسم الفيضان حيث تكون الشوائب فى أقل معدلتها.

أما المستوى الثانى كان فى منسوب الطريق العام، وهو عبارة عن حجره ذات ثلاث شبابيك، ويوجد فى صدر هذا السبيل لوحه من الرخام يسمى “الشاذروان” وهو ذات فائدة مزدوجة الأولى تبريد مياه الشرب والثانية تنقية المياه من الشوائب إن وجدت، والثاني كان يتم تنظيف هذا اللوح الرخامى فى نهاية كل يوم وعقب إغلاق أبواب السبيل بعد صلاه العشاء.


2018_7_2_19_49_51_168

وفيما يخص المياه فقد عرف أن تلك المياه المقدمة فى الأسبلة دائما مخلوطة بمواد عطرية مثل العنبر والورد أو الزهر وذلك للقضاء على أى عطن قد يلحق الماء جراء التخزين السنوى كما أنها تضفى على مياه حلاوة العطر فتنعش الشاربين.

السبيل أنشأته الأميرة بنبا قادن كما ذكر فى كتاب الخطط التوفيقية الجديدة، لعلى مبارك،  وهى زوجة الأمير أحمد طوسون ابن محمد على باشا وأم الخديو عباس حلمى الأول الذى حكم مصر فى الفترة من 1848 وحتى 1854.

وأوقفته الأميرة "بنبا" كصدقة جارية على روح ابنها الخديو "عباس" ولكن بعد وفاته بحوالى 13 سنة، أرجع المؤرخون السبب فى تأخرها فى إنشاء هذا السبيل بسبب قسوته مع الشعب وسياسته المتشددة، ونظرًا لتوقف كافة الإصلاحات فى عهده وازدياد النفوذ الإنجليزى بمصر فى عهده لذا لم تستطع أن تسميه باسم "سبيل عباس" وأسمته بـ "سبيل أم عباس".

لم يتوقف وظيفة السبيل على توزيع المياه بل ألحقت به السيدة "بنبا" مدرسة تعليمية أو عينت به معلمين لتعليم الأطفال العلوم الحديثة، كما فى المدارس الحكومية على عهد الخديوى إسماعيل.

 

121-171603-egyptian-cultural-location_700x400

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق