شجون إذاعة ماسبيرو

الأحد، 19 مايو 2019 11:00 ص
شجون إذاعة ماسبيرو
حمدى عبدالرحيم
حمدى عبد الرحيم

من حسنات الإذاعة المصرية أنها أطلقت محطة «ماسبيرو إف إم»  وتلك المحطة الإذاعية- كشقيقتها التليفزيونية- تتيح لمستمعها فرصة الاستماع لكنوز نادرة، وكنوز إذاعة ماسبيرو تتجاوز أهميتها مسألة العراقة والقدم والأصالة، فالأمر أعمق وأبعد من ذلك، وهذا لأن المواد التاريخية التى تعيد المحطة بثها تصلح بكل بساطة لأن تكون مادة خامًا للباحثين، على تنوع اهتماماتهم، فالسياسى سيجد فى مواد المحطة ما يبحث عنه وكذا الفنى وكذا الرياضى وكذا الاقتصادى.
 
ولأننى من المتابعين الجيدين لهذه المحطة، فسأقدم تلخيصًا لبرنامجين سمعتهما منذ أيام، ومن خلال التلخيص ستبرز المفارقات التى هى مجال خصب للباحثين.
 
البرنامج الأول كان عن الغناء، وكان يناقش المخاوف الشعبية من غزو الغناء الجديد للمحطات الإذاعة وتهميش الغناء القديم، ضع فى حساباتك أن الأغانى الحديثة التى يغشى منها المستمعون كانت بديات  عبدالحليم وشادية ونجاة ومحمد قنديل وكارم محمود و......!
 
وقد ناقش تلك المخاوف الناقد الموسيقى يوسف شوقى، وقال: إن الأغنية كائن حى، إن لم يتطور تجمد وسقط، وعلى المستمع أن يفسح المجال للجديد القائم على محاولات فى تحديث الألحان والكلمات.
 
ثم أضاف الدكتور يوسف: إن عبدالوهاب قد تسلم الراية من سيد درويش، وهو سيسلمها للفنانين القادمين، بعد أن يكون قد أضاف بصمته الدالة على شخصيته وعلى عصره.
 
ثم أذاع الدكتور يوسف نموذجًا من فن الأستاذ عبدالوهاب سُجل له وهو فى الثانية عشرة من عمره، لم يقل الأستاذ فى تسجيله سوى «يا ليل يا عين»، ولكنه قالها بكل المقامات فكان ساحرًا وفاتنًا.
 
ترى لو عاش الرافضون لفن عبدالحليم حتى سمعوا بحمو بيكا، كيف كانوا سيتعاملون معه؟
 
وبعد برنامج الغناء جاء برنامج «ميعجبناش»، وهو من تأليف وإخراج السيد بدير، وتدور فكرته حول انتقاد السلوكيات الخاطئة وحث الناس على الاحتكام للقانون!
 
البرنامج فى قالب تمثيلى، والحلقة كانت عن سيدة تشاجرت مع سائق تاكسى أراد أن يأخذ منها جنيهًا ونصف الجنيه مقابل ركوبها معه من ميدان عابدين إلى ميدان الدقى، السيدة أصرت على دفع قيمة العداد الذى سجل ثلاثين قرشًا فقط، ولأن الحرارة كانت عالية والسيدة رقيقة القلب فقد تطوعت بدفع خمسين قرشًا، ولكن السائق تمسك بموقفه، وعند الاحتكام إلى حضرة الضابط أنصف السيدة، ورضى السائق بحكم الضابط!
كم تتكلف رحلة كهذه الآن؟
 
أليس هذا سؤالا يجيب عنه اقتصادى؟
 
بعد برنامج السيد بدير، جاء برنامج «مجلة الهواء» الذى يقدمه فهمى عمر وسعد لبيب.
 
كانت الحلقة عن افتتاح كورنيش النيل من الملك الصالح حتى حلوان، جمهور البرنامج كان سيجن من الفرحة، فأخيرًا أصبح لدينا كورنيش للنيل الخالد.
زمن الحلقة يعود إلى بدايات الخمسينيات عقب ثورة يوليو.
 
أراد البرنامج التسجيل مع الوزير عبداللطيف البغدادى المسئول عن إنشاء الكورنيش ولكنه لم يتمكن، فسجل مع أحد المسئولين عن إنشاء الكورنيش، فقال المسئول: لقد عمنا سبعة أشهر متواصلة، وكان يعمل معنا ألف وسبعمائة عامل، وقد بلغت تكاليف المشروع مليون جنيه!
 
تسمع تلك الأرقام فتكاد تجن من فرط المفارقة والتغييرات الاقتصادية التى لم تشملنا نحن فقط بل عمت العالم كله، إن مشروعًا مثل مشروع كورنيش النيل لا يمكن أن ينفذ الآن إلا فى سنوات، وليس سبعة أشهر فقط، أما كلفته المادية فستكون شيئًا خرافيًا.
 
ليت الباحثين يقبلون على الاستماع لهذه المحطة، فحتمًا ستوحى إليهم برامجها بالكثير والعجيب.

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة