مسائل فقهية في الاعتكاف: مستحبٌّ شرعًا .. والجماع والحيض يبطلانه

الأحد، 26 مايو 2019 12:00 ص
مسائل فقهية في الاعتكاف: مستحبٌّ شرعًا .. والجماع والحيض يبطلانه
الاعتكاف

بدأت ليالى العشر الآواخر من رمضان اليوم السبت، ولهذه الأيام المباركة عند النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه أهمية وكانوا يحريصون فيها على الطاعة، والعبادة والقيام والذكر، ولهذا يحرص المسلم على الاعتكاف، وهو مستحبٌّ شرعًا، ولا يكون واجبًا إلا بالنذر، ومن الجائز الاعتكاف في المسجد .

ضوابط الاعتكاف

اتفق الفقهاء على أن جماع المرأة عمدًا يُفسد الاعتكاف، وأن المباشرة بالتقبيل واللمس لشهوة حرامٌ فى حال الاعتكاف، ولكنهم اختلفوا فى المباشرة بالتقبيل واللمس؛ هل تفسد الاعتكاف أم لا؟  والجمهور على أنها تبطل الاعتكاف إذا اتصل بها إنزال، وإلا فلا.

أما إذا لم يكن اللمس لشهوة، ولم يُقصد بالتقبيل اللذة، فإنه لا يُفسد الاعتكافَ ولا حرمة فيه، إلا أن المالكية قالوا بأن التقبيل فى الفم يُفسد الاعتكاف؛ سواء كان بشهوة أو بغيرها.

فالمعتكف إن دخل بيته لحاجة وكان يأمن على نفسه من الإنزال عند تقبيل امرأته لوداع أو نحوه، فإنه يجوز له تقبيلها ولا يفسد اعتكافه، ولا إثم عليه فى ذلك، ولكن الأَوْلى أن لا يقبِّل فى الفم؛ خروجًا من خلاف من قال بأنه يُفسد الاعتكاف مطلقًا.

مدة الاعتكاف فى سنة النبى صلى الله عليه وسلم

كان النبى صلى الله عليه وسلم يعتكف في العشر الأواخر من رمضان ؛ التماسًا لليلة القدر، فعن عائشة رضى الله عنها أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله عز وجل ثم اعتكف أزواجه من بعده . رواه البخارى، ومسلم

وفى العام الذى قبض فيه صلى الله عليه وسلم " اعتكف عشرين يوماً ".

ويشترط فيه الصيام؛ فلم يذكر الله سبحانه وتعالى الاعتكاف إلا مع الصوم، ولا فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا مع الصوم، قال الإمام ابن القيم رحمه الله: ولم ينقل عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه اعتكف مفطراً قط، بل قالت عائشة : ( لا اعتكاف إلا بصوم ) أخرجه أبو داود.

والاعتكاف سنة فى رمضان وغيره من أيام السنة، لقوله صلى الله عليه وسلم: "من اعتكف يوماً ابتغاء وجه الله تعالى جعل الله بينه وبين النار ثلاثة خنادق، كل خندق أبعد مما بين الخافقين". رواه الطبرانى وغيره

وأكده فى شهر رمضان لحديث أبى هريرة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتكف فى كل رمضان عشرة أيام، فلما كان العام الذى قبض فيه اعتكف عشرين يوماً. رواه البخارى.

ليلة القدر

ولكن صلى الله عليه وسلم اعتكف مرة فى العشر الأول ثم الأوسط يلتمس ليلة القدر، ثم تبين له أنها فى العشر الأخير فداوم على اعتكاف العشر الأواخر حتى لحق بربه عز وجل ، فعن أبى سعيد الخدرى رضى الله عنه: "أنَّ رسولَ الله صَلَّى الله عليه وسَلَّم كان يعتكف فى العشر الأوسط من رمضان، فاعتكف عامًا حتَّى إذا كان ليلة إحدى وعشرين وهى اللَّيلة التى يخرج مِن صبيحتها مِن اعتكافه قال: "مَن كان اعتكف معى فليعتكف العشر الأواخر".رواه البخارى

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل المسجد فى بداية العشر الأواخر من شهر رمضان، ويبتدئ فى العبادة ولا يخرج من المسجد، قالت عائشة رَضِى اللَّهُ عَنْها : "وَكَانَ لَا يَدْخُلُ الْبَيْتَ إِلا لِحَاجَةٍ إِذَا كَانَ مُعْتَكِفًا )"رواه البخارى، ومسلم وكان صلى الله عليه وسلم لا يتحدث فيه مع أحد اللهم إلا للضرورة، إلى أن ينتهى رمضان.

ومَن أراد أن يعتكف العشر الأواخر من رمضان فإنه يدخل قبل غروب الشمس من ليلة إحدى وعشرين لما ثبت أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان . متفق عليه .

وإن من أعظم ما يقصده المُعتكِف من الاعتكاف التماس ليلة القدر، وليلة إحدى وعشرين من ليالى الوتر فى العشر الأواخر فيحتمل أن تكون ليلة القدر، فينبغى أن يكون معتكفا فيها .

وإذا ما دخل النبى صلى الله عليه وسلم المُعتَكَف، يأمر بخباء ( الخيمة ) فيضرب له فى المسجد، فيمكث فيه، يخلو فيه عن الناس، ويقبل على ربه تبارك وتعالى، حتى تتم له الخلوة بصورة واقعية واعتكف مرة فى قُبَّة تركية (أى خيمة صغيرة) وجعل على بابها حصيراً . رواه مسلم

وكان من هديه صلى الله عليه وسلم إذا كان معتكفاً ألا يعود مريضاً ولا يشهد جنازة، وذلك من أجل التركيز الكلى للعبادة ومناجاة الله تعالى، ولكى تتحقق الحكمة من الاعتكاف وهى الانقطاع عن الناس والإقبال على الله تعالى،.وقالت عائشة رضى الله عنها : "السُّنَّةُ عَلَى الْمُعْتَكِفِ أَنْ لا يَعُودَ مَرِيضًا، وَلا يَشْهَدَ جَنَازَةً، وَلا يَمَسَّ امْرَأَةً وَلا يُبَاشِرَهَا، وَلا يَخْرُجَ لِحَاجَةٍ إِلا لِمَا لا بُدَّ مِنْهُ ". رواه أبو داود

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق