سألنا أصحاب المقاهي: هل يعاقب القانون المفطر جهرا في رمضان؟

الأحد، 12 مايو 2019 10:00 ص
سألنا أصحاب المقاهي: هل يعاقب القانون المفطر جهرا في رمضان؟
الإجهار بالإفطار- أرشيفية
علاء رضوان

انطلقت فى 2009 حملة شهيرة أُطلق عليها «مواجهة ظاهرة انتشار الجهر بالإفطار»، وعلى إثر تلك الحملة حينها شنت الأجهزة الأمنية المختصة عدة حملات لعدد من المحافظات، أسفرت فى ذلك التوقيت عن القبض على عشرات المواطنين في محافظات عدة مثل الأسكندرية والسويس وبورسعيد وأسوان، وكانت المفاجأة بالنسبة للمواطن المصرى فى تلك الأثناء تحرير محاضر ضدهم بتهمة «الجهر بالإفطار».

وفى غضون مايو 2016، جاءت الواقعة الأبرز التى احدثت جدلاَ كبيراَ فى الشارع المصرى حينما داهمت الأجهزة المعنية بقيادة رئيس حي العجوزة أحد المقاهي بالدقى في نهار رمضان وقام بتشميعها وسحب المعدات، ثم أكد في تصريحات لاحقة أن الهدف لم يكن ضبط المفطرين ولكن إعادة الانضباط للشارع بغلق الأماكن غير المرخصة.  

2018_5_19_11_38_32_97

فيما اختفت الظاهرة في العام الماضي 2018، إلا أن عدد من أصحاب الكافيهات والمقاهى خاصة في المناطق الشعبية، يخشون من عودة الظاهرة هذا العام 2019 من خلال قيام الأجهزة الأمنية والتنفيذية على مستوى محافظات الجمهورية فى تكثيف حملاتهم على المقاهي لمطاردة المجاهرين بالإفطار، تنفيذاَ لفتاوى دار الإفتاء المصرية التى أكدت إن المجاهرة بالإفطار في نهار رمضان «لا يدخل ضمن الحرية الشخصية للإنسان، بل هي نوع من الفوضى والاعتداء على قدسية الإسلام». 

 أصحاب المقاهى

من جانبه، يقول قال الحاج مصطفى حنفى طنطاوى، صاحب أحد المقاهى بمنطقة عين شمس أنه فى الحقيقة هناك تعليمات من الجهات المختصة والأمنية تصدر لجميع أصحاب المقاهى والكافيهات بـ «صفة ودية» بعدم فتح المقاهى قبل الإفطار، بينما فى حالة الإضطرار إلى فتح المقهى يجب وضع «فراشة» تغطى الواجهة، حتى لا يتمكن الذين يسيرون فى الشوارع والطرقات من مشاهدة المفطرين داخل المقهى. 

2017_6_9_11_57_50_918

منذ ما يزيد عن 30 سنة – وفقا لـ«طنطاوى» فى تصريح لـ«صوت الأمة» - هو يمتلك مقهى فى عين شمس وغيرها من المقاهى فى مناطق أخرى، حيث كانت شرطة المرافق تأتى بحملات أمنية إلى المقاهى وتطّلع على بطاقة رواد المقهى فإذا كان غير مسلم يتركوه دون اتخاذ أى إجراء، وإذا كان مسلما تصطحبه الشرطة إلى القسم وتحرر له محضرا. 

صاحب مقهى قبطى

وفى سياق أخر، أكد المعلم «عادل. ل »، صاحب مقهى ببولاق أبو العلا، مسيحي الديانة، أنه ورث المقهى أبَاَ عن جد حيث تربى على عادات وتقاليد أجداده، والتى تمثلت فى عدم فتح المقهى من الأساس فى نهار رمضان، رغم إصرار العديد من الشباب المفطرين بالمنطقة على فتح المقهى، إلا أنه لم يستجيب ولم يخضع لتلك الرغبات، وذلك مراعاة لشعور المسلمين.   

201711021154105410

وأضاف المعلم «عادل» فى تصريح خاص أن هناك العديد من أصحاب المقاهى الذين يفتحون المقاهى فى نهار رمضان يتعرضون لحملات أمنية متعددة من رجال الشرطة للقبض على المجاهرين المفطرين من داخل المقاهى. 

من ناحية أخرى، قال شخص رفض ذكر اسمه، أنه صديق لأحد أصحاب المقاهي، حيث قرر صاحب المقهى، فتح المقهى لوفاء ما عليه من التزامات، نتيجة غلاء الأسعار التي تمر بها البلاد، وردد قائلاَ: «كل حاجة أسعارها زادت زي البن والشاي والسكر وكل خامات المشاريب اللي بتتشرب ده بقي غير اساسيات القهوة اللي بتقوم عليها المية والكهربا والغاز دول بقي اسعارهم بقت خيالية غير التزاماته اللي بيدفعها للعاملين بالقهوة حوالي ست صنايعية في اليوم».

بينما، أكد مصدر بمديرية أمن الجيزة أنه لم تصدر تعليمات خاصة بالقبض على المجاهرين بالإفطار فى رمضان، ولكن رؤساء المباحث بمدن وأنحاء المحافظة يقدمون على هذه الحملات لأن من يقدم على الإجهار بإفطاره يؤذي مشاعر الآخرين وأغلبية من يقدم على فعل ذلك شباب خارجون عن القانون ومعظمهم من مدمني المخدرات. 

1021909239

رأى القانون

وعن رأى القانون فى المجاهرة بالإفطار فى نهار رمضان، قال رجب السيد قاسم، الخبير القانونى والمحكم الدولى، أن صيام رمضان ركن من أركان الإسلام، لذلك يكثر اللغط والجدل حول الإفطار العلني خلاله، حيث تحدث حملات أمنية باستمرار خلال الشهر الكريم للحد من ظاهرة الإجهار من الإفطار فى شهر رمضان.

«قاسم» قال فى تصريح لـ «صوت الأمة»، إنه فى حقيقة الأمر الجريمة ليست الإفطار في حد ذاته فالصيام  كونه فرضا وله أجره عند الله عز وجل  فهو أمر بينه وبين ربه، وإنما الجريمة هنا تكمن في «المجاهرة بالإفطار» وليس الإفطار نفسه.  

 وأشار المحكم الدولى، أن «المجاهرة» تعني إتيان الفعل عيانا بيانا أمام العامة دون إستتار أو تستر و دون مراعاة أو رعاية فالإفطار الجهري علة تجريمه هي درأ الأذى و لا شك أن الجهر بالإفطار أمام الصائمين ما هو إلا إيذاء متعمد لا مبرر له. 

download

وأضاف أن ما من شك أن المجاهرة بالإفطار في الأماكن العامة يؤذي شعور المسلمين حتى لو كانت هذه المجاهرة ممن له عذر في إفطاره لأن هذا العذر لا يعلمه الناس كافة وإنما هو أمر بين العبد وربه ، والمجاهرة به إيذاء لا مبرر له.

وكشف «قاسم» أن بعض الدول العربية  أصدرت قوانين تعاقب مَن يكسر «حرمة» هذا الشهر ووضعت عقوبات تتفاوت من بلد لآخر حيث أن الدستور المصري يكفل صيانة أخلاق المجتمع، والأعراف والتقاليد، وبالتالي رغم أنه لا يوجد قانون في مصر يجرم الإفطار في نهار رمضان إلا أن  الشرطة تستند إلى ذلك في ضبط المجاهرين بالإفطار في نهار رمضان، مبينا أن النيابة العامة تضطر إلى إخلاء سبيل المتهمين، رغم تصنيف الفعل كـ«جنحة» ويصنف كـسند تشريعي مثل عقوبة الفعل الفاضح في الطريق العام، وتناول المشروبات الكحولية والمسكرة في غير الأماكن المخصصة لها التي قد تصل عقوبتها الي الحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أيام، وغرامة لا تقل عن مائة جنيه، مع الحبس شهرا لمن يفتح مطعما، أو يسهل تناول الطعام جهارا في نهار هذا الشهر.     

download (1)

رأى قانونى أخر

من ناحية أخرى، نفى ياسر سيد أحمد، الخبير القانون والمحامى بالنقض، وجود عقوبة قانونية لذلك الفعل، حيث أنه لا يوجد فى قانون العقوبات من الأساس كلمة «الجهر بالإفطار»، بإعتبار أن ما يتم يستند إلى قرار وزارى سابق، وأنه قد يكون مستندًا أيضًا على قانون تنظيم عمل المقاهى والأماكن التى يتم تناول الطعام أو الشراب بها، وليس عقوبة محددة لجريمة تسمى الجهر بالإفطار، وأشار: «قد يكون أيضًا المحضر يحرر ضد من يجاهر بالإفطار استنادا إلى مواد قانون العقوبات التى تجرم تهدد أمن الشارع والمارة»

كل هذه الأمور – بحسب «أحمد» فى تصريح خاص  - تعد من أمور الذوق العام والآداب العامة، يمكن أن ينظمها قانون خاصة أن هناك غير مسلمين لا يمكن أن تفرض عليهم عدم تناول الشراب أو الطعام فى نهار رمضان، أو حتى المرضى وكبار السن الذين لا يستطيعون الامتناع عن تناول الطعام والشراب لأسباب صحية. 

img

أزهرى يطالب بتشريع 

بينما الرأى الدينى المعتمد يكشفه الدكتور أحمد المالكى عضو المكتب الفنى لمشيخة الأزهر بأن الحكمة الأساسية من فريضة الصيام هى التقوى، استنادا لقول الله تعالى «لعلكم تتقون»، وأن التهاون فيه معصية كبيرة، أما أن يُفطر المسلم ويجاهر بإفطاره، فهذا يزيد من أثر العصيان والإفك، مطالبا بأن تسن الدولة تشريعا ضد المجاهرة بالإفطار فى رمضان، معتبرا أنه ليس من أمور الحرية الشخصية نهائيا، وأن تجريم ذلك الفعل حماية للمجتمع من انتشار الفتنة.

وأضاف أن النبى الكريم حذر كثيرا من المجاهرة بالمعصية فى مواقف كثيرة، كقوله «لعن الله المجاهرين، من ابتلى فليستتر بستر الله، وكل أمتى معافى إلا المجاهرين».

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة